الموضوع: انتفاء الأعذار في عدم خدمة الإسلام والبلد
خطاب
الحاضرون: وزير الدفاع والمسؤول عن دائرة التوجيه السياسي والعقائدي في الجيش وجمع من العاملين في الصناعات الدفاعية ودائرة التوجيه السياسي والعقائدي والعاملون في مؤسسة الإذاعة والتلفزيون في اصفهان
عدد الزوار: 41
التاريخ 26 دي 1361 هـ. ش/ 1 ربيع الثاني 1403 هـ. ق
المكان: طهران، جماران
الحاضرون: وزير الدفاع والمسؤول عن دائرة التوجيه السياسي والعقائدي في الجيش وجمع من العاملين في الصناعات الدفاعية ودائرة التوجيه السياسي والعقائدي والعاملون في مؤسسة الإذاعة والتلفزيون في اصفهان
بسم الله الرحمن الرحيم
إتمام حجة الله في انتفاء الأعذار
أود سلفاً أن أعرب عن شكري للسادة الأعزاء الذين حضروا إلى هنا واتاحوا لنا فرصة رؤية وجوههم النورانية عن قرب.
إن إيران تدار اليوم والحمد لله بأيدي الإيرانيين عشاق الإسلام .. اليوم يوم تضطلع فيه مختلف فئات الشعب بمسؤولياتها .. فليس بوسع أي فرد من أبناء هذا البلد، سواء الكاتب والمثقف وعالم الدين والجامعي، والجيش والحرس والتعبئة والعشائر، وكذلك عامة الناس، ليس بوسعهم اختلاق الأعذار للتهرب من خدمة البلد الإسلامي. لقد اتم الله تعالى الحجة على الجميع وأغلق باب الأعذار، حيث اصبحت إيران ميداناً للعمل وساحة صراع مع الشياطين، اصبحت مضماراً للبناء والإعمار على يد الشباب، وخدمة الإسلام والمسلمين والمستضعفين في العالم. إن أي عمل يقترح على الشخص إذا لم يكن مؤهلًا له، لا يجوز له الاشتغال به ولن يقبل منه. وإذا كان مؤهلًا له فلا يصح الاعتذار عن ادائه .. إننا اليوم بحاجة إلى جميع الشرائح والفئات لتقديم خدماتها لهذا البلد .. إن الشعب الإيراني بحاجة إلى سواعد كافة الفصائل والفئات، كما أن الإسلام العزيز بحاجة أيضاً إلى نشاطاتكم، فلن تقبل الأعذار بعد اليوم. الطريق مفتوح وقد ازيلت العقبات وهزم الأعداء وفتح الميدان للعمل .. إن هذا البلد الإسلامي بحاجة إلى أشياء كثيرة، وان بوسع هؤلاء الشباب تلبية احتياجاته ولديهم الكفاءة اللازمة لذلك، ولهذا لن تقبل الأعذار بعد الآن.
وجوب تصدي علماء الدين للقضاء
إننا اليوم بحاجة إلى قضاة. فكما تعلمون فإن القضاء لم يكن طوال فترة الحكم الشاهنشاهي
بأيدي علماء الدين الذين يجب أن يناط بهم وفقاً لأحكام الإسلام. لهذا نتج عن ذلك قضاءً مشوهاً، وكان القاضي يومئذ لا يصلح لأي شيء سيما القضاء .. القضاء اليوم بحاجة إلى رجال الحوزات العلمية اينما كانوا سواء في قم ومشهد وأذربيجان واصفهان وكل مكان. وعلى العلماء واساتذة الحوزة إعداد قضاة وهو واجب كفائي بالنسبة للجميع. القضاء واجب كفائي وإذا استطاع أحد القيام به ولم يفعل فسوف يحاسب. فلم يعد مثل هذا الكلام:" أنا الآن غير مستعد له، القضاء أمر صعب" مقبولًا ..
بل يجب على كافة الذين يجدون في أنفسهم الكفاءة أن يأتوا ويأخذوا على عاتقهم مهمة القضاء وعدم التنصل من هذه المسؤولية. كما ينبغي للآخرين من علماء وخطباء وكتّأب وجامعيين العمل على خدمة هذا البلد. فلم يعد الاعتذار مقبولًا .. العمل اليوم بالنسبة للذين يجدون في أنفسهم الكفاءة يعد واجباً كفائياً. والواجب الكفائي يقع على عاتق الجميع وإذا ما ترك سيحاسب الجميع. ولكن إذا ما قامت به فئة فسوف يسقط عن الآخرين. والقضاء واجب كفائي .. إن متابعة أحوال المستضعفين والمحرومين الذين عانوا من الحرمان طوال الحكم الشاهنشاهي سيما النظام البائد، أمر في غاية الأهمية ويجب على كل من يجد في نفسه كفاءة الاضطلاع بهذه المهمة. وقضية الدعوة هي من الأمور المهمة للغاية وهي من مجال اختصاصكم.
