الموضوع: مبادرة القوة-الألطاف الإلهية في انتصار الشعب الايراني
خطاب
الحاضرون: قائد القوة الجوية وجمع من كوادرها ومنتسبي الخطوط الجوية الايرانية
عدد الزوار: 43
التاريخ 19 بهمن 1361 هـ ش/ 24 ربيع الثاني 1403هـ. ق
المكان: طهران، جماران
الحاضرون: قائد القوة الجوية وجمع من كوادرها ومنتسبي الخطوط الجوية الايرانية
بسم الله الرحمن الرحيم
التزام القوة الجوية وتضحياتها الخالدة
إني أتقدم بالتهنئة إليكم جميعاً وإلى كافة القوات المسلحة وإلى الأمة الاسلامية العظيمة، بمناسبة انتصارات الاسلام الباهرة في عشرة الفجر الأخيرة .. ان جهادكم أيها الأخوة في القوة الجوية، التي كانت أول فئة التحقت بالثورة ولجأت إلى أحضان الاسلام والقرآن وأدارت ظهرها للطاغوت، وتضحياتكم كانت لها قيمة كبيرة آنذاك وستبقى خالدة في ذاكرة الشعب وجميع المستضعفين إن شاء الله .. إنكم أعزة كرام في محضر الله تبارك وتعالى، حيث حطمتم حاجز الخوف يومئذ والتحقت بقية القوات بالشعب تبعاً لكم، وتحقق النصر ولله الحمد واستبدل الطاغوت بالرحمن .. أنتم الذين كنتم في خدمة الطاغوت أصبحتم منذ ذلك اليوم في خدمة الاسلام وخدمة الحق تبارك وتعالى.
إن النصر الذي تحقق لكم وللقوات المسلحة، لم يكن أمراً اعتيادياً. فكما تعلمون فإن القوة التي كنا نواجهها في بداية الثورة كان قد تم تجهيزها بمختلف أنواع الأسلحة على مدى سنوات طويلة، علماً أن تجهيزها لم يكن للدفاع عن ايران وانما لمواجهة أعداء أميركا. وان كل هذه القوات كانت تابعة للنظام وتقدم له العون والمساعدة. وعلى الرغم من كل ذلك فقد استطاع الشعب، الذي لم يكن يملك شيئاً، أن يتغلب على هذه القوات بأيد خالية. ومن جملة تلك الانتصارات التحاقكم أنتم أيها الأخوة بالشعب، حيث كانت شعارات أبناء الشعب يومها دعوتكم للانضمام إليهم وقد قبلتم أنتم هذه الدعوة. وها أنتم تواصلون الجهاد المقدس إلى جنب اخوتكم حتى يومنا هذا. ويجب أن نعلم جميعاً بأن الشعب وكافة القطاعات العسكرية والقوات المسلحة، عملوا من أجل الله وتطبيق أحكامه، والتخلص من الشيطان والنظام الطاغوتي، ونشر نداء" الله أكبر". فالجمهورية الاسلامية تظللكم برعايتها وهي ساعدنا وساعدكم، وآمل أن نبقى جميعاً على عهدنا لله تبارك وتعالى. وقد نصركم الله تبارك وتعالى لأنه وعدكم بنصره.1
العناية الإلهية في انتصار جند الاسلام
انظروا إلى كل مرحلة من المراحل التي واجه فيها الشعب الايراني بمختلف فئاته وقواته، أعداءه. ففي الوقت الذي لم يكن بحوزته أي معدات تذكر، كان أعداؤه مدججين بالسلاح، وكانت المساعدات تتدفق عليهم من كل صوب. لم يكن لدى ايران مَن تلجأ إليه غير الله تبارك وتعالى، وقد منّ سبحانه عليكم وعلى شعبكم بكل هذه الانتصارات. ان قوات العدو كانت تتحصن في خنادق تم اعدادها من قبل، وكانت خنادق محكمة للغاية ومجهزة بكل أنواع الأسلحة. ولكن قواتنا بمجرد أن تبدأ بالهجوم نرى هؤلاء يتركون خنادقهم ويولون هاربين. وقد تم أسر أعداد كبيرة منهم كما تعلمون. فمثل هذا ليس بالأمر الاعتيادي. إنه أمر غير طبيعي وقد شملكم الله تعالى بعنايته. فبالنسبة لنا كانت الألطاف الإلهية في أقصى درجاتها، ويجب أن نستحضر ذلك على الدوام.
