الموضوع: المقارنة بين دور الناس في الأنظمة السابقة والنظام الاسلامي- ضرورة إصلاح السفارات
خطاب
الحاضرون: علي اكبر ولايتي (وزير الخارجية) وكلاء الوزارة والسفراء والقائمون بالأعمال للجمهورية الاسلامية الايرانية في البلدان العربية والأفريقية
عدد الزوار: 58
التاريخ: 27 دي 1362 هـ ش/ 13 ربيع الثاني 1404 هـ ق
المكان: طهران، جماران
الحاضرون: علي اكبر ولايتي (وزير الخارجية) وكلاء الوزارة والسفراء والقائمون بالأعمال للجمهورية الاسلامية الايرانية في البلدان العربية والأفريقية
بسم الله الرحمن الرحيم
دور الشعب في الأنظمة السابقة وفي النظام الإسلامي
إنني أشعر بحدوث تحول عظيم في إيران عندما أنظر إلى مسؤولي الأمور داخل ايران وخارجها اليوم وأقارن بينهم وبين المسؤولين في العهد السابق وفي العهد القاجاري الذي اتذكره وكذلك عهد رضا خان وعهد ابنه. أي إن الأمور خرجت من أيدي المستكبرين وتولاها الشعب وأبنائه. ففي السابق كان الناس لا يتدخلون في الأمور من كثرة الفساد، أو أنهم كانوا يمنعونهم من التدخل أصلًا. فعلى سبيل المثال فيما يتعلق بموضوع الانتخابات كان الناس لا يعرفون ما هي الانتخابات إذ كانوا قد خدعوهم. ففي العهد القاجاري كان بعض الإقطاعيين وأصحاب الأراضي وأصحاب النفوذ هم الذين يقررون هذه الأشياء بشكل مطلق. وكذلك في عهد رضا خان كان الشاه هو الأساس ولم يكن هناك مجال للشعب أصلًا. هذا فيما يتعلق بالانتخابات التي هي حق من حقوق الناس. أما في سائر الأمور فإن الناس كانوا لا يرون لأنفسهم حقاً فيها، رغم أنها كانت من حقوقهم إلا أن الناس لم يكونوا يتدخلون. فمثلًا كانت الحكومات في المناطق المختلفة تقوم بكل ما تريد، وإذا ارتكبت المفاسد كان الناس لايستطيعون إيصال صرخاتهم إلى أحد. ففي بعص الفترات خاصة في العهد القاجاري كان رئيس الوزراء يمنح الأشخاص مناطق بالكامل. فكان يمنح أحدهم خراسان وكان هذا في المقابل يدفع مالًا، أي خذ هذه المنطقة وافعل بها ما تشاء مقابل دفع أموال خاصة. فكلما رفع الناس أصواتهم بالصراخ لن يسمعهم أحد. وإنني أشاهد اليوم أن الموضوع اختلف جذرياً عما كان عليه بحمد الله. فرئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وسائر المسؤولين والوزراء كلهم من أفراد هذا الشعب وليسوا من طبقة خاصة فليس هناك مستكبرون كالسابق. كلا بل إن طالباً للعلوم الدينية أصبح رئيساً للجمهورية فهناك رجل من السوق أصبح مسؤولًا والآخر من صغار التجار. وأنتم كذلك أيضاً وهذا واضح من ظاهركم. فهناك طلاب العلوم الدينية يعملون كسفراء وآخرين من أبناء السوق والجامعيين.
ضرورة إصلاح السفارات
علينا أن نغتنم الفرصة إذ أن الأمور بأيدي الشعب نفسه وهو الذي أمسك بزمام الأمور بيده وعلينا أن نعمل للإسلام وأن نعمل لشعبنا. لا أدري هل إن أحدكم شاهد أوضاع السفارات آنذاك؟ ولكن السادة يعرفون الظروف كيف كان الوضع آنذاك، يجب أن يتغير بالكامل و قد تغيّر بالفعل، ولكن يجب أن يكون التغيير أساسياً حتى يكون قدوة للأجيال القادمة، فمن سنّ سنّة حسنة شارك في أجرها حسب رواياتنا. عليكم أن تعملوا على نظم الأمور بشكل حتى يرى كل من يشاهد السفارة أن هذه السفارة تختلف عن سائر السفارات فهي مختلفة حتى عن سفارات الدول الإسلامية. ان سفارة الجمهورية الإسلامية لا يمكن أن تقارن مع السفارات في العهد السابق بل هي مختلفة عنها تماماً. إذا نجحتم في أن تغيروا الوضع بشكل يصبح ميراثاً للأجيال القادمة فإننا لسنا مسؤولين عن عصرنا فقط بل عن المستقبل أيضا. إننا اليوم بعد أن إصبحت المسؤولية بأيدينا نعتبر أنفسنا مسؤولين عن المستقبل أيضاً. فليس صحيحا أن نركز إهتمامنا على الحاضر ونهمل المستقبل. إننا مسؤولون جميعاً وإنكم أيها السادة مسؤولون عن ترتيب أمور هذه السفارات بشكل إذا تسلم أمورها شخص آخر لا يتمكن من تغييرها بسرعة. واعملوا عكس ما كانوا يعملونه في السابق فأنا أعلم أن النهج لم يكن صحيحاً في العهد البائد. فلم يكن الهدف صحيحاً إذ كانت هناك