يتم التحميل...

الغشّ سبيل الشّقاء

العلاقة مع المجتمع

في الحديث: ليس منّا من غشّ مسلماً أو ضرّه أو ماكره. أ- في ظلال الحديث: الغشّ من أخلاق اليهود وهم أكثر الناس عملاً به كما وصفهم بذلك رسول الله صلى الله عليه وآله في بعض الأحاديث قائلاً: من غش مسلماً في شراء أو بيع فليس منا، ويحشر يوم القيامة مع اليهود لأنهم أغش الخلق للمسلمين.

عدد الزوار: 367

في الحديث: "ليس منّا من غشّ مسلماً أو ضرّه أو ماكره"1.

أ- في ظلال الحديث
الغشّ من أخلاق اليهود وهم أكثر الناس عملاً به كما وصفهم بذلك رسول الله صلى الله عليه وآله في بعض الأحاديث قائلاً: "من غش مسلماً في شراء أو بيع فليس منا، ويحشر يوم القيامة مع اليهود لأنهم أغش الخلق للمسلمين"2وهو سجيّة المردة ويكسب المسبّة وعلامة الشقاء.

وهو حرام في الشريعة الإسلامية وقد ورد ذمٌ كثير في النصوص الشريفة للغشوش مثل قوله عليه السلام: "الغشوش لسانه حلو وقلبه مرّ"3و"شرّ الناس من يغشّ الناس"4و"الغش من أخلاق اللئام"5 لذلك فإن الرسالة المباركة التي جاء بها الإسلام وحوت التعاليم العليا من شمائل الأخلاق تأبى أن ينتسب إليها انتساباً عملياً من استحل أن يغش أخاه أو يضرّه، وقد جاء بنفس هذا اللسان طائفة كبيرة من الأخبار.

والمؤمنون هم أهل النصح والوفاء والإخلاص، لا يحدّهم في ذلك زمان ولا مكان ولا عرق ولا عائلة، حيث لا يرتضون الضرر بعضهم لبعض وإنما يحرصون على دفعه وجلب المنافع لإخوانهم.

جاء في الحديث: "المؤمنون بعضهم لبعض نصحة وادّون وإن بعدت منازلهم وأبدانهم والفجرة بعضهم لبعض غششة متخاونون وإن اقتربت منازلهم وأبدانهم"6.

ب- أفظع الغشّ
الغش على أنواع عديدة ودرجات مختلفة، يتفاوت في قبحه بحسب الشي‏ء الذي يتعلق به، وأكثر ما هو شائع بين الناس يعود إلى الأمور المالية وعالم التجارة والمكاسب، وهو الذي كان من الصدر الأول للإسلام، حيث نجد أغلب الروايات التي عالجت هذا الموضوع تتعرض له وكان المال والتكسب المحور فيها وهذه بعض النماذج مما حدث في السوق مع رسول الله صلى الله عليه وآله:

1- ما قاله صلى الله عليه وآله لرجل يبيع طعاماً وقد خلط جيداً بقبيح: ما حملك على ما صنعت؟! فقال: أردت أن ينفق، فقال له النبي صلى الله عليه وآله: "ميّز كل واحد منهما على حدة، ليس في ديننا غشّ"7.

2- مرّ النبي صلى الله عليه وآله في سوق المدينة بطعام فقال لصاحبه، ما أرى طعامك إلا طيّباً وسأله عن سعره، فأوحى الله عز وجل إليه أن يدسّ يديه في الطعام ففعل فأخرج طعاماً ردّياً، فقال لصاحبه: "ما أراك إلا وقد جمعت خيانة وغشاً للمسلمين"8.

3- إن رسول الله صلى الله عليه وآله مرّ على صبرة طعام فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللاً، فقال: ما هذا يا صاحب الطعام، قال: أصابته السماء يا رسول الله، قال صلى الله عليه وآله: "أفلا جعلته فوق الطعام حتى يراه الناس؟! من غشنا ليس منّا"9.

ويتشعب الغش التجاري إلى شعب كثيرة، مرة يرتبط بجودة المبيع وفساده وأخرى بمصدر صنعه وثالثة في كيفية صناعته، وهكذا كما يكون في أصل وجود المبيع وعدم وجوده مثل ما يمارسه بعض العاملين في مجال صيانة السيّارات حيث يقبضون أثمان بعض القطع الغيارية بدعوى تبديل القديم بجديد غيره مع إبقائهم لما كان فيها إلا من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى.

