يتم التحميل...

‏الموضوع: مكانة مهنة الطب وواجبات الأطباء والممرضين‏

خطاب

الحاضرون: مَنافي (وزير الصحة) وموظفو الوزارة

عدد الزوار: 62

التاريخ 16 آذر 1362 هـ ش/ 2 ربيع الأول 1404 هـ ق‏
المكان: طهران، حسينية جماران‏
الحاضرون: مَنافي (وزير الصحة) وموظفو الوزارة

بسم الله الرحمن الرحيم

تأثير الدعم الروحي في استعادة الصحة

أرجو الله أن يزيد من توفيقاتكم أنتم السادة الذين تعملون في وزارة الصحة لخدمة الفقراء والمرضى والجرحى، وأن يرزقكم الإخلاص في العمل حتى تكون أعمالكم لله وأن تتحملوا هذه المتاعب لله تعالى وأن تتوقعوا منه تبارك وتعالى الأجر والثواب.

إن موضوع الصحة من المواضيع المهمة فالطبيب مهمٌ كما أن الممرض مهم كما أن دور الموظفين في هذا الجهاز ذات أهمية كبيرة. وإن ما يحظى بأهمية بالغة للأطباء والممرضين وكل من يرتبطون بالمرضى والجرحى، هو أن تكون لديهم روح العطف والحنان. إن من الأمور التي تساعد المرضى على استعادة صحتهم هو أن يقدم الطبيب والممرض لهم المساعدة النفسية. إذا كان الانسان مؤمناً بأنه سيتماثل للشفاء من مرضه فإن هذا الإيمان سيساعده على استعادة صحته. وإذا آمن بعكس ذلك سوف لا يتماثل للشفاء وإنما سيهلكه. ويقع ذلك على عاتق الأطباء والممرضين سواء في السادة الذين يعملون للرجال، والنساء اللاتي يعملن للنساء، فالجميع يجب أن يعلم أن العطف وبث الأمل باستعادة الصحة بإذن الله تعالى سيساعدهم على التماثل للشفاء. إن هذا سيساعدكم في عملكم وكلما حسنتم معاملتكم فإنه سيكون لكم أجراً عند الله تبارك وتعإلى. فإذا ما رأيتم مثلًا مريضاً لا يرجى شفاؤه فيجب ألّا تنسوا بأن هناك يد الغيب التي هي فوق أفكارنا وتصوراتنا فلا تيأسوا كلّ اليأس. ثم إن من كان على وشك الموت فإن الأفضل أن يموت وهو راض عنكم ومفعم القلب بالأمل، فلا يستحسن أن تقولوا له إن حالتك ميئوس منها، فإنّ ذلك سيساعد على تأجيل الموت أو التسريع في موته حيث يرحل عن الدنيا وهو كئيب القلب. ولكن عندما تمنحونه الأمل وتلاطفونه وتقدمون للمرضى الذين يعانون من الكآبة في الغالب، الخدمة الصادقة بكل ترحيب فسوف تتحسن روحيته. وإذا ما قدر له الرحيل فسوف يترك الدنيا بروح مفعمة بالأمل ومثل هذا ذات قيمة كبيرة بالنسبة لكم.

اهتمام الأطباء المقيمين خارج البلاد بحاجة الناس‏

على الأطباء أن ينتبهوا إلى أنّ عملهم ذوأهمية كبيرة، إن عملكم مرتبط بحياة الناس وهو مهم للغاية وعليكم بالتدقيق في العمل قدر المستطاع ولكن كثيرين من أطبائنا يقيمون خارج البلاد مع الأسف، فقد غادروا البلاد مؤخراً أو كانوا يقيمون من قبل ولم يرجعوا إلى وطنهم وهذا من القضايا التي يجب على الأطباء المقيمين خارج البلاد أن يلتفتوا اليها وهي أن بلادهم تحتاج إليهم. إنهم قد نشأوا في هذا البلد ودرسوا فيه، لذا فإن لابنائه حقوقاً عليكم. إن الاسلام يهتم بكم.. إن الأمة الاسلامية التي تعاني من الآلام تقف ورائها القوى الكبرى. أنتم أيها الأطباء المقيمون خارج البلاد أليس من الأفضل أن تكونوا في خدمة الفقراء؟ فلوفرضنا أنكم عشتم طويلًا في بحبوحة العيش ورغده ماذا ستكون نهاية أمركم؟ أليس من الأفضل أن تخدموا مرضى بلادكم. إخدموا بلادكم المظلومة التي كانت تحت وطأة الظلم سنوات طويلة وهي تريد اليوم الخلاص من نير ظلم الشرق والغرب ولكن الجميع يمارسون الضغوط عليهم. ألا تكفيكم هذه الضغوط لكي تعرفوا أن هناك نقصاً في الأطباء داخل البلاد. لدينا نقص في الأطباء الاخصائيين. إنكم اخصائيون تنتمون إلى هذا التراب الذي احتضن آباؤكم واحتضنكم كيف يمكن أن تجلسوا خارج البلاد متفرجين على المرضى ومعاقي الحرب الذين أصيبوا في الجبهات غير مبالين بآلامهم؟ هل ترتاح ضمائركم؟ لا أظنكم قادرين على البقاء هناك بضمير مرتاح إذا فكرتم في الأمر ساعة واحدة. حتى وان كنتم تنعمون بالراحة هناك. إن الناس هنا تخدمهم وزارة الصحة بحمد الله وما تقوم به في جبهات القتال يستحق الشكر والتقدير.

