يتم التحميل...

الموضوع: الاستقامة في التصدي للهجوم العسكري والسياسي والثقافي للناهبين الدوليين‏

نداء

المخاطب: مشردو الحرب المفروضة

عدد الزوار: 45

التاريخ:2 فروردين 1367 هـ. ش/ 14 شعبان 1409 هـ. ق‏
المكان: طهران، جماران‏
المناسبة: الخامس عشر من شعبان، ذكرى مولد الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف
المخاطب: مشردو الحرب المفروضة

بسم الله الرحمن الرحيم

الأخوة والاخوات والأبناء الأعزاء، مشردو الحرب المفروضة أيدهم الله تعالى.

السلام والتحية للمحضر المقدس لمولود الخامس عشر من شعبان وآخر ذخيرة الإمامة، الإمام بقية الله أرواحنا فداه-، وباسط العدل الأبدي الأوحد، وحامل لواء تحرير الإنسان من قيود ظلم الاستكبار.. السلام عليه، والسلام على منتظريه الحقيقيين.. السلام على غيبته وظهوره.. والسلام على أولئك الذين يدركون ظهوره بالحقيقة ويرتوون من كأس هدايته ومعرفته.

السلام على الشعب الإيراني العظيم الذي يمهد الطريق لظهور الإمام المهدي بالتضحية والإيثار والشهادة. والسلام عليكم ايها الاخوات والاخوة المشردون ممن لحقت بكم خلال الحرب المفروضة إضراراً روحية وجسدية ومالية كبيرة.. إنكم ايها الأعزة اضطررتم إثر الهجوم الوحشي لصدام العفلقي، وبعد أيام الدفاع البطولي، إلى ترك منازلكم ومواطن سكناكم، ورضيتم حقاً بالعيش المفعم بالمعاناة في أماكن بعيدة عن منازلكم وممتلكاتكم. انكم مشردو الحرب المفروضة الأعزاء، عايشتم لحظات الحرب ومعاناتها لحظة بلحظة. وستقوم إن شاء الله الجمهورية الإسلامية في مستقبل القريب بإعادة أعمار مدنكم وقراكم أفضل من السابق. ولكن يجب أن لا تتوانوا عن مساعدة المسؤولين وتقديم العون لهم في إعادة أعمار مدنكم وقراكم. وان أبنائكم الذين كانوا أطفالًا حينذاك باتوا اليوم شباباً ولله الحمد يتولون الدفاع عن وطنهم الإسلامي شأنهم شأن اخوتهم واخواتهم الاخرين.

يعلم الجميع أن تحمل ثماني سنوات من المعاناة والصعاب، كان من أجل الإسلام العزيز فحسب. لذا ينبغي للمسؤولين أن يصمدوا في دفاعهم عن الإسلام، بثبات أكبر من السابق في التصدي لعدوان الناهبين الدوليين العسكري والسياسي والثقافي، لأن عالم الاستكبار، لا سيما الغرب، قد ادرك اليوم تنامي خطر الإسلام المحمدي الأصيل صلى الله عليه وآله وسلم على مصالحة غير المشروعة.

إن الغرب والشرق يدركان اليوم جيداً بأن القوة الوحيدة التي بإمكانها ان تتصدى لهما وتخرجهما من الساحة هي الإسلام. وقد تلقى هؤلاء خلال السنوات العشر الماضية من عمر الثورة الإسلامية الإيرانية، ضربات قاصمة من الإسلام، وقد عقدوا العزم للقضاء على الإسلام، بأية وسيلة ممكنة، في إيران موطن الإسلام المحمدي الأصيل، فان تيسر لهم فبالقوة العسكرية، وإلا فمن خلال نشر ثقافتهم المبتذلة وجعل الشعب غريباً عن الإسلام وعن ثقافته القومية. وإذا ما عجزوا عن ذلك، فمن الممكن أن تحقق لهم أهدافهم المشؤومة الأيادي المأجورة من المنافقين والليبراليين وعديمي الدين، الذين يعتبرون بالنسبة لهم قتلة محترفين في تصفية علماء الدين والأبرياء والتسلل إلى مؤسسات الدولة ودوائرها. وقد أعلن هؤلاء المتسللون مراراً بأنهم يستدلون على ادعاءاتهم بما ينطق به السذج.

