التاريخ 18 بهمن 1363هـ. ش/ 16 جمادى الأولى 1405 هـ. ق
المكان: طهران، جماران
المخاطب: أسر الشهداء والشعب الإيراني
بسم الله الرّحمن الرّحيم
سلام الله ورحمته على الشهداء الكرام والمعاقين الأعزّاء، هؤلاء هم المهاجرون إلى الله ورسوله الذين وضعوا أغلى أمانة أودعها الله عندهم في طريق أغلى وأسمى هدف دون رياء وقدّموها إلى حضرته المقدّسة، وبذلوا النفس والنفيس لحماية أعز نظام، وطردوا أعداء الإسلام من وطنهم الإسلامي. أيّة هجرة إلى الله ورسوله أغلى وأسمى من هذه الهجرة؟ وأيُّ فداء وتضحية أغلى من هذا الفداء وهذه التضحية؟ وأيَّ شخص يستطيع تقييم هذه التضحية الممزوجة بالمعنوية والإخلاص وأن يعوّضهم ويجزيهم عنها سوى صاحبها الأصلي ومشتريها الأعلى الذي يقول: ﴿فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ وَكَانَ اللّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا 1﴾.
فيا أيها الشهداء العظام ويا أيها الشهداء الأحياء لولا جهادكم وجهاد إخوانكم في جبهات القتال وخلفها إذ قد جلبتم بإخلاصكم عناية الله القادر فأية قوّة وأيةعدّة حربية تستطيع إنقاذ بلادكم في هذا الموج المتلاطم الذي تعاضد فيه الشرق والغرب والمرتبطون بهما وقد سعوا وما يزالون يسعون لإغراقه، هؤلاء ذوو الضمائر الميّتة الذين لا يعرفون الله والفارغون من المعنويات لا يعلمون أنَّ هذه السفينة هي سفينة نوح عليه السلام ورُبّانها الله وحارسها، هؤلاء بمعداتهم المادية ومخططاتهم المشؤومة قد جاءوا لمحاربة الإيمان والمعنويات ودولة صاحب الزمان أرواحنا لمقدمه الفداء، والآن وبعد مضيّ عدة سنوات من التجارب لم يفيقوا من غفلتهم بل ظلّوا يواصلون تحركاتهم المستميتة لكن لا خوف على سفينة من موج البحر إذ كان نوح عليه السلام رُبّانها.
يا ربِّ! نحن لسنا بشئ، وكل ما موجود إنما هو منك وإليك، نحن نؤمّل قدرتك المطلقة ونستمد العون منك فإن كنت معنا فالنصر والهزيمة لا تساويان عندنا نقيراً، كن أنت نصير هذا الشعب وهؤلاء الشبّان المخلصين، وانشر رحمتك الخالدة على هؤلاء الشهداء، وأشف هؤلاء المعاقين الشهداء الأحياء وأرزقهم الإخلاص والأجر وأرعهم برعايتك، وأرزق ذوي الشهداء والمعاقين واسرهم وممّرضيهم الصبر الجزيل والأجر الجميل والرحمة، وأمنح أسرانا ,والمفقودين الصحة والاستقامة والتحرير، والطُفْ بمقاتلينا العظيمى الشأن وأمنحهم السند القويّ وللجمهورية الإسلامية النصر والقدرة والشجاعة أكثر فأكثر، وأرزق الشعب الإيراني أعلى مراتب الاستقامة والصبر والثبات والمقاومة والتحمّل في سبيل تقدّم الأهداف الإسلامية، ووحّد كلمة المسلمين، وأيقظ الحكومات الإسلامية من هذا النوم العميق وأوصل مكانة الإسلام إلى أوج العظمة، وأقطع أيدي الظلمة والمفسدين والمغامرين عن الإسلام والجمهورية الإسلامية، وخيّب آمال الطامعين وردّ كيدهم إلى نحورهم، وأنثر صلواتك اللّامتناهية على أرواح الأنبياء والمرسلين المعظّمين وبالأخص أشرفهم وخاتمهم النبيّ الأكرم صلى الله عليه وعليهم أجمعين وسلامك الدائم المتواصل على الأئمة المعصومين، سيّما خاتمهم وغائبهم بقية الله عليهم السلام، وارحمنا بإنقاذنا من شر الشيطان ومن شرور أنفسنا الأمارة بالسوء.
بهمن 1363
روح الله الموسوي الخميني
*صحيفة الإمام، ج19، ص: 132
1- النساء: 100.
2011-06-22