يتم التحميل...

أدب الجوارح - العين‏

آداب إسلامية

العين هي نعمة إلهية كبرى على الإنسان إذ يبصر بها ما حوله من المخلوقات والأشياء فيستثمرها، وبها يقرأ الكتب ويرى الآخرين ويرى جمال الكون وعجائبه، مع كل هذا قد تكون وبالاً على الإنسان في آخرته إذا لم يحسن استخدامها ضمن الحدود التي وضعها الله تعالى لها فعن أمير المؤمنين علي عليه السلام:كم من نظرة جلبت حسرة.

عدد الزوار: 74

العين هي نعمة إلهية كبرى على الإنسان إذ يبصر بها ما حوله من المخلوقات والأشياء فيستثمرها، وبها يقرأ الكتب ويرى الآخرين ويرى جمال الكون وعجائبه، مع كل هذا قد تكون وبالاً على الإنسان في آخرته إذا لم يحسن استخدامها ضمن الحدود التي وضعها الله تعالى لها فعن أمير المؤمنين علي عليه السلام: "كم من نظرة جلبت حسرة"1.

ارتباط العين بالقلب‏
إن كل ما تنظر اليه العين لا بد وأن تنطبع صورته في عقل الإنسان وقلبه، ويترك آثارا في روحيته ونفسيته، حتى لو نسيه في فترات معينه، إلا أن آثاره الباطنية قد تبقى لتؤثر بشكل غير مباشر، أو لتتفعل في أوقات وظروف معينة، ولذا فإن هذا الأمر خطير على الإنسان، فالعين هي من أبواب حصن النفس، وفتح هذا الباب ليدخل منه كل طالح إلى النفس النظيفة سيتسبب بتلوثها، ولذا ورد عن الإمام علي عليه السلام: "العيون طلائع القلوب"2 ويقول تعالى في كتابه العزيز: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنّ‏َ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُون*َ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنّ‏َ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنّ‏َ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنّ‏َ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنّ‏َ عَلَى جُيُوبِهِنّ‏َ...(النور:30-31).

النظر المحرَّم‏
وقد أكدت الكثير من الروايات الشريفة على خطورة هذا النظر على روح الإنسان المؤمن وقلبه، لدرجة أنها تفسد الإيمان وتنسي الآخرة والحساب، ففي الحديث عن الإمام علي عليه السلام: "إذا أبصرت العين الشهوة عمي القلب عن العاقبة"3.

وعن الإمام الصادق: "يا بن جندب! إن عيسى بن مريم عليه السلام قال لأصحابه: إياكم والنظرة فإنها تزرع في القلب الشهوة وكفى بها لصاحبها فتنة، طوبى لمن جعل بصره في قلبه ولم يجعل بصره في عينه"4.

عواقب النظر المحرم‏
إن جزاء النظر المحرم عند الله تعالى شديد جدا بحيث أن بعض الروايات عبرت عن صور عجيبة للذي يملأ عينيه من النظر الحرام ومن هذه العواقب:

1- يملأ عينيه ناراً: ففي الرواية عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله: "من ملأ عينه من حرام ملأ الله عينه يوم القيامة من النار، إلا أن يتوب ويرجع"5.

2- الحسرة في الدنيا والآخرة: فعن الإمام علي عليه السلام: "كم من نظرة جلبت حسرة"6.

3- الغضب الإلهي: فعن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله: "اشتد غضب الله عز وجل على امرأة ذات بعل ملأت عينها من غير زوجها أو غير ذي محرم منها"7.

آثار غض البصر
كما أن للنظر إلى الحرام عواقب قد ذكرنا بعضا منها فإن لغض البصر عن محارم الله تعالى آثارا حميدة في الدنيا والآخرة، ومن هذه الآثار:

1- حلاوة العبادة: فقد ورد في الحديث الشريف عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "ما من مسلم ينظر امرأة أول رمقة ثم يغض بصره إلا أحدث الله تعالى له عبادة يجد حلاوتها في قلبه"8.

2- راحة القلب: ففي الحديث عن الإمام علي عليه السلام: "من غض طرفه أراح قلبه"9.

3- الحصانة: ففي الحديث عن الإمام الصادق عليه السلام: "ما اعتصم أحد بمثل ما اعتصم بغض البصر، فإن البصر لا يغض عن محارم الله إلا وقد سبق إلى قلبه مشاهدة العظمة والجلال"10.

كيف تعالج آفة النظر
إن الذي يحفظ الإنسان ويمنعه من الوقوع في النظرة الحرام، ويعيده إلى الصواب إذا وقع لا سمح الله في الإنحراف، هما أمران أساسيان:

1- تقوى الله: إن الارتباط بالله تعالى وتقوى الله تعالى هو الأمر الأساسي في حفظ الإنسان وابتعاده عن المحرمات، وقد تم التأكيد على تقوى الله في موضوع النظر وأمراضه، وعن أمير المؤمنين عليه السلام حينما سئل: بما يستعان على غمض البصر؟ فقال: "بالخمود تحت سلطان المطلع على سرِّك"11، فإن كنا عبادا لله تعالى فعلينا أن نقوم بواجبات العبودية من إطاعة أوامر الله تعالى والتجنب عما نهى عنه ومن ذلك غض البصر، وإن كنا عباداً لرغباتنا وشهواتنا ومتطلباتها "والعياذ بالله من أن نكون كذلك" فلنا حينئذ ما نشاء فقد خرجنا من دائرة العبودية لله تعالى إلى عبودية الشيطان وجنوده! ويصدق حينئذٍ قول إبليس ﴿فَبِعِزَّتِكَ لأُغوِيَنَّهُم أَجمَعِين* إِلاَّ عِبَادَكَ مِنهُمُ المُخلَصِينَ(ص:83-82).

2- الحياء: فالحياء حاجز آخر يقف أمام انحراف الإنسان، وفي رواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله: "الحياء شعبة من الإيمان"12، وعنه صلى الله عليه وآله: "إذا لم تستح فافعل ما شئت"13.

*جهاد النفس، إعداد ونشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية، ط1، حزيران 2005م ، ص86-95.


1- ميزان الحكمة، محمدي الريشهري، ج4، ص3289.
2- ميزان الحكمة، محمدي الريشهري، ج4، ص3288.
3- ميزان الحكمة، محمدي الريشهري، ج4، ص3288.
4- ميزان الحكمة، محمدي الريشهري، ج4، ص3288.
5- ميزان الحكمة، محمدي الريشهري، ج4، ص3291.
6- ميزان الحكمة، محمدي الريشهري، ج4، ص3289.
7- ميزان الحكمة، محمدي الريشهري، ج4، ص3291.
8- ميزان الحكمة، محمدي الريشهري، ج4، ص3292.
9- ميزان الحكمة، محمدي الريشهري، ج4، ص3289.
10- ميزان الحكمة، محمدي الريشهري، ج4، ص3293.
11- ميزان الحكمة، محمدي الريشهري، ج4، ص3293.
12- مستدرك الوسائل، جزء 8، ص466.
13- نفس المصدر السابق.
2009-08-12