يتم التحميل...

بعثة نوح إلى قومه وقصة الطوفان

النبي نوح عليه السلام

اعلم أن الله سبحانه كرر قصة نوح عليه السلام في كثير من سور القرآن قال الطبرسي طاب ثراه وهو نوح بن متوشلخ بن أخنوخ وهو إدريس عليه السلام وهو أول نبي بعد إدريس وقيل إنه كان نجار وولد في العام الذي مات فيه آدم عليه السلام...

عدد الزوار: 301

اعلم أن الله سبحانه كرر قصة نوح عليه السلام في كثير من سور القرآن قال الطبرسي طاب ثراه وهو نوح بن متوشلخ بن أخنوخ وهو إدريس عليه السلام وهو أول نبي بعد إدريس وقيل إنه كان نجار وولد في العام الذي مات فيه آدم عليه السلام وبعث وهو ابن أربعمائة سنة وكان يدعو قومه ليل ونهارا فلم يزدهم دعاؤه إلا فرار وكان يضربه قومه حتى يغشى عليه فإذا أفاق قال اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون وكانوا يثورون إلى نوح عليه السلام فيضربونه حتى تسيل مسامعه دم وحتى لا يعقل شيئا مما صنع به فيحمل فيرمى في بيت وعلى باب داره مغشيا عليه فأوحى الله تعالى إليه أن لن يؤمن قومك إلا من آمن فعندها أقبل على الدعاء عليهم فقال ﴿رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً فأعقم الله أصلاب الرجال وأرحام النساء فلبثوا أربعين سنة لا يولد لهم وقحطوا في تلك الأربعين سنة حتى هلكت أموالهم وأصابهم الجهد والبلاء ثم قال لهم نوح ﴿اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً... الآيات فلم يؤمنوا ﴿وَ قالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ... الآيات حتى أغرقهم الله تعالى وآلهتهم التي كانوا يعبدونها فلما كان بعد خروج نوح عليه السلام من السفينة وعبد الناس الأصنام سموا أصنامهم بأسماء أصنام قوم نوح فاتخذ أهل اليمين يغوث ويعوق وأهل دومة الجندل صنما سموه ود واتخذت حمير صنما سمته نسر وهذيل سموه سواعا فلم يزل يعبدونها حتى جاء الإسلام.

و روي أن الله تعالى لم يرحم قوم نوح عليه السلام في عذابهم.

و روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: لما فار التنور وكثر الماء في السكك خشيت أم صبي عليه وكانت تحبه حبا شديدا فخرجت إلى الجبل حتى بلغت ثلثه فلما بلغها الماء عرجت به حتى بلغت ثلثيه فما بلغها الماء حتى استوت على الجبل فلما بلغ الماء رقبتها رفعته بيديها حتى ذهب بها الماء فلو رحم الله منهم أحدا لرحم أم الصبي وأما امرأة نوح فقال الله فيه وفي امرأة لوط كانَتا ﴿تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما.

قال ابن عباس: كانت امرأة نوح كافرة تقول للناس إنه مجنون وإذا آمن أحد بنوح أخبرت الجبابرة من قوم نوح به وكانت امرأة لوط تدل على أضيافه وكان ذلك خيانتهما لهم وما بغت امرأة نبي قط وإنما كانت خيانتهما في الدين.

قال السدي: كانت خيانتهما أنهما كانتا كافرتين.

و قيل: كانتا منافقتين. وقال الضحاك خيانتهما النميمة إذ أوحى الله إليهما أفشتاه إلى المشركين واسم امرأة نوح واغلة واسم امرأة لوط واهلة وقال مقاتل والفة وواهلة.

و في تفسير علي بن إبراهيم كانَتا ﴿تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُم والله ما عنى بقوله فَخانَتاهُما إلا الفاحشة.

أقول: ينبغي حمل الفاحشة هنا على معناها اللغوي وهو ما تفاحش قبحه ولا قبح أكبر من الكفر والنفاق.

