أصحاب الأخدود و قصة جرجيس وقصة خالد بن سنان العبسي
قصص من زمان بعض الأنبياء(ع)
تفسير علي بن إبراهيم في قوله تعالى: (قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ) قال كان سببهم أن الذي هيج الحبشة على غزوة اليمن ذانوس وهو آخر ملك من ملوك حمير تهود واجتمعت معه حمير على اليهودية وسمى نفسه يوسف ثم أخبر أن بنجران بقايا قوم على دين النصرانية
عدد الزوار: 218
تفسير علي بن إبراهيم في قوله تعالى: ﴿قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ﴾ قال كان سببهم أن الذي هيج الحبشة على غزوة اليمن ذانوس وهو آخر ملك من ملوك حمير تهود واجتمعت معه حمير على اليهودية وسمى نفسه يوسف ثم أخبر أن بنجران بقايا قوم على دين النصرانية وكانوا على دين عيسى عليه السلام وعلى حكم الإنجيل ورأس ذلك الدين عبد الله بن ياس وحمله أهل دينه على أن يسير إليهم ويحملهم على اليهودية ويدخلهم فيها.
فسار حتى قدم نجران فجمع ما كان بها على دين النصرانية ثم عرض عليهم دين اليهودية والدخول فيها فأبوا عليه فجادلهم وعرض عليهم وعلى الحرس كله فأبوا عليه وامتنعوا من اليهودية والدخول فيه واختاروا القتل فخد لهم أخدود وجمع فيه الحطب وأشعل فيه النار فمنهم من أحرق بالنار ومنهم من قتل بالسيف ومثل بهم كل مثلة فبلغ عدد من قتل وأحرق بالنار عشرين ألف ألف رجل.
قصص الأنبياء للراوندي طاب ثراه بإسناده إلى أبي جعفر عليه السلام قال: إن أسقف نجران دخل علىأمير المؤمنين عليه السلام فجرى ذكر أصحاب الأخدود فقال عليه السلام بعث الله نبيا حبشيا إلى قومه في الحبشة فدعاهم إلى الله تعالى فكذبوه وحاربوه وظفروا به وخدوا الأخدود وجعلوا فيه الحطب والنار فلما كان حراقا قالوا لمن كان على دين ذلك النبي اعتزلو وإلا طرحناكم فيها فاعتزل قوم كثير وقذف فيها خلق كثير حتى وقعت امرأة ومعها ابن لها من شهرين فقيل لها إما أن ترجعي وإما أن تقذفي في النار فهمت تطرح نفسها فلما رأت ابنها رحمته فأنطق الله الصبي وقال يا أماه ألقي نفسك وإياي في النار فإن هذا في الله قليل.
و سئل أمير المؤمنين عليه السلام عن المجوس أي أحكام تجري فيهم قال هم أهل الكتاب كان لهم كتاب وكان لهم ملك سكر يوما فوقع على أخته وأمه فلما أفاق ندم وشق ذلك عليه فقال للناس هذا حلال فامتنعوا عليه فجعل يقتلهم ويحفر لهم الأخدود ويلقيهم فيه.
و فيه عنه عليه السلام: قال ولى عمر رجلا كورة من الشام فافتتحها فإذا أهلها أسلموا فبنى لهم مسجدا فسقط ثم بنى فسقط ثم بنى فسقط فكتب إلى عمر بذلك فلما قرأ الكتاب سأل أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم هل عندكم في ذلك علم قالوا لا فبعث إلى علي بن أبي طالب عليه السلام فأقرأه الكتاب فقال هذا نبي كذبه قومه فقتلوه ودفنوه في هذا المسجد وهو متشحط في دمه فاكتب إلى صاحبك فلينبشه فإن جسده طريا ليصل عليه وليدفنه في موضع كذا ثم ليبني عليه مسجدا فإنه سيقوم ففعل ذلك ثم بنى المسجد فثبت وفي رواية اكتب إلى صاحبك أن يحفر ميمنة أساس المسجد فإنه سيصيب فيها رجلا قاعدا يداه على أنفه ووجهه فقال عمر من هو قال علي عليه السلام اكتب إلى صاحبك فليعمل ما أمرته فإن وجده كما وصفت أعلمتك إن شاء الله فلم يلبث أن كتب العامل أصبت الرجل على ما وصفت فصنعت الذي أمرت به فثبت إلينا فقال عمر لعلي عليه السلام ما حال هذا الرجل فقال هذا نبي من أصحاب الأخدود قصتهم معروفة في القرآن.
