رثاء سليمان بن قَتَّه
ما1 كَذَّبَ اللهُ مَنْ نَعَى حَسَناً |
لَيْسَ لِتَكْذِيبِ نَعْيِهِ ثَمَنُ |
كُنْتَ خَلِيلِي وَكُنْتَ خَالِصَتِي |
لِكُلٍّ حَيٍّ مِنْ أهلِهِ سَكَنُ |
أَجُولُ في الدَّارِ لَا أَراكَ |
وَفي الدَّارِ أُنَاسٌ جِوارُهُمْ غَبَنُ |
بَدَّلْتُهُمْ مِنْكَ لَيْتَ أنَّهُمُ |
أَضْحَوْا وَبَيْنِي وَبْينَهُمْ عَدَنُ2 |
رثاء دعبل
تَعَزَّ بِمَنْ قَدْ مَضَى سَلْوَةً |
وإنَّ العَزاءَ يُسَلِّي الحَزِنْ |
بِمَوْتِ النَّبِيِّ وَقَتْلِ الوَصِيِّ |
وَذَبْحِ الحُسَيْنِ وسُمِّ الحَسَنْ3 |
رثاء السيّد محسن الأمين
لَهْفِي عَلَى الحَسنِ الزَّاكِي وَما فَعَلَتْ |
بِهِ الأَعادِي وَمَا لاقَى مِنَ المِحَنِ |
سَقَتْهُ بَغْياً نَقِيعَ السُّمِّ لَا سُقِيَتْ |
صَوْبَ الحَيَا مِنْ غَوادِي عَارِضٍ هَتِنِ |
فَقَطَّعَتْ كَبِداً لِلْمُصْطَفَى وَرَمَتْ |
فُؤادَ بَضْعَتِهِ الزَّهْراءِ بِالحُزُنِ |
وَأَوْسَعَتْ مِنْ عَليٍّ قَلْبَهِ حَرَقاً |
وَغادَرَتْهُ رَهِينَ الوَجْدِ وَالشَّجَنِ |
وَلِلْحُسَيْنِ حَنِينٌ مِنْ فُؤادِ شَجٍ |
بالوَجْدِ مُضْطَرِمٌ بِالحُزْنِ مُرْتَهَنِ |
لِلَّهِ رُزْءُ ابْنِ بِنْتِ المُصْطَفَى فَلَقَدْ |
أَضْحَى لهُ الصُّبْحُ مِثْلَ الفَاحِمِ الدَّجِنِ |
رُزْءٌ لهُ هَدَّ رُكْنَ الدِّينِ وَانْفَصَمَتْ |
مِنْهُ العُرَى وَاكْتَسَى بِالذُّلِّ وَالوَهَنِ |
رُزْءٌ أَنَاخَ عَلَى الإِسْلامِ كَلْكَلُهُ |
فَغَالَهُ وَمَضَى بِالفَرْضِ وَالسُّنَنِ |
رُزْءٌ تَهوُنُ لهُ الأَرْزاءُ أَجْمَعُها |
مِنْ عِظْمِهِ وَهْوَ حَتَّى اليَوْمَ لَمْ يَهُنِ |
رُزْءٌ لَهُ حَرَمُ الجَبَّارِ في حُزُنٍ |
وَبَعْدَهُ حُرَمُ الجَبَّارِ لَمْ يُصَنِ |
رُزْءٌ لَهُ مِنْ مِنَى تَبْكِي مَشاعِرَها |
وَخَطْبُهُ نَازِلٌ بِالبَيْتِ ذِي الرُّكُنِ |
سَقَى البَقِيعَ وَمَنْ ضَمَّ البَقِيعُ حَياً |
يَهْمِي بِهِ في ثَراهُ صَيِّبُ المُزُنِ4 |
رثاء السيّد رضا الموسويّ الهنديّ
لَهِفْي لَهُ مِنْ واجِدٍ كَمِدِ |
مُسْتَضْعَفٍ في الأَرْضِ مُمْتَهَنِ |
مَا أَبْصَرَتْ عَيْنٌ وَلا سَمِعَتْ |
أُذُنٌ بِمَنْ سَاواهُ في المِحَنِ |
