الموضوع: تولي غير المهذبين لزمام الأمور والاخطار المترتبة على ذلك
خطاب
الحاضرون: مهدي كرّوبي (ممثل الولي الفقيه والمشرف على مؤسسة الشهداء) - محسن رفيق دوست (وزير حرس الثورة الاسلامية) - اسر شهداء الهجوم الصاروخي على مدن نهاوند ومسجد سليمان وانديمشك وبهبهان - اعضاء الاقسام المختلفة لقوات الحرس - ومسؤولو مراكز مؤسسة شهداء الثورة في انحاء البلاد.
عدد الزوار: 64
التاريخ: 15 آبان 1362 هـ. ش./ 30 محرم 1404 هـ. ق
المكان: طهران، حسينية جماران
المناسبة: قصف مدن نهاوند، ومسجد سليمان وانديمشك وبهبهان
الحاضرون: مهدي كرّوبي (ممثل الولي الفقيه والمشرف على مؤسسة الشهداء) - محسن رفيق دوست (وزير حرس الثورة الاسلامية) - اسر شهداء الهجوم الصاروخي على مدن نهاوند ومسجد سليمان وانديمشك وبهبهان - اعضاء الاقسام المختلفة لقوات الحرس - ومسؤولو مراكز مؤسسة شهداء الثورة في انحاء البلاد.
بسم الله الرحمن الرحيم
انا لله وانا اليه راجعون
خطر السلطة بيد الظالم
اقدم التعازي للامة الاسلامية جمعاء وللشعب الايراني وبالاخص أهالي خوزستان الاعزاء والمدن التي تعرضت لعدوان الظالمين مؤخراً وذلك على كل هذه المصائب والويلات التي حلت بالاسلام والامة الاسلامية واصدقاء الاسلام ومحبي اهل بيت النبي الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم. وآمل ان يحشر الله سبحانه وتعالى هؤلاء الشهداء مع اوليائه وشهداء صدر الاسلام، ويلهم ذويهم الصبر والسلوان ويمن عليهم بالاجر الجزيل وعلى الشعب الايراني بالصبر والمقاومة.
في البدء اتوجه بالشكر الى جميع السادة على تقبلهم المجيء الى هنا لنكون في خدمتهم عن قرب ونعرض لبعض المسائل والمواضيع المناسبة والمهمة.
انكم تمثلون شريحتين احداها المجاهدين في الجبهات وفي الخطوط الخلفية، والثانية من العاملين في مؤسسة شهداء الثورة وهم من المجاهدين، وجهادكم وخدماتكم تستحق الاجر الجزيل والثناء الجميل منه سبحانه وتعالى، ولابد لنا من تقدير وتثمين جهاد الشريحتين. سواء حرس الثورة وقوات الحرس وكل ما ينتسب لحرس الثورة وكذلك القوات المسلحة الاخرى وكافة الاخوة الذين يقدمون العون والمساعدات لهؤلاء الاعزاء في الخطوط الخلفية وللمظلومين الذين فقدوا ابناءهم واعزاءهم، نتوجه اليهم بالشكر والثناء وكذلك يتقدم الشعب الايراني بأسره بالتقدير والثناء. ونحن علينا تقوية قدراتنا الدفاعية كلما ازدادت المصائب الحالّة بنا. فأعداؤنا يتصورون ان بامكانهم احداث خلل في الجبهات او في الخطوط الخلفية من خلال عدوانهم هذا، في حين انهم لابد ان يكونوا الآن قد ادركوا خطأ تصوراتهم.
