(1): ﴿لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ
مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ﴾: أهل الكتاب في اصطلاح القرآن هم
اليهود والنصارى، والمشركون هم عبدَة الأصنام والأوثان من العرب وغيرهم، قال الشيخ
الطبرسي في جوامع الجامع: كان أهل الكتاب وعبدة الأوثان يقولون قبل بعثة النبي (ص)
لا ننفك عن ديننا ولا نتركه حتى يبعث النبي الموعود المكتوب اسمه في التوراة
والإنجيل، وهو محمد المقصود بكلمة البينة أي الحجة الواضحة.
(2): ﴿رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُّطَهَّرَةً﴾: المراد برسول الله
محمد، وبالصحف القرآن، والجمع باعتبار تعدد سوره، أو أوراقه، ومطهرة: منزهة عن
الباطل والتحريف.
(3): ﴿فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ﴾: ضمير فيها يعود إلى الصحف، والمراد بالكتب أن
القرآن فيه تبيان للكثير مما أنزل في الكتب السماوية السابقة كصحف إبراهيم وتوراة
موسى وإنجيل عيسى وزبور داوود، والمراد بالقيمة المستقيمة على الحق ونهجه. وقد تلا
رسول الله ذلك على أهل الكتاب والمشركين الذين سمعوا أوصاف محمد من اليهود
والنصارى، ولكنهم نكثوا وأخلفوا بما وعدوا إلا قليلاً.
(4): ﴿وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا
جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَةُ﴾: اتفق أهل الكتاب على نبوة محمد قبل البعثة لوجود النص
عليه في التوراة والإنجيل، ولما بُعث اختلفوا فيه وتفرقوا، فمنهم من آمن، ومنهم من
كفر، وتقدم في الآية 14 من الشورى.
(5): ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ
حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ
الْقَيِّمَةِ﴾: حنفاء: جمع حنيف وهو من استقام على الحق مائلاً عن الباطل، والمعنى
أن الله سبحانه أمر أهل الكتاب بالتوحيد والاستقامة على الحق، وأن يصلُّوا ويؤدوا
زكاة أموالهم، وهذا هو دين الكتب السماوية المستقيمة على الصراط القويم، ولكن أهل
الكتاب خالفوها وحرفوها.
(6): ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا... ﴾: وماتوا على الكفر والشرك أولئك هم شر الأشرار
ومآلهم إلى النار، وتقدم مرارًا.
(7): ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ
الْبَرِيَّةِ﴾: كل من آمن بالله وحسابه وجزاءه، وحمل بين جنبيه روحًا أبية وإرادة
قوية تدفع به إلى عمل الخير وقول الصدق ونصرة الحق، وتحول بينه وبين الباطل والحرام
– فهو من خير البرية بنص القرآن الكريم، أما من يمالئ الكفرة، ويعين الظلمة، ويصاحب
الطغاة، ويتخذ أعداء الله أولياء ونصراء – فهو شر الأشرار وأقذر الأقذار.
* التفسير المبين / العلامة الشيخ محمد جواد مغنية.
2015-12-10