الإمام الصادق عليه السلام والأخلاق
ولادة الإمام الصادق(ع)
إِن علم الأخلاق لم يكن بدء الأمر مبوّباً، وإِنما كانت الأخلاق تلتقط من تلك الآيات الكريمة التي جاء بها الكتاب الحكيم ومن كلام سيّد الأنبياء وسيّد الأوصياء وأبنائهما الحكماء عليهم جميعاً سلام اللّه، وإِنما ابتدأ التأليف فيه عند الشيعة في اُخريات القرن الثاني من إسماعيل بن مهران بن أبي نصر السكوني وكان من أصحاب الرضا عليه السّلام وثقات الرواة وله كتاب صفة المؤمن والفاجر،
عدد الزوار: 265
إِن علم الأخلاق لم يكن بدء الأمر مبوّباً، وإِنما كانت الأخلاق تلتقط من تلك الآيات الكريمة التي جاء بها الكتاب الحكيم ومن كلام سيّد الأنبياء وسيّد الأوصياء وأبنائهما الحكماء عليهم جميعاً سلام اللّه، وإِنما ابتدأ التأليف فيه عند الشيعة في اُخريات القرن الثاني من إسماعيل بن مهران بن أبي نصر السكوني وكان من أصحاب الرضا عليه السّلام وثقات الرواة وله كتاب صفة المؤمن والفاجر، ثمّ ألّف فيه من رجال القرن الثالث أبو جعفر أحمد بن محمّد بن خالد البرقي، وكان من ثقات الرواة وأبوه محمّد من أصحاب الرضا عليه السّلام وثقات رواته، وكتاب أبي جعفر (المحاسن) من محاسن الكتب، وكانت وفاته عام 274 أو 280 في قم، ومن رجال هذا القرن المؤلّفين في الأخلاق الحسن بن علي بن شعبة، وكتابه تحف العقول وهو كتاب نفيس يشتمل على الحِكم والمواعظ والأخلاق لكل إِمام إِمام، ثمّ اتّسع التأليف في الأخلاق فكان من أفضله اُصول الكافي لثقة الاسلام الكليني طاب ثراه المتوفى عام 329، الذي جاهد طوال السنين في تأليف هذا الكتاب حتّى جعله منتخباً في أحاديثه وأسانيده، ولو ألقيت نظرة على كتبه وأبوابه لعرفت ما هي الأخلاق وما علم الصادق وأهل البيت في الأخلاق.
ولو أمعن الناظر في هذا الكتاب لعرف أن أفضل مصدر لعلم الأخلاق بعد الكتاب الحكيم كلام مَن كان على خلق عظيم، وكلام من ورثوا عنه كلّ علم وفضل، وسوف تجد صدق ذلك اذا قرأت كلام الصادق عليه السلام ونشير الى بعضه: 1
قال عليه السلام: من عرف اللّه خافه، ومن خاف اللّه سخت نفسه عن الدنيا.2
وقال عليه السلام: إِن من العبادة شدة الخوف من اللّه عزّ وجل3، يقول اللّه عزّ وجل ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ﴾ (فاطر: 28).
وقال عليه السلام: من علمَ أن اللّه يراه ويسمع ما يقول، ويعلم ما يعمله من خير أو شرّ فيحجزه ذلك عن القبيح من الأعمال فذلك الذي خاف مقام ربّه، ونهى النفس عن الهوى.4
وقال عليه السلام: المؤمن بين مخافتين، ذنب قد مضى لا يدري ما صنع اللّه فيه، وعُمر قد بقي لا يدري ما يكتسب فيه من المهالك، فهو لا يصبح إِلا خائفاً ولا يصلحه إِلا الخوف.5
وقال عليه السلام: من خاف اللّه أخاف اللّه منه كلّ شيء ومن لم يخف اللّه أخافه من كلّ شيء.6
وقال عليه السلام في الخوف والرجاء معاً: ينبغي للمؤمن أن يخاف اللّه تعالى خوفاً كأنه مُشرِف على النارِ، ويرجو رجاءً كأنه من أهل الجنّة - ثمّ قال -: إِنّ اللّه تعالى عند ظنّ عبده إِن خيراً فخيراً، وإِن شرّاً فشرّاً.7
هذه يعض النماذج من أقواله، ومن أقواله في عناوين عدّة قال عليه السلام في الورع والتقوى: اتقوا اللّه وصونوا دينكم بالورع.8
وقال: "من أشدّ ما فرضَ على خلقه ذكر اللّه كثيراً، ولا أعني سبحان اللّه والحمد للّه ولا إِله إِلا اللّه واللّه اكبر، وإِن كان منه، ولكن ذكر اللّه عند ما أحلَّ وحرَّم، فإن كان طاعة عمل بها، وإِن كان معصية تركها.9
و في الزهد قال الصادق عليه السلام: حرام على قلوبكم أن تعرف حلاوة الإيمان حتّى تزهد في الدنيا.10
وقال: ما أعجب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله شيء من الدنيا إِلا أن يكون فيها جائعاً خائفاً.11
وفي الرياء ورد عن الصادق عليه السلام الكثير من الأحاديث في ذمّه وتنقص صاحبه، فقال: كلّ رياء شرك إنه من عمل للناس كان ثوابه على الناس، ومن عمل للّه كان ثوابه على اللّه.12
وقال عليه السلام: ما من عبد أسرّ خيراً فذهبت الأيام حتّى يظهر اللّه له خيراً، وما من عبد يسرّ شرّاً فذهبت به الأيام حتّى يظهر اللّه له شرّاً".13
وهكذا تجد له عليه السلام الكلام الكثير في شتّى عناوين الأخلاق والتي يحتاج جمعها الى مجلدات فرجع أخي القاريء الى المطولات ككتاب الكافي وبحار الأنوار والوسائل لتحيط بشيء من منها. 14
1- كتاب الامام الصادق / محمد حسين المظفر ج2ص247_249.
2- مشكاة الأنوار / الطبرسي ص74.
3- مشكاة الأنوار / الطبرسي ص74.
4- مشكاة الأنوار / الطبرسي ص74.
5- مشكاة الأنوار / الطبرسي ص74.
6- بحار الانوار/ المجلسي ج70ص180
7- بحار الانوار/ المجلسي ج70ص180
8- بحار الانوار/ المجلسي ج70ص180
9- بحار الانوار/ المجلسي ج70ص180
10- بحار الانوار/ المجلسي ج70ص181
11- بحار الانوار/ المجلسي ج70ص182
12- بحار الانوار/ المجلسي ج70ص182
13- بحار الانوار/ المجلسي ج70ص184
14- بحار الانوار/ المجلسي ج70ص184