يَرْعَى عِداهُ بِعَيْنِهِ وَيَعِي |
شَتْمَ الوَصِيِّ أَبِيهِ فِي أُذُنِ |
وَيرَى أَذَلَّ النَّاسِ شِيعَتَهُ |
وَأَعزَّهُمْ عُبَّادَةَ الوَثَنِ |
وَقَدِ ارْتَدَى بِالصَّبْرِ مُشْتَمِلاً |
بِالحِلْمِ مُحْتَفِظاً عَلَى السُّنَنِ |
حَتَّى سَقَوْهُ السُّمَّ فَاقْتَطَعُوا |
مِنْ دَوْحِ أَحْمَدَ أَيَّما غُصُنِ |
سُمَّاً يُقَطِّعُ قَلْبَ فَاطِمَةٍ |
وَجْداً علَى قَلْبِ ابْنِها الحَسَنِ |
وَهَوَى شَهِيداً صَابِراً فَهَوَتْ |
حُزْناً عَلَيْهِ كَواكِبُ الدُّجَنِ |
وَتَجَهَّزَتْ بِالجُنْدِ طَائِفَةٌ |
مُقْتادَةٌ لِلْبَغْيِ فِي شَطَنِ |
يَا لَلْوَرى لِصُدُورِ طَائِفَةٍ |
شُحِنَتْ مِنَ الشَّحْنَاءِ والإِحَنِ |
أَقْصَتْ حَشَا الزَّهْراءِ عَنْ حَرَمِ |
الهادِي وَأَدْنَتْ مِنْهُ كُلَّ دَنِي |
أللهَُ مِنْ صَبْرِ الحُسَيْنِ بِهِ |
حَاطَتْ ذَووُ الأَحْقادِ والضَّغَنِ |
تَرَكُوا جَنازَةَ صِنْوِهِ غَرَضاً |
لِلنَّبْلِ يَثْبُتُ مِنْهُ في الكَفَنِ |
وَيَصُدُّهُ عَنْهُمْ وَصِيَّتُهُ |
حَاشَاهُ مِنْ فَشَلٍ وَمِنْ وَهَنِ |
فَمَضَى بِهِ نَحْوَ البَقِيعِ إِلَى |
خَيْرِ البِقَاعِ بِأَشْرَفِ المُدُنِ |
وَارَاهُ وَالأَرْزاءُ مُورِيَةٌ |
بِحَشَاهُ زَنْدُ الهَمِّ وَالحُزُنِ |
وَدَعا وَأَدْمُعُهُ قَدِ انْحَدَرَتْ |
مِنْ أَعْيُنٍ نَابَتْ عَنِ المُزُنِ |
أَيَطِيبُ بَعْدَكَ مَجْلِسٌ لِيَ أَمْ |
عَيْشِي الهَنِيِّ وَقدْ فَقَدْتُ هَنِي |
أَفْدِيكَ مِنْ ثَاوٍ بِحُفْرَتِهِ |
مُسْتَوْدَعٍ فِي الأَرْضِ مُرْتَهَنِ5 |
رثاء السيّد محمّد حسين النجفيّ، المعروف بالكيشوان
لِلَّهِ أَيُّ حَشاً تَكَابَدَ مِحْنَةً |
يَشْجَى لَها الصَّخْرُ الأَصَمُّ ويَصْدَعُ |
وَرَزِيَّةٌ جَرَّتْ لِقَلْبِ مُحَمَّدٍ |
حُزْناً تَكادُ لَها السَّماءُ تَزَعْزَعُ |
ما زَالَ مُضْطَهَداً يُقاسِي مِنْهُمُ |
غُصَصاً بهِا كَأْسُ الرَّدَى يَتَجَرَّعُ |
حَتَّى إِذَا نَفَذَ القَضاءُ مُحَتَّماً |
أضْحَى يُدَسُّ إِلَيْهِ سُمُّ مُنْقَعُ |
وَتَفَتَّتَتْ بِالسُّمِّ مِنْ أَحْشَائِهِ |
كَبِدٌ لَهَا حَتَّى الصَّفَا يَتَصَدَّعُ |
وَسَرَى بِهِ نَعْشٌ تَوَدُّ بَنَاتُهُ |
