الموضوع: مسؤولية قوى الأمن الداخلي في المجتمع والتأكيد على واجباتهم ورسالتهم
خطاب
الحاضرون: مهدي موحدي كرماني (ممثل الإمام لدى الشرطة)، صميمي (القائد العام للشرطة)، وجمع من رؤساء ومنتسبي مراكز الشرطة في المحافظات
عدد الزوار: 55
التاريخ 7 بهمن 1361 هـ ش/ 12 ربيع الثاني 1403 هـ ق
المكان: طهران، جماران
الحاضرون: مهدي موحدي كرماني (ممثل الإمام لدى الشرطة)، صميمي (القائد العام للشرطة)، وجمع من رؤساء ومنتسبي مراكز الشرطة في المحافظات
بسم الله الرحمن الرحيم
الوحدة هي الضمان لبقاء الثورة
إن لقاءنا هذا هو إحدى بركات الثورة حيث كنا في السابق بعيدين عن بعضنا البعض، فعندما كنا نراكم كنا نهرب، وانتم أيضاً لم تكونوا ترغبون في رؤيتنا. وأنا أقصد طبعاً الذين كانوا يعملون في سلك الشرطة في السابق. غير أن الثورة استطاعت أن تزيل هذه الهوة واصبحنا نعتبر بعضنا من بعض. أي أن إيران اصبحت كتلة واحدة، عبارة عن حزب الهي واحد، وهذه من النعم التي ينبغي أن ندرك قدرها .. إن كل البركات التي ينعم بها هذا البلد هي حصيلة الوحدة التي يتمتع بها الجميع من حكومة وعسكر وعلماء الدين وكسبة. فالجميع بات يداً واحدة ويتطلع لتحقيق هدف واحد. ومثل هذا يستوجب أن يعي كل فرد واجبه الإسلامي.
إن الذئاب تحيط ببلدنا من كل صوب وتتحين الفرصة المناسبة للانقضاض عليه، فلا بد لنا أن نعي كيف ينبغي أن نصون استقلاله. وكونوا على ثقة أن القوى الكبرى تعمل دائماً على تدمير البلد من الداخل كي يتسنى لها أن تفعل ما تشاء. فإذا كان الداخل منيعاً، فليس بوسعهم أن يفعلوا شيئاً. ولهذا يحاولون أن يجدوا منفذاً لهم في الداخل، يحاولون العثور على نقطة ضعف ينفذون منها. وقد رأينا كيف أن الانقلابات التي يشهدها العالم غالباً ما تحدث عن هذا الطريق، حيث تقوم القوى الكبرى بتمهيد الطريق لأحد العسكريين أو ما شابه للاستيلاء على السلطة ومن ثم العمل وفقاً لما يملى عليه.
ولكن إذا عرف أبناء الشعب واجباتهم المتمثلة في أن الجميع يتطلع لخدمة البلد، العسكري يخدم من موقعه وقوى الأمن الداخلي من موقعها، وكذلك عالم الدين والكاسب والعامل، الجميع يؤدي المهام الموكلة إليه. كونوا على ثقة بأننا إذا ما عملنا على ترسيخ هذا التوجه إن شاء الله عندها لن يطمع بكم أحد. وسوف يتخلى أولئك الذين يفكرون بابتلاعكم عن اطماعهم، لأنهم سييأسون ولن يتمكنوا من تحقيق أهدافهم.
ولهذا فان الأمر الذي يحظى بالأولوية لدينا هو الحفاظ على هذا الذي منّ الله تعالى به علينا .. نحن الآن غير مدركين جيداً حقيقة ما حدث، لأننا نحيى في خضم الأحداث. فعندما نكون في خضم الحدث لا ندرك ابعاده. فقد ذكر أكثر من مرة أولئك الذين يرقبون الأحداث من الخارج قائلين: انكم انتم أنفسكم لم تدركوا أبعاد ما حدث؛ قوة يفجرها الشعب بهذا النحو ويلتحق بها من كانوا عوناً للشاه، ومرة واحدة يجرد النظام من قوته. حيث كان الجميع يصرون على بقائه محمد رضا شاه. وفي الداخل أيضاً كنا نسمع من يطالب بذلك. ولكن انجازاً كبيراً تحقق بفضل عناية الله تعالى ورعايته لنا. وعلينا أن نشكر هذه النعمة، وان شكرها يتمثل في أن نعمل بواجباتنا جميعاً.
دعم الشعب رهن خدماتكم
فكما تعلمون فإن الشعب كان يشعر بالمرارة من قوات الشرطة، لأنها كانت في الغالب تعمل لغير صالحه. فبأيدي الشرطة كان الناس يضربون في عهد رضا شاه. حتى أنه ينقل أن مديراً للشرطة في مدينة قم كان جالساً على قارعة الطريق وأنفه ينزف دماً، فلما رأى أحد المعممين نهض وانقض عليه تاركاً أنفه ينزف ..