لكن الغش الأفظع والأعظم هو ما تعلّق بأمر أهم وشكّل خطورة أكبر حينما يكون الغش غشاً في الدين وفي مسائل تعتبر أساساً في حياة الأمة، وتتصل بأشخاص لهم مكانة ودور في نظام البلاد وشؤون العباد.

وهذا الذي أراد أمير المؤمنين عليه السلام التنبيه إليه كما جاء في عهده إلى بعض عمّاله.

يقول عليه السلام: "إن أعظم الخيانة خيانة الأمة، وأفظع الغش غش الائمة"10.

فالمسؤول أو الرئيس في قومه غشّه أشدّ قبحاً وأكثر بشاعةً من غيره.

ويعتبر الغشّ في الدين معاندة لله تعالى وللرسول الكريم صلى الله عليه وآله.

في الحديث: "من غش الناس في دينهم فهو معاند لله ورسوله صلى الله عليه وآله"11.

ج- أغش الناس
ربما يعيش الإنسان حياة طويلة لا يتجرأ فيها أن يغش غيره ولا يخون أحداً من أصحابه، فيخلص إلى أنه قضى حياة بيضاء في تعامله مع الغير ولم يسجل اسمه في لائحة أهل الغش والخيانة، بينما يكون هذا الشخص أغش الناس وأكثرهم غفلة عن واقع حاله، لأن الغش لا يقتصر على الآخرين وإنما أحد أنواعه غش الانسان نفسه، وهو ما يقع فيه من دون أن يشعر بذلك أو يكون شاعراً به لكنه متغافل فيما بعد عن سوء حاله.

وقد اعتبر آل البيت عليهم السلام الغاش لنفسه أغشّ الناس كما اعتبروا أن ذلك يكون سبباً لأن يغشّ غيره بدرجة أشدّ، وما يدل على الأمر الأول قول أمير المؤمنين عليه السلام: "إن أغش الناس أغشهم لنفسه واعصاهم لربه"12.

وما يدل على الأمر الثاني ما جاء في الحديث: "من غش نفسه كان أغش لغيره"13.

د- آثار الغش
1- الغاش مع اليهود يوم القيامة:

عن النبي صلى الله عليه وآله: "من غش المسلمين حشر مع اليهود يوم القيامة لأنهم أغش الناس للمسلمين"14.

2- اللعنة الإلهية:

عن الكاظم عليه السلام: "ملعون من غش مسلماً أو ماكره أو غرّه"15.

وفي الحديث: "من باع عيباً لم يبّينه لم يزل في مقت الله، ولم تزل الملائكة تلعنه"16.

3- ذهاب البركة من الرزق.

4- فساد المعيشة

5- الوكالة إلى النفس

وقد جمع هذه الأمور الثلاثة حديث النبي الأكرم صلى الله عليه وآله: "من غش أخاه المسلم نزع الله عنه بركة رزقه، وأفسد عليه معيشته، ووكله إلى نفسه"17.

6- المسبّة

عن أمير المؤمنين عليه السلام: "الغش يكسب المسبّة"18.

وهناك آثار أخرى غير ما عدّدناه مذكورة في جوامع الحديث تركناها لضيق المجال.

* صفات الموالين, إعداد ونشر جمعية المعارف الثقافيه, ط1, محرم 1424هـ, ص 66-74.


1- تحف العقول، ص‏42.
2- أمالي الصدوق، ص‏349.
3- ميزان الحكمة، حديث 14946.
4- غرر الحكم 5677.
5- نفس المصدر. 1299.
6- الترغيب والترهيب، ج‏2، ص‏574.
7- ميزان الحكمة، حديث 14957.
8- نفس المصدر. حديث 14955.
9- نفس المصدر. حديث 14956.
10- نهج البلاغة، الكتاب 26.
11- غرر الحكم: 8891.
12- نفس المصدر. 3516.
13- نفس المصدر. 9044.
14- الفقيه، ج‏3، ص‏273.
15- البحار، ج‏103، ص‏82.
16- كنز العمال: 9501.
17- البحار، ج‏76، ص‏365.
18- ميزان الحكمة، حديث 14943.
2012-04-30