قصة قوم سبأ وأهل الثرثار
قصص من زمان بعض الأنبياء(ع)
سمعت أبا عبد الله يقول لألحسن أصابعي من المأدم حتى أخاف أن يرى خادمي أن ذلك من جشع وليس كذلك إن قوما ما أفرغت عليهم النعمة وهم أهل الثرثار فعمدوا إلى مخ الحنطة فجعلوه خبزا ينجون به صبيانهم حتى اجتمع من ذلك جبل ...
عدد الزوار: 306
المحاسن بإسناده إلى عمرو بن شمر قال: سمعت أبا عبد الله يقول لألحسن أصابعي من المأدم حتى أخاف أن يرى خادمي أن ذلك من جشع وليس كذلك إن قوما ما أفرغت عليهم النعمة وهم أهل الثرثار فعمدوا إلى مخ الحنطة فجعلوه خبزا ينجون به صبيانهم حتى اجتمع من ذلك جبل قال فمر رجل صالح على امرأة وهي تفعل ذلك بصبي لها فقال ويحكم اتقوا الله لا يغير ما بكم من نعمة فقالت كأنك تخوفنا بالجوع ما دام ثرثارنا يجري فإنا لا نخاف الجوع قال فأسف الله عز وجل وضعف لهم الثرثار وحبس عنهم قطر السماء ونبت الأرض قال فاحتاجوا إلى ما في أيديهم فأكلوه فاحتاجوا إلى ذلك الجبل قال كان ليقسم بينهم بالميزان.
الكافي عن سدير قال سأل رجل أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عز وجل ﴿فَقالُوا رَبَّنا باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِن وظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ﴾ فقال: هؤلاء قوم كانت لهم قرى متصلة ينظر بعضهم إلى بعض وأنهار جارية وأموال ظاهرة فكفروا بأنعم الله وغيروا ما بأنفسهم فأرسل الله عليهم العرم فغرق قراهم وخرب ديارهم وأبدلهم مكان جناتهم جنتين ذواتي أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل جزاء بكفرهم.
أقول: هؤلاء هم أهل سبأ الذين قص الله سبحانه قصتهم في القرآن وكان يجري إلى اليمن ثم أمر سليمان جنوده أن يجروا لهم خليجا من البحر العذب ففعلوا ذلك وعقدوا له عقدة عظيمة من الصخر والكلس حتى يفيض على بلادهم وجعلوا للخليج مجاري وكانوا إذا أرادوا أن يرسلوا الماء أرسلوه بقدر ما يحتاجون إليه وكانت جنات مسيرة عشرة أيام فمن يمر لا تقع عليه الشمس من التفاف أغصانه وكان من كثرة النعم أن المرأة كانت تمشي والمكتل على رأسها فيمتلئ بالفواكه من غير أن يمس يدها شيئ ولم يكن في قريتهم بعوضة ولا ذباب ولا برغوث ولا عقرب ولا حية وكانت قراهم ثلاث عشرة قرية في كل قرية نبي يدعوهم إلى الله فلم يقبلوا دعاء الأنبياء إلى الله فأرسل الله عليهم سيل العرم وذلك أن الماء كان يأتي أرض سبأ من أودية اليمن وكان هناك جبلان يجتمع ماء المطر والسيول بينهما فسدوا ما بين الجبلين فإذا احتاجوا إلى الماء نقبوا السد بقدر فيسقون زروعهم وبساتينهم.
فلما كذبوا الرسل بعث جرذا نقب ذلك الردم وفاض الماء عليهم فأغرقهم.
و قيل إن ذلك السد ضربته لهم بلقيس ثم بدل الله جناتهم بجنات فيها أم غيلان وأثل وهو نوع من الطرفاء وشيء من السدر.
و روى الكلبي عن أبي صالح قال ألقت طريفة الكاهنة إلى أبي عامر الذي يقال له ابن ماء السماء وكانت قد رأت في كهانتها أن سد مأرب سيخرب وأنه سيأتي سيل العرم فيخرب الجنات.
فباع ابن عامر أمواله وسار هو وقومه إلى مكة فأقاموا به وما حولها فأصابهم الحمى وكانوا ببلد لا يدرون فيه ما الحمى فدعوا طريفة وشكوا إليها الذي أصابهم فقالت لهم قد أصابني الذي تشكون وهو مفرق مفرق بيننا فقالوا فما ذا تأمرين قالت من كان منهم ذا هم بعيد وجمل شديد وزاد جديد فليلحق بقصر عمان المشيد فكانت أزد عمان ومن كان منكم ذا جلد وقسر وصبر على أزمات الدهر فعليه بالأراك من بطن مر فكانت خزاعة ومن منكم يريد الراسيات في الوحل المطعمات في المحل فليلحق بيثرب ذات النخل فكانت الأوس والخزرج ومن كان يريد الخمر والخمير والملك والتأمير وملابس التاج والحرير فليلحق ببصرى وعوير وهما من أرض الشام وكان الذي سكنوها آل جفنة بن غسان ومن كان منكم يريد الثياب الرقاق والخيل العتاق وكنوز الأرزاق والدم المراق فليلحق بأرض العراق وكان الذين سكنوها آل جذيمة الأبرش ومن كان بالحيرة آل محرق1.
1 _النور المبين / المحدّث العلامة الجليل نعمة الله الجزائري.
2012-11-28