(1) – (2): ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى﴾: يغشى: يغطي
الأشياء، وتجلى: ظهر، ومثله تمامًا في الآية 3 و4 من سورة الشمس: (والنهار إذا
جلاها والليل إذا يغشاها).
(3): ﴿وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى﴾: (ما) هنا مصدرية أي وخلق الذكر والأنثى
يستحيل أن يكون بمحض الصدفة والاتفاق، لأن العناصر واحدة والطبيعة واحدة، وإذن لا
بدَّ أن يكون وراء التخالف في الأنوثة والذكورة مدبر عليم يخطط لبقاء النوع
بالتناسل والتوالد.
(4): ﴿إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى﴾: جمع شتيت، وهو جواب القسم والمعنى أن في الناس
المحسن والمسيء، وإذن لا بد من الجزاء، إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر حيث لا يستقيم
في عدله أن يستوي المحسن والمسيء، وإلى هذا أشار سبحانه بقوله:
(5): ﴿فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى﴾: جاهد أعداء الحق، وكفَّ عن البغي والأذى.
(6): ﴿وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى﴾: آمن بالجنة والنار والحلال والحرام، وعمل بموجب
إيمانه.
(7): ﴿فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى﴾: يسهل الله عليه ما يبتغيه ويرضيه، قال الإمام
عليّ (ع): (لو أن السموات والأرضين كانتا على عبد رتقًا ثم اتقى الله لجعل الله له
منهما مخرجًا).
(8): ﴿وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى﴾: أمسك عن كل خير واكتفى بطعامه وشرابه عن
كل شيء تمامًا كالبهيمة.
(9): ﴿وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى﴾: وقال: لا جنة ولا نار ولا حرام وآثام.
(10): ﴿فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى﴾: تطغى عليه الشهوات والملذات، وتعميه عن كل
خير، وتقوده إلى كل شر.
(11): ﴿وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى﴾: إذا سقط في الهاوية لا مال
ينفعه، ولا ناصر يسعفه.
(12): ﴿إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى﴾: المراد بالهدى بيان الحلال والحرام، والمعنى
كتب سبحانه على نفسه أن يبلغ شريعته لعباده بلسان العقل أو الرسول، ويترك الطاعة
والعمل لمشيئتهم حيث لا دين مع الإكراه، ولا طاعة بلا حرية، وتقدم في الآية 19 من
المزمل وغيرها.
(13): ﴿وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى﴾: هو سبحانه مالك كل شيء دنيا وآخرة،
وتنفذ إرادته فيمن شاء كما يشاء، وتقدم مرات ومرات.
(14): ﴿فَأَنذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى﴾: حذر سبحانه من ناره، وبشَّر بجنته، وقد
أعذر من بشر وأنذر، وتقدم في الآية 28 من آل عمران وغيرها.
(15) – (16): ﴿لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى﴾:
يصلاها: يدخل النار، وكذب: لم يؤمن بالحق أو آمن ولم يعمل بموجبه، وتقدم في الآية
106 من هود وغيرها.
(17) – (18): ﴿وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى﴾: الهاء تعود إلى النار والمعنى المؤمن
حقًا يبتعد عن الأسباب المؤدية إلى النار، وهي محارم الله.
(19): ﴿وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى إِلَّا ابْتِغَاء وَجْهِ
رَبِّهِ الْأَعْلَى﴾: يبذل من نفسه وماله لا بدافع الظهور وحب الشهرة، ولا بقصد
الربح والتجارة، ولا للهتافات وكسب الأصوات... لا لشيء إلا لوجه ربه الأعلى، وتقدم
في الآية 9 من الإنسان.
(21): ﴿وَلَسَوْفَ يَرْضَى﴾: برضا خالقه عنه ومضاعفة الثواب له، والويل كل الويل
لمن أسخط ربه إرضاءً لشهوته.
* التفسير المبين / العلامة الشيخ محمد جواد مغنية.
2015-12-10