الموضوع: حكم لعبة الشطرنج وبيع وشراء الآلات الموسيقية
رسالة
المخاطب: محمد حسن قديري (أحد أعضاء مكتب الإمام الخميني في مدينة قم)
عدد الزوار: 752
التاريخ: 2 مهر 1367 هـ. ش/ 12 صفر 1409 هـ. ق
المكان: طهران، جماران
المخاطب: محمد حسن قديري (أحد أعضاء مكتب الإمام الخميني في مدينة قم)
بسم الله الرحمن الرحيم
حضرة المستطاب آية الله العظمى الإمام الخميني مد ظله العالي.
بعد إهداء السلام وتقديم الأدب والاحترام. نشر مؤخراً استفتاءان تطرق الأول إلى بيع وشراء آلات اللهو، وقد نصت الفتوى على أنه لا إشكال في بيع وشراء الآلات ذات الاستخدامات المتعددة لاستعمالها في المواضع المحللة.
أما الاستفتاء الآخر فقد افترض أن الشطرنج فقد اليوم صفته كآلة للقمار وأصبح مجرد رياضة فكرية. ونصت الفتوى على أنه إذا افترض العمل المذكور لا يتضمن ربحاً أو خسارة، فانه لا إشكال فيه. وقد نقل لي بعض من أثق بهم بأن بعض الصحف لم تشر إلى الافتراض المذكور.. وهنا تطرح عدة اسئلة:
1 إذا كان لا يوجد مانع من بيع وشراء الآلات الاستخدامات المتعددة إلا بقصد الاستفادة المحرمة، فلماذا اشترطت الفتوى في البداية قصد الحلال إذن؟
2 بالنسبة للاستفتاء الثاني، من أين يزعم السائل المحترم بأن الشطرنج فقد اليوم صفته كآلة للقمار كلياً وأصبح رياضة فكرية فحسب؟
3 في حديث معتبر نقله السكوني عن الإمام الصادق- عليه السلام- حيث قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنهاكم عن الزفن والمزمار وعن الكوبات والكبرات.
وقال أيضاً: نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن اللعب بالشطرنج و.. الزفن يعني الرقص (مجمع البحرين). والمزمار اسم يشمل مطلق الناي، وان نهي الإمام يعتبر حجة في التحريم ما لم تكن هناك حجة خلاف ذلك، وكلا الدليلين يفيدان الإطلاق.
بناء على ذلك، يعتبر استعمال الناي حرام سواء كان آلة خاصة أو متعددة الاستخدام. ولعبة الشطرنج حرام سواء كان آلة فقدت صفة القمار أم لم تفقد. وان زعم الانصراف بحاجة إلى مصدر صحيح وهو مستبعد. وربما يقال أمثال الغلبة أو الآلية آنذاك، فمثل هذا لا يعتبر مصدراً صحيحاً.
وبطبيعة الحال لم أجد خلال متابعة أدلة الفحص ومراجعة مؤلفات سماحتكم، حجة خلافاً للإطلاق المذكور. وان أدلة الميسر واللهو المطبقة على الآلات لا تتنافى مع الإطلاق، كما أن سبب المنصوصية غير متوافر في الأدلة أيضاً. ومهما يكن فاني أرى من المناسب أن ينأى سماحتكم عن هذا النوع من الموضوعات ولا توجد أية ضرورة لنشرها. والأمر لكم. وأرجو أن تقبلوا اعتذاري واسأل الله تعالى أن يديم علينا ظل سماحتكم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
4 صفر الخير 1409 محمد حسن قديري)
باسمه تعالى
سماحة حجة الإسلام السيد قديري دامت افاضاته.
بعد إهداء السلام. قبل الخوض في موضوع السؤالين واجوبتهما أرى من اللازم الأعراب عن اسفي لطريقة استنباط سماحتكم من الأحاديث والأحكام الإلهية، فالزكاة بناءً على ما ذكرتم، هي من أجل مصارف الفقراء والأمور المذكورة فحسب. واليوم حيث بلغت المصارف بالمئات فلا يوجد خيار آخر. وان الرهان في السبق و الرماية يقتصر على القوس والسهم وسباق الخيل وأمثال ذلك التي كانت متداولة في الحروب في الماضي، واليوم أيضاً تنحصر في هذه الأمور فقط. و الانفال التي احلت للشيعة، فان بإمكان الشيعة اليوم أيضاً القضاء على الغابات بالاستفادة من الآلات والمعدات دون أي عقبة تذكر وبالتالي القضاء على كل ما يؤدي للحفاظ على سلامة البيئة، وتهديد أرواح الملايين من الناس، ولا يحق لأحد الحؤول دون ذلك. كذلك يجب عدم هدم المنازل والمساجد التي تعترض توسيع الشوارع لحل معضلة السير والحفاظ على أرواح الآلاف من الناس الذين بأمس الحاجة إلى ذلك. باختصار، في ضوء هذا النحو من استنباط سماحتكم يجب التخلي عن المدنية الحديثة بالكامل والعيش في الأكواخ أو الصحراء إلى الأبد.
أما فيما يتعلق بالسؤال عن لعبة الشطرنج في حالة ابتعاده بالكامل عن كونه آلة للقمار، فلا بد لي من القول: عودوا إلى كتاب (جامع المدارك) للمرحوم آية الله الحاج السيد أحمد الخونساري الذي يعتبر اللعب بالشطرنج بدون رهان جائز ويفند جميع الأدلة. ولا يخفى درجة الاحتياط والتقوى التي كان يتصف بها سماحته، وكذلك منزلته العلمية ودقة آرائه.
أما قولك: من أين علم السائل بأن الشطرنج لم يعد آلة للقمار، فاني استغرب ذلك منك. لأن السؤال والجواب افتراضي وقد اجبت عنه بناء على ذلك. ففي الافتراض المذكور لا يوجد إشكال، وفي حالة الإحراز يجب الامتناع عن اللعب. والأعجب هو قولك: لماذا ذكر (عدم وجود قصد الحلال) بدلًا من (قصد الحلال)؟ وكأن عمل الشخص واضح والقاصد لا يقصد. ففي هذه الحالة قصد الحلال مساوق مع انتفاء قصد الحرام.
واما بالنسبة لموضوع شراء وبيع الآلات المتعددة لاستخدام بغرض الاستخدام الحلال، فقد اخطأت خطأً فاحشاً حينما تصورت البيع والشراء من أجل المنفعة الحلال، يعني الاستفادة المحرمة. وهو يتعارض مع ما ذكرت. طبعاً ثمة أمور كثيرة في هذا المجال لا تسعفني صحتي ولا وقتي لذكرها. ولم أكن أتوقع من سماحتكم، إذ أنكم متعلم ومثابر، ان يكون هذا استنباطه وان تنسبوه للإسلام.
إنكم تعلمون جيداً انني أودكم واعتبركم إنساناً مفيداً، ولكن انصحكم نصيحة أبوية بأن تنظروا إلى الله فحسب ولا تتأثروا بالذين يتظاهرون بالقداسة والمعممين الجهلة، لأنه إذا قدر أن يساء إلى مقامنا ومن - زلتنا في أعين المتظاهرين بالقداسة الحمقى والمعممين الجهلة إذا ما أعلنا ونشرنا حكم الله، فليساء إليه أكثر فأكثر.
اسأل الله تعالى التوفيق لسماحتكم في خدمة الإسلام والمسلمين كما في السابق. والسلام عليكم ورحمة الله.
2/ 7/ 1367
روح الله الموسوي الخميني
* صحيفة الإمام، ج21، ص:138,136