الموضوع: استعراض خدمات الشعب مطالبة المسؤولين بمزيد من الخدمة لأبناء الشعب
خطاب
الحاضرون: علي أكبر ناطق نوري (وزير الداخلية) وجمع من معاونيه ومحافظي البلاد
عدد الزوار: 99
التاريخ 1 دي 1361 هـ ش/ 6 ربيع الأول 1403 هـ. ق
المكان: طهران، جماران
الحاضرون: علي أكبر ناطق نوري (وزير الداخلية) وجمع من معاونيه ومحافظي البلاد
بسم الله الرحمن الرحيم
شكر نعمة تواجد الشعب في الساحة
في البدء أتقدم بالشكر للسادة الذين قدموا إلى هنا لمناقشة بعض القضايا الضرورية .. ينبغي لنا أولًا أن نرى ما الذي فعله شعبنا، ومن ثم أن نعي أن ما فعله شعبنا كان بفضل الله تبارك وتعالى، ونشكر الله على ذلك، ونتعرف على الكيفية التي يقدم بها هذا الشكر.
وبعد فإننا نلاحظ أن ليس بإمكاننا أن نجد على مرّ التاريخ، وفي عالمنا المعاصر، كالشعب الإيراني الذي يقف إلى جانب حكومته ويقدم لها الدعم في جميع المعضلات. ففيما عدا عدة معدودة وهي عدة فاسدة موجودة في كل مكان، فإن الصورة التي يتواجد بها أبناء الشعب في الساحة منذ انطلاقة النهضة وخلال مراحل الثورة وحتى هذه اللحظة تحير العقول. انظروا إلى مجلس الخبراء، وهو أحدث قضية عايشها الشعب، حيث شارك في الانتخابات الملايين. ففي العهد البائد، وعندما كانوا يريدون تنفيذ أمر ما، فإن كل الأصوات التي كانوا يحصلون عليها رغم كل الضغوط التي كانوا يمارسونها لم تكن تتجاوز ستة ملايين على حد زعمهم. ووقتها كانوا يطبلون ويزمرون بأن الشعب صوت لهم. في حين أن الستة ملايين هذه، وبغض النظر عن حجم التلاعب والتزوير الحاصل، تبقى محصورة في أعوانهم وأياديهم وممن مورست بحقهم الضغوط والترغيب والترهيب من فئات الشعب.
بيد أن الجميع يعلم، مهما حاول الإعلام المضلل تحريف الحقيقة، أن أبناء الشعب يدلون بأصواتهم بحرية مطلقة ولم يكن هناك أي ضغط أو إرهاب. ففي العهد البائد كان الإقطاعيون والأعيان وأصحاب النفوذ يمارسون أنواع الضغوط ويسوقون الفلاحين والفقراء للإدلاء بأصواتهم. بيد أن كل هذه القوى قد انتهت اليوم ولا توجد غير قوة الإسلام فحسب. وهذا هو حال الشعب.
اما ما يتعلق بالقوات المسلحة فها هي قواتنا الباسلة تتصدى للعدوان منذ أكثر من سنتين وتدافع عن هذا البلد وتقدم التضحيات، بدءً من الحرس الثوري والجيش وانتهاءً بالشرطة والجندرمة وقوات التعبئة والعشائر، حيث قدّم الجميع شهداء كثيرين وبذلوا كل ما في وسعهم دفاعاً عن البلد. وفيما يقف هؤلاء في جبهات القتال دفاعاً عن البلد، تقدم فئات الشعب الأخرى، رجالًا ونساءً صغاراً وكباراً، خلف الجبهات كل ما من شأنه تعزيز مقاومة المقاتلين في الجبهات. ومن جهة أخرى، هناك أوكار المعارضة والتخريب في مختلف أنحاء البلاد وقد التف حولها الفاسدون وراحوا ينفذون مخططاتهم المشؤومة. حسناً ما الذي فعلته اللجان الثورية والحرس الثوري في التصدي لأمثال هؤلاء؟ ففي ليلة أمس تم الإعلان عن اكتشاف خمسين وكراً للمخربين واعتقال أعداد كبيرة من الفاسدين. إن أمثال هذه القضايا إذا ما كانت تحدث مرة واحدة في العهد السابق فإنهم كانوا يقيمون الدنيا ولا يقعدونها.
