أسباب المعاني الباطنية
الصلاة
أما حضور القلب: فسببه الاهتمام. فان قلت: كل احد تابع لهمه، فلا يحضر الا فيما يهمه، ومهما اهمه امر حضر فيه قلبه، شاء او لم يشا، فهو مجبول عليه مسخر فيه، والقلب اذا لم يحضر في الصلاة لم يكن متعطلا، بل كان حاضرا فيما يهمه من امور الدنيا.
عدد الزوار: 161
اعلم ان للمعاني الباطنة المذكورة اسبابا لا تتحقق بدونها.
أما حضور القلب: فسببه الاهتمام. فان قلت: كل احد تابع لهمه، فلا يحضر الا فيما يهمه، ومهما اهمه امر حضر فيه قلبه، شاء او لم يشا، فهو مجبول عليه مسخر فيه، والقلب اذا لم يحضر في الصلاة لم يكن متعطلا، بل كان حاضرا فيما يهمه من امور الدنيا. فلا حيلة ولا علاج لاحضار القلب في الصلاة الا بصرف الهمة اليها، والهمة لا تنصرف اليها ما لم يتيقن ان الآخرة خير وابقى، وان الصلاة وسيلة اليها. واذا اضيف الى هذا العلم بحقارة الدنيا ومهانتها، حصل من مجموع ذلك حضور القلب في الصلاة. ولكون الباعث والسبب لاحضار القلب في امر انما هو الاهتمام والاعتناء بشانه، ترى قلبك يحضر اذا حضرت بين يدي ملك من ملوك الدنيا، بل بين يدي بعض الاكابر ممن لا يقدر على نفعك وضرك. فاذا كان لا يحضر قلبك عند المناجاة مع ملك الملوك الذي بيده الملك والملكوت والنفع والضر، فلا تظنن ان له سببا سوى ضعف الايمان واليقين. فينبغي حينئذ السعي فى تقوية اليقين والايمان.
وأما التفهم: فسببه - بعد حضور القلب-ادمان الفكر، وصرف الذهن الى ادراك المعنى. وعلاجه ما هو علاج احضار القلب، مع الاقبال على الفكر، والتشمر لرفع الخواطر الشاغلة بقطع موادها، اعنى النزوع على الاسباب التى تنجذب الخواطر اليها. وما لم تنقطع تلك المواد لا تنصرف عنها الخواطر. فان من احب شيئا او بغض شيئا او خاف من شيء، اكثر ذكره. فذكر المحبوب والمبغوض والمخوف يهجم على القلب بالضرورة. و لذا ترى ان من احب غير الله او كان قلبه مشغولا بعداوة احد او بالخوف عنه، لا تصفو له صلاة عن الخواطر.
وأما التعظيم: فهو حالة للقلب يتولد من معرفتين: احداهما: معرفة جلال الله وعظمته، فان من لا يعتقد عظمته لا تذعن النفس لتعظيمه، وهذه المعرفة من اصول الايمان. الثانية: معرفة حقارة النفس وخستها وذلتها، وكونها عبدا مسخرا مربوبا لا يقدر شيئا من النفع والضر. وتتولد من المعرفتين: الاستكانة والانكسار والخشوع لله، فيعبر عنه بالتعظيم، وما لم تمتزج معرفة حقارة النفس بمعرفة جلال الرب لا تنتظم حالة التعظيم والخشوع، فان المستغني عن غيره الآمن على نفسه، يجوز ان يعرف من غيره صفات العظمة والجلال، ونعوت القدرة والكمال، ولا يكون خاشعا معظما له، لان معرفة حاجة النفس وحقارتها لم تقترن اليه.
وأما الهيبة والخوف: فحالة للنفس تتولد من المعرفة بقدرة الله -تعالى-و سطوته ونفوذ مشيته فيه، مع قلة المبالاة به، وانه لو اهلك الاولين والآخرين لم تنقص من ملكه ذرة، مع تذكر ما جرى على الانبياء والاولياء من المصائب وانواع البلاء مع القدرة على الدفع. وكلما زاد العلم بالله وبصفاته وافعاله زادت الخشية والهيبة.
وأما الرجاء: فسببه معرفة لطف الله-تعالى-و كرمه وعميم انعامه ولطائف صنعه، ومعرفة صدقه في وعده الجنة بالصلاة. فاذا حصل اليقين بوعده والمعرفة بلطفه، انبعث منها الرجاء.
وأما الحياء: فسببه استشعار التقصير في العبادة، وعلمه بالعجز عن القيام بعظيم حق الله، ويقوى ذلك بمعرفة عيوب النفس وآفاتها وقلة اخلاصها وخبث باطنها، وميلها الى الحظ العاجل في جميع افعالها، مع العلم بجميع ما يقتضيه جلال الله وعظمته، والعلم بانه مطلع على السرائر وخطرات القلب، وان دقت وخفيت. وهذه المعارف اذا حصلتيقينا، انبعثت منها-بالضرورة-حالة تسمى بالحياء. ويذلك تتحقق المعانى الباطنة، التي هي روح الصلاة وحقيقتها. 1
1- جامع السعادات / النراقي ج2 ياب الصلاة.
2011-10-06