الموضوع: حقيقة الجمهورية الإسلامية المجهولة للعالم، إدعاء صدام للسلام المزيف
خطاب
الحاضرون: جمع من المسؤولين وطلبة الكلية العسكرية وعدد من الضباط وضباط الصف، والعاملات في دائرة الطوارئ لشهداء الجيش
عدد الزوار: 121
التاريخ 11 مهر 1361 هـ ش/ 15 ذي الحجة 1402 هـ. ق
المكان: طهران، حسينية جماران
الحاضرون: جمع من المسؤولين وطلبة الكلية العسكرية وعدد من الضباط وضباط الصف، والعاملات في دائرة الطوارئ لشهداء الجيش
بسم الله الرحمن الرحيم
تركيبة الجمهورية الإسلامية وماهيتها المجهولة للعالم
أشكر حضور الاخوة الأعزاء الذين قدموا إلى هنا بوجوههم النورانية، ولن أنسى الدعاء دائماً لجميع الفئات لا سيما جُند الإسلام ..
لا بد لكم من الالتفات إلى هذا المعنى وهو أن الجمهورية الإسلامية تستند إلى قوة يجهلها العالم .. إن مثل هذه التركيبة غير مسبوقة في العالم أصلًا. تركيبة يلتقي فيها الجيش ورجال الدين، رجل الدين وحرس الثورة. إن مثل هذا المزيج لم يعرفه العالم من قبل، ولذلك تظافرت كل الجهود لمواجهة هذه الثورة ومحاولة الانقضاض عليها، لأنهم لم يشهدوا من قبل مثل هذا الاجتماع والتضامن بين مختلف الفئات والشرائح والطبقات. إن هذه التركيبة التي تتسم بها الحكومة الشعبية، والتي تتكاتف فيها الجماهير والمسؤولون، هي تركيبة مجهولة. فما كان يعرفه العالم يقتصر على الجيش الطاغوتي والحكومة الطاغوتية والرازحين تحت نير الظلم حيث ينبغي لهم تجرع مرارة الظلم إلى الأبد. فلا قادتكم ولاجنرالاتكم اليوم هم من سنخ الجنرالات الذين كانوا في عهد النظام الطاغوتي، ولا حكومتكم من سنخ تلك الحكومات، ولا القوات المسلحة من النسيج الذي كان سائداً في السابق، أو في دول العالم الأخرى.
إن الجمهورية الإسلامية نظام أبدعه الإسلام، وأن العلماء والخبراء الذين اعتادوا التعاطي مع أمور محددة، ليس بوسعهم التعرف على هذا المولود الجديد، كذلك لا يستطيعون إدراك واستيعاب فكرة هذا المولود والدافع الذي يقف وراء تحركات الجماهير، لأنهم عاجزون عن إدراك الإيمان الذي تعمر به قلوب ابناء الشعب.
وأنتم ترون أن نظرتكم اليوم إلى قادتكم تختلف عما كانت عليه في السابق. كما أن نظرة قادتكم إليكم تختلف أيضاً. ففي السابق كان القادة ينظرون إلى مَنْ تحت إمرتهم وكأنهم عبيد لديهم، ولم يكونوا على استعداد للجلوس معهم بشكل خصوصي والاستماع إلى همومهم والاطلاع على شكواهم كي يفهموها. بيد أن قادتكم اليوم لا يختلفون عنكم ويتواجدون على الدوام بينكم، مثلما تعتبرون أنتم نور عيون قادتكم وتتواجدون بينهم.
إن فشل كل المؤامرات التي تحاك ضدنا يكمن في أننا نمثل كائناً لم يتعرف عليه العالم بعد. فالعالم لم يسبق له أن تعرف على مثل هذا المولود، وحتى يتسنى له التعرف عليه فإن ذلك سوف يستغرق وقتاً طويلًا.
إن التحول الذي حصل لهذا الشعب، بما في ذلك الجيش والحرس والقوات العسكرية والأمنية، هو تحول إلهي، لذا لم يستوعب العالم بعد حقيقة الجيش الإسلامي. فالصبغة الإسلامية السائدة لدى بعض الدول تختلف عن الطبيعة الإسلامية التي تعيشونها اليوم في ظل الجمهورية الإسلامية. كما أن الجيوش الموجودة في العالم تختلف عن جيشنا كلياً. فاينما تنظرون إلى قادة الجيوش ترونهم يعتبرون من دونهم عبيداً لهم. غير أن الجيش الإسلامي يختلف تماماً، سواء على صعيد قادته وضباطه أوجنوده.