ثمة نقطة مهمة ارى فيها الفائدة لاعزائنا في الحرس الثوري وكذلك سائر صنوف قواتنا المسلحة وللجميع ويمكن تقييم وضع العالم بها، وهي ان السلطة عندما تقع بايدي اناس غير ملتزمين بأي اصول اخلاقية، فان ذلك سيشكل خطراً يهدد البلاد. فالسلطة بحد ذاتها تعد احد الكمالات. فالله سبحانه وتعالى قادر له القدرة، لكن اذا وقعت السلطة بأيدي اشخاص فاسدين فانهم يحرفون هذا الكمال ويجرونه الى الفساد. والعالم كله مبتلى اليوم بهذه الآفة وهي وقوع السلطة بيد اشخاص لا يحملون ذرة من الانسانية. فالقوى العظمى والدول السلطوية لا تفكر الا ببسط سلطتها وزيادة هيمنتها وتضييع حقوق المظلومين. واولئك التابعون لها والمرتطبون بها يمارسون نفس اعمالها لأنهم من صنفها وجنسها. واذا كانت السلطة بيد انسان كامل، فانه يحقق الكمالات للشعوب. واذا كانت بيد الانبياء والاولياء الصالحين فان ذلك يبعث على انتشار الامن والسلم في العالم، وتحقق الكمال في العالم اجمع. لكن اذا وقعت بايدي المتجبرين الذين لا عقل سليم ولا اخلاق ولا اي مبدأ لهم فان ذلك سيجلب مصائب وويلات لشعوب العالم. واليوم حيث تشاهدون هاتين القوتين العظميين او هذه القوى الكبرى التي تفرض هيمنتها وسلطتها على بلدان العالم، وتدعي ان لها الحق في ان تكون الامم والبلدان الاضعف خاضعة لها، فاذا كان هذا التفكير مصاحباً للسلطة فانه سيجلب المصائب للشعوب. فالسلطة بيد الظالم تجر العالم نحو الفساد. فالقوى الكبرى تجر العالم الى الفساد، وهي ليست سوى دولة واحدة او دولتين. ولونظرنا لمرتبة ادنى، فاذا كانت السلطة بيد شخص ما في احدى المحلات فانه سيجلب الفساد لتلك المحلة. وكذلك اذا كانت بيد شخص في احدى العوائل، فانه يجر تلك العائلة نحو الفساد. لكن السلطة تكون كمالًا احياناً ويمكنها ابراز كمالها عندما تكون بيد عالم وانسان عاقل يدرك ما يفعل وما يجري حوله.
السلطة المفتقرة للانسانية تسبب الفساد للعالم
نقل لي بأن المرحوم آية الله المدرس- رحمة الله عليه- قال: ان الشيخ الرئيس (أبوعلي سينا) قال يوماً: انني اخاف من البقرة، لأنها تملك قرناً ولا عقل لها. وهذه نقطة تستحق الاهتمام. فحتى لوافترضنا ان الشيخ لم يقل ذلك، لكن المسألة ملفتة للنظر. فالبقرة لها قرون لكنها لا عقل لها، تمتلك القدرة لكنها لا تمتلك عقلًا. وهذه القوى المتجبرة التي تنشر الفساد في العالم في الوقت الحاضر هي من نفس صنف مثالنا هذا، فهي تمتلك قروناً لكنها لا عقل لها، تمتلك القوة لكنها بعيدة عن الانسانية. وانتم تشاهدون باعينكم ما تفعله امريكا في العالم، وما يفعله الاتحاد السوفيتي في الجانب الآخر. وشاء الله ان تتنافس هاتان القوتان فيما بينهما، وتصارع احداهما الاخرى، لانه لو تفردت احداهما بالعالم فانها سوف تبتلعه باسره. فكلاهما مقتدرتان وتقفان في مقابل احداهما الاخرى، تلك القوة تخاف من هذه وهذه من تلك. ولولم يكن هناك خوف بينهما فانهما سيلتهمان العالم برمته. وليس صحيحاً ما يطلقون من ادعاءات من انهم يريدون فعل كذا وكذا من اجل نشر السلام في العالم. وقد شاهدنا كيف جاء هؤلاء الى بيروت، بحجة انهم يريدون ان يعم السلام والامن في لبنان. ونحن نقول لهم: انتم لستم دعاة للسلام، وحتى لو افترضنا كونكم كذلك، فما الداعي لمجيئكم وتدخلكم في دول اخرى؟ ان الانظمة الحاكمة في بعض بلدان المنطقة ليست وطنية، ولا يوجد اي ارتباط بينها وبين شعوبها. فاذا كنتم بشراً تحملون صفات الانسان وكان فيكم شيء من الانسانية والمعايير الاخلاقية، لكنتم راعيتم حالة المحتاجين والشعوب الضعيفة والبائسة. وليس مقبولًا منكم ان تدخلوا بلداً فرضت عليه حكومة غير منبثقة من الشعب بحجة انكم تريدون تعضيد وتدعيم ركائز هذه الحكومة. وكل ذلك سببه ان هؤلاء لا يتحلون باي مبادئ اخلاقية، بل هم بعيدون عن الانسانية وكل همهم التسلط وفرض ارادتهم على الآخرين. فهم يمتلكون القوة لكن لا عقل لهم.