الجيش بحاجة إلى التعليم والتربية الإسلامية
إن أي عمل يتعهد به الإنسان يكون مسؤولًا عنه. مسؤولآً عن ادائه بصدق وإمانة، ومسؤولًا عن ممارسته بجدية ونشاط وإخلاص من أجل الله تبارك وتعالى .. أنتم الذين تمارسون التوجيه العقائدي والسياسي في الجيش، تقع على عاتقكم مسؤولية هذا العمل. إن كل إنسان بحاجة إلى التعليم والتربية. ليس بوسع أحد أن يزعم بأنه لم يعد بحاجة إلى التعليم والتربية. حتى رسول الله كان بحاجة إلى ذلك حتى آخر العمر، غير أن الله تبارك وتعالى هو الذي كان يلبي حاجته. ونحن أيضاً بحاجة إلى ذلك.
ويعتبر الجيش من جملة المؤسسات التي تكون حاجتها أكبر إلى ذلك .. وانتم الذين تضطلعون بمهمة التوجيه السياسي والإعلامي والعقائدي، يجب أن تعلموا بأنه تقع على عاتقكم مسؤولية جسيمة وهو عمل قيم أيضاً. فقد عانى الجيش كثيراً طوال الحكم الشاهنشاهي سواء على أيدي المستشارين الأجانب أو القادة المحليين الذين لم يكونوا في تعاملهم أقل من المستشارين، وان الشيء الوحيد الذي كان غائباً عن الجيش هو القضايا السياسية والعقائدية الإسلامية، بل وعملوا على إبعاده عن الإسلام وعزله عنه. ولم يسمحوا للجيش أن يتعلم حتى المسائل البسيطة.
غير أن الجيش اليوم أصبح ولله الحمد، جيشاً إسلامياً، وان القوات الإيرانية المسلحة قد تحولت إلى قوات إسلامية تعمل في خدمة القرآن الكريم، وهي اليوم بأمس الحاجة إلى التربية والتعليم، بأمس الحاجة إلى المسائل السياسية الإسلامية، وهذا يتطلب أن يكرس بعض السادة جهودهم لذلك. وعلى الجماعات والفصائل الحزبية التخلي عن توجهاتها الفئوية والتفرغ لمهامها العسكرية فحسب .. فلا بد من وجود جيش إسلامي مقتدر يلتزم بتعاليم الإسلام ويعي أفراده السياسة التي ينهجها الإسلام .. لا بد من توعية أفراد الجيش واخضاعهم للتربية والتعليم. إن الأخلاق الحميدة تبلغ درجة من الأهمية بالنسبة للجيش والحرس والقوات المسلحة الأخرى، ربما لا تبلغها بالنسبة للمؤسسات الأخرى. فهؤلاء الذين من الممكن أن يصادفوا أحياناً في جبهات القتال موقفاً ربما يترتب عليه وضع مأساوي ان لم يكونوا يتحلون بالأخلاق الإسلامية. فلا بد من توعيتهم بالأخلاق الإسلامية، وهم ولله الحمد على استعداد لتقبل ذلك الآن وقد تمت تربية الكثير منهم ولله الحمد. فعندما تلاحظون جبهات القتال ترون تضحيات هؤلاء الشباب الأعزاء في الحرس والجيش والقوات المسلحة الأخرى وكذلك مناجاتهم لله تعالى.
إن هؤلاء من صنع الاسلام، ومع ذلك فهم بحاجة إلى التربية والتعليم. كما يجب أن يعلم أولئك الذين يعملون في الصناعات الحربية، بأن إيران اليوم بحاجة إلى خبراتهم وأنهم مسؤولون أمام الله تبارك وتعالى، ولا بد لهم من الاستفادة من جميع طاقاتهم، لأننا نتطلع إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي في هذا المجال. لذا فان العمل الذي تقومون به يشكل خدمة كبيرة للغاية وتقع على عاتقكم مسؤولية أمام هذه الخدمة مثلما لديكم الأجر مقابل ذلك، الأجر في الآخرة.
ضرورة أن يتحلى الأفراد بالأمانة في اداء المسؤولية
تعتبر الأمانة أمراً ضرورياً لكل شخص اينما كان ومهما كان عمله .. إذ يجب أن يكون أميناً. فإذا ما وجد لا سمح الله في وحدة ما أشخاص غير أمينين وخونة، فانهم سيشوهون سمعة أفراد الوحدة كلها ويجرونها إلى الفساد. لذا تعتبر الأمانة من الأمور الضرورية. وبالنسبة للمفتشين تعتبر الأمانة من الأمور الضرورية جداً، حيث يتحتم عليهم عدم البوح بما يطلعون عليه إلا للجهات المختصة، ذلك أن الإسلام يؤكد كثيراً على صيانة أعراض الناس وكراماتهم. وعليه فان القضاة المحترمين وكل من يضطلع بمسؤولياته في جهاز القضاء والرقابة والتفتيش، مطالبون بالتحلي بالأمانة وهم كذلك إن شاء الله. فإذا تقرر أن يسلك أولئك الذين يرتبط عملهم بأرواح الناس وأعراضهم وكراماتهم، طريقاً غير الذي حدّده الله تبارك وتعالى، وقاموا لا سمح الله بإفشاء أسرار الناس وان كانوا مذنبين، فسوف يرفضهم الإسلام. فإذا تسنى لك الإطلاع بحكم عملك على أحوال الناس، فلا يجوز لك أن تبوح بذلك حتى لأخيك أو أسرتك. ولا يحق لك كشف أسرار الناس الذين تتعرف عليهم من خلال عملك.
