يتم التحميل...

الموضوع: شمولية الامتحان الإلهي‏

خطاب

الحاضرون: اعضاء المجالس المحلية الاسلامية لتوزيع المواد التموينية بطهران - موظفو مركز بحوث الاتصالات

عدد الزوار: 58

التاريخ: 11 بهمن 1362 هـ ش/ 27 ربيع الثاني 1404 هـ ق‏
المكان: طهران، جماران‏
الحاضرون: اعضاء المجالس المحلية الاسلامية لتوزيع المواد التموينية بطهران - موظفو مركز بحوث الاتصالات

بسم الله الرحمن الرحيم

ابتلاء الجميع بالامتحان الالهي‏

لابد لي من شكر السادة الذين قدموا إلى هنا، وأدعو لهم بالتوفيق لخدمة عباد الله. وإنني أرجو أن يوفقكم الله وسائر الإخوة لخدمة هذا البلد الذي عانى الحرمان على مر التاريخ. لابد من القول بأننا وأنتم والخلق جميعاً في ميدان الإمتحان. أي لا يوجد شخص بالغ الرشد غير معرض للاختبار الالهي. وإننا نتحدث اليوم عن أنفسنا وعن مسؤولي بلادنا وشعبنا المحترم كل في منصبه إذ أن هذا المنصب هو في حد ذاته امتحان له. إن امتحان رئيس الجمهورية المحترم يتجلى في رئاسته، ماذا يعمل في منصبه وما هي أفكاره وما هي أخلاقه وكيف يتصرف. وكذلك جميع المسؤولين ونواب المجلس، فإن مقاعد البرلمان اختبار لهم بمعنى محك لأفكارهم وأقوالهم وأفعالهم. فهل هذا المقعد مسخر للاسلام أم أن الأمر غير ذلك. وهكذا الحكومة فهي محل الابتلاء للوزير ولرئيس الوزراء، وكذلك فإن الموظفين يبتلون في دوائرهم، وكما أن أفراد الجيش يمتحنون في مناصبهم، فإن ابتلائهم يتجلى في المكان الذي يمارسون نشاطهم العسكري، وهكذا حرس الثورة إذ تعتبر القدرة التي بأيديهم والسلاح الذي بأيديهم اختباراً لهم. فجميع الذين بأيديهم وسائل الخدمة فإنها تمثل ميداناً لاختبارهم. وهي التي تعكس أعمالنا في عالم الآخرة. فالبندقية ستعكس أعمال صاحبها كما أن المجلس يعكس أعمال نوابه في الآخرة، وكذلك الأعمال التي تبعث على الشكر، وأرجو أن يؤيدكم الله تبارك وتعالى إنكم هنا في ميدان الابتلاء وتنعكس أعمالكم، وانتبهوا إلى ألا تكون في يوم القيامة مدعاة للخجل، ويبدوأن ايران وشعبها مبتلون اكثر من غيرهم. لقد تحرر الايرانيون من نظام يعرفه الجميع، بأيد خالية واستطاعوا الإطاحة به وقطع أيدي أمريكا وسائر القوى من بلادهم فأصبحت البلاد اليوم بأيديكم فلا يأمركم أحد ولا يتحكم بكم أحد فليس هناك مستشارون أجانب ولا خبراء.