وتلاحظون انه في اي مكان من العالم يتسلل اليه الفساد، يدل على ان الذي يحكم هناك، يمتلك القوة والسلطة لكنه لا يمتلك عقلًا، يمسك بزمام الامور لكنه عديم الانسانية. والعقل الذي اقصده هو ذلك الذي" ما عُبِدَ بهِ الرّحمن"، والا فان هؤلاء يمتلكون الحيل الشيطانية والتدبير. لكنهم لا يمتلكون العقل السليم الذي يمكن ان يصل بالانسان الى القيم الانسانية السامية. فمجرد العلم بأحد المعاني لا ينفع. فمن الممكن ان يكون احد الاشخاص عالماً كبيراً الا انه يفتقد العقل، لذلك نراه يستخدم علمه في نشر الفساد وافساد الشعوب وقتلهم تحت التعذيب. واذا تدرجنا من تلك القوى الكبرى فانكم سترون ما يفعله صدام في هذه المنطقة وما تفعله اسرائيل. وممارسات هذين العنصرين متشابهة. فصدام يمنى بالهزائم في الحرب، وكلما هزم في معركة نراه يصب جام غضبه على الناس الآمنين والمظلومين من نساء واطفال. وخلال اليومين المنصرمين كنت اتوقع منه وبعد تلقيه هذه الضربة العنيفة، والتي تعتبر اكبر واقوى ضربة تلقاها لحد الآن، توقعت منه ان يعوض عن هزيمته بانزال المصائب على المظلومين من ابناء الشعب، وبالاخص على اهالي بهبهان وبقية المناطق والمدن، التي قصفها مؤخراً بالصواريخ، وهذا ما كنا نتوقعه منه. لاننا شاهدنا مثل هذه الممارسات منه في السابق. واسرائيل كذلك حيث اراد شخص او عدد من الافراد مجهولي الهوية، ارادوا الانتقام من اسرائيل، لذلك قاموا بتفجير مركز فسادهم وممارساتهم القذرة، ليشرعوا بعدها بانزال غضبهم على رؤوس المظلومين، ويقتلوا هذا العدد الكبير من الابرياء والمظلومين. فهذا (صدام) يهزم هنا ويعمد الى توجيه مدفعيته بعيدة المدى على رؤوس المظلومين، وذلك الكيان يحصل فيه انفجار ويتلقى صفعة من نفس هؤلاء المظلومين، الذين لم تعرف لحد الآن هويتهم او انتماؤهم، في نفس الوقت الذي يقول فيه الاسرائيليون بانهم لم يتعرفوا على هوية منفذي الانفجار، لكنهم يرسلون طائراتهم لقصف وقتل هؤلاء الابرياء اينما وجدوا. هذا هو الوضع الروحي لاشخاص لا عقل لهم لكنهم يمتلكون السلطة.