أوضاع القوات المسلحة في السابق والحاضر
في النظام السابق، وطوال التاريخ الشاهنشاهي، كانت الجيوش عدائية بطبيعتها. وإذا كان هناك جيش فإنه كان مكلفاً في انحاء البلاد بقمع الناس. وإذا وجدت الشرطة فمن أجل التعدي على المظلومين .. إنكم تتذكرون جيداً، أن الذين كانوا في الجيش يدركون حقيقة الاوضاع التي كانت سائدة فيه وكيف كان يتعامل قادته مع من هم تحت إمرتهم، وكذلك تعامُل الرتب العسكرية مع مرؤوسيهم، وكيف كان الجنرال واللواء والفريق يبطش بالمظلومين ممن هم تحت إمرته. غير أنه كان يقف أمام الأجنبي خانعاً ذليلًا. وكل ذلك لأنهم كانوا أناساً يفتقدون للتدين، أناساً كانوا يجهلون الإسلام والمدرسة الإسلامية.
وانتم الذين تتواجدون اليوم هنا، وقد وفقكم الله تعالى للالتحاق بكلية العسكرية، يجب أن تعلموا بأن أوضاعكم قد اختلفت عما كانت في السابق، فأنتم اليوم تمثلون جيش الله، جيش صاحب الزمان- سلام الله عليه-. كما أنكم تقرنون الدراسة بالتجربة العملية حيث تذهبون إلى جبهات القتال وتتدربون على فنون القتال بصورة عملية.
فالجيش في السابق كان مغلوباً على أمره ويأتمر بأوامر الأجانب والمستشارين غير الإيرانيين، وفي مثل هذه الأجواء من الكبت والقهر فإن النتيجة معروفة سلفاً بالنسبة لخريجي الكليات العسكرية حيث يكيفون أنفسهم للتعامل مع الأجانب والانصياع لأوامرهم.
بيد أنكم اليوم تقفون بوجه كل القوى الكبرى في العالم. وعندما تدرسون في كلياتكم، وعندما تتوجهون إلى جبهات القتال، تمارسون مهامكم بكل شوق وانضباط، وتقرنون دراستكم بالتجارب العملية. إذ أن إحدى بركات الحرب المفروضة هي أن شبابنا وطلبة الكلية ,العسكرية، وبعد إكمال دراستهم، يتواجدون في جبهات القتال ويخوضون دورات عملية وهو أمر مهم للغاية لأن الدراسة النظرية وحدها لا تكفي.
أنتم اليوم نور عيوننا جميعاً، وينبغي لنا أن نفخر بوجودكم، ويجب أن تشكلوا جيشاً قوياً ومستقلًا من أجل الإسلام. فالجيش ركن من أركان البلد، وحراس الإسلام هم اليوم أحد أركان هذا البلد. فإذا ما شعر أفراد القوات المسلحة بالحقارة فإنه ليس بوسعهم أن يكونوا أفراداً نافعين للشعب. ففي السابق كان قادة الجيش ومن فوقهم من المستشارين الظلمة، يتعاملون مع أفراد قواتنا العسكرية والأمنية بالإذلال والتحقير، لذا كانوا ينشأؤون على روحية الخنوع والحقارة.
غير أن الشعب اليوم يكن لكم كل احترام، ولا يوجد بين مرؤوسيكم من يحاول إذلالكم. فلا قادتكم يرغبون في ممارسة هذه الأعمال، ولا أنتم مستعدون لقبول ذلك. ولهذا ليس بوسع أعدائنا إدراك حقيقتكم، وهم يعترفون أنفسهم بذلك قائلين: اننا نجهل حقيقة الشعب الإيراني. إن بوسعنا التعرف على الدول الأخرى غير اننا نجهل إيران. والسبب في ذلك هو أنكم تمثلون تركيبة جديدة لا تفكر بغير القيم المعنوية. فالجندي في جبهات القتال يقرأ القرآن والدعاء، إذ أنه يعد نفسه لمقاتلة عدوه بقراءة القرآن والدعاء وإقامة صلاة الليل والتهجد والذكر. إن الذين ذهبوا إلى جبهات القتال ومقرات قيادة الجيش يدركون حقيقة الأجواء السائدة هناك والمفعمة بالمعنويات.
فأنتم إذا ما بحثتم في العالم بأسره، لا تجدون مثل هذا الجيش والحرس وقوات التعبئة وبقية القوات التي يمتلكها اليوم الشعب الإيراني. فهذه التركيبة المنسجمة والمثالية تركيبة إلهية، تركيبة ربانية مكوّنة من علماء الدين والجيش والجندرمة والشرطة والحرس والتعبئة والجماهير. كل هؤلاء يشكلون كياناً واحداً، ولهذا فإنهم تركيبة إلهية فريدة يجهلها الآخرون وليس بوسعهم أن يدركوا حقيقة توجهاتكم وتطلعاتكم.
