علة تسمية النبي إبراهيم(ع) وفضائله وسننه ونقش خاتمه
النبي ابراهيم عليه السلام
قد ذكر الله سبحانه قصته وبين أحواله في كثير من الآيات والسور لأنه أبو الأنبياء وثاني أولي العزم وخليل الرحمن وكانت الأنبياء ينسبون إلى دينه. ولذا قال عليه السلام: ما على دين إبراهيم غيرن وغير شيعتنا.
عدد الزوار: 442
قد ذكر الله سبحانه قصته وبين أحواله في كثير من الآيات والسور لأنه أبو الأنبياء وثاني أولي العزم وخليل الرحمن وكانت الأنبياء ينسبون إلى دينه.
ولذا قال عليه السلام: ما على دين إبراهيم غيرن وغير شيعتنا.
قال الله سبحانه ﴿ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّ ولا نَصْرانِيًّ ولكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وهذَا النَّبِيُّ والَّذِينَ آمَنُو واللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ﴾.
علل الشرائع مسندا إلى الرضا عليه السلام قال: إنما اتخذ الله إبراهيم خليلا لأنه لم يرد أحدا قط ولم يسأل أحدا غير الله عز وجل.
وعن علي عليه السلام قال: كان إبراهيم أول من أضاف الضيف وأول من شاب فقال ما هذا فقيل وقار في الدني ونور في الآخرة.
وقال الصدوق رحمه الله سمعت بعض المشايخ من أهل العلم يقول إنه سمي إبراهيم إبراهيم لأنه هم فبر وقيل إنه هم بالآخرة فبرئ من الدنيا.
وسئل عن أبي عبد الله عليه السلام لم اتخذ الله إبراهيم خليلا قال: لكثرة سجوده على الأرض.
وعن محمد بن العسكري عليه السلام قال: إنما اتخذ الله عز وجل إبراهيم خليلا لكثرة صلواته على محمد وآل محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: ما اتخذ الله إبراهيم خليلا إلا لإطعامه الطعام وصلواته بالليل والناس نيام.
وعن أبي جعفر عليه السلام قال: لما اتخذ الله إبراهيم خليلا أتاه ملك الموت ببشارة الخلة في صورة شاب أبيض فدخل إبراهيم الدار فاستقبله خارجا من الدار وكان إبراهيم رجلا غيور وكان إذا خرج في حاجة أغلق بابه وأخذ مفتاحه فقال يا عبد الله ما أدخلك داري فقال ربها أدخلنيها فقال إبراهيم ربها أحق بها مني فمن أنت قال ملك الموت ففزع إبراهيم فقال جئتني لتسلبني روحي فقال ل ولكن اتخذ الله عز وجل خليلا فجئت ببشارته فقال إبراهيم فمن هذا لعلي أخدمه حتى أموت قال أنت هو فدخل على سارة فقال إن الله اتخذني خليلا.
وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما جاء المرسلون إلى إبراهيم عليه السلام جاءهم بالعجل فقال كلوا فقالوا لا نأكل حتى تخبرنا مأمنه فقال إذا أكلتم فقولوا بسم الله وإذا فرغتم فقولوا الحمد لله فالتفت جبرئيل عليه السلام إلى أصحابه وكانوا أربعة فقال حق الله أن يتخذ هذا خليل ولما ألقي في النار تلقاه جبرئيل في الهواء وهو يهوي فقال يا إبراهيم أ لك حاجة فقال أما إليك فلا.
تفسير علي بن إبراهيم عن أبي عبد الله عليه السلام: أن إبراهيم عليه السلام أول من حول له الرمل دقيق وذلك أنه قصد صديقا له بمصر في قرص طعام فلم يجده في منزله فكره أن يرجع بالجمل خاليا فملأ جرابه رملا فلما دخل منزله خلى بين الجمل وبين سارة استحياء منه ودخل البيت ونام ففتحت سارة عن دقيق أجود ما يكون فخبزت وقدمت إليه طعاما طيبا فقال إبراهيم من أين لك هذا فقالت من الدقيق الذي حملته من خليلك المصري فقال أما أنه من خليلي وليس بمصري فلذلك أعطي الخلة فشكر الله وحمده وأكل.