مسؤولية الجميع خدمة البلاد وإصلاح الأمور

إن الأمور بأيديكم وأنتم المسؤولون فلوكان الناس يُسئلون في النظام السابق لكانوا يجيبون: لا شأن لنا فليس بأيدينا شي‏ءٌ، ولكن الأمور كلها بأيديكم اليوم فمثل هذا العذر لم يعد مقبولا. فالذي يعمل بواباً لدائرة أو الموظف الجالس خلف مكتبه، أو المقاتل في الجبهات ومن يخدم خلف الجبهة، والتاجر المشغول بتجارته وكذلك المزارع الذي يعمل في مزرعته والعمال في المصانع وجميع الشرائح التي تعيش بهذا البلد، فالجميع مسؤولون عن مصير هذا البلد. فلا يظن أحد بأنه تاجر فلا يستطيع، أو آخر أنا موظف بسيط ضعيف، لا فرق بينكم في هذا الأمر فكل شخص في أي مكان معرّض للامتحان؟ كيف يتعامل مع من يراجعونه؟ هل هدفه الشيطان أم الله؟ لا يستثنى أحد من هذا الأمر. إن الأنبياء كانوا في معرض الإبتلاء أيضاً. فكل من يأتي إلى هذا العالم يكون معرضاً للابتلاء فلا يتصور أن أحداً لايراه. إن هذا العمل الذي تقومون به سينعكس ويطلع الله تبارك وتعالى عليه. إن ملائكة الله تراقبه. يجب أن نفكر في كيفية أداء اعباء هذه المسؤولية. فنحن الذين أصبح بأيدينا مصير البلاد مسؤولون جميعاً فلا يوجد من ليس مسؤولًا، كلنا مسؤولون. فلننظر كيف ننجز هذه المسؤولية التي تقع على عاتقنا حتى لا نخجل أمام الله تبارك وتعالى وأنبيائه يوم القيامة، ويتم ذلك عندما نؤدي واجباتنا بشكل صحيح كل من موقعه. فلو كان الجميع يرتكبون أعمالًا منكرة لا سمح الله، فإن عليك أنت أن تقوم بعملك بأحسن وجه ممكن. فليفكر كل واحد في مهامه. لا يتحمل أحد مسؤولية عمل الآخرين. فهو يأمر بالعمل ويراقب ولكن أحداً لا يستطيع أن يدرك عمق أعمالكم ولكنها في محضر الله. على الجميع أن ينتبه إلى أن الله تبارك وتعالى وملائكته يراقبونه. إن الأمواج التي تنتشر في العالم من أعمالكم سوف تشهد يوم القيامة عليكم. لذا عليكم أن تنتبهوا إلى أن المسؤولية جسيمة فالذين يخدمون في الجبهات وهم من فئات مختلفة فهناك أفراد الجيش والدرك والحرس و (البسيج) والعشائر والشرطة، جميع طبقات الشعب، فليراقب هؤلاء أن الموقع الذي يتواجدون فيه هو مكان امتحانهم. فهل هؤلاء الذين يدافعون عن بلادهم منسجمون فيما بينهم أم أن كل واحد يعمل على شاكلته؟ هل يعملون لله أم لأنفسهم؟ فإذا وجدوا في أنفسهم رغبة في التسلط والتحكم ولا يريدون للفئات الأخرى ذلك، فهذا معناه أن عملهم للشيطان. فلا أجر لهم إن استشهدوا. إن المقاتل الذي ينتمي إلى الحرس يجب ألا يتطلع لأن يستحوذ الحرس على كل شي‏ء. وكذلك أفراد الجيش وهكذا الأمر بالنسبة للآخرين. على الجميع أن يعملوا معاً لإنقاذ الشعب وإنقاذ البلاد والسير قدما. فلا فرق بين هذه المجموعة أو تلك، المهم هو الهدف. مثلما كان الأنبياء وأولياء الله. فالعمل لله وليس مهماً بيد من يتم إنجازه المهم أن يتحقق فهو لله، فإذا كان أفراد الجيش والحرس والمقاومة الشعبية وسائر القوات المسلحة يفكرون على هذا النمط فإنهم منتصرون في الجبهات ويكسبون الفخر عند الله تبارك وتعالى.

المشاركة في الانتخابات بدوافع إلهية

إن من يشارك في الانتخابات مرشحاً أو ناخباً، ومن يمارس دوره في العملية الإنتخابية، ومن يقوم بالدعاية لنفسه أو لغيره سيكون في معرض الإختبار. عندما رشحت نفسك للانتخابات لديك القدرة على تقديم الخدمة لبلادك وهل ترى في نفسك الكفاءة اكثر من غيرك؟ وعندما تقوم بالدعاية للانتخابات هل إن الدعاية شخصية أم أنها للاسلام؟ إذا كانت من أجل دخول المجلس والإستحواذ على منصب فإن هذه الدعاية التي تقوم بها لنفسك إنما هي دعاية للشيطان، وإذا كانت الدعاية لأجل الخدمة وتقول بأنني أستطيع أن أقدم خدمة لماذا أتنحى جانباً، فإذا كان الأمر بهذا النحو فإنه سيكون لله. وقد يخطئ الانسان في تقديره بسبب حب النفس لأنه يريد كل شي‏ءٍ لنفسه ولا يمكن منع ذلك إلا بترويض النفس. إن مثل هذا الإنسان وبسبب حب النفس يرى الأعمال التي تصدر منه أو من المقربين منه جيدة. ولكنها إذا صدرت من شخص آخر تبدو له سيئة. ولذلك فإن حب النفس يغيب الواقع فلا يستطيع الانسان التمييز بين الأمور. على الإنسان أن يسأل نفسه في مدى صدقه في إختياره للمرشح، وهل أن ذلك من أجل الله أم لدوافع شخصية؟ فإذا كان من أجل دوافع شخصية فليعلم أن القضية شيطانية وليست إلهية. وهذا أمر دقيق قد يخفى على الانسان. وعلى الاخوة والأصدقاء والمسؤولين أن يدققوا في هذه الأمور. ويسألوا أنفسهم لماذا أعمل هذا العمل؟ لماذا أعمل في مجال التوزيع؟ ولماذا أعمل في المجالس؟ ماذا أريد أن أعمل؟ لماذا أعمل في الاتصالات؟ ماذا أقصد؟ لماذا أريد الدخول في البرلمان؟ ولماذا أعمل في الجيش؟