و فيه أيضا عن أمير المؤمنين عليه السلام عن ابن أبي عمير عن ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: بقي نوح عليه السلام في قومه ثلاثمائة سنة يدعوهم إلى الله فلم يجيبوه فهم أن يدعو عليهم عند طلوع الشمس فوافاه اثنا عشر ألف قبيل من قبائل ملائكة السماء الدني وهم العظماء من الملائكة قالوا له نسألك أن لا تدعو على قومك قال نوح قد أجلتهم ثلاثمائة سنة فلما أتى عليهم ستمائة سنة ولم يؤمنوا هم أن يدعو عليهم فوافاه اثنا عشر ألف قبيل من قبائل ملائكة السماء الثانية فقالوا نسألك أن لا تدعو على قومك فقال نوح قد أجلتهم ثلاثمائة سنة فلما أتى عليهم تسعمائة سنة ولم يؤمنوا هم أن يدعو عليهم فأنزل الله عز وجل ﴿أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فقال نوح عليه السلام ﴿رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً فأمره الله عز وجل أن يغرس النخل فكان قومه يسخرون به ويقولون شيخ يغرس النخل فلما أتى لذلك خمسون سنة وبلغ النخل أمره الله أن ينحت السفينة وأمر جبرئيل عليه السلام أن يعلمه فقدر طولها في الأرض ألف ومائتي ذراع وعرضها ثمانمائة ذراع وطولها في السماء ثمانون ذراعا فقال يا رب من يعينني على اتخاذها فأوحى الله إليه ناد في قومك من أعانني عليه ونجر منها شيئا صار ما ينجره ذهب وفضة فنادى نوح فيهم بذلك فأعانوه عليه وكانوا يسخرون منه ويقولون يتخذ سفينة في البر.

و عنه عليه السلام: لما أراد الله عز وجل إهلاك قوم نوح عليه السلام عقم أرحام النساء أربعين عاما لم يولد فيهم مولود فلما فرغ من اتخاذ السفينة أمره الله تعالى أن ينادي فيهم بالسريانية لا يبقى بهيمة ولا حيوان إلا حضر فأدخل من كل جنس من أجناس الحيوان زوجين في السفينة وكان الذين آمنوا به من جميع الدنيا ثمانون رجلا فقال الله تعالى ﴿احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وكان نجر السفينة في مسجد الكوفة فلما كان اليوم الذي أراد الله إهلاكهم كانت امرأة نوح تخبز في الموضع الذي يعرف بفار التنور في مسجد الكوفة وقد كان نوح عليه السلام اتخذ لكل ضرب من أجناس الحيوان موضعا في السفينة وجمع لهم ما يحتاجون إليه من الغذاء وصاحت امرأته لما فار التنور فجاء نوح إلى التنور فوضع طين وختمه حتى أدخل جميع الحيوانات في السفينة ثم جاء إلى التنور وفض الخاتم ورفع الطين وانكسفت الشمس ونزل من السماء ماء منهمر صب بلا قطر وتفجرت الأرض عيونا فقال الله عز وجل اركبوا فيها فدارت السفينة ونظر نوح عليه السلام إلى ابنه يقع ويقوم فقال له ﴿يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَن ولا تَكُنْ مَعَ الْكافِرِينَ فقال ابنه سَآوِي إِلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْماءِ فقال نوح ﴿لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ الله ثم قال نوح رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ فقال يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ وحالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ فدارت السفينة وضربتها الأمواج حتى وافت مكة وطافت في البيت وغرق جميع الدنيا إلا موضع البيت وإنما سمي البيت العتيق لأنه أعتق من الغرق فبقي الماء ينصب من السماء أربعين صباح ومن الأرض العيون حتى ارتفعت السفينة فمست السماء فرفع نوح يده وقال يا رهمان أتقن وتفسيرها يا رب أحسن فأمر الله الأرض أن تبلع ماءها فأراد ماء السماء أن يدخل في الأرض فامتنعت الأرض من قبوله وقالت إنما أمرني أن أبلع مائي فبقي ماء السماء على وجه الأرض واستوت السفينة على جبل الجودي وهو بالموصل جبل عظيم فبعث الله جبرئيل عليه السلام فساق الماء إلى البحار حول الدني وأنزل الله على نوح ﴿يا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّ وبَرَكاتٍ عَلَيْكَ وعَلى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ فنزل نوح عليه السلام بالموصل من السفينة مع الثمانين وبنوا مدينة الثمانين وكانت لنوح بنت ركبت معه السفينة فتناسل الناس منه وذلك قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم نوح أحد الأبوين انتهى ملخصا.