اهمية الحافز للعمل
اود ان اقول للسادة الحاضرين والفت انتباههم الى انه لا ينبغي لنا توجيه الانتقاد دائماً لمن هم فوقنا. بل علينا ان نأتي للادنى منهم، نأتي لانفسنا. وجهوا اهتمامكم لحقيقة ان حرس ثورتنا اعزاء عندنا، وقواتنا المسلحة عزيزة للغاية، وعليهم ان ينتبهوا الى انه عندما يكون السلاح بيدهم لا يصابوا بالغرور اثر ذلك. فمن الممكن ان يكون احد شبابنا مهذباً للغاية واخلاقه عالية، لكنه يمكن ان يتحول الى فرد ظالم بالتدريج. اوصيكم بالالتفات الى نقطة مهمة وهي التمسك بصفة التواضع عندما تصلون الى السلطة والقدرة. وعندما تصبحون رؤساء لمجموعة ما عليكم إلّا الانتباه والاهتمام بمراعاة التواضع وتجنب الغرور لانه اذا دخل الى نفوسكم الضعف والتكاسل، فانكم ستهزمون وتفقدون هذه القدرة المعنوية جراء نزغات الشيطان. وانتم يا من تبذلون كل هذه الجهود وتقدمون هذه الخدمات الجليلة للاسلام سواء في الجبهات او في الخطوط الخلفية، وكذلك الخدمات التي تسدونها في الصناعة، واولئك السادة العاملين في مؤسسة شهداء الثورة، ان خدماتكم كلكم قيمة جداً. واوصيكم بالحفاظ على هذه القيمة. فمعيار تقييم العمل لا يكمن في ظاهره وانما في الحافز للعمل ومغزاه والهدف منه. فقد يصدف احياناً تشابه عملين في الوضعية. السيف الذي بيد امير المؤمنين سلام الله عليه يقتل مثلًا عمروبن عبد ودّ «1». حالة هذا العمل لو قارناه بحالة عمل آخر حيث يكون السيف بيد شخص يقتل به شخصاً آخر، فوضع العملين واحد، ففي الحالتين سيف واحد بيد شخص يقتل شخصاً آخر، لكن الضربة في الحالة الاولى اعتبرت بانها تعادل عبادة الثقلين «2» نظراً للدافع والهدف من ورائها، وذلك من اجل مغزى وليس بسبب هذه الحالة الثانية. فالدافع للعمل هو الذي ارتقى به الى هذه الدرجة" يعادل عبادة الثّقلين"، والدافع للعمل هو الذي جعل عدة اقراص من خبز الشعير تصدق بها اهل البيت عليهم السلام الى فقير واسير ومسكين تستحق ان تنزل بحقهم آيات في القرآن «3». والشيء المهم هنا هو ان الدافع لعمل الهي عندما يكون خالصاً لله فان جزاءه سيكون من الله سبحانه. وانتم شبابنا الاعزاء في الوقت الذي تقدمون كل هذه الخدمات للاسلام وواثقون من ان خدماتكم وتضحياتكم لها قيمة عالية وجزاء كبير، فاني أوصيكم بالانتباه الى معنوياتكم وباطنكم وان تكونوا على حذر لئلا ينزغ الشيطان في قلوبكم ويندس في هذا العمل. فالقدرة بايديكم وعليكم الحذر لئلا تستخدموا هذه القوة في المعاصي والمنكرات، راقبوا انفسكم وانتبهوا لأعمالكم. وكل ما اقوله لكم الآن لا يختص بكم وحدكم بل لابد ان يأخذ الجميع هذا الامر بنظر الاعتبار.
فشعبنا باسره وجميع الناس عليهم الالتفات الى هذه الحقيقة وهي استغلال القدرة وتوظيفها في مكانها المناسب. فالانبياء استعملوا قدراتهم في محلها. ونبينا موسى عليه السلام اخذ عصاه وواجه بها فرعون وتحداه، لكنه استعملها مع الآخرين في مواطن الود والمحبة. كما استعمل نبينا الاكرم صلى الله عليه وآله قدرته ونفوذه لمواجهة غطرسة اشخاص خرجوا عن نطاق الآدمية وابتعدوا عن حدود الانسانية وراحوا يضللون الناس ويجرونهم الى الفساد والضلال. فالقدرات والامكانات يجب استغلالها وتوظيفها لمنع وقوع المفاسد لا لجلب الفساد.
