العزة الحسينية
صفر
الإنسان بفطرته باحث عن العزّة حيث إنّ معنى العزّة هي المنعة أمام كلّ خطر، والأمن من كلّ مخوف ونقص. فهي قبال الخوف أمن، وقبال الفقر غنى، وقبال العجز قدرة، وقبال الضعف قوّة، وبالتالي فهي أنواع لها مراتب ودرجات إلى أن تصل إلى كمالها وتمامها الذي هو عند الله عزّ وجلّ فقط بجميع مراتبها وأنواعها
عدد الزوار: 243
نور الأسبوع: العزة الحسينية
المناسبة: محرم الحرام
معنى العزّة
الإنسان بفطرته باحث عن العزّة حيث إنّ معنى العزّة هي المنعة أمام كلّ خطر، والأمن من كلّ مخوف ونقص. فهي قبال الخوف أمن، وقبال الفقر غنى، وقبال العجز قدرة، وقبال الضعف قوّة، وبالتالي فهي أنواع لها مراتب ودرجات إلى أن تصل إلى كمالها وتمامها الذي هو عند الله عزّ وجلّ فقط بجميع مراتبها وأنواعها.. ﴿لله العزّة جميعاً﴾.. (فاطر: الآية10)
وبالتالي فإنّ المخلوق لا عزّة حقيقيّة له أمام الله، وعن ذلك يقول أمير المؤمنين عليه السلام: "كلّ عزيز داخل تحت القدرة فذليل " بل تكون أمام غيره وإن كانت فبالله عزّ وجلّ، يقول عليه السلام: "العزيز بغير الله ذليل "، وتفسير ذلك يظهر في دعاء الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: "يا من هو ربّ بلا وزير، ويا من هو عزيز بلا ذلّ، يا من هو غنيّ بلا فقر ".
ويقول الله تعالى عن كون كلّ مصاديق عزّة الناس من عنده وبفيضه:: ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾" (آل عمران:26) وبما أنّ كلّ الخير من عند الله، فإنّ من أراد العزّة طلبها من الله لا من المُلك ولا من المال ولا من كثرة الناس حوله.
﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ﴾ (فاطر:10)
ومن عقوبات طالبي العزّة من غير الله تعالى ليعتزوا بها على الناس الذلّ في جهنّم والذي يبرز في قوله تعالى: ﴿ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ﴾ (الدخان:49)
العزّة الحسينيّة
ومن دروس عاشوراء هذا المستوى العالي من العزّة والإباء الحسينيّ، فابن سعد يريد العزّة من أميره قائلاً للناس: "اشهدوا لي عند الأمير أنّي أوّل من رمى" وكذلك القبائل التي احتشدت تحت لوائه خوفاً من سطوة بني أميّة، وحملت رؤوس الشهداء كشاهد عمليّ على صدقها في نصرة بني أميّة.
وهذا الحشد الكبير من أعوان الظالمين جاء ليذلّ الإمام الحسين عليه السلام الذي كانت رؤيته للعزّة الحقيقيّة تتمثل في دعائه يوم عرفة: "يا من خصّ نفسه بالسموّ والرفعة، فأولياؤه بعزّه يعتزّون، يا من جعلت له الملوك نير المذلّة على أعناقهم، فهم من سطواته خائفون " فلا كثرة الجمع ولا وحشيّة الظالم، ولا قلّة الناصر، تشكّل طريقاً لذلّ وليّ الله.
ولذلك أطلق شعار العزّة مدوياً: "ألا وإنّ الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين، بين السلّة والذلّة، وهيهات منّا الذلّة، يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون، وحجور طابت وأنوف حميّة ونفوس أبيّة من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام".
وأمّا أنصاره رضوان الله عليهم، فقد كانوا لا يريدون عزّة ناقصة، بل يريدون العزّة التامّة، في هذه الدنيا والآخرة ووجدوها في طاعة الحسين عليه السلام ولو كانت عن طريق مواجهة جيش من الوحوش وفي أرض غربة إلاّ أنّهم أدركوا معنى قول بقيّة الله في كربلاء الإمام السجّاد عليه السلام: "طاعة ولاة الأمر تمام العزّ ".