أقول: قوله تعالى ﴿إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ قيل فيه أقوال أحدها أنه كان ابنه لصلبه والمعنى أنه ليس من أهلك الذين وعدتك نجاتهم معك لأن الله تعالى قد استثنى من أهله الذين وعده أن ينجيهم ممن أراد إهلاكهم بالغرق فقال ﴿إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ عن ابن عباس.

و ثانيها أن المراد بقوله ﴿إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ليس على دينك فكان كفره أخرجه عن أن يكون له أحكام أهله وهذا كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم سلمان منا أهل البيت وإنما أراد على دينن ويؤيد هذا التأويل أن الله سبحانه قال على طريق التعليل ﴿إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ فبين أنه إنما أخرج عن أحكام أهله لكفره وشر عمله.

و ثالثها أنه لم يكن ابنه حقيقة وإنما ولد على فراشه فقال عليه السلام إنه ابنه على ظاهر الأمر فأعلمه الله أن الأمر بخلاف الظاهر ونبهه على خيانة امرأته عن الحسن ومجاهد وهذا الوجه بعيد من حيث إن فيه منافاة للقرآن لأنه تعالى قال ﴿وَ نادى نُوحٌ ابْنَهُ ولأن الأنبياء يجب أن ينزهوا عن مثل هذا الحال لأنها تعيير وتشيين وقد نزه الله أنبياءه عما دون ذلك.

و رابعها أنه كان ابن امرأته وكان ربيبه ويعضده قراءة من قرأ بفتح الهاء وحذف الألف وإثباته لفظ والمعتمد المعول عليه في تأويل الآية القولان الأولان.

و عن أبي جعفر عليه السلام: قال كان قوم مؤمنون قبل نوح عليه السلام فماتوا فحزن عليهم الناس فجاء إبليس فاتخذ لهم صورهم ليأنسوا بها فأنسوا بها فلما جاء الشتاء أدخلوهم البيوت فمضى ذلك القرن وجاء القرن الآخر فجاءهم إبليس فقال لهم إن هؤلاء آلهة كان آباؤكم يعبدونها فعبدوهم وضل منهم كثير فدعا عليهم نوح فأهلكهم الله.

و في مناقب ابن شهر شهرآشوب عن الأزدي قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول ﴿وَ نادى نُوحٌ ابْنَهُ أي ابنه وهي لغة طي‏ء.

أقول: هذه القراءة بفتح الهاء وحذف الألف وهي لغة طي‏ء ونسبها القراء والمفسرون إلى أهل البيت عليه السلام يعني ابن امرأته.

و عن أبي عبد الله عليه السلام: قال إن نوحا لما كان أيام الطوفان دعا مياه الأرض فأجابته إلا المر والكبريت.

و عنه عليه السلام: لما هبط نوح عليه السلام من السفينة أتاه إبليس فقال له ما في الأرض رجل أعظم منه علي منك دعوت الله على هؤلاء الفساق فأرحتني منهم أ لا أعلمك خصلتين إياك والحسد فهو الذي عمل بي وإياك والحرص فهو الذي عمل بآدم ما عمل وفي حديث آخر قال له جزاء هذه المنة اذكرني في ثلاثة مواطن فإني أقرب ما يكون إلى العبد إذا كان في إحداهن اذكرني إذا غضبت واذكرني إذا حكمت بين اثنين واذكرني إذا كنت مع امرأة خليا ليس معكما أحد.

عيون أخبار الرضا عليه السلام سأل الشامي أمير المؤمنين عليه السلام عن قول الله عز وجل ﴿يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وأُمِّهِ وأَبِيهِ وصاحِبَتِهِ وبَنِيهِ من هم فقال عليه السلام: قابيل يفر من هابيل والذي يفر من أمه موسى والذي يفر من أبيه إبراهيم والذي يفر من صاحبته لوط والذي يفر من ابنه نوح يفر من ابنه كنعان.