لَوْ يَرْتَقِي لِلْفَرْقَدَيْنِ وَيُرْفَعُ |
نَعْشٌ لَهُ الرُّوحُ الأَمِينُ مُشَيِّعٌ |
وَلَهُ الكِتابُ المُسْتَبِينُ مُوِدِّعُ |
نَعْشٌ أعَزَّ اللهُ جَانِبَ قُدْسِهِ |
فَغَدَتْ لهُ زُمَرُ المَلائِكِ تَخْضَعُ |
نَثَلُوا6 لَهُ حِقْدَ الصُّدُورِ فَما يُرَى |
مِنْها لِقَوْسٍ بِالكِنانَةِ مَنْزِعُ |
وَرَمَوْا جَنازَتَهُ فَعَادَ وَجِسْمُهُ |
غَرَضٌ لِرامِيَةِ السِّهامِ وَمَوْقِعُ |
شَكُّوهُ حَتَّى أَصْبَحَتْ مِنْ نَعْشِهِ |
تُسْتَلُّ غَاشِيَةُ النِّبالِ وَتُنْزَعُ |
لَمْ تَرْمِ نَعْشَكَ إِذْ رَمَتْكَ عِصابَةٌ |
نَهَضَتْ بِها أَضْغَانُها تَتَسَرَّعُ |
لَكِنَّها عَلِمَتْ بِأَنَّكَ مُهْجَةُ |
الـ زَّهْراءِ فابْتَدَرَتْ لِحَرْبِكَ تَهْرَعُ |
مَنَعَتْهُ مِنْ حَرَمِ النِّبيِّ ضَلالَةً |
وَهْوَ ابْنُهُ فَلأَيِّ أَمْرٍ يُمْنَعُ |
لِلَّهِ أَيُّ رَزِيَّةٍ كَادَتْ لَها |
أَرْكانُ شَامِخَةِ الهُدَى تَتَضَعْضَعُ |
رُزْءٌ بَكَتْ عَيْنُ الحُسَيْنِ لَه |
وَمِنْ ذَوْبِ الحَشَا عَبَراتُهُ تَتَدَفَّعُ |
يَوْمَ انْثَنَى يَدْعُو ولَكِنْ قَلْبُهُ |
وَارٍ وَمُقْلَتُهُ تَفِيضُ وَتَدْمَعُ |
أَتُرَى يَطِيفُ بِيَ السُّلُوُّ وَناظِري |
مِنْ بَعْدِ فَقْدِكَ بِالكَرَى لا يَهْجَعُ |
أَأُخَيُّ لا عَيْشِي يَجُوسُ خِلالَهُ |
رَغَدٌ وَلا يَصْفُو لِوُرْدِيَ مَشْرَعُ |
خَلََّفْتَنِي مَرْمَى النَّوائِبِ لَيْسَ لِي |
عَضُدٌ أَرُدُّ بِه الخُطُوبَ وَأَدْفَعُ7 |
رثاء السيّد عليّ الترك
وَيْلاهُ مِنْ زَمَنٍ ممَّا لَقِيتُ بِهِ |
مِمَّا لَقِيتُ أَلا وَيْلاهُ مِنْ زَمَنِي |
فَكَمْ رَمانِي بِسَهْمِ النَّائِباتِ! وكَمْ |
صَبَرْتُ والصَّبْرُ حَقّاً أَمْنَعُ الجُنَنِ! |
جارَتْ عَلَيَّ لَيالِيهِ وَكَمْ غَدَرَتْ |
قَبْلِي وجارَتْ عَلَى ابْنِ المُصْطَفَى الحَسَنِ! |
أللهُ أَكْبَرُ كَما قاسَى ابْنُ فاطِمَةٍ |
مِنَ المصَائِبِ يا لِلَّهِ والِمحَنٍ |
ساقَ ابْنُ حَرْبٍ لَهُ جَيْشَ العَمَى فَأَتَتْ |
يَقْتادُها بَغْيُها طَوْعاً بِلاَ رَسَنِ |
فَخانَهُ صَحْبُهُ طُرّاً سِوَى نَفَرٍ |
