يتم التحميل...

الموضوع: رسالة ومهام مجلس الشورى الإسلامي‏

نداء

المخاطب: نواب مجلس الشورى الإسلامي‏

عدد الزوار: 134

التاريخ: 7 خرداد 1367 هـ. ش/ 12 شوال 1408 هـ. ق‏
المكان: طهران، جماران‏
المناسبة: افتتاح الدورة الثالثة لمجلس الشورى الإسلامي.
المخاطب: نواب مجلس الشورى الإسلامي‏

بسم الله الرحمن الرحيم

نشكر عناية واهتمام الذات المقدسة للحق تعالى إذ وفق مرة أخرى الشعب الإيراني العزيز النبيل لأداء إحدى أكبر فرائضه السياسية والاجتماعية، والتعبير عن التزامه وبيعته للمواثيق الازلية في وقت بلغ عداء الشيطان الكبير وإذنابه الجهلة للثورة ونظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية ذروته.

ورغم كل دعاة السوء، جرت انتخابات الدورة الثالثة لمجلس الشورى الإسلامي في موعدها المقرر بصورة حرة ونزيهة حيث نشهد اليوم ولله الحمد افتتاح الدورة الثالثة لمجلس الشورى الإسلامي. وفي هذه المناسبة لا أرى ضرورة لذكر الأحداث التي شهدتها فترة الانتخابات والملحمة التي جسدها أبناء شعبنا العزيز في هذا المجال. كما أن أهمية ودور مجلس الشورى الإسلامي ومجلس صيانة الدستور في إيران الإسلامية غير خافٍ على أحد. وقد أدرك نواب المجلس المحترمون العب‏ء الثقيل للمسؤولية الملقاة على عاتقهم في هذا الأمر الخطير الحساس، ويعون تماماً ما الذي ينتظر النظام والشعب منهم. ولا بد من القول أن مجموعة المطالب والتوقعات الإسلامية التي يتطلع إليها أبناء الشعب من مجلس الشورى الإسلامي والممثلة في وضع حد للمعاناة والحرمان وإيجاد تحول في النظام الإداري المعقد للبلد؛ هي مطالب حقة يجب النظر إليها بجدية. وعليه فان نواب الشعب المحترمين مطالبون قبل الخوض في اللوائح والقوانين غير الضرورية بالتفكير في القضاياالأصلية والأساسية للبلد، والانطلاق من الفهم الإسلامي الأصيل في طرحهم للقوانين واللوائح على طريق إيجاد حلول للمشاكل الأساسية التي تواجه البلد، وتدوين السياسات البنيوية للبلاد في المجالات الثقافية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية بما يخدم المحرومين وينقذهم من الاستضعاف.

وان البلد والنظام وإدارته بأمس الحاجة اليوم إلى الشجاعة والجرأة، إذ ربما يعيق الترديد من تحقيق أهداف عظيمة نتطلع إليها ونتوقعها. وآمل أن يتمكن المجلس، وعبر التنسيق والتكاتف بين النواب، وكذلك من خلال التقارب والعلاقة الوثيقة بين المسؤولين والخبراء، والاستفادة من آراء وتوجهات مجلس صيانة الدستور؛ ان يتمكن من اتخاذ خطوات واسعة على طريق إنهاء معاناة الحفاة والمحرومين، والاستفادة في المواقف الحرجة من قدرة وقاطعية وسرعة عمل مجلس تشخيص مصلحة النظام الذي يعد دعامة قوية ومباركة ومثمرة لبلدنا.

والأهم من كل ذلك، أن يعلم الجميع سواء هؤلاء الذين دخلوا المجلس وباتوا خدمة منتخبين للشعب، أو أولئك الذين أدوا واجبهم إلا أنهم لم يتمكنوا من البقاء في المجلس، وكذلك انصار كلا الجانبين؛ يجب أن يعلموا بان كل هذه الأمور اعتبارية زائلة واننا جميعاً في محضر الحق تعالى وان الذي يبقى في صحيفة أعمالنا هو أفعالنا، وما يؤدي إلى سعادتنا وخلودنا هو خلوص المعنويات وثمرات صدق العبودية. وينبغي لنا أن لا نلوث إخلاص العمل ومجتمعنا الإسلامي بصدأ الكدورات والاختلاف، ويجب أن لا تؤدي المنافسة الانتخابية السابقة إلى الفرقة والتشتت.