علل الشرائع عن وهب مسندا: قال أهل الكتاب يقولون إن إبليس عمر زمان الغرق كله في الجو الأعلى يطير بين السماء والأرض بالذي أعطاه الله من القوة والحيلة وعمرت جنوده في ذلك الزمان تطفو فوق السماء وتحولت الجن أرواحا تهب فوق الماء وبذلك توصف خلقتها أنها تهوي هوي الريح إنما سمي طوفان لأن الماء طفا فوق كل شي‏ء فلما هبط نوح عليه السلام من السفينة أوحى الله عز وجل إليه يا نوح أني خلقت خلقي لعبادتي وأمرتهم بطاعتي وقد عصوني وعبدوا غيري واستوجبوا بذلك غضبي فغرقتهم وأني قد جعلت قوسي أمانا لعبادي وبلادي وموثقا مني بيني وبين خلقي يأمنون به إلى يوم القيامة من الغرق ومن أوفى بعهده مني ففرح نوح عليه السلام بذلك وتباشر وكانت القوس فيها سهم ووتر فنزع الله عز وجل السهم والوتر من القوس وجعلها أمانا لعباده من الغرق.
أقول: جاء في الحديث عن الصادق عليه السلام أن هذا القوس ظهر في السماء بعد الغرق أمانا منه لمن بقي إلى يوم القيامة.

و قال عليه السلام: لا تقولوا قوس قزح فإن قزح اسم الشيطان ولكن قولوا قوس الله وإن هذه المجرة التي في السماء ويسمونها مجر الكبش موضع انفطار السماء للماء لأنه لم ينزل قطرات وإنما نزل دفعا فلما التأمت السماوات بقي أثره كالجرح المندمل يبقى أثره في البدن.
عيون أخبار الرضا عليه السلام قال الوشاء: قال لي كيف تقرءون قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فقلت من الناس من يقرأ ﴿إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ نفاه عن أبيه فقال عليه السلام كلا لقد كان ابنه ولكن لما عصى الله عز وجل نفاه عن أبيه.

أقول: هاهنا قراءتان في المتواتر فالأكثر على الفعل الماضي وما بعده منصوب على المفعولية يعني أن أعماله غير صالحة وقراءة الكسائي ويعقوب وسهل على المصدرية وما بعده صفة له وأولوه على أنه تولد من الخيانة وحينئذ فقوله عليه السلام كلا يجوز أن يكون ردا للتأويل لا للقراءة يعني أن تأويلهم باطل لأن نفيه عنه باعتبار الدين والعمل ويجوز أن يكون نفيا للقراءة يعني أنها قراءة باطلة لم ينزل بها جبرئيل عليه السلام.

و فيه تأييد لما حررناه في مواضع من كتبنا من القدح في تواتر القراءات السبع وأنها إن ثبت تواترها فإنما هو عن القراء السبعة لا عن صاحب الوحي صلى الله عليه وآله وسلم وذلك أن القراء في كثير من الموارد إذا ذكروا قراءة يقولون قرأ فلان كذا فيجعلون قراءة القرآن تسمية لقراءتهم صلى الله عليه وآله وسلم وقد فصلنا الكلام في هذا المقام في شرحنا على تهذيب الحديث بما لا مزيد عليه.

و فيه عنه عليه السلام: قال سأل الشامي أمير المؤمنين عليه السلام فقال ما بال الماعز مرفوعة الذنب بادية الحياء والعورة فقال لأن الماعز عصت نوحا عليه السلام لما أدخلها السفينة فدفعها فكسر ذنبه والنعجة مستورة الحياء والعورة لأن النعجة بادرت بالدخول إلى السفينة فمسح نوح عليه السلام يده على حيائه وذنبها فاستوت الألية.

علل الشرائع عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن النجف كان جبل وهو الذي قال ابن نوح سَآوِي إِلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْماءِ ولم يكن على وجه الأرض جبل أعظم منه فأوحى الله عز وجل إليه يا جبل أ يعتصم بك مني فتقطع قطعا قطعا إلى بلاد الشام وصار رمادا دقيق وصار بعد ذلك بحرا عظيم وكان يسمى ذلك البحر ببحر ني ثم جف بعد ذلك وقيل ني جف فسمي نجف ثم صار بعد ذلك يسمونه نجف لأنه كان أخف على ألسنتهم.