لقد كانت الشرطة تتصرف بنحو جعل الجميع يتنفرون منها. وكان هذا ينطبق على جميع اجهزة النظام، غير ان الشرطة كانت على اتصال مباشر مع الناس. لذا عليكم ان تبذلوا قصارى جهدكم لإزالة هذا الانطباع المرّ من نفوس الناس لتحل محله ذكريات طيبة. وسوف يساعدكم الله سبحانه في مسعاكم هذا ويشجعكم الشعب .. كونوا على ثقة بأنه لو أن حرباً كانت قد حدثت في العهد السابق، لكانت الناس تدعو لهزيمة رضا شاه في هذه الحرب. ولا زلت اتذكر كيف انه عندما دخلت قوات الحلفاء إيران وتم نفي رضا شاه، فرح الناس وشكروا الله تعالى على هذه النعمة حيث تخلصوا من رضا شاه على الرغم من أنه كان إيرانياً على أية حال. لقد مارس من الاضطهاد والخيانة بحق ابناء هذا الشعب مما جعل الناس يفرحون لدخول الإنجليز والروس والاميركان إلى البلاد ونفي الشاه، ويعتبرون ذلك نعمة، ولو كانت الظروف تسمح لوضعوا مظاهر الزينة مثلما رأيتم كيف فعل الناس ذلك عندما خرج محمد رضا من إيران.
نحن أيضاً علينا أن نتصرف بنحو بحيث إذا ما حدث لا سمح الله لأحدكم حادث هب الجميع لنصرته، مثلما هو الوضع اليوم .. فلا تتصوروا أن هناك ثورة كثورتنا يتفانى الشعب في خدمة حكومته. وانما حكموا بالحراب لأن ثورتهم لم تكن ثورة شعبية، بل انقلاباً قام به أصحاب النفوذ، ولهذا حكموا الشعب بالحراب. وحتى هذه اللحظة لا يزال أولئك الذين قاموا بانقلابات كبرى يحكمون الناس بالحديد والنار. ولكننا في إيران، ولأن الناس هم الذين قاموا بالثورة ولم تكن انقلاباً، حيث اتحد الجميع وفجروا الثورة، فان الجميع يساند الثورة ويضحي من أجلها. ولهذا فانتم مطالبون باداء واجب البنوة إزاء هذا الشعب، وهو أيضاً يتعامل معكم بحكم الأبوة. وطالما كانت هذه النعمة فأنتم أقوياء ولا تستطيع أية قوة أن تتعرض لكم. وإذا ما تصرف على سبيل الفرض قائد الشرطة بما يثير غضب أبناء الشعب فإن من الممكن أن تحدث بعض الأمور البسيطة ولكن إذا ما تكرر ذلك وشاع وانتشر مثل هذا التصرف، فمن الممكن أن نرى فجأة أن الناس أصبحوا يعادون الشرطة وهذه مصيبة ..
علينا أن نحافظ على هذه النعمة ونحرص على شكرها وان شكرها يتلخص في خدمة الناس من اجل الله تعالى .. على الشرطة أن تقدم خدماتها من اجل الله، فالشرطة اليوم لا تنوي ايذاء أحد، وهي تريد ان تمارس مهامها من اجل الله، وطالما كان الأمر على هذه الشاكلة فان الله تبارك وتعالى سوف يساعد في تقويتها على أيدي أبناء الشعب أنفسهم. الناس أنفسهم يعملون على تقويتها من خلال مساعدتها في أداء واجباتها. فلا بد لنا من الحفاظ على هذه النعمة.
اما بالنسبة للموضوعات التي تطرق إليها السيد، فهي موضوعات جيدة ويمكن الحديث عنها وسأحاول التطرق إليها إن شاء الله فيما بعد .. لقد حرصت على الإشارة إلى كليات الموضوع وحاولت الحديث عن الأسس التي تساعد إيران في استرجاع هويتها الإسلامية وان يكون كل شيء فيها إسلامياً. وعليكم أن تحذروا من الانتهازيين. فربما يتصور البعض بأن الحريات التي وجدت تسمح له بأن يفعل ما يشاء ويرتكب أعمالًا منافية للشرع، ومن واجب الشرطة الحؤول دون ذلك. إن الشرطة مطالبة بالعمل بواجباتها من اجل هذا، وان احد واجباتها الحؤول دون ارتكاب المنكرات، واطلاع المحاكم على ذلك كي يتسنى لها القيام بواجباتها.