المسؤولية جسيمة والخدمة قيمة

إنني آمل أن تتحسن أوضاع المستشفيات وأن يزداد الاهتمام بها. يجب ألا يكون الأمر بنحو أن شخصاً يدخل المستشفى ولا يلقى العناية اللازمة، فمثل هذا يتعارض مع الضمير الانساني ويخالف الإنصاف وتعد مخالفة لرضى الله. يجب الاهتمام بهذه الأمور كثيراً. فعندما يراجع مريض إحدى المستشفيات يعني أنه محتاج إليها. فإذا قيل له عند بوابة المستشفى لا نقبلك هنا بل يجب أن تراجع مكاناً آخر، وقيل له نفس الكلام في المكان الآخر ومات لا سمح الله في التنقل بين المستشفيات، فإن مسؤولية ذلك تقع على عاتق من قاموا بهذا العمل. عليكم التدقيق في الأمور. فعلى الرغم من أهمية عملكم وقيمته عند الله إلا أن مسؤوليتكم كبيرة أيضاً. وعليكم الاهتمام بهذه المسؤولية بكل دقة. وأرجو لكم التوفيق في تقديم هذه الخدمة للمظلومين لاسيما القادمين من الجبهات الذين تضررت صحتهم، وإنكم تلاحظون ماذا تفعل القوى الكبرى بالمسلمين. علينا أن نفكر بأنفسنا ففي كل شي‏ء يجب أن نفكر في أنفسنا ونحن قادرون على ذلك. علينا أن نفكر في أنفسنا في الأمور الصحية وألا ننتظر الذهاب إلى الخارج كالسابق، أو استيراد ما نريده من الخارج، علينا أن نعمل ونتحمل عب‏ء المسؤولية. عليكم أن ترجوا فضل الله لأن الله معكم وسيوفقكم للقيام بالأعمال بشكل لائق. وأؤكد على أهمية التعامل المفعم بالعطف مع المرضى سواء في ذلك الخادم والبواب والطبيب والممرض، فالتعامل يجب أن يكون تعاملًا طيباً مليئاً بالعطف. تصوروا انكم أنتم الذين تراجعون المستشفى فماذا تتوقعون من الموظفين والأطباء والممرضين العاملين، فما تتوقعونه منهم فإن سائر المرضى يتوقعونه منكم. يجب الاهتمام بهذه الامور المعنوية وفقكم الله وأيدكم وسدد خطاكم.

الوقاية خير من العلاج‏


إن من القضايا المهمة الوقاية من المرض فهي أهم من العلاج، ولابد لنا من العمل بشكل نتلافى المرض وذلك من خلال تنقية المياه ومنع تلوثها ومنع تلوث الأطعمة كما ينصح الأطباء. يجب أن نعمل بشكل نمنع تفشي الأمراض ولا ننتظر المرض يأتينا ثم نحاول علاجه، يجب أن نمنع المرض من الأساس وهذا من الأمور المهمة التي يجب أن نهتم بها اهتماماً كاملًا وأرجو التوفيق لجميع من يعملون في هذا المجال. علينا أن نتوكل على الله في جميع الأمور. فالتوكل على الله هو الذي مكننا من القضاء على القوة المتغطرسة رغم ضآلة قدراتكم أمام القوى الشيطانية، لأن ايمانكم كان موجوداً وإن توكلكم على الله هو الذي دفعكم إلى الأمام وستسيرون إلى الأمام بإذنه.