و فيه: أنه لما ركب نوح عليه السلام في السفينة ألقى الله عز وجل السكينة على ما فيها من الدواب والطير والوحش فلم يكن شي‏ء فيها يضر شيئا كانت الشاة تحتك بالذئب والبقرة تحتك بالأسد وأذهب الله حمة كل ذي حمة فلم يزالوا كذلك في السفينة حتى خرجوا منه وكان الفأر قد كثر في السفينة والعذرة فأوحى الله عز وجل إلى نوح عليه السلام أن يمسح الأسد فمسحه فعطس فخرج من منخريه هران ذكر وأنثى فخف الفأر ومسح وجه الفيل فعطس فخرج من منخريه خنزيران ذكر وأنثى فخف العذرة.

و عن أبي عبد الله عليه السلام قال: جاء نوح عليه السلام إلى الحمار ليدخله السفينة فامتنع عليه وكان إبليس بين أرجل الحمار فقال يا شيطان ادخل فدخل الحمار ودخل الشيطان.

و عنه عليه السلام: قال ارتفع الماء زمن نوح عليه السلام على كل جبل وعلى كل سهل خمسة عشر ذراعا.

الفقيه قال أبو جعفر الباقر عليه السلام: إن الحيض للنساء نجاسة رماهن الله عز وجل به وقد كن النساء في زمن نوح عليه السلام إنما تحيض المرأة في كل سنة حتى خرجن نسوة من حجابهن وكن سبعمائة امرأة وانطلقن فلبسن المعصفرات من الثياب وتحلين وتعطرن ثم خرجن فتفرقن في البلاد فجلسن مع الرجال وشهدن الأعياد معهم وجلسن في صفوفهم فرماهن الله عز وجل بالحيض عند ذلك في كل شهر يعني أولئك النسوة بأعيانهن فسالت دماؤهن فخرجن من بين الرجال فكن يحضن في كل شهر حيضة فشغلهن الله تعالى بالحيض وكسر شهوتن قال وكان غيرهن من النساء اللواتي لم يفعلن مثل ما فعلن يحضن في كل سنة حيضة قال فتزوج بنو اللائي يحضن في كل شهر بنات اللاتي يحضن في كل سنة حيضة فامتزج القوم فحضن بنات هؤلاء وهؤلاء في كل شهر حيضة وكثر أولاد اللاتي يحضن في كل شهر حيضة لاستقامة الحيض وقل أولاد اللاتي يحضن في السنة حيضة لفساد الدم قال فكثر نسل أولئك.

الكافي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما أظهر الله نبوة نوح وأيقن الشيعة بالفرج اشتدت البلوى ووثبوا إلى نوح بالضرب المبرح حتى مكث في بعض الأوقات مغشيا عليه ثلاثة أيام يجري الدم من أذنه ثم أفاق وذلك بعد سنة ثلاثمائة من مبعثه وهو في خلال ذلك يدعوهم ليل ونهارا فيهربون ويدعوهم سرا فلا يجيبون ويدعوهم علانية فيولون فهم بعد ثلاثمائة سنة بالدعاء عليهم وجلس بعد صلاة الفجر للدعاء فهبط إليه وفد من السماء السابعة وهم ثلاثة أملاك فسلموا عليه ثم قالوا له يا نبي الله حاجتنا أن تؤخر الدعاء على قومك فإنها أول سطوة لله عز وجل في الأرض قال قد أخرت الدعاء عليهم ثلاثمائة سنة أخرى وعاد إليهم فصنع ما كان يصنع ويفعلون ما كانوا يفعلون حتى إذا انقضت ثلاثمائة سنة أخرى ويئس من إيمانهم جلس في وقت ضحى النهار للدعاء فهبط إليه وفد من السماء السادسة فسلموا عليه وسألوه مثل ما سأله الوفد الأول فأجابهم مثل ما أجاب أولئك ثم عاد وقومه بالدعاء حتى انقضت ثلاثمائة سنة تتمة تسعمائة سنة فصارت إليه الشيعة وشكوا ما ينالهم من العامة والطواغيت وسألوه الدعاء بالفرج فأجابهم إلى ذلك وصلى ودعا فهبط جبرئيل عليه السلام فقال إن الله تبارك وتعالى قد أجاب دعوتك فقل للشيعة يأكلوا التمر ويغرسوا النوى ويراعوه حتى يثمر فإذا أثمر فرجت عنهم فعرفهم ذلك واستبشروا ففعلوا ذلك وراعوه حتى أثمر ثم سألوه أن ينجز لهم الوعد فسأل الله ذلك فأوحى الله إليه قل لهم كلوا هذا التمر واغرسوا النوى فإذا أثمرت فرجت عنكم فلما ظنوا أن الخلف قد وقع عليهم ارتد عنهم الثلث وبقي الثلثان فأكلوا التمر وغرسوا النوى حتى إذا أثمر أتوا به نوحا فسألوه أن ينجز لهم الوعد فسأل الله عز وجل عن ذلك فأوحى الله إليهم قل لهم كلوا التمر واغرسوا النوى فارتد الثلث الآخر وبقي الثلث فأكلوا التمر وغرسوا النوى فلما أثمر أتوا به نوحا عليه السلام فأخبروه وقالوا لم يبق منا إلا القليل ونحن نتخوف على أنفسنا بتأخر الفرج أن نهلك فصلى نوح عليه السلام فقال يا رب لم يبق من أصحابي إلا هذه العصابة وإني أخاف عليهم الهلاك إن تأخر الفرج فأوحى الله عز وجل إليه قد أجبت دعوتك فاصنع الفلك فكان بين إجابة الدعاء والطوفان خمسون سنة.