فلا بد لنا من شكر هذا الشعب. يجب شكر هؤلاء الذين يتطوعون للتصدي لهذه المؤامرات. شكر الحرس الثوري الذي يتقدم للموت. فليس أمامهم من سبيل غير القضاء على هؤلاء المخربين واجتثاث جذور هؤلاء الفاسدين.
الحؤول دون استغلال الانتهازيين
إن شكر النعمة يتمثل في أن نعمل ولا نتحدث. إن نعمل في ضوء تعاليم الإسلام وأن لا نتخطى حدوده، وان نؤدي عملنا على الوجه الأكمل. وكما ذكرت من قبل يجب أن تكون أعمالنا بعيدة عن التجسس والتنصت على الآخرين مثلما كانوا يفعلون في السابق. كذلك يجب أن لا يتصور البعض أن الأمور قد هدأت فليمارسوا ما يشاؤون. إن أبناء الشعب كافة مكلفون بالتصدي لكل من يحاول التظاهر بالفسق والفجور ومخالفة الشرع، ونهيه عن المنكر، وإذا لم يرتدع فليتم إطلاع الجهات المختصة على ذلك. اننا عندما نطالب بتطبيق أحكام الإسلام لا نقصد الاهتمام بجانب دون آخر. فإذا كنا نرفض التجسس على الآخرين والتدخل في شؤونهم الخاصة، فهذا لا يعني أن يمارس البعض كل ما يحلو له في العلن.
بل الناس مطالبون بردع كل من يحاول ارتكاب مخالفة. وإن لم يرتدع فليتم اطلاع اللجان الثورية أو الشرطة أو الجهات الأخرى على ذلك. فيجب أن لا يتصور البعض باننا عندما نتحدث عن جانب من الإسلام، فإن بإمكانهم أن يستغلوا ذلك. وانما القضية ذات وجهين. ففي الوقت الذي ينبغي لنا أن لا نعتدي على أحد ولا نظلم ولا نداهم بيوت الناس ونقوم بتفتيشها، فان هذا لا يعني أن ينتهز البعض ذلك ليفعل ما يشاء. بل إذا ما توفرت المعلومات الصحيحة عن وجود مراكز للفحشاء والفسق والفجور ولعب القمار، يجب ملاحقتها والقضاء عليها ليتم تسليم المسؤولين عنها إلى المحاكم .. فما هو مؤكد اننا نتطلع لتطبيق أحكام الإسلام. وأحكام الله متعددة الأبعاد. وان أحد أبعادها يتمثل بالتعامل مع الناس بنحو يجعلهم آمنين في بيوتهم ومعيشتهم وتجارتهم وكسبهم. إذ ينبغي للدولة الإسلامية أن تطمئن الناس على أموالهم وفي رزقهم. يجب أن ينعم الناس بالأمن والاستقرار ولا يحق للحكومة إيذاؤهم وسلب راحتهم. وإذا ما حاول أحد ذلك فيجب تأديبه.
وفي المقابل إذا ما حاول البعض استغلال ذلك، إذا ما حاول أولئك الذين يعارضون الإسلام إثارة الفوضى وممارسة أفعال مرفوضة، فهذا يتعارض مع الإسلام. بأن يخرج كل من يطالب بالحريات الغربية من منزله ويشرب الخمر مثلًا أو يعمل على بيعه، فمثل هذه الحرية تتعارض مع أحكام الإسلام. إن الحرية التي ندعو إليها لا تخرج عن إطار أحكام الإسلام وحدود الأخلاق الإنسانية، وليس أن يفعل المرء ما يشاء في الشارع والأماكن العامة. فلا بد من مراعاة تعاليم الإسلام وأحكامه، سواء تلك التي لا تجيز لحرس الثورة والشرطة التعدي على حقوق الناس، وكذلك فيما يتعلق بحدود الحريات الفردية. فإذا ما حاول أحدهم ممارسة الفسق والفجور والتجاهر بذلك، يجب على الحكومة التصدي له بقوة وحزم.
