الموضوع: الاستعداد لمواجهة الموامرات الداخلية والخارجية
خطاب
الحضور: ائمة جمعة محافظة زنجان
عدد الزوار: 68
التاريخ: صباح 16 خرداد 1361 هـ. ش/ 13 شعبان 1402 هـ. ق
المكان: طهران، جماران
الحضور: ائمة جمعة محافظة زنجان
بسم الله الرحمن الرحيم
الاستعداد لمواجهة المؤامرات
في البدء يجب ان اقدم شكري للسادة الذين تحملوا العناء وشرفونا بمجيئهم ووفقنا للقائهم. ان الشيء الذي ابتلينا به اليوم وليس من المعلوم ان ينتهي هذا الابتلاء بهذه السرعة، هو هذه القضايا التي من الممكن ان تحدث بعد الانتصار في الحرب والتي حدثت حتى الان. فليس من المعلوم ان تكف امريكا عن مطامعها في هذا البلد بهذه السرعة. ونحن ايضا وشعبنا نعمل على ان لا تعود مرة اخرى إلى الوضع الذي كان في السابق، وتلك العبوديات التي كانت تتحملها من كل جانب، وتلك المحروميات التي كانت تفرض عليها، وتلك الممارسات المخالفة للمعايير الاسلامية. ولذلك، يجب علينا ان نعد انفسنا للمقاومة. فكما ان هذه الثورة تحققت ومضت إلى الامام وانتصرت بفضل مقاومة جميع الشرائح من علماء دين والشرائح الاخرى، فان علينا نحن ايضا ان نكون مستعدين لمواجهة الضربات التي من الممكن ان توجه الينا - لا قدر الله -، سواء من ناحية هذه الفئات الداخلية التي تم القضاء على مصالحها غير المشروعة، وتلك المظالم التي مارستها بحق الجماهير المحرومة لم تعد تستطيع الان ممارستها بحقهم، الا انها تريد ان تكررها. وسواء من الخارج, اولئك الاشخاص وتلك الحكومات المرتبطة بامريكا او القوى الاخرى. وعلى شريحة علماء الدين حفظهم الله جميعا ان يؤدوا هذا الواجب على النحو المطلوب, اي، أن يحافظوا على استعداد الشعب. فمن الممكن ان لا يعلم الشعب عامة الشعب ما الذي حدث. بل ان الاشخاص الذين يأتون من الخارج، او الشخصيات في الخارج والذين يبعثون لي الرسائل احيانا، يقولون لي هم ايضا اننا لا نعلم ما قمنا به، وما الذي حدث في العالم. وهذه هي الحقيقة بالفعل فنحن مازلنا غير قادرين حتى الان على ادراك العمل الذي قام به هذا الشعب في ظل الاسلام وفي ظل امام الزمان سلام الله عليه -، يجب ان ندرك ذلك بشكل تدريجي، ولكن وحسب علمنا فان جميع وسائل الاعلام المرتبطة بامريكا والاتحاد السوفياتي واسرائيل وبريطانيا وجميع البلدان يبدو واضحا من لهجتهم انهم تلقوا ضربة. واذا استمعتم فان كل هذه الاكاذيب وكل هذه الشيطنات ليست امرا عاديا. ان هناك حروبا كثيرة تحدث في العالم، وتحدث الكثير من المذابح، ولكننا عندما نلاحظ نرى ان القليل فقط من القضايا التي تحدث في العالم من الممكن ان ينعكس، ولكن قضايا ايران تنعكس كل يوم وليلة في وسائل الاعلام ويضخمونها الا انهم يصغّرونها ان كانت لصالح ايران، اما اذا كانت في ضرر ايران فانهم يضخمونها وعلينا ان ندرك من هذه اللهجة انهم قد تلقوا ضربة وهذه الضربة التي تلقوها هم الذين يدركونها ونحن لا ندرك ما هي ولكنها بشكل بحيث انها تملي علينا ان نحافظ على تلك المقاومة والروح الاسلامية.
