يتم التحميل...

علي عليه السلام والحكم.. معالم من السيرة الخالدة

شهر رمضان

نعزي صاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف وولي الأمر في غيبته الامام الخامنئي دام ظله الوارف في ذكرى شهادة أمير المؤمنين وإمام المتقين علي بن أبي طالب عليه السلام, وفي هذه المناسبة يقول الإمام الخامنئي دام ظله الوارف: اليوم يوم استشهاد أمير المؤمنين عليه السلام ويوم استذكار المقام الشامخ لإمام المتقين والزاهدين،

عدد الزوار: 34

نور الأسبوع: علي عليه السلام والحكم.. معالم من السيرة الخالدة
المناسبة: شهادة الإمام علي عليه السلام


نعزي صاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف وولي الأمر في غيبته الامام الخامنئي دام ظله الوارف في ذكرى شهادة أمير المؤمنين وإمام المتقين علي بن أبي طالب عليه السلام, وفي هذه المناسبة يقول الإمام الخامنئي دام ظله الوارف: اليوم يوم استشهاد أمير المؤمنين عليه السلام ويوم استذكار المقام الشامخ لإمام المتقين والزاهدين، أدعوكم جميعاً لالتزام التقوى،  فإن أردنا أن يكون أمير المؤمنين إمامنا فلنكن مؤمنين ومتقين، فهو إمام المتقين والمؤمنين.

ممّا يستحيل نسيانه بخصوص أمير المؤمنين عليه السلام تلك المعالِم العملية والسلوكية التي تجلت خلال البرهة الوجيزة من حكمه عليه السلام على امتداد البلاد الإسلامية الشاسعة وخلّدها التاريخ. ولو راجعتم المصادر ستجدون فصولاً مسهبةً تتعرض لبيان ملامح أمير المؤمنين، فعلمه وتقواه وشجاعته وسابقته في الإسلام وزهده وما شابه ذلك، كلها مما يفوق مستوى الحصر المتعارف ومن العظمة ما يثير الدهشة، وكل منها كالشمس الساطعة في بريقها، بيد أن ما أراه يسمو عليها جميعاً هو سيرة هذا الحكيم في الحكم التي تعد موضع امتحان جوهري، حيث تصبح السلطة بيد أمير المؤمنين وهي سلطة تمتد على بقعة شاسعة في البلاد؛ فلتكن هذه السيرة الفريدة من نوعها والتي تثير الإعجاب قدوة لنا؛ وكل المطلعين على سيرته عليه السلام في الحكم إنما يتحسرون أسفاً على قصر مدة حكمه، لأن هذا النهج لو قدر له الاستمرار سنوات عديدة فلربما تغير مسار التاريخ العالمي، ولو كتب لهذا النموذج الدوام وأصبح في متناول البشرية سنوات مديدة فلربما انعطف مصيرها ولم تبرز إلى الوجود هذه القوى القائمة على الفساد والثروة والشهوة والغطرسة والإجحاف والتي شهدها التاريخ وجرّت البشرية نحو الظلمات وغياهبها.
إن حكومة أمير المؤمنين بمثابة الأسوة على صعيد إقامة العدل والدفاع عن المظلوم ومقارعة الظالم وملازمة الحق في جميع الأحوال، ولا بد من الاحتذاء بها.

في مستهل حكومته ساوى أمير المؤمنين عليه السلام في تقسيم بيت المال بين الناس، لأن الأمور سارت على مدى ما يقرب من عشرين عاماً قبل مجيء أمير المؤمنين على تفضيل البعض لسابقتهم في الإسلام أو انتمائهم للمهاجرين أو الأنصار أو.. على من سواهم، فكان يجري تقسيم ما يجبى إلى بيت المال من غنائم وزكوات على الأشخاص فرادى، وهكذا جرت العادة في المجال المالي يوم ذاك ولم تكن على ما عليه المؤسسات الحكومية في عالم اليوم، وكان دأبهم يومئذ تفضيل البعض في العطاء، فجاء عليه السلام وألغى ما كان سائداً، إذ قال من كان متديناً وأكثر إيماناً فأجره على الله، ومن كان ذا قوةٍ ويسعى في حياته لكسب المال فله ما كسب، أما بيت المال فإنني أقسمه بالسوية. فجاءه البعض مشفقاً محذراً من أن نتيجة ذلك ستكون الإخفاق وتدفع بالبعض إلى الوقوف بوجهك! فرد عليه السلام: "أتأمرونّي أن أطلب النصر بالجور فيمن ولّيت عليه؟! والله ما أطور به ما سمر سمير وما أمّ نجم في السماء نجماً"، فأمير المؤمنين عليه السلام يرفض كسب التأييد على حساب الظلم والجور.

