الموضوع: مقاومة الشعب الايراني وعدم رضوخه امام امريكا
خطاب
الحاضرون: السيد علي خامنئي (رئيس الجمهورية)- السيد غرضي (وزير النفط) - اخصائيو وعمال اخماد بئر نوروز
عدد الزوار: 91
التاريخ: 30 شهريور 1362 هـ. ش/ 13 ذي الحجة 1403 هـ. ق
المكان: طهران، حسينية جماران
الحاضرون: السيد علي خامنئي (رئيس الجمهورية)- السيد غرضي (وزير النفط) - اخصائيو وعمال اخماد بئر نوروز
بسم الله الرحمن الرحيم
ثبات وصمود ايران امام امريكا
اني مسرور جدا لرؤية هؤلاء الاخوة الاعزاء الذين جلبوا العزة والرفعة لنا، إذ أن الجانب المعنوي للقضية اهم بكثير من بعدها المادي. صحيح ان كمية من النفط هدرت من يدنا لكن تم وقف ذلك والحمد لله. لكن البعد المعنوي وكما اشرتم انتم بأن هؤلاء (الامريكان) يخيفوننا دوما بهذه الامور. ويحاولون تلقيننا بأنه ليس بوسعنا أن نفعل شيئاً، وان اي احد غير امريكا لا يمكنه انجاز مثل هذا العمل، في حين ان شبابنا وأخصّائينا وكل المعنيين بهذه الامور اثبتوا بما لايقبل الشك بان الاعمال التي يعتبرها اولئك مستحيلة علينا، هي كلها ممكنة بالنسبة لنا ويجب علينا التطلع لاعمال ومهام أكبر، ولا نخشى ممن يدعي اننا غير قادرين على انجاز هذه المهام. كلا، اننا نقدر عليها بالتأكيد.
حسنا، بالنسبة للموضوع الذي شاهدت فلمه 1 مساء امس، فاني غير مطلع على هذه القضايا، لكني فهمت صعوبتها ومشاكلها ولمست كيف تم انجاز هذه المهمة بمشقة بالغة. واني اؤكد، وكما قيل وبالشكل الذي عرض علينا، بأن من أضرم النيران في هذا البئر لا يمكن ان يكون سوى امريكا وامثالها واذنابها. فهم ارادوا بهذا العمل الشنيع جرنا الى الطرف الآخر بشكل من الاشكال- والواجب علينا ان نلفت انتباه الدول الاسلامية لاسيما البلدان الخليجية ونقول لهم انهضوا كفى جلوسا، لا يجوز لكم ان تذلوا انفسكم وتبقوا اسارى القوى العظمى. بوسعكم أن تفعلوا كل شيء، فبأيديكم نبض الحياة لامريكا واشباهها، وبامكانكم القيام بهذه المهمة.
ولا معنى لأن تحاول البلدان الاسلامية جر ايران لتكون مثلها تابعة ذليلة لامريكا. فهذه المساعي لا جدوى منها، لان ايران لن تمدّ يدها لامريكا والى الابد ان شاء الله، حتى لوكان ذلك على حساب فنائها. فهؤلاء يتصورون جزافا بأننا سنرضخ لاميركا من اجل كمية من النفط او أي شيء آخر، في حين اننا لن نذعن لأحد الى آخر عمرنا. ويمكنهم فعل ما يتصورون انهم قادرون على فعله. فالقضية ليست كذلك، فقد جرّب هؤلاء حظهم في افغانستان. فهذا الاتحاد السوفيتي الذي كان اكثر تجبرا من امريكا رغم انها كانت أكثر شيطنة منه، فقد جرب قادته حظهم في افغانستان وشاهدوا ماذا حل بهم اما امريكا فقد جربت حظها في اماكن اخرى، في فيتنام مثلا وغيرها. هذا في حين ان تبايناً شاسعاً بين تلك المناطق وهذه. فهناك كانت الحكومة تسير في ركاب امريكا. وفي افغانستان كانت السلطة على اتفاق مع الاتحاد السوفيتي، وكذلك جيشها وكل شيء هناك كان متفقا مع السوفيت، ولم يقف بوجهم سوى اولئك الثوار والمجاهدين الاقوياء، الذين وجهوا صفعة قوية لهم ومازالوا يسددون لهم ضربات موجعة. وفي ايران فالشعب كله متحد والحمد لله، بكل شرائحه، بموظفه وفلاحه وحكومته ورئيس جمهوريته ورئيس مجلسه، فالكل جميعا صف واحد. الجيش والحرس الثوري وقوات التعبئة، كلهم كيان واحد، باسماء متعدده. لذا فانهم شاهدوا كيف تمكن هؤلاء في بلادنا من معالجة كل المشاكل والمصائب التي خلقها لنا اعداؤنا. وكل المشاكل التي ستواجهنا مستقبلا سيذللها نفس هؤلاء السادة، لنثبت اننا قادرون على معالجة وحل مشاكلنا بجهودنا وكذلك صيانة كرامتنا والدفاع عنها بأنفسنا.
