صفات الولي
معنى ولاية الفقيه
لقد أعطى الإمام الحجة عجل الله فرجه الولاية للفقهاء العدول في عصر الغيبة وأمر الناس بطاعتهم والرجوع إليهم في كل ما يرتبط بشؤون الحكومة والدولة وقيادة المجتمع، وأطلق الإمام عجل الله فرجه الولاية للفقهاء فلهم التصرف في حدود ما تمليه مصلحة الإسلام.
عدد الزوار: 417
لقد أعطى الإمام الحجة عجل الله فرجه الولاية للفقهاء العدول في عصر الغيبة وأمر الناس بطاعتهم والرجوع إليهم في كل ما يرتبط بشؤون الحكومة والدولة وقيادة المجتمع، وأطلق الإمام عجل الله فرجه الولاية للفقهاء فلهم التصرف في حدود ما تمليه مصلحة الإسلام.
ففي التوقيع بخط مولانا صاحب الزمان عجل الله فرجه الشريف:".. وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله"1
والإمام عجل الله فرجه الشريف وطبق ما حدّد في الروايات وبالاستفادة من آيات القرآن الكريم لم يعط هذه الولاية إلا للشخص الذي يملك صفات خاصة ومؤهلات تسمح له بالقيام بوظيفة النيابة على أتم وجه، وتحول دون وصول شخص لا يملك قدرة على إدارة الأمور إلى هذا المنصب.
فما هي هذه الصفات؟
الأول: الفقاهة
يفترض العقل في كل من يريد أن يقوم بأمر أن يملك خبرة وافية به وإطلاعاً يمكنه من حسن تطبيقه، وإذا كان الولي مسؤولاً عن تطبيق النظام الإسلامي وإجرائه، فلا بد وأن يكون مجتهداً عالماً بالأحكام الشرعية ومصادرها.
قال تعالى: ﴿أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُون﴾(يونس:35) إذا فالإتباع إنما يكون لمن يهدي إلى الحق، وليس هو سوى العالم به.
وقد ورد في نهج البلاغة عن الإمام علي عليه السلام: "إن أحق الناس بهذا الأمر أقواهم عليه وأعلمهم بأمر اللَّه فيه، فإن شغب شاغب استعتب فإن أبى قوتل"2.
كما أن الولاية من الإمام عجل الله فرجه إنما وردت لخصوص العالم بالأحكام حيث قال: "وأما الحوادث الواقعة فإرجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة اللَّه".
الثاني: العدالة
وهي تشمل الإسلام والإيمان والالتزام بأحكام اللَّه تعالى وحلاله وحرامه ورعاية أحكامه جميعها، وهي رتبة عليا مطلوبة من الولي وقد قال تعالى في كتابه الكريم: ﴿وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً﴾(الكهف:28).
فالانتماء لعقيدة الإسلام شرط أساسي فيمن يلي أمور المسلمين.
وقال تعالى: ﴿وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا﴾( النساء:141).
فلا تجوز الولاية للفاسق الذي لا يعمل بأحكام اللَّه وحلاله وحرامه.
وقال تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون﴾(النحل:90).
فإذا كان المراد إقامة العدل فلا يمكن أن يولى إلا من يكون عادلاً.
وعلى من يلي أمور الناس أن يكون من أزهد الناس بالدنيا، لأن من لا يمتلك هذه الصفة سوف يُخاف منه على مصالح المسلمين، كما أنه سوف يكون مورداً للطعن من قبل الناس وعدم ثقتهم به.
وقد ورد عن الإمام الباقر عليه السلام: "لا تصلح الإمامة إلا لرجل فيه ثلاث خصال: ورع يحجزه عن معاصي اللَّه وحلم يملك به غضبه، وحسن الولاية على من يلي حتى يكون لهم كالوالد الرحيم".
وعن أمير المؤمنين عليه السلام في نهج البلاغة: "ولكنني آسى أن يلي أمر هذه الأمة سفهاؤها فيتخذوا مال اللَّه دولاً وعباده خولاً والصالحين حرباً والفاسفين حزباً".
الثالث: الكفاءة
أي القدرة على إدارة الأمور بالنحو الأحسن وهو ما ورد في الرواية التعبير عنه بـ: "حسن الولاية"وأشارت إليه الرواية السابقة الواردة عن أمير المؤمنين عليه السلام: "أحق الناس بهذا الأمر أقواهم عليه" وهذا الشرط واضح عند العقلاء لأن من يريد أن يدير أمراً لا بد وأن يملك قدرة على ذلك وإلا لكان في توليته للأمر إبتعاداً عن الهدف المنشود.
والكفاءة تتضمن الاستعداد الشخصي لإدارة الأمور، والإحاطة بكيفية العمل، والمعرفة بخصوصيات زمانه ومكانه، والشجاعة النفسية وقوة الإرادة والتصميم والجرأة على إتخاذ القرارات الحاسمة، قال تعالى في قصة طالوت: ﴿إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ﴾(البقرة:247).
وفي رواية عن أمير المؤمنين عليه السلام: "أنا أولى برسول اللَّه... وأفقهكم في الدين، وأعلمكم بعواقب الأمور، وأذربكم لساناً، وأثبتكم جناناً"3.