الألاعيب السياسية التي يستخدمها في الغالب السياسيون للأغراض الشخصية أو للأغراض غير الشرعية. ويجب أن يتغير وضع السفارات اليوم بنحو إذا جاء احد إلى هذه السفارات يجب أن يحس بأنه دخل في بيئة إسلامية وأجواء اسلامية ولا يمكنهم أن يعملوا شيئاً فيها. على العكس من العهد السابق عندما كان يدخل سفير أرض ايران كانت الذئاب المنهمكة بافتراس الناس تتحول أمامه إلى ثعالب. لأنهم لم يعتمدوا على الشعب، كان اعتمادهم على شيءٍ واحد كان يمثله الشاه في الغالب وكان الشاه نفسه عميلًا لهم أو رئيس الوزراء. يذكر التاريخ أن السفير البريطاني ضرب المستشار الأعظم لإيران ودفعه نحو الحائط ولكمه على رأسه قائلًا له لماذا لا تنفذ ما أقوله؟ لقد قام سفير بهذا العمل. أما اليوم فإن السفير أو رئيس جمهورية أي بلد لا يستطيع ذلك حتى إذا كان من بريطانيا بل إن ملك بريطانيا لا يستطيع أن يعمل ذلك حتى مع الأشخاص العاديين هنا، هذا لأن اعتمادكم ليس على شخص واحد. إنكم من أبناء الشعب وتمثلون الشعب وتستندون إليه. يجب عليكم أن تغتنموا ذلك لكي نحافظ على هذه السنّة الالهية التي تركت بأيدينا لكي نصنعها للمستقبل، فالوضع الآن جيد إن شاء الله وإن لم يكن مأئة في المأئة ولكن حاولوا أن يكون جيداً مائة في المأئة، المهم هو المستقبل.
من أجل الأجيال القادمة
المهم هو أن تكون الحكومة في إيران بشكل إذا سلّمت للأجيال القادمة لا يتمكنون من تغييرها بسرعة. فالشعب جاهز وعلى الحكومة أن ترتب الأمور بشكل لو أنها انتقلت إلى الجيل الآتي لا يتمكن من القيام بما يخالف هذا النهج. يجب أن يعمل رئيس الجمهورية بشكل لا يستطيع الرئيس القادم من القيام بعمل غير صحيح. وكذلك البقية. على المجلس أن يعمل بحيث لا يستطيع المجلس القادم تغيير نهجه. إنه واجب علينا. إنكم مطالبون أينما كنتم بأن تدبروا الجوانب الأخلاقية والاعتقاديه والسياسية والاجتماعية وكل ما هو بأيديكم بشكل إذا انتقلت إلى شخص آخر يضطر إلى التظاهر بالطيبة حتى إذا كان سيئاً. مثلما كان الانسان الجيد في العهد السابق لا يمكنه ان يظهر طيبته للآخرين لأن الأجواء كانت لا تسمح للمتدين مثلًا أن يظهر تدينه. عليكم أن تخلقوا أجواءً لا يستطيع السفير أو القائم بالأعمال، إذا كان انساناً سيئا، لا يستطيع إظهار ما بداخله فيحاول أن يكون وضعه مثل وضعكم. فهذه قضية علينا أن نتابعها وأن نفكر في المستقبل فالاسلام يهتم بالمستقبل، إن لبلادكم مستقبلًا والذئاب من حولكم تتحين الفرص حتى تستعيد نشاطها من جديد وعلينا أن نحول دون ذلك فلتكن الأمور على نصابها فإذا رحل احدنا يجب ألا يتغير شيءٌ عليكم وهذا في رأيي موضوع مهم للوزارات والسفراء وللجميع.
مهمة السفراء والسفارات
أنتم لكونكم تقيمون خارج ايران فإن مسؤولياتكم أصعب، فالأوضاع في البلاد التي تقيمون فيها ليست منسجمة مع ظروفنا كثيراً. ونرجو أن تتحسن أمورها أيضاً. حاولوا أن ترتبوا أموركم بشكل لا تتأثرون بهم وأن يتأثر بكم كل من يأتيكم. أي إن كل من يدخل سفارة الجمهورية الإسلامية يتأثر بأجوائها، ويشعر بأن الوضع هنا جيد. ويستحسن بالكتاب أن يكونوا كذلك وأن يكون الموظفون في المستويات الدنيا والرؤساء كذلك فليلمسوا أن هذا الوضع خير من الوضع الذي كانوا فيه. فإذا أصبح الأمر كذلك فأنكم سوف تستطيعون النفوذ إلى قلوبهم وبذلك سيتم تصدير ثورتكم ونحن نريد تصديرها بهذا الإسلوب. إننا نريد أن يعمل سفراؤنا بشكل يتأثر بعملهم السفراء الآخرون وحكومات تلك الدول. بأن تعمل حكومتنا عملًا تتأثر به الحكومات الأخرى، وأن يعمل شعبنا ما تتأثر به الشعوب الأخرى، وآمل أن يتم ذلك بأيديكم لأنكم تعملون لله وأن تسنّوا سنّة حسنة بأيديكم تشاركون من يأتي بعدكم حسناتهم، وإن هذا الأمر مهم أن نكون نحن تحت التراب ويقوم الآخرون بأعمال جيدة ويكون ثوابها لنا. فإذا سننتم سنّة صحيحة فسيكون الوضع كذلك. وفقكم الله وأيدكم ونصركم إن شاء الله لكي تواصلوا أعمالكم.
والسلام عليكم ورحمة الله
* صحيفة الإمام، ج18، ص:244,241