يتم التحميل...

إختيار الزوجين

العلاقات الزوجية

عن الإمام الرضا عليه السلام: "إن خطب إليك رجل‏ رضيت دينه وخلقه فزوّجه". عن الإمام الباقر عليه السلام: "وعليك بذوات الدين تربت يداك". كثيراً ما يتردد سؤال في ذهن الفتاة التي بلغت مبلغ النساء أو الشاب الذي بلغ مبلغ الرجال...

عدد الزوار: 104

عن الإمام الرضا عليه السلام: "إن خطب إليك رجل‏ رضيت دينه وخلقه فزوّجه".

عن الإمام الباقر عليه السلام: "وعليك بذوات الدين تربت يداك".

إختيار الزوجين
كثيراً ما يتردد سؤال في ذهن الفتاة التي بلغت مبلغ النساء أو الشاب الذي بلغ مبلغ الرجال ما هي المواصفات التي ينبغي أن يتحلّى بها شريك العمر أو شريكته وقد لا يكون ذلك فيما إذا كان أحدهما انقاد مع الهوى مخلّفاً وراءه كل الموازين وتاركاً ما لا بد من وجدانه في الآخر أو فقدانه فيه حيث يقال(إن الحب أعمى).

والصواب أن يعود الواحد منا في مثل هذا الموقف إلى الدين القويم الذي لم يترك هذا التساؤل دون الإجابة عنه وإنما كان عنده الحل والدواء فحدّد مواصفات كل من الزوج والزوجة وحذّر من بعض الأصناف والأوصاف ليكون الاختيار سليماً والانتقاء صحيحاً وحينئذٍ لا يقع الزوجان في الندامة ولا في لعنة الساعة التي اقترنا فيها كما يحصل لدى البعض منهم وهو إن كان، فإنه في أغلب الأحيان ناتج عن التسرع والتهور دون معرفة بينهما واطلاع على المقدار المسوّغ لهذا الارتباط الدائم وهنا يجمل القول أن في التأني السلامة وفي العجلة الندامة.

من هنا نتعرف معاً على أوصاف الزوجين في كلا الجانبين: الموجب للاختيار، والموجب للترك.

مواصفات الزوجين
وهي على قسمين: ايجابية وسلبية، أو حميدة وسيئة.

المواصفات الإيجابية
وهي التي تدعو إلى اختياره:

أولاً: أن يكون تقياً:

حيث جاء في الحديث أن رجلاً جاء إلى الحسن عليه السلام يستشيره في تزويج ابنته فقال عليه السلام:"زوّجها من رجل تقي، فإنه إن أحبها أكرمها وإن أبغضها لم يظلمها"1.

وفي هذا الحديث بيان منه عليه السلام للآثار المترتبة على تزويج التقي.

ثانياً: أن يكون أميناً:

وذلك بالإضافة إلى الرضا عن دينه بحيث أنه لا يحيد عن جادة الشرع المقدس، فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "إذا جاءكم من ترضون دينه وأمانته يخطب إليكم فزوجوه، إن لا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير"2.

وبهذا أوضح صلى الله عليه وآله وسلم الآثار السلبية سواء الفتنة أو الفساد من جراء الامتناع عن تزويجه. والركون إلى موازين أخرى لا يقيم الإسلام لها وزناً. كإمكانيّاته المادية أو انتمائه إلى عائلة معروفة بالزعامة.

ثالثاً: أن يكون خلوقاً
كما ورد عن الرضا عليه السلام:"إن خطب إليك رجل رضيت دينه وخلقه فزوّجه، ولا يمنعك فقره وفاقته3،  وقال تعالى: ﴿... إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ...(النور:32).

إنه لمن المؤسف جداً أن تدوّي هذه الدعوات إلى اعتماد المعيار الحق ولا تلقى في الأرجاء إلا ثلّة ممن امتحن اللَّه قلوبهم بالإيمان. حتى راجت دعوة معاكسة أسماها أصحابها (بتأمين المستقبل للفتاة) منعت الكثيرين من الانضمام إلى ركب الحياة الزوجية وحالت بينهم وبين أمانيّهم بل أودت بالكثيرين إلى الانحراف عن سبيل الرشاد.

المواصفات السلبية
وهي التي تدعو إلى عدم اختياره:

أولاً: أن يكون شارباً للخمر:

حيث جاء عن الرضا عليه السلام: "إياك أن تزوج شارب الخمر فإن زوّجته فكأنما قدت إلى الزنا"4.

ويكفينا ما نشاهده اليوم وما رآه السابقون من الخراب الذي يحل بالبيوت التي يكون أربابها كذلك حيث مصيرها الدمار والانهيار.

