الموضوع: تكريم مجاهدي الإسلام، توجيهات الى الشعب والحكومة والقوات المسلحة في البلاد
خطاب
المخاطب: الشعب الإيراني والقوات المسلحة
عدد الزوار: 125
التاريخ: 12 فروردين 1361 هـ. ش/ 6 جمادى الثانية 1402 هـ. ق
المناسبة: الذكرى السنوية الرابعة لتأسيس نظام الجمهورية الإسلامية (12 فروردين)
المخاطب: الشعب الإيراني والقوات المسلحة
بسم الله الرحمن الرحيم
في بداية السنة الرابعة لتأسيس الجمهورية الإسلامية نحمد الله تعالى على نصره للمقاتلين الإيرانيين الشجعان والملتزمين في البعدين المادي والمعنوي، حيث بلغوا برفعة الرأس مرحلة حققوا فيها معجزة العصر بتأييد الله وبقوتهم. وألحقت هزيمة منكرة بجيوش القوى الشيطانية المجهزة بالأسلحة الحديثة في فترة زمنية قصيرة أو إنها استسلمت أو هربت أو قتلت.
ان للثاني عشر من فروردين عام 61 لمعانا من نوع آخر في تاريخ إيران، ذلك هو لمعان نور الله ولمعان الدعم الإلهي الخاص للشعب الإيراني المظلوم المنهوب. وان الذي لا يرى هذا الدعم والمعجزة هو كالخفاش الذي لا يستطيع ان يرى نور الشمس الذي يضيء العالم. ومع وجود عوامل ودواعي الثقة والهدوء في العدو، مقابل عوامل الخوف والرعب في مجاهدي إيران، أي عامل هذا الذي خلق الثقة والهدوء فيهم وألقى الخوف والرعب في قلوب الأعداء؟ علما انهم كانوا مدعومين من قبل القوى العظمى وخاصة الشيطان الأكبر أمريكا. وكان معظم قوى المنطقة يقدمون لهم أنواع الأسلحة القادمة من جميع أنحاء العالم ومليارات الدولارات حتى لم يدخروا وسعا في تقديم الدعم التسليحي لهم، كما تمتعوا بدعم جميع وسائل الإعلام المؤثرة في العالم ومازالوا، فيما نحن نواجه الحصار الاقتصادي ونعيش مرحلة الثورة والاضطراب ونواجه المؤامرات الداخلية والخارجية القاسية. وقد هاجمونا غفلة عن طريق البر والبحر والجو واحتلوا قسما كبيرا من بلادنا واخذوا يدمرون ويقتلون وينهبون مدننا وشعبنا المظلوم، حيث كان ذلك من عوامل نشر الخوف والرعب في صفوفنا ومنح الثقة والهدوء للأعداء المهاجمين.
لكن ألم يتحقق في جبهات القتال مصداق قوله تعالى: (وقذف في قلوبهم الرعب فريقا تقتلون وتأسرون فريقا) 1.؟ كذلك ألم يكن المقاتلون في هذه الجبهات مصداق قوله تعالى: (هو الذي انزل السكينة في قلوب المؤمنين) 2؟ وهل ان ما حدث في صدر الإسلام من فتوحات إسلامية غير هذا الذي يحدث الآن؟ وهل ان هذه الإنجازات العسكرية خلال أسبوع امر عادي حيث تم إحصاء خمسة عشر ألف أسير حتى الآن وآلاف القتلى والجرحى في صفوف العدو فضلا عن الغنائم الحربية أمر عادي وطبيعي؟
يا الهي! ان مقاتلي إيران الشباب يرون النصر منك وليسوا مغرورين بقدرتهم، وإذا أخذهم الغرور فلأنهم يشعرون بأنهم مشمولون بعطفك ورعايتك وتأييدك لهم، فأنت الذي أنزلت الطمأنينة والسكينة في قلوبهم وقذفت الخوف والرعب في قلوب الأعداء أعداء الإسلام.
الهي! كل ما هو موجود فمنك، ونأمل ان تديم لنا رعايتك وتأييدك حتى النصر النهائي مادام أعداؤك يحاربون الإسلام وجنود الله وحزب الله حتى إقامة حكومة الله.