مزاعم صدام الكاذبة في السلام
إن السلام الذي ندعو إليه ليس بوسع أمثال صدام وحسين 1 وحسن 2 أن يدركوا معناه. إن هؤلاء يفكرون بالسلام الذي كان مطروحاً في العهود الماضية، بأن تتصالح الحكومات فيما بينها. ففي الوقت الذي كانوا يوقعون اتفاقية السلام، كانت قلوبهم تغلي بانتظار الفرصة المناسبة للانقضاض على بعضهم البعض. إن ما يفكر به هؤلاء هو ما حدث في الحرب العالمية الثانية، حيث كان الاتحاد السوفيتي وبريطانيا في صف الحلفاء، وكانوا قد تغلبوا على دول المحور، إلا أن تشرشل بدأ يفكر بمهاجمة الاتحاد السوفيتي، ولكن البرلمان البريطاني حال دون ذلك، لا لأنه لا يرغب في ذلك وانما رأى إمكانية الهزيمة محتملة. فالسلام الصدامي هو من هذا النوع، وليس كالسلام الذي تفكرون به أنتم والذي هو سلام إسلامي ويدعو إلى سلام حقيقي حقاً.
اننا ومنذ اليوم الأول الذي هجموا فيه علينا ونهضنا للدفاع، كنا جميعاً ننشد السلام ولكن ليس السلام الصدامي وانما السلام الإنساني، السلام الإلهي. إن شعبنا عندما يفكر في السلام مع أي بلد، فإنه يتطلع إلى إقامة اواصر الأخوة مع هذا البلد وتآخي شعبينا. ولكن مع من نكون أخوة؟ مع شخص يزعم أنه يدعو للسلام عبر كل هذا العدوان وهذه الجرائم؟ ففي مقابلة أجريت معه مؤخراً ولعلي اطلعت عليها اليوم، قال كلاماً مثيراً، قال: اننا نعي من الإسلام والدين والعالم الإسلامي ما لم يعِه الآخرون!. فلاحظوا مدى وقاحة هذا الشخص ليتجرأ بمثل هذا الكلام أمام جمع يعلم كله بأنه يكذب؟ يقول: نحن لسنا كالآخرين، إننا ننشد السلام، لقد علّمنا الإسلام بأن لا نعتدي على أحد .. لقد تذكّر مثل هذا الكلام بعد أن تم طرده من أراضينا .. إن الانتصار الذي حققتموه مؤخراً انتصار كبير ومن أكبر الانتصارات المعنوية، حيث تقفون اليوم على مشارف المدن العراقية، لذا فهو اسمى من الانتصارات الأخرى. علماً أن صدام كان قد ذكر قبل أيام أن الإيرانيين شنوا هجوماً ولكننا تصدينا لهم ودمرناهم. فإذا كان دمّر الإيرانيين، فلماذا توجّه على عجل إلى مجلس الأمن واستنجد بالدول العربية وراح يرسل الوفود ويدعو مجلس الأمن للتدخل لوقف الزحف؟ حسناً إذا كنت قد تصديت لهجوم القوات الإيرانية فما حاجتك إذن لمجلس الأمن. ما الذي حصل كي تسارع إلى الاستعانة بالآخرين بحثاً عن طريق لإنقاذك. فالمنتصر ليس بحاجة إلى ذلك.
إن الفرق بين الحكومة الإسلامية وجيشها، وبين الحكومات غير الإسلامية وجيوشها، هو أن الجيش الإسلامي يعتز بكرامته ولن يستعين بالآخرين حتى وإن هزم- لا سمح الله-. إنه غير مستعد لتحمل عار الاستنجاد بالآخرين وطلب العون منهم، وإنما يمد يده إلى الله سبحانه. ومَنْ يستمد العون من الله تعالى لن يهزم.
اهتمام الشباب بالكلية العسكرية
إني آمل منكم أيها الأعزاء الذين تدرسون في الكلية العسكرية وتمثّلون أمل الإسلام وإيران، أن تواصلوا دراستكم حتى النهاية من خلال التوجه إلى الله تبارك وتعالى وتقوية إيمانكم الذي يقودكم إلى الاستقلال الفكري والاستقلال العملي، وأن تحققوا- إن شاء الله- لهذا الشعب المزيد من الانتصارات إن شاء الله تعالى، إذ أنكم نور عيوننا جميعاً. وما أرى ضرورة التذكير به هو أني ادعو الشعب العزيز، لا سيما الشباب، إلى الاهتمام بالجامعات والكليات العسكرية والالتحاق بها، لأنها تعتبر من الأمور المهمة لإيران اليوم. واننا نأمل بتشكيل جيش قوي من خلال اهتمام الشعب بهذه المراكز والالتحاق بها. والحمد لله اننا نمتلك هذا الجيش الآن، ولكننا نطمع في جيش أكثر قوة لا يخضع لأية قوة ولن يهزم.