و فيه بإسناده إلى ابن عباس قال: بعث الله جرجيس عليه السلام إلى ملك بالشام فقال له إنه يعبد صنما فقال له أيها الملك اقبل نصيحتي لا ينبغي للخلق أن يعبدوا غير الله تعالى ولا يرغبوا إلا إليه فقال له الملك من أي أرض أنت قال من الروم قاطنين بفلسطين ثم أمر بحبسه ثم مشط جسده بأمشاط من حديد حتى تساقط لحمه ونضج جسده بالخل ودلكه بالمسوح الخشنة ثم أمر بمكاو من حديد تحمى فيكوى بها جسده ولما لم يقتل أمر بأوتاد من حديد فضربوها في فخذيه وركبتيه وتحت قدميه فلما رأى أن ذلك لم يقتله أمر بأوتاد طوال من حديد فوتدت في رأسه فسال منها دماغه وأمر بالرصاص فأذيب وصب على أثر ذلك ثم أمر بسارية من حجارة كانت في السجن لم ينقلها إلا ثمانية عشر رجلا فوضعت على بطنه فلما أظلم الليل وتفرق عنه الناس رآه أهل السجن وقد جاءه ملك فقال له يا جرجيس إن الله جلت عظمته يقول اصبر وأبشر ولا تخف إن الله معك يخلصك وإنهم يقتلونك أربع مرات في كل ذلك أرفع عنك الألم والأذى فلما أصبح الملك دعاه فجلده بالسياط على الظهر والبطن ثم رده إلى السجن ثم كتب إلى أهل مملكته أن يبعثوا إليه بكل ساحر فبعثوا بساحر استعمل كل ما قدر عليه من السحر فلم يعمل فيه ثم عمد إلى سم فسقاه فقال جرجيس بسم الله الذي يضل عند صدقه كذب الفجرة وسحر السحرة فلم يضره فقال الساحر لو أني سقيت بهذا أهل الأرض لنزفت قواهم وعميت أبصارهم فأنت يا جرجيس النور المضيء والسراج المنير والحق المبين أشهد أن إلهك حق وما دونه باطل آمنت به وصدقت رسله وإليه أتوب مما فعلت فقتله الملك ثم أعاد جرجيس صلى الله عليه وآله وسلم إلى السجن وعذبه ألوان العذاب ثم قطعه أقطاع وألقاه في جب ثم خلا الملك الملعون وأصحابه على طعام له وشراب فأمر الله تعالى إعصارا أنشأت سحابة سوداء وجاءت بالصواعق ورجفت الأرض وتزلزلت الجبال حتى أشفقوا أن يكون هلاكهم وأمر الله ميكائيل فقام على رأس الجب وقال قم يا جرجيس بقوة الله الذي خلقك فسواك فقام جرجيس حيا سوي وأخرجه من الجب وقال اصبر وأبشر فانطلق جرجيس حتى قام بين يدي الملك وقال بعثني الله ليحتج بي عليكم فقام صاحب الشرطة وقال آمنت بإلهك الذي بعثك بعد موتك وشهدت أنه الحق وجميع الآلهة دونه باطل واتبعه أربعة آلاف آمنو وصدقوا جرجيس فقتلهم الملك جميعا بالسيف ثم أمر بلوح من نحاس أوقد عليه النار حتى احمر فبسط عليه جرجيس وأمر بالرصاص فأذيب وصب في فيه ثم ضرب الأوتاد في عينيه ورأسه ثم ينزع ويفرغ بالرصاص مكانه فلما رأى أن ذلك لم يقتله فأوقد عليه النار حتى مات وأمر برماده فذر في الرياح فأمر الله تعالى رياح الأرضين في ليلة فجمعت رماده في مكان فأمر ميكائيل عليه السلام.