على صعيد آخر أن البعض يحاول أحياناً التعرف على ما يجري داخل البيوت. هذا أيضاً يجب أن لا نسمح به. ولكن إذا ما حصل يقين بأن ثمة مركزاً للفساد والدعارة مثلما كان في السابق، واتضح وجود أماكن لمعاقرة الخمرة ولعب القمار وأمثال ذلك، فيجب التصدي لذلك وليس بوسع أحد أن يغض الطرف عنه.
الشكر الحقيقي إزاء خدمات الشعب
على أية حال لا بد من النظر إلى مختلف الأمور، وان أحد هذه الأمور يتمثل في الخدمة التي أسداها الشعب لنا. وعلينا أن نشكر مثل هذه الخدمة، وان احد صور الشكر أن نقول لهم" نشكركم" وندعو لهم. غير أن الشكر الحقيقي هو أن نرد لهم الجميل. إن لدينا في الوقت الحاضر مشاكل كثيرة في مختلف أنحاء البلاد، ولا بد لنا من الالتفات إليها والعمل على إيجاد حلول لها. والبلاد اليوم ولله الحمد مستقرة حيث استتب الأمن والاستقرار في الجمهورية الإسلامية خلال فترة قياسية، وكان ذلك بفضل عناية الله تعالى الذي وفق شعبنا لتحقيقه. وعلى الشعب أن يلتفت إلى ذلك ويعلم بأن الله تبارك وتعالى يحيط بكافة الأعمال، وانه مطالب بالسير على نهج الإسلام وخطاه.
إننا نتطلع إلى تطبيق أحكام الإسلام. وان كل قوى العالم تعارضنا. وعلينا أن نصمد بوجه معارضينا. فالجميع يتطلع لخدمة الإسلام، والحكومة والشعب. الحكومة تقوم بمهامها والشعب يقف خلفها ويدعمها. وعندما نكون في خدمة الشعب والشعب يقف وراءنا ويدعمنا، فلن يطمع فينا الأجنبي. إذ ان مساعيهم تهدف إلى إفساد الداخل، وعليكم أن تتنبهوا إلى ذلك.
ضرورة تجنب الاختلافات
على شعبنا أن يلتفت إلى ضرورة تجنب الاختلافات وإثارة الفرقة وان لا يسمح بذلك. وإذا ما حدث اختلاف فان الخيّرين من أبناء البلد مطالبون بوضع حد له على الفور. لا تسمحوا بحصول اختلاف ربما يستفحل ويكون مدعاة إلى اضعاف البلد. لقد منّ الله تعالى بفضله وكرمه وجعلنا على ما نحن فيه حيث لا نخضع لقوة غير قوة الإسلام. وليس لأحد سلطة علينا غير سلطة أحكام الإسلام. لذا فنحن مطالبون بالمحافظة على الإسلام واحكامه وصيانتها. فإذا ما عملنا على صيانة الإسلام وأحكامه فان الله تبارك وتعالى سوف يساعدنا إن شاء الله. وطالما كانت العناية الإلهية، فيجب أن لا نخشى شيئاً. يجب أن لا نخشى أية قوة. بل يجب أن يخاف البلد مما يجري في داخله، إذ أن الخارج تابع للداخل. وقد كان الأمر بهذه الصورة دائماً. فلن يأتي أحد من الخارج ويحتل البلد، وانما يدمرون الداخل أولًا، حيث يكلف العملاء المحليون بفعل ذلك. في الغالب يكون الأمر بهذه الصورة. يدفعون عملاءهم في الداخل لتنفيذ مخططاتهم. ونحن بحمد الله ليس لدينا مثل هؤلاء العملاء، حيث تم التخلص منهم ولن يتمكن الفاسدون والمفسدون من فعل شيء بعد الآن بإذن الله.