فيا رَعَى اللهُ مَنْ أَوْفَى وَلَمْ يَخُنِ |
وخَرَّ مِنْ طَعْنَةِ "الجَرَّاحِ" مُنْعَفِراً |
لِلَّهِ ما صَنَعَ "الجَرَّاحُ" بِالحَسَنِ |
لَهْفِي لِجَامِعِ شَمْلِ الدِّينِ حِينَ غدَا |
مُشَتَّتَ الشَّمْلِ مَطْرُوداً عَنِ الوَطَنِ |
ومُذْ بِهِ غَدَرَتْ كُوفانُ قُوِّضَ عَنْ |
جِوارِ قَبْرِ أَبِيهِ وَهْوَ ذُو شَجَنِ |
وَأَمَّ مَهْبِطَ وَحْيِ اللهِ مُضْطَهَداً |
يَشْكُو إِلَى اللهِ ما لاقَى مِنَ الِمحَنِ |
ولَمْ يَزَلْ كاظِماً لِلْغَيْظِ مِحْنَتُهُ |
مَصَائِبُ الدَّهْرِ تحْتَ القَدْحِ بِالسُّفُنِ |
حَتَّى إِذا ما سَقَى السُّمُّ النَّجِيعَ جَرَى |
في الجِسْمِ مِنْهُ كَمَجْرَى الماءِ في الغُصُنِ |
وعادَ يَقْذِفُ مِنْ أَحْشائِهِ كَبِداً |
في الطَّشْتِ يا لَيْتَ ذَاكَ السُّمُّ في بَدَنِي |
حَتَّى قَضَى فَعَلَى الدُّنْيا العَفَا لَقَدْ |
أَوْدَى بِمُهْجَةِ طَهَ حادِثُ الزَّمَنِ |
مَنْ لِلْمَكارِمِ يَقْضِي حَقَّ وارِدِها |
مَنْ لِلصَّوارِمِ والعَسَّالَةِ اللَّدُنِ |
مَنْ لِلْوُفُودِ ومَنْ لِلْجُودِ يَبْسُطُهُ |
مَنْ لِلْحُدُودِ فُرُوضِ اللهِ وَالسُّنَنِ |
أللهُ يَوْمَ الزَّكِيِّ ابْنِ النَّبِيِّ لَقَدْ |
أَبْكَى الحُسَيْنَ بِدَمْعٍ كَالْحَيَا الهَتِنِ |
بَكَى غَداةَ رَأَى نَعْشَ الزّكِيِّ سَرَى |
بُكَاءَ صَبٍّ عَلَى الأَطْلالِ وَالدِّمَنِ |
وصَيَّرُوا نَعْشَ سِبْطِ المُصْطَفَى غَرَضاً |
لِلنَّبْلِ تَرْمِيهِ أَهْلُ البَغْيِ والإِحَنِ8 |
* السبط المسموم (شهادة الالمام الحسن المجتبى). سلسلة مجالس العترة. نشر جمعية المعارف الاسلامية الثقافية. ط: نيسان 2010م / 1431هـ. ص: 87- 95.
1- في المصدر: "يا"، وما في المتن أثبتناه من المناقب، لابن شهرآشوب ج 4 ص 51.
2- الأصفهانيّ أبو الفرج: مقاتل الطالبيّين ص 84.
3-ابن شهرآشوب: مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 52.
4-الأمين السيّد محسن: المجالس السنيّة ج 2 ص 272.
5-الموسويّ الهنديّ السيّد رضا: ديوان السيّد رضا الهنديّ: ص 34-36.
6- نَثَل: أي استخرج.
7- أنظر: رياض المدح والرثاء ص 103.
8- الخاقانيّ عليّ: الكوكب الدرّي من شعراء الغريّ ص 456.