الاتكال على الله واليأس من غيره
لماذا يجب علينا ان نمد ايدينا للآخرين من اجل اشياء كهذه؟ علينا ان نطلق العنان لافكارنا، اعنى ان ايران كلها تفعل ذلك. ينبغي للجامعات والمعامل، ان يفكروا وهم قادرون على ذلك، والله يتكفل تذليل الصعاب من أمامهم. في البدء يعتقد احدنا ان فلان عمل لا يمكنه القيام به، لكنه عندما يباشر به يشاهد ان الله فتح الباب أمامه لانجاز ذلك العمل. حسنا، فان العمل الذي قام به هؤلاء الشباب الاعزاء كان عملا جباراً. فقد أحزموا امرهم وشدوا عزمهم وتمكنوا من انجاز هذا العمل بهمة عالية. وهم قادرون على القيام بأعمال اخرى كذلك، وعلينا ان لانصاب باليأس. بل علينا ان نيأس من الآخرين، من غير الله، ونؤمن باننا بالاتكال على الله سبحانه وتعالى وطاقاتنا الوطنية والاسلامية بوسعنا تحقيق اهدافنا وانجاز اعمالنا. لكن غاية الامر ان بعضها ينجز سريعا، وبعضها يتأخر قليلا. علينا ان نحزم ارادتنا ونعقد العزم على عدم الرضوخ لأحد سواء كانت امريكا او الاتحاد السوفيتي او غيرهم. ويجب ان نتأسف عندما نرى كل هذه الدول المحيطة بنا المسماة باسم الإسلام تسعى لإحكام أغلال اسرها بأيديها. لا لأنهم لا يدركون الحقيقة، فالعديد منهم يعون تماما بأنهم اذا ما اتحدوا مع الجمهورية الاسلامية، فان ذلك سيكون لصالحهم ومنفعتهم. لكن الشيطان وسوس في قلوبهم وجعلهم يعتقدون انه لاسبيل امامهم سوى التحالف مع امريكا. وكانوا يقولون بأنهم لا يمكنهم مواجهة امريكا، او الشاه. حسنا فان شعبنا خاض تجربة الوقوف بوجه اميركا والاتحاد السوفيتي وقطع دابر الجميع ولم ولن تستطيع هذه القوى أن تفعل شيئاً.
والقضية تكمن في انه اذا اراد الشعب شيئا، فلا يمكن مصادرة أرادته. يمكن فرض شيء ما على جماعة معينة، او حزب وأمثال ذلك، لكن لا يمكن فرضه على شعب بأكمله. فاذا اراد الشعب ان يسير بأجمعه في طريق واحد، عندها لا يمكن حرفه عن هذا الطريق. فلا يمكن استخدام القوة لحرف الشعب عن الطريق الذي اختاره. يمكن ان يحدث ان تتمكن احدى القوى من قمع او كبت صوت شعب ما، لكنها لا يمكنها الاستمرار في ذلك الى الابد، لانها ستواجه العجز حتما وسط الطريق. وبلادنا ولله الحمد هي بالشكل الذي لا يمكن معه لهذه القوى ان تحرفها عن طريقها منذ البداية، لا أن يأتوا ويواجهوا الفشل وسط الطريق، بل انهم فشلوا منذ البداية. فنحن متكلون على الله، والله سيحفظ جميع شبابنا وحكومتنا وشعبنا ان شاء الله. ويجب علي ان أشكركم ايها الشباب الاعزاء، يا من حققتم معنويات عالية للاسلام ولايران، وادعو الله ان يمنحكم ثواب المجاهدين ان شاء الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
* صحيفة الإمام، ج18، ص:123,121
1- اخماد حريق آبار نفط نوروز على يد خبراء ايرانيين، وهي الآبار التي قصفتها طائرات امريكية وعراقية معتدية.