لقد أعلنت مراراً بأني لم اعقد الأخوة مع أي شخص مهما كان. وان إطار صداقتي يكمن في صحة الطريق الذي يسلكه الفرد. فالدفاع عن الإسلام وحزب الله مبادئ ثابتة في سياسة الجمهورية الإسلامية. لا بد لنا من الدفاع عمن يقوم المنافقون بقطع رؤوسهم أمام نسائهم وأبنائهم وعلى مائدة الإفطار. ولا بد لنا من معاداة الذين ظهرت ملفات تعاونهم مع أميركا من وكر التجسس.. يجب أن يكون كل عشقنا لله لا للتاريخ. إن الذين يدافعون عن المنافقين والليبراليين لا يوجد لهم موطئ قدم بين شعبنا العزيز المنجب للشهداء. فإذا ما أصبح أذناب الأجانب وغير الواعين المخدوعين أبواقاً للآخرين وأصروا على نهجهم هذا، فان شعبنا سيقوم بطردهم دون أدنى تسامح.

وليعلم مسؤولونا بأن ثورتنا غير مؤطرة بحدود ايران، وانما ثورة الشعب الإيراني هي نقطة انطلاقة ثورة العالم الإسلامي الكبرى التي يحمل لوائها الإمام الحجة أرواحنا فداه -، إذ نسأل الله تعالى أن يمن على جميع المسلمين وشعوب العالم بأن يجعل ظهوره وفرجه في عصرنا الحاضر. وليعلم المسؤولون بأنه إذا ما اعاقتهم المسائل الاقتصادية والمادية عن أداء المهام الملقاة على عاتقهم ولو للحظة واحدة، فسيترتب على ذلك خطر عظيم وخيانة كبرى. لذا يجب على حكومة الجمهورية الإسلامية أن تبذل كل ما في وسعها في تلبية احتياجات الشعب على أفضل نحو، غير أن ذلك لا يعني إغفال أهداف الثورة العظيمة الممثلة في إقامة حكومة الإسلام العالمية.

إن الشعب الإيراني العزيز، الذي يمثل بحق الوجه المضي‏ء لتاريخ الإسلام العظيم في عصرنا الحاضر، يجب أن يتحمل الصعاب والمعاناة من أجل الله تعالى كي يتسنى لكبار المسؤولين العمل بواجبهم الرئيسي المتمثل بنشر الإسلام في العالم، واني ادعوهم لأن يأخذوا بنظر الاعتبار مبدأ الأخوة والإخلاص فقط في إطار مصلحة الإسلام والمسلمين. فمن الذي يجهل معاناة شعبنا العزيز والضغط الذي تعاني منه الطبقة المستضعفة ومحدودو الدخل. وفي الوقت نفسه ليس هناك من يجهل بأن التخلي عن ثقافة العالم المعاصر وتأسيس ثقافة جديدة على أساس‏ الإسلام، والتعامل الإسلامي الحاسم مع أميركا والاتحاد السوفيتي؛ يترتب عليه معاناة ومتاعب وجوع وتضحية. وان شعبنا اختار هذه الطريق وعلى استعداد لدفع ثمن ذلك وانه يفخر به أيضاً. ومن الواضح أن نبذ ثقافة الشرق والغرب غير متيسر بدون الشهادة.

إنني أطلب مرة أخرى من كبار المسؤولين في الجمهورية الإسلامية بأن لا يخشوا أحداً غير الله العظيم، وان يشدوا الأحزمة على البطون ولا يتخلوا عن النضال والجهاد ضد فساد وفحشاء الرأسمالية الغربية، وتفاهة واعتداء الماركسية. إذ أننا لا زلنا في الخطوات الأولى من نضالنا العالمي ضد الغرب والشرق.