أقول: ورد في سبب التأخير تصفية المؤمنين من الكفار والمنافقين الذين يظهرون الإيمان ويسرون الكفر.

الخرائج عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: لما أراد الله أن يهلك قوم نوح أوحى الله إليه أن شق ألواح الساج فلما شقها لم يدر ما يصنع بها فهبط جبرئيل فأراه هيئة السفينة ومعه تابوت به مائة ألف مسمار وتسعة وعشرون ألف مسمار فسمر المسامير كلها السفينة إلى أن بقيت خمسة مسامير فضرب بيده إلى مسمار فأشرق بيده وأضاء كما يضي‏ء الكوكب الدري في أفق السماء فتحير نوح فأنطق الله المسمار بلسان طلق ذلق فقال أنا على اسم خير الأنبياء محمد بن عبد الله فهبط جبرئيل عليه السلام فقال له يا جبرئيل ما هذا المسمار الذي ما رأيت مثله فقال هذا باسم سيد الأنبياء محمد بن عبد الله اسمره على أولها على جانب السفينة الأيمن ثم ضرب بيده إلى مسمار ثان فأشرق وأنار فقال هذا مسمار أخيه وابن عمه سيد الأوصياء علي بن أبي طالب فاسمره على جانب السفينة الأيسر في أولها ثم ضرب بيده إلى مسمار ثالث فزهر وأشرق وأنار فقال جبرئيل عليه السلام هذا مسمار فاطمة فاسمره إلى جانب مسمار أبيها ثم ضرب بيده إلى مسمار رابع فزهر وأنار فقال جبرئيل عليه السلام هذا مسمار الحسن فاسمره إلى جانب مسمار أبيه ثم ضرب بيده إلى مسمار خامس فزهر وأنار وأظهر النداوة فقال جبرئيل عليه السلام هذا مسمارالحسين عليه السلام فاسمره إلى جانب مسمار أبيه فقال نوح يا جبرئيل ما هذه النداوة فقال هذا الدم فذكر قصة الحسين عليه السلام وما تعمل الأمة به فعلن الله قاتله وظالمه وخاذله.

و عن أبي عبد الله عليه السلام: أنه قال لبعض غلمانه في شي‏ء جرى لئن انتهيت وإلا ضربتك ضرب الحمار قيل وما ضرب الحمار قال إن نوحا عليه السلام لما أدخل السفينة من كل زوجين اثنين جاء إلى الحمار فأبى أن يدخل فأخذ جريدة من نخل فضربه ضربة واحدة وقال له عبسا شيطانا أي ادخل يا شيطان.

المحاسن عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما حسر الماء عن عظام الموتى فرأى ذلك نوح عليه السلام فجزع جزعا شديدا فاغتم بذلك فأوحى الله إليه أن كل العنب الأسود ليذهب غمك.

