الموضوع: مسؤولية مجلس الشورى الاسلامي
خطاب
الحاضرون: اعضاء اللجان الداخلية والخارجية في مجلس الشورى الإسلامي
عدد الزوار: 61
التاريخ: 14 آبان 1362 هـ. ش./ 29 محرم 1404 هـ. ق.
المكان: طهران، جماران
الحاضرون: اعضاء اللجان الداخلية والخارجية في مجلس الشورى الإسلامي
بسم الله الرحمن الرحيم
حصول الانحراف بشكل تدريجي
لقد قلت مراراً واكرر هنا ان مجلسنا يجب ان يكون مجلساً مختلفاً عن كل المجالس السابقة. وهو بالفعل يختلف، غير ان الانحراف يحدث تدريجياً وليس دفعة واحدة. وبالنسبة للانسان يحدث ذلك ايضاً حيث يعمل الشيطان والنفس الامارة بالسوء على جر الانسان نحو الانحراف بشكل تدريجي بأن يوسوسان له اولًا بالعمل بالمكروهات ثم ارتكاب صغائر الذنوب حتى يصل الى ارتكاب الكبائر والمعاصي الكبيرة. فالمجلس بدورته الأولى كان جيداً، لكن بمرور الوقت كان يضاف له شيئاً او ينقص منه حتى وصل الى الوضع الذي كانت عليه المجالس الاخيرة. فاذا لم تواجهوا الفساد وتحولوا دونه منذ البداية فليس معلوماً ان لا تؤول الامور الى الوضع السابق. والتصرف بحكمة وتعقل امر مطلوب لتفادي وقوع ما لا يحمد عقباه.
المداراة اكثر تأثيراً من العنف
لمعالجة المشاكل الحاصلة في البلاد يعد الاعتدال والمداراة أكثر تأثيراً من الشدة والقوة. فعندما تحدثت في المدرسة الفيضية في عهد رضاخان الاستبدادي والقمعي، تسمّر الحاضرون في اماكنهم وكأنما طرحت عليهم موضوع الجحيم والعذاب الالهي، لكني عندما تحدثت عن الرحمة والتوادد شاهدت وكأنما القلوب بدأت تلين وترق واخذت الدموع تنهمر من عيون السامعين، وهذا هو تأثير الرحمة. فالانسان يتمكن بالمداراة والتراحم حل المشاكل افضل من اتباع الشدة والقسوة.
والمجلس مكان للتحاور والتباحث، وينبغي ان تدور النقاشات بين نوابه بشكل يشبه مناقشات الطلبة في الحوزات العلمية، حيث عليهم ان يناقشوا ويبحثوا اللوائح بشكل ودي ومنطقي لكن باسلوب يفهم منه بأنه نقاش. ينبغي للمجلس الاسلامي ان يمارس دور الارشاد للشعب وللآخرين، لان الموضوعات والقضايا التي يبحثها تتسرب الى خارج اروقة المجلس وتؤثر على الناس. وبناء على ذلك فان المسؤولية الملقاة على عاتق المجلس باعتباره مرشداً ودليلًا للشعب، جسيمة. وكلنا أمل في ان يكون هذا المجلس المشكل بداية الثورة، ركيزة اساسية وسُنة حسنة للمستقبل، الذي كلما تحسن وضعه كلما كنتم انتم شركاء في الاجر المعد له. وبخصوص قضية اللجان التي اشرتم اليها، فاني ارى ان تبقى على وضعها الراهن وان لا يجري اي تغيير بشأنها. وحول مسألة الاستجواب فاني لا ابدي اي رأي بشأنه، لكني اوصي فقط بأن يتم ذلك بالمداراة والتفاهم. بأن يطرح المؤيدون والمعارضون آراءهم، وعندئذ فان اي رأي او قرار يصادق عليه المجلس سيكون محترماً.
رحماء فيما بيننا اشداء على الاعداء
آمل ان يكون التوفيق نصيب السادة الحاضرين بأن يكون المواطنون راضين عن ادائهم عندما يسلمون المجلس للاعضاء الجدد، كي يدلوا بأصواتهم لصالح هؤلاء السادة انفسهم. انا ليس لي معرفة بجميع السادة، لكني آمل ان يتمتع المجلس بأكثرية مطلقة ملتزمة. واود لوتتم كل الامور بالمداراة والاخلاق الحسنة، فهذا افضل بكثير. وعندما ينشب خصام بين شخصين ويبادر احدهما بالتحدّث برأفة ومداراة، فان النزاع سيفض وينتهي بسلام. وفي الاساس ان كل الاعمال يمكن انجازها بشكل افضل بالمداراة والرحمة.
ادعو الله ان يوفقكم ويسدد خطاكم في بلد يتعرض للهجوم من كل صوب. فأي انفجار يقع في اي مكان ينسبونه الى ايران ويدعون بأن لديهم ادلة دامغة تثبت تورط ايران في الانفجار، ودليلهم هو ان انفجاراً مثيلًا حصل في ايران ايضاً. فأي استدلال هذا؟! فاذا كان الشعب ساخطاً على اسرائيل فما صلة ايران بذلك؟! صحيح ان كل املنا ان تحترق اسرائيل كلها، واذا وفقنا الله سبحانه فنحن مستعدون للذهاب الى هناك وانقاذ الناس من شر اسرائيل، لكن ذلك لا يعني ان اي انفجار يحدث هناك هو من تدبيرنا. او في قضايا اخرى يدعون تورطنا فيها استناداً لاقوال شاهد عيان. فاذا كان هذا الشاهد شخصاً منافقاً او سارقاً هرب من ايران حسبما قالت اذاعة بغداد، فهؤلاء يقولون ويدّعون اشياء كثيرة ومزاعم واهية، فيسمى ذلك المدعي حينئذ بشاهد عيان. فهذا هو وضع العالم وهذه حاله. لكن ينبغي الالتفات الى نقطة مهمة وهي ان علينا توحيد صفوفنا ولمّ شملنا والتصدي لهؤلاء بكل قوة وثبات، وان نكون رحماء فيما بيننا واشداء على أعدائنا. فالعقل يقتضي منا ان نضع خلافاتنا الهامشية جانباً عندما يكون هناك معارضون لنا كي نتمكن بوحدة الكلمة من ايصال هذا البلد الى ما نطمح إليه جميعاً.
والسلام عليكم ورحمة الله
* صحيفة الإمام، ج18، ص:175,174