والآن اذكر بعض النقاط التي ينبغي ان يلتفت إليها الشعب والحكومة والجيش والحرس والتعبئة وسائر القوات المسلحة وهي:
1- علينا جميعا ان نعلم ان جميع الأمور ومنها الفتح والنصر بيد الله تعالى: (وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم) 3 وينبغي ان لا يجعلنا هذا النصر المبين وسائر الفتوحات نشعر بغرور القوة وان لا يسيطر علينا شيطان النفس، فالغرور يؤدي الى الضعف والهوان. وينبغي على القوات المسلحة ان تكون مستعدة في الحرب حتى آخر لحظة وتحقيق النصر النهائي، وان لاتغفل أبدا عن حيلة وخطر العدو، خاصة العدو الذي تسعى جميع القوى الشيطانية للمحافظة عليه، وهو يعلم أيضا ان هزيمته تعني نهايته. وينبغي على المقاتلين الأشاوس ان يعززوا مواقعهم في الحدود والخنادق والقواعد وألّا يغفلوا لحظة عن هجوم العدو فان لحظات النصر حساسة جدا. فكونوا بذكر الله والتعلق بنصره مستعدين ومتهيئين، ولا تعتبروا العدو حقيرا ومسكينا، أدعو الله أن يتفضل عليكم بالنصر.
2- لا تقلقكم الأبواق الدعائية التي تبث الأكاذيب وتختلق الشائعات وتخدم المجرمين الكبار للتعتيم التي تمارسه هذه الأبواق على انتصارات مقاتلينا الشجعان وتلتزم صمت القبور وتتحدث أحيانا عن تقدم القوات الصدامية المهزومة والعاجزة في شوش وديزفول. ونحمد الله لان هذه الأبواق لن تستطيع فرض التعتيم على هذه الانتصارات الساطعة كالشمس، وعندما بلغت فضيحة السكوت ذروتها اضطرت هذه الأبواق الى نقل بعض الأخبار وهي في حالة من الارتباك. فانتم أيها المقاتلون الأعزاء الشجعان الذين تتقدمون الى الإمام بذكر الله تعالى ونداء الله اكبر وتهاجمون العدو، لا تتوقعون من هذه الأبواق الدعائية المهزومة ان تعكس انتصاراتكم بشكل صحيح، ولا ينبغي ان تتوقعوا ذلك فانتم كالقمر تعكسون الضياء وهم ينفخون أبواقهم على عكس التيار. وانتم تجاهدون وتدافعون من اجل العقيدة وتنتظرون الرحمة من الله، فاتركوا الأبواق الدعائية الاستعمارية لتدافع عن الغافلين عن الله، الذين يحاربون الإسلام من اجل الدنيا والشيطان. فانتم المنتصرون الشرفاء واعتمدوا على الله تعالى وتقدموا الى الإمام (والعاقبةُ للمتقين) 4.
على الرغم من ان الحرب والدفاع عن الحق والوطن يستدعي بذل الجهود وتقديم والخسائر ويسلب منا الشباب العظام ويشرد المظلومين من ديارهم. إلا إنها تتضمن بإرادة الله تعالى أمورا عظيمة ومهمة. ومنها ان هذه الحرب المفروضة نشرت عظمة الإيمان والإسلام في هذا العالم الواسع، وان إيران العظيمة التي كادت تتحول من خلال خيانات الأسرة البهلوية وعملائها الى دولة عميلة ومستهلكة ويتحول الشعب الى شعب ميت يحني رأسه لتلقي الضربة وتقبل الظلم، فإذا بها تخلق طفرة وتصنع ثورة إلهية وتخوض بنصر وشجاعة حربا غافلتها وشنت عليها بمؤامرة ناهبي العالم والعملاء الجاهلين وبدعم علني وخفي من القوى العظمى، وتنزل الضربات القاصمة على الصداميين الحمقى وعملاء الامريكان في المنطقة وحطمت الأساطير الشيطانية واحدة بعد أخرى. وكأن يد علي بن أبي طالب عليه السلام المباركة في يوم الخندق هي التي خرجت من أكمام جنودنا ووقفت بصلابة في مبارزة الإسلام كله الى الكفر كله. ان إيران اليوم عرفت بين الأعداء والأصدقاء في العالم كدولة صاحبة مدرسة مقاومة تقف أمام القوى العظمى، حيث الذين ناصبوا، جهلا أو حسدا وبسبب العقدة من الجمهورية وهؤلاء الشباب المقتدرين، العداء ينظرون في بواطنهم وذاتهم الداخلية الى هذه الانتصارات نظرة إعجاب وتعظيم ويشعرون بالألم منها.