وهل سنعاني أكثر مما عانيناه لحد الآن من الناهبين الدوليين؟ وهل سينعتونا بالعنف والتحجر أكثر مما فعلوا لحد الآن؟ وهل بوسعهم أن يفعلوا أكثر مما فعله عملائهم القتلة والمنحرفين في استهداف عزة الإسلام والمسلمين؟ وهل سيرتقي أبناء الإسلام المحمدي الأصيل الأعزاء أعواد المشانق أكثر من هذا في أنحاء العالم؟ وهل ستؤخذ نساء وأطفال حزب الله في العالم أسرى أكثر مما فعلوا لحد الآن؟ ليفعل العالم الغارق في المادية، معنا كل ذلك غير اننا لن نتخلى عن أداء واجبنا الإسلامي.

لقد اتضح اليوم أكثر من أي وقت مضى حقد وعداء الاستكبار العالمي ضد الإسلام المحمدي الأصيل، وان تعبئته العامة في الدفاع عن شخص مرتزق وكاتب عميل خير دليل على ذلك. وربما لم يكن يتوقع الاستكبار العالمي كل هذه الفضيحة وإراقة ماء الوجه في سبيل تحقيق هدفه المشؤوم، حيث راح يتراجع اليوم بكل خنوع وذلة نادماً على فعلته.

ولا يستبعد أن تكون قضية محاربة حجاب النساء المسلمات في مراكز التعليم، بدافع صرف الأنظار للتقليل من أهمية الدور العظيم لدفاع العالم الإسلامي عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم -. وعلى الرغم من أن هذه القضية هي الأخرى من الآلام التي تعاني منها الشعوب الإسلامية، إذ أنه كيف يعتبر عالم يصطلح عليه بالحر، إلزام النساء والفتيات المسلمات بخلع الحجاب تصرفاً ديمقراطياً. في حين أن مجرد قولنا بأن الذي يسي‏ء إلى نبي الإسلام صلى الله عليه وآله وسلم يستحق الإعدام وان فقهاء المسلمين يجمعون على الفتوى بإعدامه، اعتبروا ذلك يتعارض مع مبادئ الحرية.

حقاً لماذا التزم العالم الصمت إزاء الذي لم يسمح للفتيات المسلمات بممارسة حريتهن في التواجد في الجامعات بزيهن الإسلامي، للدراسة أو التدريس؟ ألا يعني هذا أن تفسير وتأويل مبادئ الحرية والاستفادة منها، يهيمن عليه الذين يعارضون أساس الحرية المقدسة؟

إن الله تعالى جعلنا اليوم مسؤولين ويجب أن نتحمل اعباء هذه المسؤولية. لا بد اليوم من محاربة الجمود والسكون والسكوت، والمحافظة على حماس مسيرة الثورة.. إنني أقول ثانية، على كافة المسؤولين والشعب الإيراني أن يعوا جيداً بأن الغرب والشرق لن يقر لهما قرار ما لم يجردونكم حسب تصورهم الساذج عن هويتكم الإسلامية. فلا تفرحوا بالعلاقة مع‏ المعتدين، ولا تحزنوا على قطعها. راقبوا الأعداء بدقة وبصيرة ولا تدعونهم يهدأون. فاذا ما تركتموهم يهدأون، فهم لن يتركونكم لحظة واحدة.

طبعاً نحن نقدر جهود وزارة الخارجية، وعليهم أن يواصلوا عملهم بكل جدية، سائلين الله تعالى التوفيق لهم في أداء واجبهم الإلهي والسياسي العظيم.

اسأل الله تعالى أن يعيد المشردين الأعزاء إلى منازلهم وموطنهم، وان يبدل مرارة غربتهم ومعاناتهم بحلاوة عودتهم.

وفي الختام، لا بد لي من شكر وتقدير لكل الذين استضافوا ويستضيفون مشردي الحرب المفروضة الأعزاء، وكذلك شكر مسؤولي مؤسسة مشردي الحرب المحترمين الذين بذلوا جهوداً مضنية في هذا المجال. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

روح الله الموسوي الخميني‏


* صحيفة الإمام، ج21، ص:299,296

2011-07-01