الحوزات العلمية مطالبة بإعداد قضاة
إني ادعو الحوزات العلمية والعلماء الإعلام وكافة الأفاضل في الحوزات بتقديم العون لهذا البلد في شؤون القضاء وفي أمور المحاكم. وان بوسع الحوزات وفي ذات الوقت الذي تحافظ فيه على كيانها، العمل على توفير احتياجات البلد من القضاة، العمل على اعداد القضاة، فهو أمر مهم بالنسبة للإسلام والمسلمين.
إن اعراض الناس بأيدي القضاة. إننا مسؤولون جميعاً ويجب أن لا نتوانى عن اداء ما نقدر عليه، لا سيما واننا نعيش في عصر يشن الإعلام العالمي فيه هجمة شرسة ضدنا. فأية إذاعة تسمعون وأية صحافة تقرؤون، ترونها مشحونة ضدنا، مشحونة بالهجوم على الجمهورية الإسلامية، وهم لا يتوانون عن اتهامنا والافتراء علينا. وطبعاً فإن الشعب والحكومة الإيرانية ألحقا بهم اضراراً كبيرة حيث اوقفوا تدفق النفط على أميركا وإسرائيل، فلم يعد لديهم مكان هنا بعد اليوم. إن أبناء الشعب الإيراني لم يعودوا مرتبطين بهؤلاء حتى يعملوا من أجلهم. وبطبيعة الحال فإن هؤلاء لن يتخلوا عن عدائهم لنا.
لذا فانكم مطالبون ايها السادة بتوحيد صفوفكم وتجنب الاختلافات، وتعزيز تضامنكم وتكاتفكم وتآزركم. لتكن الجامعات متآخية متحابة. ولتكن الجامعة على ارتباط دائم مع الفيضية (الحوزة العلمية). وليكن الإعلام واسعاً من اجل الإسلام والجمهورية الإسلامية. وعلى السفارات في الخارج أن تعمل على نشر الإسلام والدفاع عن الجمهورية الإسلامية. إن هذا الانتصار الذي تحقق بفضل تضحيات أبناء الشعب ونضالهم المستميت وما تحملوه من عناء ومشقة طوال خمسين عاماً أو أكثر، يفرض علينا جميعاً العمل بكل ما في وسعنا عسى أن نتمكن من إيفاء عشر واحد من أعشار هذه التضحيات التي قدمها الشعب من اجلنا.
السعي لتحقيق الاكتفاء الذاتي والتحرر من التبعية
ايها الأخوة، إن اليوم يوم العمل. الجميع مطالب بالعمل كل من موقعه. اننا نتطلع لتحقيق الاكتفاء الذاتي، وهو لا يتحقق بمجرد الكلام. لا بد من العمل. على الفلاح أن يعمل، وعلى المزارع أن يعمل، وكذلك مربي المواشي والبستاني. كما ينبغي للعلماء أن ينقلوا علمهم إلى الطلبة بما يليق. وعلى الجامعات التي تقف في الطليعة علماً ان مقدرات البلد مرتبطة بوجودها أن تعمل بجدية واستقلالية تامة بعيدة عن الشرق والغرب، وان تنهج الصراط المستقيم وتتجه صوب كعبة الآمال الله تبارك وتعالى وتربي جيل الشباب لمستقبل هذا البلد. وارجو أن يوفق الجميع للعمل. انتم الذين في المصانع تعملون على تقوية الصناعة. والسادة المتواجدون في المواقع الأخرى يعملون على انجاز المهام الموكلة إليهم.
إن الشعب الإيراني يواصل اليوم نهجه الإسلامي وليس بوسع أحد أن يحرمه من هذا الطريق. وانصح أولئك المتواجدين في الخارج بأن لا يضيعوا أعمارهم في كيل الشتائم للآخرين وليذهبوا وراء معيشتهم. وأقول لهؤلاء المتطفلين في الداخل بأن وقت التطفل قد انتهى ولم يعد لكم ولا لإعلامكم تأثير يذكر على هذا البلد. حيث وصل هذا البلد ولله الحمد وبرعايته ودعم وتأييد ولي العصر سلام الله عليه إلى مستوى باستطاعته أن يواصل طريقه بنفسه. وآمل أن لا يصاب بالغرور، وأن يلتفت دائماً إلى الله تعالى وإلى القيم المعنوية .. مَنّ الله عليكم جميعاً بالسلامة إن شاء الله وبالعزة والعافية، وخلّص البلاد الإسلامية من شرّ الأجانب والناهبين.
والسلام عليكم ورحمة الله
*صحيفة الإمام، ج17، ص: 192
2011-06-12