أقول: هذه أسباب لكونه عليه السلام خليل ولا تكون الخلة إلا مع اجتماع تلك الخصال كلها.
وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا كان يوم القيامة دعي محمد صلى الله عليه وآله وسلم فيكسى حلة وردية ثم يقام عن يمين العرش ثم يدعى بإبراهيم عليه السلام فيكسى حلة بيضاء فيقام عن يسار العرش ثم يدعى بعلي عليه السلام فيكسى حلة وردية فيقام عن يمين النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم يدعى بإسماعيل فيكسى حلة بيضاء فيقام عن يسار إبراهيم عليه السلام ثم يدعى بالحسن عليه السلام فيكسى حلة وردية فيقام عن يمين أمير المؤمنين عليه السلام ثم يدعى بالحسين فيكسى حلة وردية فيقام عن يمين الحسن عليه السلام ثم يدعى بالأئمة عليه السلام فيكسون حللا وردية فيقام كل واحد عن يمين صاحبه ثم يدعى بالشيعة فيقومون أمامهم ثم يدعى بفاطمة عليه السلام ونسائها من ذريته وشيعتها فيدخلون الجنة بغير حساب ثم ينادي مناد من بطنان العرش من قبل رب العزة فنعم الأب أبوك يا محمد وهو إبراهيم ونعم الأخ أخوك وهو علي بن أبي طالب ونعم السبطان سبطاك وهما الحسن والحسين ونعم الجنين جنينك وهو محسن ونعم الأئمة الراشدون ذريتك وهم فلان وفلان ونعم الشيعة شيعتك ثم يؤمر بهم إلى الجنة.
وعن علي عليه السلام قال: كان الرجل يموت وقد بلغ الهرم ولا يشيب فكان الرجل يأتي النادي فيه الرجل وبنوه فلا يعرف الأب من الابن فيقول أيكم أبوكم فلما كان زمن إبراهيم عليه السلام قال اللهم اجعل لي شيئا أعرف به فشاب وابيض رأسه ولحيته.
قصص الأنبياء للراوندي من علماء الإمامية قال كان في عهد إبراهيم عليه السلام رجل يقال له ماريا بن آوي قد أتت عليه ستمائة وستون سنة وكان يكون في غيضته له بينه وبين الناس خليج من ماء غمر وكان يخرج إلى الناس في كل ثلاث سنين فيقيم في الصحراء في محراب يصلي فيه فخرج ذات يوم فإذا هو بغنم كان عليها الدهن فأعجب به وفيها شاب كان وجهه شقة قمر طالع فقال يا فتى لمن هذه الغنم قال لإبراهيم خليل الرحمن قال فمن أنت قال أنا ابنه إسحاق فقال ماريا في نفسه اللهم أرني عبدك وخليلك حتى أراه قبل الموت ثم رجع إلى مكانه ورفع إسحاق خبره إلى أبيه فكان إبراهيم يتعاهد ذلك المكان ويصلي فيه فسأله إبراهيم عن اسمه وما أتى عليه من السنين فخبره فقال أين تسكن قال في غيضة قال إبراهيم إني أحب أن آتي موضعك فأنظر إليه وكيف عيشك فيها فقال إني أيبس من الثمار الرطب ما يكفيني إلى قابل لا تقدر أن تصل إلى ذلك الموضع فإنه خليج وماء غمر فقال له إبراهيم فما لك معبر قال لا قال كيف تعبر قال أمشي على الماء قال إبراهيم لعل الذي سخر لك الماء يسخره لي للعبور فانطلق وبدأ ماريا فوضع رجله على الماء وقال بسم الله وقال إبراهيم بسم الله فالتفت ماري وإذا إبراهيم يمشي كما يمشي هو فتعجب من ذلك فدخل الغيضة وأقام معه إبراهيم عليه السلام ثلاثة أيام لا يعلمه من هو ثم قال له ماريا ما أحسن موضعك هل لك أن تدعو الله أن يجمع بيننا في هذا الموضع فقال ما كنت لأفعل قال ولم قال لأني دعوته بدعوة منذ ثلاث سنين فلم يجبني فيها قال وما الذي دعوته فقص عليه خبر الغنم وإسحاق فقال إبراهيم قد استجاب لك أنا إبراهيم فقام وعانقه فكانت أول معانقة.