واني أتوقع بأن ثمة عناصر وأيادي خبيثة تتطلع إلى استغلال المنافسات الانتخابية لتحقيق مآربها للتباعد بين القلوب من خلال إثارة أمور تافهة وعديمة الجدوى، أو التشكيك في سلامة ونزاهة الانتخابات وبالتالي مشروعية المجلس عبر إثارة الشبهات وحرف الأذهان. لذا وفي مثل هذه الظروف ينبغي لكل فرد من أبناء الشعب الإيراني وكافة علماء الدين والمسؤولين، مواصلة طريقهم المقدس جنباً إلى جنب ويداً بيد. وعلى الكتّاب والمتحدثين والصحافة أيضاً، مراقبة كتاباتهم وأحاديثهم بحذر شديد. وعلى نواب الشعب أن يتعاملوا فيما بينهم بودّ وموضوعية، وتجنب إثارة المسائل الشخصية والفئوية لا سيما اثناء المصادقة على منح السمة النيابية للنواب. ويجب الالتفات إلى عدم المساس بمصداقية واعتبار التمثيل النيابي في أحاديثهم التي تسبق انعقاد الجلسات الرسمية، وان يأخذوا بنظر الاعتبار حرمة المجلس والنظام والأخلاق الإسلامية الكريمة. وباختصار يجب أن يكون المجلس والنواب داعمين لوحدة وانسجام المجتمع. وان يعمل المسؤولون جنباً إلى جنب مع الشعب، والشعب برفقة المسؤولين واعانتهم على أداء مهامهم، وان يسخر الجميع البركات المادية والمعنوية لخدمة اتحادهم المقدس، وان يحرصوا على تواجدهم في الساحة إذ ربما لا يوجد اليوم ذنب اعظم من ذنب العزلة ولن يقبل أي عذر أو ذريعة للانسحاب من ساحة الثورة.

وعلى الشعب الإيراني العزيز، وبعد الانتهاء من الانتخابات، مواصلة دعمه المادي والمعنوي لجبهات القتال والمقاتلين كما في السابق، ومساندة جُند النور. وليعلم المقاتلون الاعزاء بأن النصر حليفنا في جميع الأحوال، ونحن نؤمن بذلك بكل وجودنا، وقد رأينا الألطاف الإلهية منذ بداية الحرب ولحد الآن. وليكن الشعب الإيراني واثقاً بأنه ومنذ اليوم الأول الذي وضع اقدامه على هذا الطريق المقدس لم يفقد شيئاً كي يقلق له، ولم يتضرر حتى يشعر بالغبن والندم، إذ أن ما قدّمه أبناؤه باقٍ في الحضرة الالهية المقدسة. ومن الطبيعي أن بلداً كإيران‏ الذي يتطلع إلى تحقيق الأهداف الإسلامية السامية، من الممكن أن تتخلل مسيرته بعض المطبات مثلما كان في صدر الإسلام أيضاً. ولكن بالنسبة لشعب عظيم لا يوجد نصر أسمى من عزمه وإرادته الراسخة على تحقيق أهدافه المقدسة التي منّ بها الله تعالى على الشعب الإيراني. وإننا بعون الله تعالى وبهمة الشعب وإرادته الفولاذية سنصمد امام كل المشاكل، ومثلما حققنا ببركة إيمان وتوكل الشعب وعزم المقاتلين، انتصارات كبيرة وإعجازية، وكان كل يوم يوماً موفقاً وامتحاناً جديداً؛ فاننا بعد هذا أيضاً سنواصل مسيرتنا بكل إرادة وإصرار.

وسيواصل مقاتلونا الأعزاء الشجعان من جيش وحرس ثوري وقوات تعبئة، معركتهم ودفاعهم المقدس بالاعتماد على الإيمان والسلاح والثقة بنصرة الحق تعالى، بفضل الدعم الصادق لأبناء الشعب؛ وهم عاقدون العزم على ملاحقة العدو الذليل ودحره، وتحقيق النصر النهائي في جبهات القتال وليس في غرفة المفاوضات.

واننا بعون الله تعالى ودعاء خير سيدنا بقية الله- أرواحنا فداه-، سنطلق كلمتنا الأخيرة مع الصداميين والناهبين الدوليين في ساحة ملحمة الجهاد والشهادة، ونسأل الله تعالى الصبر والعون. والله هو عون مجاهدينا وقواتنا المسلحة و ناصرهم. والسلام عليكم ورحمة الله.

روح الله الموسوي الخميني‏


* صحيفة الإمام، ج21، ص:54,52

2011-07-01