العياشي عن عبد الله العلوي قال: كانت السفينة مطبقة بطبق وكان معه خرزتان تضي‏ء إحداهما بالنهار ضوء الشمس وتضي‏ء إحداهما بالليل ضوء القمر وكانوا يعرفون وقت الصلاة وكان آدم معه في السفينة فلما خرج من السفينة صير قبره تحت المنارة بمسجد منى.
أقول: أكثر الأخبار دالة على أن قبره بالنجف الأشرف ضجيع قبر أمير المؤمنين عليه السلام وقبر نوح عليه السلام.

و عن أبي عبد الله عليه السلام: أن مدة لبثهم في السفينة سبعة أيام ولياليها.

و في حديث آخر: مائة وخمسين يوما بلياليه وقيل ستة أشهر.

العياشي عن الأعمش يرفعه إلى علي عليه السلام في قوله ﴿حَتَّى إِذا جاءَ أَمْرُن وفارَ التَّنُّورُ فقال: أم والله ما هو تنور الخبز ثم أومأ بيده إلى الشمس فقال طلوعها.

و في تفسير العياشي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: صنعها في مائة سنة ثم أمره أن يحمل فيها من كل زوجين اثنين الأزواج الثمانية التي خرج بها آدم من الجنة لتكون معيشة لعقب نوح عليه السلام في الأرض كما عاشآدم عليه السلام فإن الأرض تغرق وما فيها إلا ما كان معه في السفينة قال فحمل نوح عليه السلام في السفينة الأزواج الثمانية التي قال الله ﴿وَ أَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ ومِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ ومِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ ومِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ فكان زوجين من الضأن زوج يربيها الناس ويقومون بأمره وزوج من الضأن التي تكون في الجبال وهي الوحشية أحل لهم صيده ومن المعز اثنين زوج يربيها الناس وزوج من الظباء ومن البقر اثنين زوج يربيه الناس وزوج هو البقر الوحشي ومن الإبل زوجين وهو البخاتي والعراب وكل طير وحشي وأنسي ثم غرقت الأرض.

أقول: المفسرون قالوا المراد بالزوجين الصنفان يعني الذكر والأنثى وما قاله عليه السلام هو الأصوب والأنسب.

و عنه عليه السلام: قال ينبغي لولد الزنى أن لا تجوز شهادته ولا يؤم بالناس لم يحمله نوح في السفينة وقد حمل فيها الكلب والخنزير.

و عنه عليه السلام: في قوله ﴿وَ ما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ قال آمن معه ثمانية نفر من قومه.

و عنه عليه السلام: بأسانيد متعددة في قول الله ﴿وَ نادى نُوحٌ ابْنَهُ فقال ليس بابنه إنما هو ابن زوجته على لغة طي‏ء يقولون لابن المرأة ابنه.

و عن أبي الحسن عليه السلام: أن الله أوحى إلى الجبال أني واضع سفينة نوح على جبل منكن في الطوفان فتطاولت وشمخت وتواضع جبل بالموصل يقال له الجودي فمرت السفينة تدور في الطوفان على الجبال كلها حتى انتهت إلى الجودي فوقفت عليه فقال نوح بارات قني بارات قني يعني اللهم أصلح اللهم أصلح وفي حديث آخر أنه ضرب جؤجؤ السفينة الجبل فخاف عليها فقال يا ماريا أتقن يعني رب أصلح وفي حديث آخر أنه قال يا رهمان أتقن وتأويلها رب أحسن.

و عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سأل نوح ربه أن ينزل على قومه العذاب فأوحى الله إليه أن يغرس نواة من النخل فإذا بلغت وأثمرت هلك قومه فغرس نوح النواة وأخبر أصحابه بذلك فلما أثمرت وأطعم أصحابه قالوا له يا نبي الله الوعد الذي وعدتنا فأوحى الله إليه أن يعيد الغرس ثانية حتى إذا بلغ النخل وأثمر فأكل منه نزل عليهم العذاب فأخبر نوح أصحابه بذلك فصاروا ثلاث فرق فرقة ارتدت وفرقة نافقت وفرقة ثبتت مع نوح عليه السلام ففعل نوح عليه السلام ذلك حتى إذا بلغت النخلة وأثمرت وأكل منه وأطعم أصحابه قالوا يا نبي الله الوعد الذي وعدتنا فدعا نوح ربه فأوحى الله إليه أن يغرس الغرسة الثالثة فإذا بلغ وأثمر أهلك قومه فأخبر أصحابه فافترقوا ثلاث فرق فرقة ارتدت وفرقة نافقت وفرقة ثبتت معه حتى فعل نوح ذلك عشر مرات وفعل الله بأصحابه الذين يبقون معه فيفترقون كل فرقة ثلاث فرق على ذلك فلما كان في العاشرة جاء إليه رجل من أصحابه فقال يا نبي الله فعلت بنا ما وعدت ولم تفعل فأنت صادق نبي مرسل لا نشك فيك ولو فعلت ذلك بنا قال فعند ذلك من قولهم أهلكهم الله لقول نوح وأدخل الخاص معه السفينة فنجاهم الله تعالى ونجى نوحا معهم بعد ما صفو وذهب الكدر منهم.