نوادر الراوندي بإسناده عن الكاظم عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أول من قاتل في سبيل الله إبراهيم الخليل عليه السلام حيث أسرت الروم لوطا عليه السلام فنفر إبراهيم عليه السلام واستنقذه من أيديهم وأول من اختتن إبراهيم عليه السلام اختتن بالقدوم على رأس ثمانين سنة.
أقول: يحمل هذا الاختتان وما روي بمعناه من الأخبار على التقية كما ورد في حديث آخر والوارد في أكثر الأخبار أن الأنبياء عليهم السلام يولدون مختونين وفي بعضها أن غلفهم وسررهم تسقط يوم السابع ويمكن التوفيق بحمل الأول على أولي العزم منهم والثاني على غيرهم وقيل بإمكان ما يبقى من الغلف شيء يسقط يوم السابع.
تفسير العياشي عن الصادق عليه السلام قال: إذا سافر أحدكم فليأت أهله بما تيسر ولو بحجر فإن إبراهيم عليه السلام ضاف ضيفا فأتى قومه فوافق منهم قحطا شديدا فرجع كما ذهب فلما قرب من منزله نزل عن حماره فملأ خرجه رملا أراد أن يسكن به روع زوجته سارة فلما دخل منزله حط الخرج عن الحمار وافتتح العلوفة فجاءت سارة ففتحت الخرج فوجدته مملوءا دقيقا فاختبزت منه وقالت لإبراهيم انفتل من صلاتك وكل فقال لها من أين لك هذا قالت من الدقيق الذي في الخرج فرفع رأسه إلى السماء فقال أشهد أنك الخليل.
ووعنه عليه السلام: قال لقد كانت الدني وما كان فيها إلا واحدا يعبد الله ولو كان معه غيره إذا لأضافه إليه حيث يقول ﴿إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً ولَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ فصبر بذلك ما شاء الله ثم إن الله تبارك وتعالى آنسه بإسماعيل وإسحاق فصاروا ثلاثة.
ووعنه عليه السلام: أن الله تبارك وتعالى اتخذ إبراهيم عليه السلام عبدا قبل أن يتخذه نبي وأن الله تعالى اتخذه نبيا قبل أن يتخذه رسول وأن الله تعالى اتخذه رسولا قبل أن يتخذه خليل وأن الله تعالى اتخذه خليلا قبل أن يجعله إماما فلما جمع له الأشياء قال ﴿إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ﴾ إِماماً قال فمن عظمها في عين إبراهيم قالَ ﴿وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾ قال لا يكون السفيه إمام التقي.
ووعنه عليه السلام: أول من اتخذ النعلين إبراهيم عليه السلام.
وعن أبي جعفر عليه السلام: قال كان الناس يموتون فجأة فلما كان زمن إبراهيم عليه السلام قال يا رب اجعل الموت علة يؤجر بها الميت ويسلى بها عن المصائب فأنزل الله عز وجل البرسام ثم أنزل بعده الداء.
نوادر الراوندي عن الكاظم عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إن الولدان تحت عرش الرحمن يستغفرون لآبائهم يحضنهم إبراهيم عليه السلام وتربيهم سارة في جبل من مسك وعنبر وزعفران.
أقول: أولاد المؤمنين الذين يموتون أطفالا ورد في بعض الأخبار أن الزهراء عليه السلام تربيهم في الجنة حتى يأتي أبواهم وواحد من أقاربهم فتدفعه إليهم.
ووفي بعضها أن بعض شجر الجنة له أخلاف كأخلاف البقر يرتضع منه أطفال المؤمنين الذين يموتون رضعانا حتى يكبروا فيدفعوا إلى آبائهم والتوفيق بين الأخبار تارة بأن بعضهم تربيهم الزهراء عليه السلام والآخر يحضنهم إبراهيم وسارة وأخرى بأن أطفال العلويين من أولادها عليه السلام هي التي تربيهم وأطفال باقي المؤمنين يوكل إلى غيرها1.
1 _النور المبين / المحدّث العلامة الجليل نعمة الله الجزائري.
2012-11-28