خدمة الإسلام في ظل خدمة الناس
ليقولوا عنا ما يشاؤون. ليس مهماً ما يزعمون، المهم هو أن نكون خدمة الإسلام. إن جميع المسؤولين هنا يتطلعون إلى هدف واحد وهو خدمة الشعب وخدمة الإسلام. وان خدمة الحكومة تعني خدمة الإسلام. إن كل ما نفكر به الآن هو خدمة الإسلام. وليعِ الجميع أن الله تبارك وتعالى قد منّ علينا وحفظنا من هذه القوى التي تهاجمنا من كل صوب. ونحمد الله تعالى أن لدينا الآن حكومة وشعباً مستقلًا، وليس بوسع أحد أن يتحكم بنا. وطالما كان الشعب متمسكاً بالوحدة وبالإسلام، فلن تستطيع أية قوة أن تلحق الضرر بنا. فهؤلاء يخططون دائماً لتنفيذ مطامعهم من الداخل. فعندما يتم تدمير الداخل حينها لا يرون عقبة تحول دون مطامعهم. مثلما حدث في أفغانستان حيث تم تدمير الداخل فدخلت القوات الأجنبية. ولكن إذا ما كان الداخل متماسكاً وكان الشعب والحكومة متكاتفين متآزرين، والجميع يعمل من أجل الإسلام، فسوف يعجزون عن تحقيق أهدافهم.
إن خدمة الشعب تعد من أكبر الخدمات للإسلام. خدمة الزراعة من أكبر الخدمات للإسلام. توفير احتياجات الناس أكبر خدمة تقدم للإسلام. وعندما يكون الجميع في خدمة الإسلام، فإن الله تبارك وتعالى سوف لا يتخلى عنا، لن يتركنا وحدنا في مواجهة المشاكل. إذ أن المشاكل دائماً ما تكون من صنع الإنسان، وما لم يبتل البلد من الداخل فإن المطامع الخارجية لن تؤثر فيه. لأن الأجانب يعولون كثيراً على الداخل لتحقيق أهدافهم. ونحن الآن بحمد الله ننعم بالاستقرار في الداخل، وعلينا أن نتفرغ للخدمة. يجب أن لا نتذرع بالقول باننا في حالة ثورة، فمرحلة الثورة قد انتهت، وقد بدأت مرحلة الاستقرار، مرحلة خدمة الشعب، خدمة المجتمع، خدمة الإسلام. فقد حان الوقت ليطمئن الجميع إلى مستقبله، التاجر يطمئن على تجارته والكاسب على كسبه والموظف على إدارته. فإذا ما شعر الجميع بمثل هذا الاطمئنان، لن يتمكن الأعداء من فعل شيء. وان الذين لا يفكرون بغير اللهو والفسق والفجور، لم يعد لديهم مكان هنا، وليبقوا في الخارج يشبعون شهواتهم، فلم يعد بالإمكان اصلاح أمثال هؤلاء.
إن شعبنا اليوم ينعم بالوحدة والاتحاد والحمد لله، وقد برهنت الانتخابات الأخيرة على مدى صدقه واخلاصه، فبعد الانتخابات الأولى التي يجب أن تكون طبعاً على رأس الإنتخابات ألا وهي الانتخابات الأصلية للجمهورية وقد انتهت بسلام وهدوء والحمد لله وكذلك برهنت على عجز ويأس أعدائنا، فلم يعد بمقدورهم أن يفعلوا شيئاً اللهم إلا السرقة، والسرقة موجودة في كل مكان.
وفي هذا المجال تعد أميركا اسوأ من أي مكان آخر. وآمل أن يلتفت السادة إلى أن الشعب يبذل كل ما بوسعه من أجل الجمهورية الإسلامية، ولا بد من خدمة هذا الشعب الذي بذل كل هذه الجهود لهذه الجمهورية وطرد الأشخاص الفاسدين وأحل محلهم الأشخاص الصالحين، شكراً لهذه النعمة. فليخدم المحافظون هذا الشعب ولتخدمه الوزارات لتكن خدمة الشعب هدف الجميع. وآمل أن ينعم الشعب بالهدوء والاستقرار أكثر فأكثر وأن يتجه الجميع إلى أعمالهم دون أدنى خوف أو خشية من أحد، وبإمكانهم استثمار أموالهم وإدارة البلاد والعمل على تقدمها. وعلى الحكومة أن تقدم الدعم اللازم لهم. المهم هو أن الله تبارك وتعالى يؤيدكم ويسدد خطاكم، واننا نطمع في لطفه وكرمه. حفظكم الله تعالى جميعاً بمشيئته.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
*صحيفة الإمام، ج17، ص: 134
1-سيد شهداء معركة أحد، حمزة بن عبد المطلب.
2-عمار بن ياسر، من أصحاب رسول الله الذي استشهد بين يدي الإمام علي في حرب صفين حيث قتلته الفئة الباغية.