إثارة الحروب باسم السلام‏

إن هذه القوى لا تعبأ أبداً بأمن للشعوب. إنكم تلاحظون ما يعانيه اللبناينون على يد هؤلاء الذين أتوا لأجل السلام. إن أمريكا وفرنسا وبريطانيا وايطاليا قد دخلت الأراضي اللبنانية لإقامة السلام ولكنها أشعلت نيران الحرب. أشعلت نيران الحرب في مكان سيعيش حالة الهدوء في غيابها. إن من يعانون كل هذه الضغوط سيقومون بعمل ما في نهاية المطاف وعلى هذه القوى ألّا تتوقع أن تمارس كل هذه الضغوط بحق الشعوب دون أن تظهر منها ردة فعل أو تقوم بمباركة هذه الضغوط، طبعاً هناك تفجيرات وقد أتبعوها بالقصف الجوي الذي شاهدتموه في لبنان. لقد عاثت أمريكا فساداً في لبنان كما هو الأمر بالنسبة لعملاء أمريكا ومنهم النظام الصهيوني ولا تختلف فرنسا عنهم، لقد عاثت هذه الدول فساداً في المنطقة باسم السلام. ومن جهة أخرى فإن الاتحاد السوفيتي قد دخل أفغانستان منذ خمس سنوات مُشعلًا فيها النيران باسم السلام. كما أن أمريكا تعيث فساداً في كل منطقة تدخلها باسم إقرار السلام فيها. لا أدري هل سمعتم هذا المثل أم لا إذ يقال بأن رجلًا دميم الوجه قبيح المنظر قد احتضن طفلًا. فقد كان وجهه مخيفاً للأطفال‏ وكان ذلك مبعثاً لبكاء هذا الطفل بكاءً مريراً وكان يخاطب الطفل قائلًا: لا تخف إنني معك. فقال له شخص إن هذا الطفل يخاف منك فإذا ما تركته سيهدأ. فهذه القوى كذلك فقد دخلت أحداها في أفغانستان وتقول لا تخافوا إننا هنا!. حسناً، ان الناس يخافونكم فاذهبوا جانباً حتى يهدأ الناس. إن الوضع هكذا فما أصعب أن يكون الساسة غير مهذبين. فإذا لم يكن أحد الساسة مؤمناً بالأخلاق الانسانية فإنه سيكون أحد الأشقياء ولكنه سوف لا يقف على شوارع الحارة بل سيكون شقياً في منطقة واسعة بل في العالم. فما جاء في الرواية» إذا فسد العالِم فسد العالَم «1» «ينطبق بشكل أوسع على رجال السياسة الفاسدين حيث أفسدوا العالم. إن العلماء الذين أفسدوا العالم هم الذين يصنعون أسلحة الدمار وإن رجال السياسة المنحرفين هم الذين يستخدمون هذه الأسلحة. إن العالم يشهد الفوضى والاضطراب بسبب هؤلاء فإذا حذفناهم من العالم فإن الناس سيعيشون في هدوء وسلام.

القوى الكبرى مصدر جميع مفاسد العالم‏

لذلك فإن علينا أن نلتفت إلى أن هذه القوى تدعي بأنها جاءت للسلام غير أنها مشغولة بقمع العرب في ديارهم مع الأسف والعرب جالسون يتفرجون. كيف يتحمل العرب هذا العار، حيث دخل الأجانب والكفار ديارهم ويعتدون عليهم وهم جالسون يتفرجون. فلو أن الدول الاسلامية ودول المنطقة ودول الخليج أوقفت تدفق بترولها لمدة عشرة أيام لأحدث ذلك دوياً في العالم واستسلم العالم أمامها. لكن هؤلاء يقدمون بترولهم ومعه ماء وجههم وبلادهم وشعوبهم. لأجل ماذا؟ لأجل الأهواء النفسانية الباطلة. إن الأهواء النفسانية تكاد تقضي على العالم.. إن الأهواء النفسانية تدفع هؤلاء لأن يضعوا شعوبهم تحت ظلم أسيادهم لكي يعيشوا حسب تصورهم عدة أيام في بحبوحة العيش والرفاهية. إن الأهواء النفسانية هي التي تأتي بالاتحاد السوفياتي إلى أفغانستان ليرتكب تلك الفظائع. وهذه الأهواء هي التي تدفع أمريكا للمجي‏ء إلى لبنان وارتكاب كل هذه المجازر، وهي التي توظف عملاءها في إيران للإفساد فيها. إن جميع مفاسد العالم مصدرها القوى الكبرى.