والفرق بينكم ايها الاعزاء واولئك المقاتلين في الجبهات ومن يحاربون أعداءكم وكل من يريدكم بسوء، فظاهر العمل واحد، اولئك يقتلون وانتم تقتلون، لكن القتل الذي تمارسونه انتم هو عمل عبادي في حين ان اعمال القتل التي يرتكبونها أولئك اعمال اجرامية. وهذا تابع لدافع العمل والهدف منه، وبحسب مغزاه، واستناداً لذلك يعدان عملين متفاوتين، رغم تشابهما في الشكل والظاهر. فانتم تجاهدون في سبيل الله، واولئك (اعداؤكم) يقاتلون في سبيل الشيطان. وهم اتباع للشيطان وانتم اتباع الله. هذا هو الفرق بين هذين الامرين. اوصيكم بالانتباه والحفاظ على هذا الفارق.
استخدام القدرة في محلها
اتوجه بكلامي لاولئك الابطال الصامدين في الجبهات الذين تمكنوا من اجتثاث جذور صدام وازلامه، واوصيهم ان لا تكون هذه القدرة وسيلة للانتقام خلافاً للمعايير الالهية واوامر السماء. كما اوصيكم انتم بالثبات على ما أنتم عليه الآن والذي اتمنى ان يكون كذلك من الآن فصاعداً، وهو ان مدن العراق التي نعتبرها نحن عزيزة علينا كمدننا بل نعتبر بعضها أعزّ من مدننا، اوصيكم بالالتفات الى نقطة مهمة وهي ان اهالي هذه المدن ابتلوا بمصائب وويلات على يد صدام اكثر مما ابتلي به اهالي مدننا على يد صدام وازلامه. فقد تعرض هؤلاء لضغوط شديدة، حيث مارس صدام ضغوطاً كثيرة وشديدة عليهم، وعلى عوائلهم، وعلى ابنائهم، وقد سمعت خلال اليومين او الثلاثة الاخيرة من احد الاشخاص بان القادمين من العراق يقولون بان المواطنين العاديين يتم اعتقالهم والقاء القبض عليهم لمجرد اطالة لحاهم. او لحملهم المسبحة بأيديهم، خشية ان يكونوا من حزب الله (المتدينين)، كما يقومون بالتنكيل بعوائل وذوي الجنود المقاتلين في جبهات الحرب في حالة بروز ادنى تقصير او تهاون منهم في الحرب. هذا هو الوضع الروحي لشخص يمتلك القدرة، ويمتلك السلاح لكنه لا عقل له. فهو عندما يسدد شخص ضربات مؤذية له نراه يعمد الى تعريض اناس آخرين الى ضربات مهلكة ومدمرة. وعليكم الانتباه والحذر لئلا يثير هذا القصف العشوائي لمدنكم وقتل اعزائكم، يثير غضبكم ويفقدكم صوابكم ويدفعكم للانتقام ومبادلة هذا القصف بالمثل. فالمطلوب منكم ان تأخذوا انتقامكم من صدام ومن حزب البعث، وها أنتم تفعلون ذلك حالياً. انتبهوا لئلا تصوبوا نيران بنادقكم نحو مدن العراق واهاليها الابرياء فهذه المدن مظلومة كما هو حال مدننا، فالبصرة مظلومة مثل بهبهان، ومدينة مندلي مظلومة، كل هذه المدن مظلومة. وهي خاضعة للظلم والاضطهاد. وعلينا مراعاة الجوانب الانسانية حتى النهاية. ينبغي لنا الحفاظ على النواحي والاخلاق الانسانية حتى الشهادة والى آخر لحظة في عمرنا، وأن لايسيطر علينا الغضب ونقوم باعمال غير لائقة بنا، وهو ما يريده اعداؤنا بممارساتهم ضدنا، بأن نبادر الى ضرب وقصف احدى مدنهم، كلا فذلك لا يكون ابداً. فمعاييرنا واخلاقنا مطابقة للاسلام لاننا هنا في جمهورية اسلامية. والاسلام يحكم بلادنا. وبناء على ذلك، يجب عليكم ان تنتبهوا لانفسكم وللاشخاص الذين بيدهم السلطة، والحكومة التي بيدها القدرة، والحرس الثوري والجيش المقتدر وقوات التعبئة القادرة، وجميع من بيدهم القدرة وزمام الامور، عليهم جميعاً مراعاة الجوانب الانسانية والتمسك بالآداب الاسلامية، لانهم مطالبون بذلك اكثر من غيرهم. وعليهم استعمال هذه القدرات في مواضعها، وأن لا تتعدى قدراتهم حدودها وتوظف في غير محلها.