نرحب بالسلام الإسلامي المشرّف
حفظكم الله تعالى بمشيته. لابد لي من القول ثانية اننا ندافع عن الإسلام. لقد اعتدوا علينا وها نحن نرد العدوان، ندافع عن أنفسنا، وكان هذا نهجنا منذ البداية. كما كنا ندعو إلى السلام في الوقت ذاته، لأن السلام من الأمور التي اوصانا بها الإسلام. السلام الإسلامي هو الذي يعزز اواصر الاخوة بيننا، ونحن ندعو إليه. ولكن السلام الذي لا يعبأ بالمعتدي ولا يطالب بالتعويض عن الخسائر التي الحقها بالآخرين، لا يعتبر سلاماً وانما ينبغي أن نسميه بالسلام الصدامي. فالسلام الذي يريد أن يدمر بلداً ويحطم كل شيء فيه ليس سلاماً. علماً أنهم اضرموا النار مؤخراً في مدينة (نفط شهر) استعداداً للانسحاب منها ..
اننا نواجه أمثال هذه الكائنات، فكيف يتسنى لنا الجلوس معهم للتفاوض والمصالحة دون قيد أو شرط؟ حتى لو طالب مجلس الأمن بذلك فاننا لن نوافق، لن نوافق حتى لو طالب العالم كلّه بذلك. اننا لا نستطيع أن نوافق على مثل هذا السلام. أي عاقل يستطيع ان يقبل بهذا السلام؟ إن كل الوفود التي قدمت إلى إيران والتي ربما ستأتي في المستقبل، تسمع منا كلاماً واحداً لا غير. اننا نوافق على السلام، اننا نرحب بالسلام، ولكن السلام الإسلامي المشرّف. السلام الذي يحدد ما الذي فعله المعتدي ويدعو إلى التعويض عن الخسائر التي لحقت بالبلد المعتدى عليه، وليس الذي يطالب بالسلام من جهة، ويرسل المتفجرات ويقتل الناس الأبرياء من جهة أخرى.
إن السلام الذي يدعو إليه صدام لا يختلف عن دعوة أميركا للسلام. لا يختلف عن السلام الإسرائيلي، ولا يختلف عن ممارسات هؤلاء المنافقين المنحرفين 3. فمن جهة يزعمون: اننا نفعل كل هذا من أجل الشعب، ومن جهة أخرى لا يتورعون عن ارتكاب افظع المذابح بحق الأبرياء. فهل قتل لحد الآن أحد المرفهين جراء الاغتيالات التي يقوم بها هؤلاء. فكل الذين تم اغتيالهم هم باعة الفحم والخضراوات والبقالون وأمثالهم. وإذا ما أرادوا أن يظهروا قدراتهم فإنهم يقدمون على ارتكاب عمل يضطرون فيما بعد إلى التنصل منه وانكاره.
إسرائيل أيضاً تزعم بأن لا دخل لها في الجرائم التي ترتكب في لبنان، وتتبرأ منها قائلة: الجميع يعلم بأننا نحترم الإنسان وانصار الإنسانية، ولن نقدم على مثل هذه الأعمال مطلقاً. وهؤلاء أيضاً لا يختلفون عن أولئك. أولئك الذين يزعمون بأنهم يعملون من أجل الخلق وأنهم انصار الشعب، ومن ثم نرى المذابح التي يرتكبونها والانفجارات والحرائق التي ينفذونها في المناطق المحرومة جنوب طهران حيث العمال العائدون إلى أطفالهم وأسرهم.
في الحقيقة إن العالم اليوم يعاني من مرض مزمن لا يمكن علاجه بهذه الأمور. العالم مريض. الكثير من الرؤساء سمموا الشعوب، سمموا أفكار شعوبهم وأمرضوهم. لقد اذلوا هذه الشعوب واهانوها، جعلوها تعاني من الضغوط الاقتصادية، وعرضوها للفقر والحرمان وصادر أتعابها الآخرون. واننا في انتظار من يأتي لاصلاح هذه الأوضاع، وإني آمل ظهور حضرة بقية الله في القريب إن شاء الله، كي يتسنى لهذا الطبيب الحقيقي للبشرية معالجة هؤلاء واصلاحهم بروحه العيسوية.
وفقكم الله تعالى جميعاً لخدمة هذا الشعب، وخدمة الإسلام والمستضعفين في العالم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
* صحيفة الإمام، ج17، ص: 28
1-حسين، ملك الأردن.
2-حسن، ملك المغرب.
3-المنظمة الارهابية المسماة ب( مجاهدي خلق).