السعي لاستقلال البلاد بدافع الهي‏

إذا أردتم أن تكون بلادكم مستقله ولا يستطيع أحد التدخل في شؤونها، فابدأوا بأنفسكم. إن المخاوف التي تعتري الانسان من العدو تنجم عن أنه لا يرى إلا نفسه. فإذا رأى الله في الأمر وعلم أنه يعمل لله فلن يخاف، لأن الأمور بيده عز وجل. لا تظنوا أنكم قادرون على أن تعملوا شيئاً. أنتم لا تستطيعون النوم في الليل إذا آذتكم ذبابة، ولن ترتاحوا في الليل والنهار إذا آذتكم بعوضة، وإذا هجم عليكم عنكبوت يتملككم الخوف، وإذا خطف منكم عصفور شيئاً لن تستطيعوا استعادته، هذا كله عجز وفقر ودليل على أن كل شي‏ءٍ منه سبحانه. إن هذا الاستقلال الذي أعطانا إياه الله لم يكن ليحدث لولا لطفه بنا. فكيف كان يتسنى لكم إسقاط نظام مدعوم من جميع القوى الشيطانية، في هذا العالم الملي‏ء بالفتن لولا فضل الله. ولولا لطف‏ الله كيف بامكانكم أن تطردوا أمريكا التي تكاد تبلع العالم من بلادكم، وقد سمعت إن الرئيس الأمريكي قال بأن إيران قد حقّرتنا. إن هذا بداية الطريق إن إيران ستحقركم حتى النهاية. لولا الفضل الالهي كيف كنتم تستطيعون أن تطردوا قوة بهذه الامكانيات والمعدات وتسيطر على العالم. إنها قدرة الله وألطافه فلا تغفلوا عنها. ولولا فضل الله كيف كنتم نموذجيين في العالم بقولكم لا شرقية ولا غربية فأنتم الوحيدون في العالم الذين ينهجون ذلك بحق. فالأدعياء في ذلك كثيرون ولكن الجميع يعلمون الحقيقة. ولولا الفضل الالهي من كان قادراً على عمل لا مثيل له في العالم. إنه فضل الله. إحفظوا ذلك بخدمة بلادكم التي سلمها الله إليكم.

ضرورة الاعتماد على الذات والتخلي عن الأجانب‏

إن بلادنا اليوم بحاجة إلى أمور كثيرة ولن ينفعكم الآخرون أبداً بل يسيئوا إليكم. عليكم بحل مشاكلكم بأنفسكم. حافظوا على هذه النعمة التي منّ الله بها عليكم حيث الحرية والإستقلال، إنها نعمة إلهية لا يتمتع بها الآخرون فهم إما تحت سيطرة الغرب أو تحت سيطرة الشرق. حافظوا على ذلك والحفاظ عليه يكون بإرادتكم. إن بلداً شهد ثورة وولد من جديد، من الطبيعي أن يعيش شيئا من الفوضى والشحة والغلاء. فالثورات في العالم لم تكن تشبه الثورة الايرانية التي فتحت الأبواب امام الجميع، فمن شاء دخل ومن شاء خرج. فبمجرد انتصار الثورة عمل الشعب على تشكيل الحكومة والبرلمان. ففي أي مكان يستطيعون ذلك؟ إن ذلك من فضل الله عليكم. لقد إبتلى البلد بحرب شنتها حكومة صدام البالية بدعم ومساندةجميع القوى العالمية، وقد بذلت هذه القوى كل ما في وسعها لإنقاذ صدام إلّا أنها لن تستطيع. وسوف تتمكنون من دحره بمفردكم أنتم لوحدكم بالتوكل على الله فالله هو الذي يحفظكم ويحقق لكم النصر.