قصف المناطق المأهولة بسبب ضعف المعنويات
آمل ان تصبحوا وعبر مراعاة هذه الجوانب الانسانية والمبادئ الاسلامية، تصبحوا قدوة ونموذجاً لكافة البلدان التي تتطلع إلى ثورتنا. فهذا الهالك لم يعد له وجود، ولا تأخذكم الاوهام، فهؤلاء (اعداؤكم) يتخبطون وفي حالة الاحتضار. إذ أن أدعياء القوة تعتريهم حالة جنونية في الايام الاخيرة من عمرهم. فهم عندما تكون القدرة والقوة بايديهم يتبجحون ويبرزون عضلاتهم، لكنهم يصبحون في غاية الضعف عندما يتعرضون لادنى هزيمة. وهذا الضعف في المعنويات هو الذي يؤدي بالانسان الى مهاجمة أناس أبرياء، أناس عاديين جالسين في منازلهم، طفل صغير لا شأن له به، يؤدي ضعف الانسانية وضعف القدرة بهذا الشخص الى الاعتداء على هؤلاء الابرياء لا لشي الا لأنهم وجهوا له صفعة قوية في جبهات القتال. لذا نرى صدام يضطر الى ارسال ذخيرة عمره التي تتمثل في فرق الحرس الجمهوري التي كان يحتفظ بها لحمايته، ارسالها الى جبهات الحرب علها تنقذه، لكنها تمنى بالهزيمة أيضاً ويقتل جند الاسلام عدداً كبيراً منهم. ورغم تعرضه لهذه الضربة المهلكة، ومعاناته من هذه الصدمة النفسية، الا انه لا يمتلك العقل الذي يرشده الى تقييم الواقع كما هو، والتفكير بعمل ما يعيد له ماء وجهه الذي أريق اثر هزيمته في جبهات الحرب، حيث نراه يعمد الى مهاجمة مدن آمنة مثل بهبهان ومسجد سليمان وغيرها للتعويض عن هزائمه. وكل هذه الاعتداءات سببها ضعف المعنويات وانعدام الايمان. فالذين يتحلوا بالايمان لا يصيبهم الضعف او الانكسار لا من هذا الجانب ولا من ذاك لا يتسرب اليهم ضعف المعنويات ولا يعتدون على أحد.. نسأل الله تعالى أن يمن بالعقل على أصحاب القرون هؤلاء، ويجعل هؤلاء الأقوياء يتصفون بالإنسانية أو يسلب منهم القدرة، وليعزكم الله ويزيد في عزتكم ان شاء الله. فقد اعدتم الحياة للامة الاسلامية، وانقذتم بلادكم وخلصتموها من قبضة الاجانب. ومثل هذا لا يروق لهم، لا يروق لهم أن تتصدوا لهم وتقاوموهم وترفضوا الخضوع لهم، لذا نراهم عمدوا الى قصف وضرب مدنكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
* صحيفة الإمام، ج18، ص:182,176