التأسي بالنبي في تحمل المشاكل
على السادة ان (ياخذوا بنظر الاعتبار) تلك القضايا التي حدثت في صدر الاسلام، تلك المصاعب التي مرت على نبي الاسلام نفسه - صلى الله عليه وآله -، عندما كان في مكة، وعندما كان في المدينة، فلو لاحظ احد تاريخه، فسيرى ان من الممكن القول عنه انه لم يمر بيوم خلا من المتاعب، طبعا من النواحي المادية فقد كان مشغولًا كل يوم بأمور وكانوا يسببون له المتاعب. وعندما كان في مكة نرى تلك المؤامرات التي دبرتها قريش ضده، وتلك الاهانات، والاذى حتى انه لم يستطع البقاء في مكة نفسها وقد حاصروه هم بدورهم اقتصاديا ولم يسمحوا بوصول شيء اليه. وقد كانوا احيانا يحصلون على الثروة من خلال بعض المشاق, خديجة التي كانت ثرية ولكنها أنفقت هذه الثروة بسخاء للنبي، حتى بلغ بها الامر على ما يروى انها كانت تمتص لحاء الاشجار لتقيم اودها. ان علينا ان نفكر فيما قام به النبي. ولماذا كان يفعل ذلك، انه بشر ولكنه يرى ان عليه واجبا, اي بشر حدد له الله واجبا. فبعث هذا الاسلام وامره ان يستقيم: فاستقم كما امرت ومن تاب معك 1 لقد وردت هذه الاية الكريمة في موضعين من القرآن: الاول سورة الشورى: والاخر في سورة هود النبي سلام الله عليه والاختلاف بين سورة (هود) وسورة (الشورى) ان الاولى تقول: فاستقم كما امرت 2 والثانية: فاستقم كما أمرت ومن تاب معك. فيقول النبي: شيّبتني فقد نقل عنه انه قال: شيبتني سورة هود لمكان هذه الآية 3 ذلك لانه كان قلقاً من ان لا يستطيع الاشخاص الذين كانوا معه الاستقامة والصمود. لقد كان هو نفسه مستقيما وصامدا، لكن ومن تاب معك كانوا مكلفين ايضا بالاستقامة, فكما ان النبي مأمور بالاستقامة والمقاومة، فان كل شخص معه وآمن به، مكلف بنفس هذه المهمة وهذه المهمة باقية حتى النهاية.
ان علينا الان ان نؤدي هذه المهمة بالشكل الذي نستطيعه واذا التفت جميع ابناء الشعب إلى هذه القضايا والمصائب التي مرّ بها النبي والمسلمون في صدر الاسلام، فقد كانت هناك مصائب كثيرة ونحن لم نصل بعد تلك الدرجة. انتم تلاحظون ان هناك غلاء كبيرا في ايران، وهذا واضح، الا انه ليس هناك ازمات، وان يعاني الشعب من الجوع، فالمواد الغذائية متوفرة، ولكن اسعارها مرتفعة. والحكومة تعمل الان على ان تحقق الرفاهية للطبقة الفقيره من الشعب ما امكنها ذلك وسوف تحقق ذلك ان شاء الله. ان علينا ان ننشر الوعي بين جماهير الشعب بأنها مبتلاة بالدعايات المغرضة التي تبث من قبل الشراذم في الخارج، ومن الاذاعات. ان علينا ان نوعي الشعب بأنه قام بعمل وان هذه الاذاعات غيّرته إلى هذه الدرجة وان هؤلاء المرتبطين بالقوى الاجنبية يتابعون هذه القضايا. ترى لماذا لا يتابعون القضايا في الاماكن الاخرى إلى هذا الحد؟ السبب هو ان الشعب قام هنا بعمل لا نظير له. فالاعمال التي تمت في الاماكن الاخرى والثورات التي حدثت، كانت معتمدة على قوة ما، فان وجهت اليها ضربة من جبهة اخرى فانها كانت تعتمد على شخص ما. فالذي يقوم بانقلاب، فانه اما ان يكون مرتبطا بالاتحاد السوفياتي او بامريكا. والانجاز الذي قمتم به وقام به الشعب، هو نموذج حيث لم تكن هذا المسائل مطروحة بهذا الشكل في هذه القرون الاخيرة وقبلها اصلا. ففي ذلك الوقت الذي كانت فيه قضايا هذه القوى مطروحة وكان (عدم الالتزام) هو السائد، لم تحدث حتى الان مثل هذه القضية وهي ان يريد شعب ان يكون مستقلا ويبني نفسه بالامكانيات التي يمتلكها، ويعمل على ان يوصلوا انفسهم إلى المرحلة التي لا يحتاجون فيها إلى الاخرين، وان لا يتكلوا لا على المعسكر الشرقي ولا على المعسكر الغربي. ان هذه الظاهرة مقتصرة على ايران وخاصة بها وعندما تكون القضية كذلك فان على جماهير الشعب ان تعرف ان العمل ضخم، الا ان العمل الضخم بحاجة ايضا إلى جهود كبيرة. على ان الهدف من هذا العمل ليس ماديا. لقد اطلق هؤلاء المسلمون في ايران وهذا الشعب منذ البدء صرختهم وهي انهم يريدون الجمهورية الاسلامية، ويريدون احكام الاسلام. وعندما نريد ان نخدم الاسلام، فان علينا ان لا ننتظر ان يهدى لنا بستان لاننا نريد ان نخدم الاسلام. اننا نخدم من اجل الاسلام، والله هو الذي يعطينا الاجر.