الإمام الخامنئي دام ظله الولي القائد
الإمام الخامنئي دام ظله هو الولي الفقيه الذي تنطبق عليه هذه الصفات بل هو نعمة أنعم اللَّه علينا بها كما كان يعبّر الإمام الخميني قدس سره وقال عن هذه الشخصية: "إذا كنتم تظنون أنكم تستطيعون أن تجدوا في كل العالم شخصاً مثل السيد الخامنئي دام ظله الملتزم بالإسلام والخادم الذي جبل على خدمة هذا الشعب فلن تجدوا، إنني أعرفه منذ سنوات طويلة أنعمها اللَّه علينا".
فقاهته
حصل سماحته على رتبة الإجتهاد على يد أستاذه اية اللَّه العظمى الحائري سنة 1974 ميلادي بعد حضوره البحث الخارج لأكثر من خمسة عشر عاماً. وبعد وفاة الشيخ الاراكي قدس سره برزت مرجعيته وفقاً للبينات الشرعية التي منها ما حكمت بأعلميته أيضاً ومن أبرز الذين شهدوا على مرجعيته:
1- اية اللَّه السيد جعفر كريمي.
2- اية اللَّه الشيخ أحمد جنتي.
3- اية اللَّه الشيخ محمد يزدي.
4- اية اللَّه الشيخ محمد علي التسخيري.
5- اية اللَّه السيد محمود الهاشمي.
6- اية اللَّه الشهيد السيد محمد باقر الحكيم قدس سره.
وآخرين لم نذكرهم مراعاةً للاختصار بالإضافة إلى شهادة جماعة المدرسين في قم المقدسة.
زهده
إن سماحة القائد دام ظله مثال للولي الذي أراده أهل البيت عليهم السلام وطبّق ذلك عملياً تأسياً بإمامه علي بن أبي طالب عليه السلام. يقول محسن دوست رئيس مؤسسة الجرحى سابقاً: كان بيته مفروشاً ببسط بالية ممزقة، جمعناها وقمنا ببيعها وأضفنا على قيمتها مبلغاً من أموالنا الشخصية واشترينا سجاداً جديداً فرشنا به البيت، وعندما عاد ورأى السجاد أمر برده وإعادة تلك البسط البالية ومن أقواله: "إذا قيل للخامنئي: إن وجودك في مكان تنظيم الأحذية في الحسينية الفلانية أكثر فائدة من رئاسة الجمهورية، فسأذهب إلى هذا العمل مباشرة".
تواضعه
عندما ذهب إلى الجبهة والتقى ببعض المسؤولين وأحضروا له طعاماً مميزاً عن الجنود قال لهم: "اذهبوا واحضروا لي الغداء الذي يتناوله الجنود ليعلموا أنني رئيس الجمهورية أتناول مثلما يتناولون ولا فرق بيني وبينهم وإلا فسوف يكون حضوري هنا فخرياً".
كفاءته
قد أشار الإمام الخميني قدس سره إلى توفر صفة الكفاءة في الإمام الخامنئي دام ظله حيث يقول - كما ينقل الشيخ رفسنجاني-: "إنكم لن تواجهوا طريقاً مسدوداً ومثل هذا الشخص "اية اللَّه الخامنئي" معكم"، وأيضاً قال ينقل السيد أحمد الخميني رحمه اللَّه عن والده الإمام قدس سره: "حقاً إنه "الإمام الخامنئي" جدير بالقيادة".
جهاده
لسماحة السيد القائد دام ظله تاريخ طويل ومشرق في الجهاد حيث كان له دور بنّاء في انتفاضة ونشاط الحوزة عام 1962 التي كانت تشكل مركز العلم للتقوى والجهاد والشهادة.
وأرسله الإمام الخميني قدس سره عام 1963م إلى مشهد لإيصال ثلاث نداءات سياسية ونشر من خلال ذلك بذور الثورة في عدد كبير من القرى والمدن.
يروي الشيخ الرفسنجاني عن أيام الجبهة يقول: "ولولا ذهاب السيد الخامنئي دام ظله والشهيد شمران إلى الأهواز وأمرهما بحفر خندق في أطراف المدينة، ولولا مقاومة المجموعات الصغيرة من قوات الحرس لسقطت مدينة الأهواز أيضاً".
وأعتقل سماحته عدة مرات تعرّض خلالها لأنواع العذاب في سجون السافاك وزنازينهم ثم تعرّض لمحاولة اغتيال عام 1981م أثناء إلقاء خطبة الجمعة في جامعة طهران وأصيب أثنائها بجروح بالغة.
شجاعته وصلابته
يمكنك التعرف على صلابة وحزم الإمام القائد دام ظله من خلال كل مفصل من مفاصل حياته، وأبرز هذه المواقف صلاة الجمعة التاريخية الملحمية، حينما كان يخطب سماحته وكانت طائرات العدو في السماء مهددة، صلاة الجمعة، وفي الأثناء وقع إنفجار بين المصلين سقط فيه العشرات بين شهيد وجريح وبالرغم من ذلك تابع الخطبة والصلاة واستطاع بأسلوبه أن يعيد السكينة والإطمئنان إلى قلوب المصلين مما أثار إعجاب الأعداء فضلاً عن الأصدقاء بهذا الموقف.
* دروس في ولاية الفقيه, إعداد ونشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية, ط1, تشرين الأول 2005م, ص 35-42.
1- وسائل الشيعة،الحر العاملي، ط: مؤسسة آل البيت،ج27،ص140،ح9، باب 11 من أبواب القضاء.
2- نهج البلاغة، الخطبة 173.
3- بحار الأنوار ج28 صفحة 185.