صدام ميتٌ مهمل‏

إن صداماً كالميت الملقي في زاوية ولا أهمية له، لكن هؤلاء يصرون على مواصلة فسادهم، وإن إدخاله في هذه اللعبة لون من ألوان فسادهم وقد خدعوه ليهاجم إيران فاعتدى عليها وتورط ولا يدري ماذا يصنع. وهو يصرخ كل يوم أن تعالوا نتصالح، فهو يبحث عن مهلة جديدة ليقوم بأعماله الشريرة مرة أخرى. إننا نعرفه أفضل من الآخرين إنه لا يريد سلاماً بل يريد أن يكسب فرصة أخرى ليستعيد قواه ويؤسس تنظيمات أقوى ليهاجمنا من جديد. لا يمكن التصالح مع موجود كهذا. أيّ شعب يمهل عدواً يعادي الاسلام ويعادي الله ويعادي أبنائه ليستعيد قواه؟ ليهاجمنا مرة أخرى بمساعدة القوى الكبرى. لا أحد يستطيع أن يمهله. لا بد من استئصال جذوره حتى تصلح المنطقة وان دول المنطقة تستطيع استئصال شروره من منطقتها. وما هو مهم مطامع القوى الكبرى. فلو أن هذه الحكومات تضامنت مع شعوبها، واستجابت لارادة شعوبها فان هذه القوى لا تستطيع الإفساد في هذه المنطقة. لا تستطيع إسرائيل ارتكاب هذه الأعمال الشريرة. ومما يؤسف له انها تفتح الطريق للقوى الكبرى. إنكم تلاحظون الثروات الموجودة في هذه المنطقة التي تنهبها القوى الكبرى. فكم من البترول الذي تنهبه هذه القوى يكاد يبلغ عشرين مليون برميل يومياً. ولكن هؤلاء مستسلمون أمامها. إن لبنان بيت العرب وقد هاجمت القوى الكبرى بيت العرب مرتكبة الجرائم الفظيعة ولكن الأمة العربية صامتة لا تنبس ببنت شفة. وعندما يجري الحديث عن إيران فانهم ينعتونها بالفرس. إنكم لا تفهمون معنى الفرس ومعنى العرب بل تريدون أن تعيشوا حياة الفساد لعدة أيام أخرى. إلى متى يضحّي المرء بماء وجهه وسمعته وبكل ما يملكه لأجل حياة اللهو؟.

القوى الكبرى مصدر التوترات في العالم‏

لقد جعلتكم القوى الكبرى عملاء لها، وهي ترتكب في لبنان بحق الشعب اللبناني كل هذه الجرائم. على هذه القوى أن تدرك أن الشعوب لا تجلس جانباً تتفرج على هذه الجرائم. فما حصل في إيران سيحدث في نهاية المطاف في بقية الأماكن أيضاً.

عليها أن تفكر منذ الآن، لا تظن أمريكا بأنها تظلم الناس وهم صامتون. فقد رأت أميركا كيف تم تفجير مقر قواتها. ان ردود فعل كهذه ما زالت موجودة. فإذا كنتم تريدون منع ذلك فإن الناس قد ضاقوا ذرعاً بكم. لقد ضاق اللبنانيون ذرعاً وكذلك الشعب الفلسطيني فإذا لم يكن أحد قد ضاق ذرعاً لا يمكن أن يقوم بالانتحار إنهم يريدون طردكم وإجلاءكم عن أراضيهم. إن الناس لا يستطيعون أن يتحملوا. فكّروا جدياً، لا تسير الأمور بالضرب والقتل والنهب والقصف، تنحّوا جانباً ليعمل الناس عملهم، دعوا الناس وشأنهم. على المسلمين أن يفكروا بأنفسهم وإلا فإن هؤلاء بلطجيون دوليون على الناس وعلى المظلومين أن يفكروا في أمرهم فلو فكر المظلومون في الأمر لقطعوا أيدي هؤلاء. أرجو أن يوقظ الله تبارك وتعالى الشعوب الاسلامية والشعوب المستضعفة حتى تتولى إدارة شؤونها بنفسها وقطع أيدي القوى الكبرى.


* صحيفة الإمام، ج18، ص:69

2011-06-21