ضرورة مراعاة المعايير والتصدي للجرائم
من جملة القضايا التي أود التذكير بها، الأمور المتعلقة بالنظام. لقد سعى الإسلام منذ اليوم الأول الى ارساء أسس النظام والانضباط. ومثلما تعمل الشرطة على استتباب النظام، فإن الناس أيضاً مطالبون بذلك. فاذا ما حاول أحدهم على سبيل الفرض التمرد على أوامر الشرطة بأن يرتكب مخالفة مرورية، فلا بد من ملاحقته. فلا يتصور البعض بأن الإسلام يدعو إلى الحرية (المطلقة) وان بوسعهم أن يفعلوا ما يشاءون .. فالإسلام يؤكد على الحرية التي تحفظ حقوق الآخرين أيضاً. فإذا كانت قيادة السيارات يوماً خلافاً للضوابط، فانها ستقضي على المئات، ولا بد من ملاحقة السائق المتهور والتصدي له.
فمثل هذه الأمور محسومة أصلًا. يجب التعامل مع قضايا النظام والانضباط بحزم وحسم وعلى قوى الأمن الداخلي أن تمارس مهامها بكل حزم، لا سيما إزاء من يحاول التآمر والاخلال بالأمن. فلا يجوز التريث والانتظار في مثل هذه الحالات. فإذا ما تم التأكد من أن هذا الوكر يخطط للتآمر والمساس بأمن البلد، فان قوى الأمن الداخلي مكلفة بالتصدي لذلك. طبعاً ثمة ضوابط ومعايير ينبغي مراعاتها وسيتم الحديث عنها فيما بعد. ولكن فيما يتعلق بهؤلاء الفاسدين الذين يوجدون مراكز توزيع الهيروئين بين الناس، حيث يعتبر فساد الهيروئين أعظم من أي فساد، ومراكز بيع الخمور ولعب القمار وممارسة الفحشاء، فإن من الواجب التصدي لهم بكل حزم وقاطعية.
الامتناع عن التجسس في الشؤون الشخصية والتصدي للتآمر
إن ما نؤكد عليه هو أنه لا يحق لأحد مداهمة بيوت الناس حتى وان علم بأن صاحب المنزل يفعل ما يوجب النهي عنه. لا يحق لأحد فعل ذلك، إذ أنه لا يمكن ان نتصدى لمخالفة بمخالفة أكبر. وانما هناك معايير وضوابط للنهي عن المنكر، مثلما أن للأمر بالمعروف موازين وضوابط. وكل ذلك يختلف عن موضوع التآمر. فإذا افترضنا أن المنافقين كانوا يخططون في أحد الأوكار للتآمر، فلا يمكن التريث والانتظار لنرى ما الذي سيفعلونه، بأن يخرجوا من أوكارهم ويزرعون المتفجرات ويقتلوا الناس، بعدها نتصدى لهم. لقد اشرت من قبل إلى استثناء مثل هذه الحالات ولا يجوز التسامح معها. ولكن نحن نتحدث عن مداهمة بيوت الناس وتفتيشها دون أي مبرر، أو لأن فلاناً يرتكب في منزله إثماً ما.
فمثل هذا العمل غير صحيح ومدان. ولكن إذا كانت هناك معلومات مؤكدة توضح بأن هذا البيت قد تحول إلى وكر للفساد وإشاعة الفحشاء، أو مركز للعب القمار، فلا بد من التصدي لذلك. وأقولها بكل صراحة على قوات الشرطة أداء مهامها بكل حزم في هذا المجال. وكذلك قوات حرس الثورة. فهذه أمور لا يمكن التهاون بشأنها. ولكن ما نؤكد عليه هو أنه لا يحق لأحد مداهمة بيوت الناس، وان كان يرتكب فيها على سبيل الفرض بعض المحرمات بشكل فردي، لا يحق لكم دخول بيوت الناس وتفتيشها والسؤال عما يفعل أصحابها. ففيما عدا مراكز الفحشاء والفساد واوكار التآمر لا يحق لقوات الشرطة مداهمة بيوت الناس وانتهاك حرماتها.
إني آمل أن توفقوا في أداء مهامكم، وأن نشعر جميعاً بأننا نعمل اليوم على شكر هذه النعمة الإلهية التي أنعم الله تعالى بها علينا، وان شكرها يتجسد في خدمة الشعب والبلد. صحيح أنه يجب أن نشكر هذه النعمة باللسان أيضاً، ولكن الشكر الحقيقي هو عندما تمارس قوى الأمن الداخلي مهامها بصورة صحيحة، وعندما يشعر الجميع بأن البلد بات تحت تصرفهم وليس بوسع أحد نهب خيراته، فلا بد من العمل على إزالة الظلم بكل جد وإخلاص .. لا بد أن يؤدي الجميع كل من موقعه، المهام الموكلة إليهم بما يليق. وأنا ادعو لكم جميعاً سائلًا الله تعالى أن يسدد خطاكم إن شاء الله تعالى.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
*صحيفة الإمام، ج17، ص: 212
2011-06-12