الاتحاد في مواجهة العدو، سرّ الانتصار
ان الله تبارك وتعالى يضاعف عليكم هذه النعمة لأنكم تعرفون قدرها وتشكرونه سبحانه عليها. فإن شكرتم فإن الله تعالى قد وعد بالزيادة، لأنه هو الذي يزيد النعم .. إنكم ترون القوات المسلحة اليوم بأسرها تتوحد مع أبناء الشعب والجميع مع علماء الدين. الجميع يشكلون كتلة واحدة في مواجهة الكفار. وانّ سرّ انتصاركم يكمن في هذه الوحدة. فاليوم ترون علماء الدين يمارسون دورهم جنباً إلى جنب مع أبناء الشعب، ويتجلى ذلك بوضوح في مجلس الشورى وأركان النظام الإسلامي الأخرى. فمثل هذا لم يكن موجوداً، وإذا كان هناك رجل دين فهو من المرتبطين بالبلاط. غير أن علماء الدين اليوم يمثلون الشعب ويعملون على خدمته ولا يرتبطون بجهة معينة. إن هذه التركيبة التي تتمتع بها ايران اليوم حيث يقف الحرس مع الجيش، والجيش مع قوات التعبئة، والتعبئة مع الجميع، والعشائر معكم، وأنتم مع الجميع، والشعب يقدم الدعم، وعلماء الدين يقدمون الدعم، والجميع يدعم بعضه البعض.
إنها نعمة منّ بها الله تبارك وتعالى على ايران. ولا تتصوروا أن مثل هذه النعمة توجد في مكان آخر. وكل ذلك لأن ايران ثارت من أجل الاسلام. فمنذ بداية تحركها دعت إلى سيادة الاسلام. وقد أحاطكم الله تبارك وتعالى بلطفه وكرمه لأنكم تتطلعون لعزة الاسلام، وان ما تحقق على أيديكم ذو قيمة لديه سبحانه. وإذا ما فعلت الشعوب الأخرى وتحركت من أجل الاسلام ومن أجل الله، فالله تبارك وتعالى سيحيطها برعايته ويمدها بعونه مثلما فعل مع الشعب الايراني. المهم هو أن نعي واجبنا ومسؤولياتنا. المهم هو أن يعي الانسان واجبه وما الذي يجب عليه فعله. فإذا ما وجد الانسان طريقه فسوف يرشده الله تبارك وتعالى إلى طريق الهداية، فيهديه إلى طريق النصر. فهل تتصورون ان الرعب الذي انتاب هؤلاء كان بسبب الرشاش الذي في أيدينا؟ أم بسبب قوتنا؟ ان الله تبارك وتعالى هو الذي ألقى الرعب في قلوب أعوان النظام البائد وهزمهم. لقد ألقى الله تعالى مثل هذا الرعب في قلوب أعداء الرسول الأعظم في صدر الاسلام ونصره على أعدائه، وإلّا فإن المسلمين يومئذ لم يكونوا يملكون شيئاً أمام عدوهم ..
عندما تنطلق صرخات الله أكبر دفعة واحدة، يفر أعداء الله تاركين وراءهم سلاحهم. وقد أخبروني بأنه ما إن بدأ جند الاسلام هجومهم الأخير وارتفع نداء الله أكبر، حتى فرّ جنود العدو هاربين. وقد حدث مثل هذا في معركة تحرير خرمشهر أيضاً، وفي مناطق أخرى. وعليه لابدّ لنا من المحافظة على هذه النعمة الإلهية وهذه الرحمة التي تلطف بها الله تبارك وتعالى علينا، وأن نحرص على استمرارها. ويتجسد الحرص أولًا في أن نكون ربانيين، أن نعمل في سبيل الله وأن نطيع أوامره سبحانه وأن نعتبر أنفسنا منه وإليه. وفي ضوء ذلك يتحقق الأمر الآخر وهو الوحدة والانسجام. لأن التفرقة من الشيطان، ووحدة الكلمة والاتحاد من الرحمن. فإذا أصبحتم ربانيين، رحمانيين، وكان توجهكم لله، لن تمنوا بالفرقة والاختلاف. ويوجد اليوم ولله الحمد انسجام عظيم بين جميع أفراد القوات المسلحة، وآمل أن يدرك الجميع أهمية ذلك ويسعوا للمحافظة عليه.