وفي موضع آخر يقول في كتابه المعروف إلى عثمان بن حنيف:

"ألا وإن لكل مأموم إماماً يقتدي به ويستضيء بنور عمله، ألا وأن أمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه ومن طعمه بقرصيه". وهنا يشير أمير المؤمنين عليه السلام إلى ملبسه ومأكله اللذين كان يشابه بهما أفقر الناس يومها، ويقول أنا أمامكم أعيش هكذا حياة. ثم يقول لابن حنيف: "ألا وإنكم لا تقدرون على ذلك، ولكن أعينوني بورع واجتهاد"؛ وذاك ما يخاطبنا به أمير المؤمنين عليه السلام اليوم: تجنبوا المخالفات والذنوب وما كان غير مشروع، واجتهدوا للاقتراب بأنفسكم ممّا وسعكم الوصول إليه.

مرفوض منا أن نختار مساراً يعاكس الاتجاه الذي سلكه أمير المؤمنين عليه السلام، فلقد كان عليه السلام ينحو باتجاه التقتير على نفسه، أما المسؤول الرفيع المستوى في دولتنا فيجعل هدفه من تقبل المسؤولية والتكليف عمارة دنياه! وهذا أمر مرفوض وغير ممكن، ولقد سبق مني القول في مثل هذه الأيام من العام الماضي أننا نرفض لمسؤولٍ كبير في نظام الجمهورية الإسلامية أن يعتبر مسؤوليته كسبا شأنه في ذلك كأي كاسب, فالمسؤوليات العليا في نظام الجمهورية الإسلامية ليست كسباً ولا ثروة يسعى المرء وراءهما لتدبير حياته، ولا يحق للمسؤول في نظام الجمهورية الإسلامية النظر إلى الأعيان والأشراف والأثرياء فيقرن حياته إلى حياتهم، ولا يحق له المقارنة بينه وبين نظائره وأقرانه في الحكومات الطاغوتية. أجل فالوزير أو المدير أو الرئيس في الأنظمة الطاغوتية يتمتعون بضروب خاصة من الحياة، ولكن أن نأتي ونقارن أنفسنا بهم على أننا وزراء ومدراء فهذا مرفوض! فالوضع في ظل النظام الإسلامي ليس كذلك؛ إذ إن المسؤولية في النظام الإسلامي ليست طعمة، بل هي تكليف وخدمة وواجب يطوق عنق المرء، وهذا ما يعلّمنا إيّاه أمير المؤمنين عليه السلام.

وفي أحد المواضع يخاطب ابن عباس قائلاً: "فلا يكن حظك في ولايتك مالاً تستفيده ولا غيظاً تشتفيه"؛ أي لا يكن ما تجنيه من ولايتك التي بعثناك إليها مالاً أو نقمة تفرغها على واحد من بني البشر، كأن تستغل السلطة ضد فرد أو فئة أو طبقة نحن على خلاف معها، فذلك مما لا يجوز لك، ثم يقول عليه السلام.

"ولكن إماتة باطلٍ وإحياء حق"، أي إن نصيبك من هذه الحكومة أن تميت باطلاً أو تقيم حقاً.

إننا اليوم مكلفون، أن نقتفي سيرة أمير المؤمنين عليه السلام، وإذا ما رفع شعار مكافحة الفساد المالي والاقتصادي فعلى كل موالٍ لأمير المؤمنين عليه السلام التحرك خلف هذا الشعار.
اللهم إنا نسألك بمحمد وآل محمد أن تنزل أفضل صلواتك ورحماتك وألطافك على الروح الطاهرة لأمير المؤمنين.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

2011-08-18