كتاب القصص لمحمد بن جرير الطبري أن الله تعالى أكرم نوحا بطاعته وكان طوله ثلاثمائة وستين ذراعا بذراع زمانه وكان لباسه الصوف ولباس إدريس قبله الشعر وكان يسكن الجبال ويأكل من نبات الأرض.

و في حديث آخر: أنه كان نجارا فجاءه جبرئيل عليه السلام بالرسالة وقد بلغ عمره أربعمائة سنة وستين سنة فقال له ما بالك معتزلا قال لأن قومي لا يعرفون الله فاعتزلت عنهم فقال جبرئيل عليه السلام فجاهدهم فقال نوح عليه السلام لا طاقة لي بهم ولو عرفوني لقتلوني فقال له فإن أعطيت القوة كنت تجاهدهم قال وشوقاه إلى ذلك فقال له نوح من أنت فصاح جبرئيل عليه السلام صيحة واحدة فأجابته الملائكة بالتلبية ورجت الأرض وقالت لبيك لبيك يا رسول رب العالمين فبقي نوح مرعوبا فقال له جبرئيل عليه السلام أنا صاحب أبويك آدم وإدريس والرحمن يقرئك السلام وقد أتيتك بالبشارة وهذا ثوب الصبر وثوب اليقين وثوب النصرة وثوب الرسالة والنبوة وآمرك أن تتزوج بعمارة بنت ضمران بن أخنوخ فإنها أول من تؤمن بك فمضى نوح عليه السلام يوم عاشوراء إلى قومه وفي يده عصا بيضاء وكانت العصا تخبره بما يكن به قومه وكان رؤساؤهم سبعين ألف جبار عند أصنامهم في يوم عيدهم فنادى لا إله إلا الله فارتجت الأصنام وخمدت النيران وأخذهم الخوف وقال الجبارون من هذا فقال نوح أنا عبد الله وابن عبديه بعثني إليكم رسولا فسمعت عمورة كلام نوح فأمنت به فعاتبها أبوها أ يؤثر فيك قول نوح في يوم واحد وأخاف أن يعرف الملك بك فيقتلك فقالت عمورة يا أبت أين عقلك وحلمك نوح رجل وحيد ضعيف يصيح فيكم تلك الصيحة فيجري عليكم ما يجري فتوعدها فلم ينفع فأشاروا عليه بحبسه ومنعها الطعام فحبسها فبقيت في الحبس سنة وهم يسمعون كلامها فأخرجها بعد سنة وقد صار عليها نور عظيم وهي في أحسن حال فتعجبوا من حياتها بغير طعام فسألوها فقالت إنها استغاثت برب نوح وإن نوحا عليه السلام كان يحضر عندها بما تحتاج إليه ثم ذكر تزويجه به وأنها ولدت له سام بن نوح وذكروا أنه كان لنوح امرأتان إحداهما رايعة وهي الكافرة فهلكت وحمل نوح معه في السفينة امرأته المسلمة.

و عن الصادق عليه السلام: قال يوم النيروز هو اليوم الذي استوت فيه سفينة نوح عليه السلام على الجودي.

دعوات الراوندي قال لما ركب نوح في السفينة أبى أن يحمل العقرب معه فقالت عاهدتك أن لا ألسع أحدا يقول سلام على محمد وآل محمد وعلى نوح في العالمين.

و قال علي عليه السلام: صلى نبي الله نوح عليه السلام ومن معه ستة أشهر قعودا لأن السفينة كانت تنكفئ بهم.


* النور المبين / المحدّث العلامة الجليل نعمة الله الجزائري.

2012-11-28