ثانياً: أن يكون سي‏ء الخلق
فإنه عنصر هدّام وليس عنصراً بناءً ومعه لا تدوم المودّة وقد ورد النهي عن تزويجه حتى وإن كان قريباً ورحماً كما عن أحدهم يقول كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام إن لي ذا قرابة قد خطب إليّ وفي خلقه سوء فقال‏ عليه السلام: "لا تزوّجه إن كان سي‏ء الخلق"5.

ثالثاً: أن يكون مشكّكاً:
علّل ذلك في الأحاديث الشريفة بأن الزوجة تأخذ من منهجه وأدبه وقد يستميلها إلى ما هو عليه من الباطل كما ورد في منكري الولاية حيث يؤدي بها ذلك إلى موالاة من ينبغي معاداته ومعاداة من ينبغي موالاته، فهناك تحذير من الحالتين ومما جاء في هذا المضمار ما عن مولانا الصادق عليه السلام: "تزوجوا في الشُكَّاك ولا تزوجوهم، لأن المرأة تأخذ من أدب الرجل ويقهرها على دينه"6.

وعليه كيف يكون الخير مرجواً من هذا السبيل؟!

مواصفات الزوجة
وهي تنقسم أيضاً إلى حميدة وسيئة.

الصفات الحميدة
وهي منحصرة بوصف جامع حاوٍ لجميع الخصال الكريمة وهو: (المرأة ذات الدين) وهو الوصف الذي عليه المدار وبه يحسن الاختيار وتعمر الديار، وسبب للنجاح والفلاح في بناء أسرة طيبة وعامل أساس في راحة البال وهناءة العيش، وإن كان جمع من الناس اعتمدوا على المال والجمال والاعتبارات التي لا نهاية لها والحسب والنسب فأخطأوا فيما ذهبوا إليه حيث يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "تنكح المرأة على أربع خلال: على مالها، وعلى دينها، وعلى جمالها، وعلى حسبها ونسبها، فعليك بذات الدين"7.

وعن الباقر عليه السلام:"وعليك بذوات الدين تربت يداك"8.

الصفات السيئة
وهي التي تدعو إلى عدم اختيارها:

أولاً: أن تكون حمقاء:

فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "إياكم وتزوج الحمقاء، فإن صحبتها ضياع وولدها ضياع"9.

ويتجه نظر هذه الوصية والتحذير إلى الجهة التربوية في كلا الشطرين: الأول من ناحية العشرة التي لا تقود الزوج إلى الاهتداء والصلاح بل إلى الضياع والهلاك، والثاني من ناحية رعاية الأطفال الذين تمزج نفوسهم بنفسها ويتخلقون بأخلاقها ولما لم تكن هي بمثابة النور فلم يكن بالإمكان انبعاث الضوء منها باتجاههم، بل ضياعهم في ظلمات جهلها.

ثانياً: خضراء الدّمن:

عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم:"إياكم وخضراء الدمن". قيل يا رسول اللَّه وما خضراء الدمن؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: "المرأة الحسناء في منبت السوء"10.

وهي المرأة التي تكون حسنة المظهر وسيئة الجوهر، أما لو اجتمع جمالها مع كمالها وتقواها فهو مرغوب، ولكن الأساس في الاختيار للجوهر وليس للمظهر.

فعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم:"من تزوج امرأة لا يتزوجها إلا لجمالها، لم ير فيها ما يحب"11.

وعنه صلى الله عليه وآله وسلم:"لا يختار حسن وجه المرأة على حسن دينها"12.

ثالثا:ً ذات المال غير ذات الدين:

وهي التي يرغب بها لأجل امتلاكها ثروة مالية بغية الوصول إلى أهداف دنيوية لا ترتبط ولا تنسجم مع روح العلاقة الزوجية الصحيحة ومصيرها الفشل مع ذهاب المال وهي سبب للشقاوة والتعاسة لأنها قائمة على سوء الاختيار. فعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم:"ومن تزوجها لمالها لا يتزوجها إلا له وكله اللَّه إليه، فعليكم بذات الدين"13.

فأما ذات الدين والمال فلا ضائر منها بل هي سبب للمعاونة..

*الحياة الزوجية، إعداد ونشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية، ط1، شباط 2003م، ص25-35.


1- ميزان الحكمة، ج‏2، ص‏1184.
2- نفس المصدر.
3- نفس المصدر.
4- ميزان الحكمة، ج‏2، ص‏1183.
5- ميزان الحكمة، ج‏2، ص‏1183.
6- نفس المصدر.
7- كنز العمال، 44602.
8- وسائل الشيعة، 2- 21 - 14.
9- البحار، 35 - 237
10- م.ن. 10- 232 - 103
11- البحار، 19 - 235 -103
12- كنز العمال، 44590.
13- البحار، 19 - 235 - 103.

2009-09-01