(1) – (3): ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ إِلَهِ النَّاسِ﴾: قال
الشيخ الطبرسي وغيره من المفسرين: رب الناس: خالقهم ومربيهم، وملك الناس: سيدهم
والمتصرف فيهم، وإله الناس: معبودهم الذي يستحق العبادة دون سواه. وقال الله تقدست
أسماؤه: (أيًّا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى – 110 الإسراء) ومعنى هذا أن جميع
أسمائه مترادفة تعبَّر عن شيء واحد وهو الجلال والكمال.
(4) – (5): ﴿مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ
النَّاسِ﴾: الوسواس: اسم من وسوس إليه الشيطان أي كلمه بصوت خفي، والخناس: اسم فاعل
للذي يخنس أي يتأخر ويتراجع إذا ذكر اسم الله تعالى، والمراد بالوسواس الخناس هنا
حديث النفس وهواها الذي إذا سلطت عليه العقل والإيمان يزول ويضمحل، ومثاله أن يعرض
عليك أحد السماسرة الأبالسة أُلوف الليرات لتضل عن طريق الحق والعدل، فتوسوس النفس
الأمارة لك وتزين أن تسمع له وتستجيب، وعليك في مثل هذه الحال أن تجمع قواك وتملك
نفسك، وتعتصم بالله ذاكرًا أمره ونهيه وغضبه وعقابه، وأنك لو مددت يدك إلى المال
الحرام لتمتعت به قليلاً، ثم إلى أسوأ المصائر والخسائر، وتقدم في الآية 20 من
الأعراف.
(6): ﴿مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ﴾: الوسواس نوعان: الأول الخفي كالوهم وحديث
النفس وهو المراد بالجنة من جنّ فلان الشيء إذا ستره وأخفاه. الثاني: ظاهر
كالإعلانات والدعايات الضالة المضللة في العهد الراهن، وهذا الوسواس من شياطين
الإنس الذين يلبسون الحق بالباطل، ويخدعون البسطاء بالتحريف والتزييف. ونعوذ بالله
من إيثار العاجلة على الآجلة، ونشكره على ما وفق وأعان، وصلى الله على محمد وآله
الذين ارتضاهم خزنة لعلمه وولاة لأمره.
* التفسير المبين / العلامة الشيخ محمد جواد مغنية.
2015-12-10