فنادى يا جرجيس فقام حيا سويا بإذن الله فانطلق جرجيس صلى الله عليه وآله وسلم إلى الملك وهو في أصحابه فقام رجل فقال إن تحتنا أربعة عشر منبر ومائدة بين أيدين وهي من عيدان شتى منها ما يثمر ومنها ما لا يثمر فسل ربك أن يلبس كل شجرة منها لحاه وينبت فيها ورقه وثمرها فإن فعل ذلك فإني أصدقك فوضع جرجيس ركبتيه على الأرض ودعا ربه تعالى عظم شأنه فما برح مكانه حتى أثمر كل عود فيها ثمرة فأمر الملك فمد بين الخشبتين ووضع المنشار على رأسه فنشر حتى سقط المنشار من تحت رجليه ثم أمر بقدر عظيمة فألقى فيها زفت وكبريت ورصاص وألقى فيها جسد جرجيس عليه السلام فطبخ حتى اختلط ذلك كله جميعا فأظلمت الأرض لذلك وبعث الله إسرافيل فصاح صيحة خر منها الناس لوجوههم ثم قلب إسرافيل عليه السلام القدر فقال قم يا جرجيس بإذن الله تعالى فقام حيا سويا بقدرة الله وانطلق جرجيس إلى الملك ولما رآه الناس عجبوا منه فجاءت امرأة وقالت أيها العبد الصالح كان لنا ثورا نعيش به فمات فقال لها جرجيس خذي عصاي فضعيها على ثورك وقولي إن جرجيس يقول قم بإذن الله تعالى ففعلت فقام حيا فآمنت به فقال الملك إن تركت هذا الساحر هلك قومي فاجتمعوا كلهم على أن يقتلوه فأمر به أن يخرج ويقتل بالسيف فقال جرجيس عليه السلام لما خرج لا تعجلوا علي فقال اللهم إن أهلكت أنت عبدة الأوثان أسألك أن تجعل اسمي وذكري صبرا لمن يتقرب إليك عند كل هول وبلاء ثم ضربوا عنقه فمات ثم أسرعوا إلى القرية فهلكوا كلهم.
الكافي بإسناده إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جالس إذ جاءته امرأة فرحب به وأخذ بيده وأقعدها ثم قال ابنة نبي ضيعه قومه خالد بن سنان دعاهم فأبوا أن يؤمنوا به وكانت نار يقال لها نار الحدثان تأتيهم كل سنة فتأكل بعضهم وكانت تخرج في وقت معلوم فقال لهم إن رددتها عنكم تؤمنون قالوا نعم قال فجاءت فاستقبلها بثوبه فردها ثم تبعها حتى دخلت كهفه ودخل معه وجلسوا على باب الكهف وهم يرون ألا يخرج أبد وهو يقول زعمت بنو عبس أني لا أخرج أبدا ثم قال تؤمنون بي قالوا لا قال فإني ميت يوم كذ وكذا فإذا أنا مت فادفنوني فإنه سيجيء قطيع من حمر الوحش يقدمها عير أبتر حتى تقف على قبري فانبشوني وسلوني عما شئتم فلما مات دفنوه وكان ذلك اليوم إذ جاءت الحمر الوحشية وجاءوا يريدون نبشه فقالوا ما آمنتم به في حياته فكيف تؤمنون به بعد وفاته ولئن نبشتموه ليكون عليكم فاتركوه فتركوه.
أقول: قال السيوطي نقلا عن العسكري في ذكر أقسام النار نار الحرتين كانت في بلاد عبس تخرج من الأرض فتؤذي من مر به وهي التي دفنها خالد بن سنان النبي عليه السلام قال خليد شعرا:
كنار الحرتين لها زفير تصم مسامع الرجل السميع
و حينئذ فالأظهر كما قيل إنه كان نار الحرتين فصحف.
و فيه مسندا إلى الصادق عليه السلام قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جالس إذ أقبلت امرأة تمشي حتى انتهت إليه فقال لها مرحبا يا بنت أخي فصافحه وكان اسمها محياء بنت خالد بن سنان ثم قال إن خالدا دعا قومه فأبوا أن يجيبوه وكانت نار تخرج في كل يوم فتأكل ما تليهم من مواشيهم وما أدركتهم فقال لقومه أ رأيتم إن رددتها عنكم أ تؤمنون بي وتصدقونني قالوا نعم فاستقبلها فردها بقوة حتى أدخلها غار وهم ينظرون فدخل معها فمكث حتى طال ذلك عليهم فقالوا إنا لنراه قد أكلته فخرج منها فقال أ تؤمنون بي قالوا نار خرجت ودخلت لوقت فأبوا أن يجيبوه الحديث.
الإحتجاج قال الصادق عليه السلام في أسئلة الزنديق وكان فيما سأله أخبرني عن المجوس هل بعث إليهم خالد بن سنان ?
قال عليه السلام: إن خالدا كان عربيا بدوي وما كان نبي وإنما ذلك شيء يقوله الناس.
أقول: الأخبار الدالة على نبوته كثيرة ويمكن حمله على ما هو معتقد الزنديق لأن مثله يرد في الأجوبة كثيرا.
* النور المبين / المحدّث العلامة الجليل نعمة الله الجزائري.
2012-11-28