تحمل الصعاب لحفظ الثورة والقيم الانسانية

عندما أقول إن لدى ايران مسؤولية اكبر من سائر البلاد، فلأن إيران موضع الألطاف الالهية اكثر من غيرها. أي بلد في العالم يعلن عن إنتهاجه نهجاً مستقلًا لاشرقية ولاغربية؟ إنه بلدكم. إنكم تعلمون ان من تبعات الثورة الفوضى وشحة السلع. فإذا أراد الانسان أن يحافظ على إنسانيته فلابد له من أن يتحمل ويصبر وإذا أردتم حفظ قيمكم الانسانية فلابد من دفع الثمن. لا يمكن للانسان أن يجلس في منزله وتصان قيمه الإنسانية فمن يجلس في منزله ويعتزل العالم فإنه سيتلقى الإساءات ولايشعر بفقدان انسانيته. فإذا كنتم تتطلعون للانسانية ونيل العزّ والسؤدد في العالم فإنه مكلّف لا يأتي بالمجان. إذا كنتم تتطلعون للتحرر من هيمنة الآخرين ونيل الاستقلال فلابد من التضحية. لابد من تحمل تبعاته الغلاء والنقص والجهاد والدفاع والاستشهاد. هذه كلها قيم انسانية عمل من أجلها الأنبياء و قتل بسببها الامام الحسين، فاذا كان هو وأصحابه القلة يفكرون في الصعوبات ما استطاعوا تحقيق ثورة ما زالت آثارها خالدة. ولايخفى أن العمل عندما يكون لله تهون تبعاته. ان الانسان يشاهد اليوم شباباً- وأنا أراهم كثيراً- يجهشون بالبكاء يودّون الذهاب إلى الجبهة ولكن لايسمحون لهم. لقد جاءني بالأمس أو أول أمس شاب استشهد اثنان من أشقائه وكان يرغب بالذهاب إلى الجبهة فقلت له: أيها الشاب يكفي إستشهاد اخوتك. فأخذ يبكي. حسناً إن مثل هذه الحالة المعنوية لا يمكن أن تظهر لأحد إلّا بفضل الله. إن اولئك الجالسين جانباً والذين ليس لهم همّ غير الأكل والراحة ويعترضون دوماً، يجب أن يلتفتوا إلى ذلك قليلًا فهم يعترضون بأن هناك مشكلة كذا وكذا. إنهم لا يدركون الوضع الذي نحن فيه. إنهم يتوقعون إصلاح دوائرنا وبلادنا وزراعتنا وكل ذلك بين ليلة وضحاها ولا يدركون الوضع الذي نحن فيه. إننا في حالة حرب وحصار اقتصادي. إننا في وضع تعلن أمريكا الحرب علينا علناً وتشن الحرب ضدنا ونحن لا نهتم بها. علينا أن ندرك بأن وضعنا اليوم بهذا النحو والمشاكل من تبعاته. ولا يمكن إصلاحه على وجه السرعة بل يحتاج إلى الصبر. إن ما حدث حتى الآن معجزة ليس لها مثيل في العالم، فلو أنكم نظرتم إلى التاريخ لن تجدوا مثيلًا للحالة التي فيها إيران، فحالة شبابنا ليست موجودة في التاريخ إلا عند أولياء الله. ونحن اليوم مبتلون بهذه القوى وعلينا أن ننهي هذه الحرب بالنصر سريعاً و يتم ذلك بتوجه شبابنا نحو الجبهات ولا يقولوا بأن الأمر قد انتهى غير مبالين بالحرب. لقد دخلت أمريكا الساحة الآن. طبعاً إن دخولها الساحة ناجم عن أسباب دعائية تعود إلى الانتخابات الأميركية وفي هذا كلام كثير. ولكن علينا أن نلتفت إلى أننا نخوض حرباً مصيرية لشعبنا وعلينا أن نحسم أمرها بسرعة وذلك بتوجه شبابنا نحو الجبهات ولا يتوقعوا من الآخرين أن يعملوا لهم، فكلنا مسؤولون. وأنا أرجو أن يوفقكم الله ويهدينا جميعاً سواء السبيل وأن يوفقنا لإنقاذ هذا الشعب الذي عانى المحن والصعاب على مرّ التاريخ وخدمته.

والسلام عليكم ورحمة الله‏


* صحيفة الإمام، ج18، ص:254,250

2011-06-21