مبدأ ظهور فكرة العصمة في الأمّة الإسلامية
عصمة الأنبياء في القرأن
إنّ الكتب الكلامية-قديمها وحديثها-مليئة بالبحث عن العصمة، وإنّما الكلام في مبدأ ظهور تلك الفكرة بين المسلمين، وانّه من أين نشأ هذا البحث وكيف التفت علماء الكلام إلى هذا الأصل؟
عدد الزوار: 205
إنّ الكتب الكلامية-قديمها وحديثها-مليئة بالبحث عن العصمة، وإنّما الكلام في مبدأ
ظهور تلك الفكرة بين المسلمين، وانّه من أين نشأ هذا البحث وكيف التفت علماء الكلام
إلى هذا الأصل؟
لا شك انّ علماء اليهود ليسوا بالمبدعين لهذه الفكرة، لأنّهم ينسبون إلى أنبيائهم
معاصي كثيرة، والعهد القديم يذكر ذنوب الأنبياء التي يصل بعضها إلى حد الكبائر،
وربّما يخجل القلم عن ذكر بعضها استحياء، فالأنبياء عندهم عصاة خاطئون، وعند ذلك لا
تكون أحبار اليهود مبدعين لهذه المسألة.
نعم انّ علماء النصارى، وإن كانوا ينزهون المسيح من كل عيب وشين، ولكن تنزيههم ليس
بملاك انّ المسيح بشر أرسل لتعليم الإنسان وإنقاذه، بل هو عندهم "الإله المتجسد" أو
هو ثالث ثلاثة.
وعند ذلك لا يمكن أن يكون علماؤهم مبدعين لهذه المسألة في الأبحاث الكلامية، لأنّ
موضوع العصمة هو "الإنسان".
ويذكر "المستشرق رونالدسن" في كتابه "عقيدة الشيعة" انّ فكرة عصمة الأنبياء في
الإسلام مدينة في أصلها وأهميتها التي بلغتها بعدئذ، إلى تطور "علم الكلام" عند
الشيعة وأنّهم أوّل من تطرق إلى بحث هذه العقيدة ووصف بها أئمتهم، ويحتمل أن تكون
هذه الفكرة قد ظهرت في عصر الصادق، بينما لم يرد ذكر العصمة عند أهل السنة إلاّ في
القرن الثالث للهجرة بعد أن كان الكليني قد صنّف كتابه "الكافي في أُصول الدين"
وأسهب في موضوع العصمة.
ويعلّل "رونالدسن" بأنّ الشيعة لكي يثبتوا دعوى الأئمّة تجاه الخلفاء السنيّين
أظهروا عقيدة عصمة الرسل بوصفهم أئمّة أو هداة.
إنّ هذا التحليل لا يبتنى على أساس رصين وإنّما هو من الأوهام والأساطير التي
اخترعتها نفسية الرجل وعداؤه للإسلام والمسلمين أوّلاً، والشيعة وأئمّتهم ثانيًا،
وسيوافيك بيان منشأ ظهور تلك الفكرة.
*عصمة
الأنبياء في القرأن / اية الله جعفر السبحاني.