(1): ﴿وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ﴾: اختلف المفسرون فيما أراد الله بهاتين الكلمتين،
على أقوال، أبعدها عن ظاهر اللفظ قول الشيخ محمد عبده: (التين إشارة إلى عهد
الإنسان الأول – يريد آدم –... والزيتون إشارة إلى عهد نوح وذريته) وهذا التفسير
بعيد عن أُصول اللغة وقواعدها حيث لا دليل على هذا التأويل، وظاهر القول أن المراد
هذا التين الذي يؤكل وهذا الزيتون الذي يعصر، وأسم سبحانه بهما للتنبيه إلى
فوائدهما أو إلى أرضهما القريبة من طور سيناء أو غير ذلك، وما أكثر ما نجهل.
(2): ﴿وَطُورِ سِينِينَ﴾: الجبل الذي كلم الله عليه موسى وتقدم في الآية 12 من طه
و20 من المؤمنون.
(3): ﴿وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ﴾: مكة المكرمة، ومثله تمامًا (لا أًُقسم بهذا
البلد – البلد).
(4): ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾: هذا جواب القسم وهو
المقصود من هذه السورة، والمعنى خلق سبحانه الإنسان في أجمل شكل، وأشرف عقل، وأحسن
قوام، وأحكم نظام، فالأليق به أن يعمل ما ينسجم مع عقله وشكله، وفي نهج البلاغة؛
(وآخر قد تسمى عالمًا وليس به... فالصورة صورة إنسان والقلب قلب حيوان) وتقدم في
الآية 64 من غافر.
(5): ﴿ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ﴾: خلق سبحانه الإنسان في أحسن تقويم،
وكرمه وفضَّله على كثير ممن خلق كما في الآية 70 من الإسراء، فكان عاقبة أمره عذاب
الحريق بسوء فعله، ومعنى هذا أن الإنسان الضال المنحرف أسوأ حالاً وعاقبة من
الحيوان، لأن الحيوان غير محاسب ولا معاقب حتى ولو قتل وافترس لأنه لا يصدر عن حقد
وتجاوز الحد كالإنسان، بل عن طبعه وفطرته التي فطره الله عليها، وهذه هو المراد برد
الإنسان الفاسد المعاند إلى أسفل سافلين أي إلى نار الجحيم.
(6): ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾: لكن الإنسان الطيب الذي
احتفظ بإنسانيته، وشكر نعمة الله عليه، وقدر الكرامة التي خصَّه بها حق قدرها،
ونزهها عما يشين – فهو عند الله في أعلى عليين، وتقدم في الآية 8 من فصلت وغيرها.
(7): ﴿فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ﴾: ما الذي حملك أيها الكنود العنود على
الكفر بدين الله وحسابه وجزائه وقد عرفت – أنه تعالى خلقك بشرًا سويًا، وكرمك بخير
الصفات وأحسنها؟.
(8): ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ﴾: ومن حكمه بالحق والعدل أن يبعث
الخلق غدًا ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى. ومن الجهل
والاغترار أن يسيء الإنسان ويظن أنه معفو عنه ومغفور له.
* التفسير المبين / العلامة الشيخ محمد جواد مغنية.
2015-12-10