(1): ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ﴾: ضاق النبي ذرعًا بفساد مجتمعه قبل البعثة
كما سبقت الإشارة في سورة الضحى، فأنار الله له السبيل إلى ما يبتغيه، فاطمأن قلبه،
وانشرح صدره فامتنَّ سبحانه على نبيه بهذه النعمة الكبيرة تمامًا كما امتنَّ عليه
في السورة السابقة بقوله: (ألم يجدك يتيمًا... ولذا قال كثير من العلماء، ومنهم
علماء الشيعة الإمامية: إن الضحى وألم نشرح سورة واحدة لعلاقة إحداهما بالأخرى.
(2) – (3): ﴿وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ﴾: الوزر: الحمل
الثقيل وأنقض: أثقل، والمراد بالحمل هنا هم النبي وغمه مما كان عليه قومه، فأزاح
سبحانه هذا الغم والهم عن نبيه بالقرآن.
(4): ﴿وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ﴾: وقدرك، وأي شيء أرفع من اقتران اسم محمد باسم
الله وطاعته بطاعته، ومن جحد برسالة محمد فهو بحكم من جحد بالله.
(5) – (6): ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرً﴾:
وللمفسرين كلام طويل وعريض حول هذا التكرار والفرق بين العسر الأول والثاني واليسر
الثاني والأول، وتأملنا فيما قلنا مليًا، فوجدناه تكثير ألفاظ وكفى، ومعنى الآية
واضح، وهو أن الشدة يعقبها الفرج عاجلاً أو آجلاً، ولا هدف من التكرار إلا توطيد
الرجاء والثقة بالله وإلا إلى الأمل يسوق إلى السعي والعمل، أما اليأس فهو
بالانتحار أشبه، قال سبحانه: (كل يوم هو في شأن – 29 الرحمن) وضمير هو لليوم وقال
العلم الحديث: (كل شيء يتغير إلا مبدأ التغير والتطور).
(7): ﴿فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ﴾: النصب: التعب، والمعنى إذا فرغت يا محمد من
التبليغ فخذ في عمل آخر، واتعب في إتقانه لكي تنتفع به أنت وغيرك.
(8): ﴿وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ﴾: لا تتجه بقلبك لغير الله، ولا تستعن بأحد سواه.
وكان الرسول الأعظم (ص) يكرر هذا الدعاء: اللهم أعوذ بك من الفقر إلا إليك، ومن
الذل إلا لك، ومن الخوف إلا منك.
* التفسير المبين / العلامة الشيخ محمد جواد مغنية.
2015-12-10