اتهام إيران بإقامة علاقات مع إسرائيل
وعلى هذا، فان من الأمور التي يجب أن تكون بعد أية ثورة، والتي يجب أن تكون على اثر هذه الثورة أكثر من أي مكان, أي، المقاومة في مقابل جميع المشاكل التي يخلقونها لنا من كل صوب. فأنتم تلاحظون ماحدث أمس عندما تدفق أبناء الشعب في الشوارع ونظموا المسيرات، لإحياء يوم 15 خرداد, ذلك اليوم الذي وجهت فيه ضربة إلى الشعب، لقد قصف صدام إيلام، قصف أناساً محرومين، منطقة محرومة، وهم يشاركون في مسيرة. وقد اتضح حتى الآن أن 40 شخصاً استشهدوا دون أن يعرف العدد الحقيقي من الشهداء، واتضح أًن 200 شخص جرح حتى الآن. لو حدثت ذرة واحدة من هذه الجريمة الكبرى من جانب الحكومة الإيرانية، لرأيتم حينئذ ما ستفعله وسائل الاعلام. فنراهم ينقلون ذلك كالتالي :" لقد حدث ذلك على ما تقول إيران " ثم يقولون بعد ذلك إن صداماً قال إن ذلك هو انتقام لما فعلوه بالبصرة! عندما يكذب صدام فإن عليهم أن يجدوا عذراً له. إنه يطلق كذبة، ويرتكب مثل هذه الجريمة، وعلينا أن نتوقع هذه الجرائم. إن علينا أن لا نسأل لماذا حدث ذلك، فسببه معلوم، سببه تلك الثورة التي قمتم بها. إنكم تريدون الإسلام، وهم يقولون إن الإسلام يجب أن لا يكون، يقولونها بصراحة, أي، إن حكومة مصر مثلًا تقول بصراحة ان هذه الجمهورية الإسلامية يجب أن لا تكون. فقد التقى رئيس جمهورية مصر، رئيس جمهورية إسرائيل، وتحالفا على أن يضربوا الإسلام. إنه يدعي أنه رئيس جمهورية بلد مسلم، والعراق يدعي أن إيران مرتبطة بإسرائيل ولكن إسرائيل ومصر تتعاهدان على أن تساعدا العراق ضد إيران، نفس ذلك الشخص الذي يدّعون أنه يساعدنا واذا ما لاحظتم فسترون أنهم يقومون بلعبة في هذه الأيام في الإذاعات الخارجية. فأصبح ذلك معارضاً، وأصبح ذاك مؤيداً، وقال ذلك: لماذا فعلتم ذلك؟ وقال الآخر لقد كنتم تعرفون بذلك! وقال ذاك نحن لم نقل لكم أن تفعلوا هكذا، وقال مجلسهم: لماذا حدث هكذا، فتعاملوا مع القضية وكأنها مسلّم بها. وكانوا بعد ذلك يتحدثون عن كيفية القضية قائلين للشعب اعلموا أن تعاوناً قد تم، ومساعدة قدمت، ولكن جرى حديث حول سبب تحول كيفيتها إلى هذه الشاكلة. لقد كان ذلك مناورة أطلقوها، لو كان افتضح أمرهم. اذا كانت إسرائيل تدعم لا سمح الله - إيران، ولحق مثل هذا الامر بإيران، فإن عليهم أن لا يمدوا ايديهم إلى مصر خشية أن يهزم صدام، ولو أن إسرائيل كانت قد وجهت تلك الضربة التي كانت قد تعرضت لها احدى قواعدهم، ثم اتهموا إيران بها، فإن عليهم أن لا يتحالفا الآن كي يضر بإيران، ويضر بالإسلام، وحينئذ فاني لا أدري ما يجب أن أقوله للبلدان الأخرى. وهنا ينطبق المثل القائل: أريد حياته ويريد قتلي 4، إن إيران تريد أن تبقيهم أحياء، تريد أن تحافظ عليهم، تريد أن تنقذهم من هذه المشاكل التي يعانون منها، من هذا الذل، إنهم يريدون قتلنا, علماً أنهم لا يستطيعون ذلك.
ولكن لماذا يجب أن تكون البلدان الإسلامية هكذا؟ لماذا يجب أن يعيشوا هذا الوضع لتطمع إسرائيل في أن تهاجم بلداً اسلامياً، تهاجم لبنان؟ وكل ذلك سببه أنهم أمهلوا إسرائيل، وتربطهم علاقات صداقة معها، ولعلهم يساعدونها وما إلى ذلك. فعلينا أن نقاوم.
