(1): ﴿وَالْفَجْرِ﴾: وقت تنفس الصبح كما في الآية 18 من التكوير: (والصبح إذا تنفس).
(2): ﴿وَلَيَالٍ عَشْرٍ﴾: قيل: العشر الأوائل من ذي الحجة الشهر الأخير من أشهر
الحج الثلاثة: شوال وذي القعدة وذي الحجة.
(3): ﴿وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ﴾: الشفع: الزوج، والوتر: الفرد، والأشياء كلها إما
زوج وإما فرد، وغير بعيد عن ظاهر اللفظ أنهما إشارة إلى الحساب على وجه العموم،
لأنه تعالى أطلق ولم يقيد بشيء خاص.
(4): ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ﴾: يذهب وفي الآية 33 من المدثر: (والليل إذا أدبر).
(5): ﴿هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِي حِجْرٍ﴾: الإستفهام هنا لتقرير الواقع،
والمراد بالحجر العقل، والمعنى أن في الأشياء التي أقسم بها سبحانه حجة كافية في
الدلالة على وجود الله.
(6) – (8): ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ
الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ﴾: عاد قوم هود، وإرم اسم الجد
الأعلى للقبيلة، وذات العماد كناية عن الغنى والترف الذي قادهم إلى الجبروت
والطغيان، ومعصية الله والرسول، فأخذهم سبحانه بالهلاك والدمار، وإذا لم ينته
المعاندون والمعادون لمحمد (ص) فسيكون مآلهم مآل عاد.
(9): ﴿وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ﴾: وأيضًا قوم صالح الذين
اتخذوا من الجبال بيوتًا فارهين، كانوا أقوياء وأغنياء،ولما طغوا وبغوا وعصوا
الرسول، فعل بهم سبحانه ما فعل بعاد.
(10): ﴿وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ﴾: أي المباني العظيمة الشامخة الثابتة
كالأهرام.
(11) – (13): ﴿الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ
فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ﴾: لفظ الذين وما بعده صفة لعاد وثمود
وفرعون لأنهم بالكامل أكثروا الفساد، ووقع عليهم العذاب، وخصَّ سبحانه السوط بالذكر
لأنه يشير إلى تكرار العذاب، وتقدم أن عذاب عاد الريح، وثمود بالصيحة، وفرعون
بالغرق.
(14): ﴿إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ﴾: رقيب على العباد محيط بما يقولون ويفعلون،
ويجازي كلاً سعيه وفعله.
(15) – (16): ﴿فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ﴾: يبتلي سبحانه
العباد بما يحبون وما يكرهون إخراجًا لما في نفوسهم بالأفعال التي بها يستحق الثواب
والعقاب، لأنه تعالى لا يعاقب إلا على جرم مادي محسوس، وهو يثيب على مجرد النية،
وأكثر الكسالى إذا افتقروا ألقوا التبعة والمسئولية على قضاء الله وقدره وإذا
استغنوا عن طريق الميراث وما أشبه ظنوا أنهم أقرب المقربين عند الله! وهذا هو الجهل
بالجهل لأن دار الدنيا للعمل لا للجزاء، ودار الآخرة للجزاء لا للعمل، وفي الحديث:
(الدنيا دار من لا دار له، ومال من لا مال له، ولها وحدها يجمع من لا عقل له).
(17) – (18): ﴿كَلَّ﴾: ليست الكرامة عند الله بالمال بل بالتقوى وصالح الأعمال،
ولا الإهانة بالفقر، بل بالفساد والضلال، بمعصية الله الذي خلق الأرض للناس جميعًا
بفساد الأوضاع التي ما أنزل الله بها من سلطان، يجوز الأقوياء الذين احتكروا
واستأثروا وحرموا المساكين والضعفاء. وإلى هذا المعنى بالذات أشار سبحانه بقوله:
﴿بَل لَّا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ وَلَا تَحَضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ﴾:
بل يغدرون بالأرامل والأيتام والمشردين والمساكين، وينتهبون أموالهم ظلمًا
وعدوانًا.
(19): ﴿وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَّمًّ﴾: أي أكلاً شديدًا، والمراد
بالتراث هنا ميراث الأيتام والضعفاء بقرينة السياق، وكل من لا يخشى الله والحق يأكل
أموال الضعفاء والمساكين إذا لم يكن لهم عم ولا خال.
(20): ﴿وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّ﴾: ميراثًا كان أم غير ميراث، والجم
معناه الكثير، وقلنا مرات: لا بأس بحب المال الحلال، والغنى عن الناس ضمان للكرامة،
والمؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف... ونعم المال الصالح للرجل الصالح، كما قال
الرسول الأعظم (ص).
(21): ﴿كَلَّ﴾: لا ينبغي للإنسان أن يشح بالمال في سبيل الخير، فإنه مسئول عن ذلك
﴿إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّ﴾: الدك: الهدم، والتكرار إشارة للتتابع أي
دكًا بعد دك، والمعنى إذا قامت القيامة.
(22): ﴿وَجَاء رَبُّكَ﴾: أمره وقضاؤه ﴿وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّ﴾: أي صفوفًا
متعددة.
(23): ﴿وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ﴾: يكشف عنها يوم القيامة لكل ناظر
﴿يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ﴾: تذهب الغفلة، وتأتي اليقظة ﴿وَأَنَّى لَهُ
الذِّكْرَى﴾: تذكَّر خطأه وتقصيره، ولكن بعد فوات الأوان.
(24): ﴿يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي﴾: عملاً انتفع به عند الحساب
والجزاء، وأجهل الناس من لا يحس بذنبه إلا عند العقوبة، وأشد منها سفهًا منه من أحس
بالذنب، ولم يندم ويبادر إلى التوبة، وكل من ذا وذاك.
(25): ﴿فَيَوْمَئِذٍ لَّا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ﴾: كناية عن أليم العذاب
وشدته، وأنه لا عذاب يضاهيه ويماثله.
(26): ﴿وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ﴾: الوثاق: ما يشد به من قيد أو حبل أو
سلسلة، وفي الآية 4 من الإنسان: (إنا اعتدنا للكافرين سلاسل وأغلالاً وسعيرًا).
(27): ﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ﴾: وهي التي آمنت بالله وجنته،
وعملت بشريعته وطاعته.
(28): ﴿ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ﴾: أي إلى ثوابه، وكرامته وإلا فإن الله أقرب إلينا
من حبل الوريد ﴿رَاضِيَةً﴾: من عملها في الدنيا وبأجرها في الآخرة ﴿مَّرْضِيَّةً﴾:
عند الله لصلاحها وتقواها.
(29): ﴿فَادْخُلِي فِي عِبَادِي﴾: في جملة من فازوا بجنات النعيم.
* التفسير المبين / العلامة الشيخ محمد جواد مغنية.
2015-12-10