4- نعلم ان الإيمان والالتزام بالإسلام الصحيح، يستدعي ان يتعامل مقاتلو الإسلام مع أسرى الحرب واللاجئين بالرأفة والمروءة وبأسلوب إسلامي وهو ما يفعلونه، إلا ان التذكير والتأكيد مفيد في هذا الصدد. فينبغي على شبابنا والمسؤولين عن الأسرى واللاجئين ان يجعلوهم يتذوقون حلاوة رحمة وعظمة الإسلام، وان يتعاملوا معهم بالشكل الذي كان يتعامل به مولاهم وإمامهم العظيم مع اقذر وأشقى خلق الله- ابن ملجم لعنه الله تعالى - 5 حتى يشعر الأسرى الذين تلقوا ضربة معنوية بالراحة والتلافي في ظل الحكومة الإسلامية، حتى يعودوا بعد إطلاق سراحهم مبلغين للإسلام وأحيانا يضحون في سبيله وهذا في حد ذاته خدمة عظيمة للإسلام والجمهورية الإسلامية. وما اكثر الأسرى واللاجئين الذين أرسلوا الى الحرب بتهديدهم وعوائلهم بالقتل كما قال بعضهم ذلك، ولا تظنوا انهم يحملون الطبيعة الإجرامية والوحشية الموجودة في أمثال صدام. وما افضل ان يصنع الشباب الأعزاء والمسؤولون عن هؤلاء المغرر بهم، من موجود صدامي أو خادم للجريمة إنسانا إسلاميا يخدم المدرسة القرآنية المقدسة وليعلموا انه من أحيا نفسا فكأنما أحيا الناس جميعا 6، فالهداية اكبر مظاهر الإحياء.
5- ان العالم وحتى الذين عميت بصيرتهم يعلمون ان إيران تتحدث من موقع القوة. وهي هبة إلهية ... وإنها مازالت متمسكة بما قالته في اليوم الأول، وإننا لسنا في حرب مع أي دولة سواء كانت إسلامية أو غير إسلامية وندعو الى السلم والتفاهم مع الجميع، ومازلنا في موقع الدفاع وهو حق إنساني وفريضة إلهية على كل إنسان وليست لدينا نية الاعتداء على أي بلد كان، بل ندعو الدول الإسلامية ان تقف الى جانب بعضها البعض وتعلن التزامها الإسلامي بالدفاع عن حقوق المسلمين والدول الإسلامية ضد اعتداءات المعتدين كإسرائيل المعتدية. وإذا ما تحقق هذا الأمل القديم للشعب والحكومة في إيران، لا تستطيع قوة مهما كانت عظيمة ان تعتدي على الدول الإسلامية أو على واحدة منها أو تمارس ضدها القوة والضغط، وإننا نعتقد ان مصلحة جميع الدول لاسيما المجاورة ودول المنطقة هي ان لا تورط نفسها في الهلاك الدنيوي والعذاب الأليم في الآخرة من أجل ارضاء شهوات صدام وطموحاته ومغامراته ومن اجل مصالح وتسلط القوى العظمى التي دفعته الى الفخ والهلاك. وان تتعامل بأسلوب سلمي مع دولة تمد يد الاخوة الى جميع المسلمين في العالم وتتعامل معها بالاخوة التي منّ بها الله، وان تأخذ العبرة من ممارسات صدام الجنونية وعاقبتها، ولتعلم بان القوة لو توفرت لصدام العفلقي التوسعي- لا سمح الله- فانه لا يتعامل معها بأقل من تعامل إسرائيل، وسوف تندم هذه الدول عندما تبتلي بإسرائيل الثانية أو أسوأ منها. إذن من الأفضل ان يقبلوا هذه النصيحة الإسلامية وان لا يلعبوا بالنار، ومن الأفضل أيضا ان يتضامنوا مع الشعب الثائر المظلوم في فلسطين المحتلة ويدافعوا عمليا عن مظاهراتهم واحتجاجاتهم ضد الاعتداءات الإسرائيلية، حتى ينتصروا على هذا العفريت والمحتل الملحد كما انتصر الشعب الإيراني المسلم بمظاهراته وثورته الإسلامية على النظام الملكي الظالم وأسقطه. ويحدونا الأمل ان يواصل المظلومون في الأراضي المحتلة مظاهراتهم وعملياتهم ضد الكيان الصهيوني حتى يحققوا النصر. أدعو الله تعالى بالسمو للإسلام واتباعه وبسقوط الرايات الشيطانية.
* صحيفة الإمام، ج16، ص:126,123
1- سورة الأحزاب/ الآية 26.
2- سورة الفتح/ جزء من الآية 4.
3- سورة آل عمران/ الآية 126.
4- سورة القصص/ جزء من الآية 83.
5- ابن ملجم المرادي أحد الخوارج الذي اغتال الإمام علي عليه السلام في محراب العبادة بمسجد الكوفة.