عدم طرح المشاكل الخاصة على المنابر العامة
إن على ائمة الجمعة والجماعات وعلماء جميع البلاد أن يُفهِموا أبناء الشعب أننا قمنا بعمل فيه مشقة، واننا فعلناه لله، وكلكم أيضاً تقولون إن العمل الذي يقام به لله يحتاج إلى عناء. الجنّة حُف - ت بالمكاره 5. فالشخص الذي يريد الوصول إلى جنة لقاء الله عليه أن يتحمل المكاره وأن لا يصيبه الفتور. فعلينا أن نحذر من أن يتسبب هؤلاء الفضوليون في فتور الناس. ومن الأمور التي قلتها للسادة دوماً، فضلًا عن ضرورة أن تسود وحدة الكلمة بينهم، وكما قال الأخ فليعقدوا بعض المؤتمرات، وبعض الاجتماعات، وليجتمعوا سوية مرتين، أو ثلاث مرات في كل شهر، وليتفاهموا، وكذلك مع سائر العلماء في المدن الأخرى، وعلى كل شخص أن يكون له هذا التفاهم في محافظته، وأن يرتبط فضلًا عن ذلك مع المسؤولين الحكوميين. واذا ماحدث اشكال، فإن عليهم هم أنفسهم أن لا يرتقوا المنابر ويعلنوا لأبناء الشعب أن شيئاً كهذا قد حدث، فهذا من شأنه أن يضعف الحكومة، والمحافظة على هذه الحكومة واجب اليوم, اي انه واجب شرعي، فكما إن إزالة ذلك الفساد واجب علينا اليوم، فإن المحافظة على هذه الحكومة هو واجب الآن أيضاً. إذا ما ظهر إشكال في وقت من الأوقات من قبل محافظ في مكان ما، أو قُدمت شكوى ضد رئيس آخر في مكان آخر، فإن على السادة - أقصد جميع علماء المدن وخاصة أئمة الجمعة الذين يتحدثون بشكل عام مرة كل أسبوع أن يحلوا ذلك الإشكال بأنفسهم، ثم يرجعوا على إثر ذلك إلى المسؤولين المعنيين، وأن لا يتوجهوا إلى أبناء الشعب ويعلنوا لهم ما فعل هذا وذاك، فذلك يتسبب في إضعاف (الحكومة) وليس من صالحنا اليوم أن (نُضعف) مثل هذه الحكومة التي تخدم اليوم الشعب بكل كيانها، وبالطبع فإن كل خادم قد تصدر منه أحياناً بعض الأخطاء، وهكذا كان الأمر دوماً. وأنتم أنفسكم الخادمون للشعب قد يظهر أحياناً بينكم شخص يصدر منه خطأ، فعلينا أن لا نبادر إلى الكشف لأبناء الشعب عن هذه الأخطاء التي تحدث، بل علينا أن نحلها بأنفسنا بشكل خصوصي، وفي اجتماع خصوصي، يضم العلماء، ونتحدث بشأنها. والمحافظون الآن ليسوا كالسابق، فهم يلبّون دعوة العلماء, فهم الآن من صلب الشعب نفسه، ويتواجدون بينهم، ويتفاهمون معهم، وهكذا الحل بالنسبة إلى المسؤولين الآخرين والحمد لله، فهم كلهم من الشعب، اعتباراً من رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية وحتى الآخرين، فهم مثل بقية الشعب وهكذا هم مثل الآخرين الذين يجلسون سوية في الاجتماعات. إنني أرجو لكم التوفيق إن شاء الله وأن نوفق. كلنا في خدمة هذه الجمهورية وفي تأييد جميع المسلمين وفي تعزيز الوحدة بيننا وبين الجميع وفي توعية أبناء الشعب بمسؤولياتهم. فمن الأمور المهمة أن يبصّروا أبناء الشعب بواجباتهم ويذك - روا بمصاعب صدر الإسلام, ماذا كانوا يفعلون آنذاك وكيف أوصلوا الإسلام الينا، إن هذا شيء يجب أن يقال، وأنا آمل ان شاء الله أن توقظ الأنفاس الدافئة للسادة أبناء الشعب، وأن يوفقوا إن شاء الله. وأنا عليّ بدوري أن أقوم بواجبي وهو الدعاء، فادعوا لي بالتوفيق، وأنا بدوري أدعو لكم وللجميع.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
* صحيفة الإمام، ج16، ص:232,227
1- سورة هود الاية 112.
2- سورة الشورى الاية 15.
3- علم اليقين ج 2 ص 971.
4- شطر من بيت يقول: أريد حياته ويريد قتلي فأترك ما أريد لما يريد
5- أصل الحديث: " حُفَّت الجنة بالمكاره". بحار الأنوار، ج 67، ص 78، ح 12.