تجاهل اعلام العدو
فلا تعبأوا بهذه الأبواق الاعلامية التي تستهدف تشويه صورة ثورتكم والاساءة إلى بلدكم. انها تسعى حيناً إلى تحريك الجيش زاعمة بأن الجيش في ايران لا شأن له بالجمهورية الاسلامية. وأحياناً تحرك جهات أخرى، وفي كل هزيمة يمنون بها ترونهم أولًا يتجاهلونها تماماً، وبعد ذلك يقولون ان هذه الجهة قالت كذا وتلك الجهة قالت كذا. وفي هذه الهزيمة الأخيرة التي منوا بها يقولون: تذكر ايران بأنها قامت بكذا وكذا. فيما قال صدام بأننا أخرجنا الايرانيين من الأراضي العراقية وطاردنا فلولهم واستولينا على أسلحتهم. هذا هو مبدأهم في التعاطي مع أخبار المعارك في كل مرة.
الاعتبار من قوة الشعب الايراني
ويجب على دول المنطقة أن تدرك بأنها إذا ما تعرفت على الاسلام ومدّت يد الأخوّة إلى ايران، فإن بوسع ايران انقاذهم من شر القوى الأخرى. فلم يعد هناك مبرر للخوف من ردة فعل اميركا إذا ما فعلنا كذا؟ لقد فعلنا ما كنتم تخشونه، أخرجنا خادماً كبيراً عميلًا لأميركا 2، وأغلقنا السفارة الأميركية التي هي في الحقيقة وكر للتجسس، واستولينا عليها وأخرجنا الجواسيس الأميركان منها. كما طردنا المستشارين الأميركيين من بلادنا ولم تستطع أميركا أن تفعل شيئاً ولو استطاعت لفعلت .. ان ايران التي لم يتجاوز عدد نفوسها الأربعين مليوناً، استطاعت أن تصمد في مواجهة كل القوى ولن تخشى أحداً لأنها تتكل على قدرة الله.
فعندما تتكل على قدرته تعالى وتتصل به، فهي في غنى عن الآخرين .. فإذا ما استطاع أربعون مليون نسمة الصمود والثبات أمام أميركا والاتحاد السوفيتي وفرنسا وأمام الجميع، فكيف بأمة تتجاوز المليار مسلم؟ فهل بوسع أحد أن يعاديها؟ ان عدد المسلمين يقارب المليار غير أنهم مشتتون وكل واحد يفكر بنفسه. وان حكوماتهم تعادي شعوبها. والشعوب تعارض حكوماتها. والدول تعادي بعضها البعض وإن تظاهرت بالصداقة. فهذا صدام الذي لا يكف عن ترديد بأنه غير مرتبط بأميركا ويعادي اسرائيل، وإنه عربي ولا يعرف غير العروبة ولا شأن له بأميركا وفرنسا والآخرين، ولكن قد اتضحت الآن حقيقة ذلك، فهو أميركي واسرائيلي أيضاً، وقبل ذلك كان مرتبطاً بالاتحاد السوفيتي وفرنسا.
وان آخر ما يفكر فيه هو العرب والعروبة. وإذا ما كانت لديه علاقات مع مصر فلأن أميركا تريد ذلك، وإلّا فهو يتطلع لأن يفرض هيمنته على المنطقة بأسرها، وقد ضحكوا عليه عندما دفعوه للهجوم على ايران، حيث أخذوا ينفخون فيه ويطبلون ويزمرون له ويؤججون في نفسه أهواءه الشيطانية. وقد حاولت أميركا تضليله بأن ايران لم يعد لديها شيئ وقد انحل جيشها، وان الحرس الثوري ليس بالقوات التي تذكر، وان الشعب الايراني لا شأن له بهذه الأمور، وعليك انتهاز الفرصة لاحتلال ايران وحينها سيكون نفطها لك. وإذا ما نجحت في ذلك، بامكانك أن تفعل ما تشاء وتستولي على المنطقة بأسرها .. لقد حدثوه بمثل هذا الكلام وخدعوه. وقد صدّق هذا البائس كلامهم وشن هجومه على ايران.
غير أن أياً من هؤلاء لم يكن يعرف ايران متصورين أنها كما كانت في السابق. فلم يدرك هؤلاء بأن ايران الاسلامية لم تعد ايران التي كانوا يتصورونها .. ان هؤلاء يجهلون قوة الاسلام أصلًا، انهم لا يفهمون. هؤلاء لا يفهمون. وان بعض هؤلاء هم من الايرانيين الذين فروا من البلاد وحاولوا أن يمارسوا النفاق. هؤلاء أيضاً لم يدركوا ماذا تعني ايران الاسلام. هؤلاء أيضاً كانوا يتصورون بأنهم إذا ما افتعلوا حادثة، أو قامت جماعة من الماركسيين بحركة في مدينة آمل مثلًا، أو أنهم نزلوا إلى الشوارع، فإن الشعب سيساندهم ويدعمهم.
إن مثل هذه الحماقة هي التي دفعت صدام للوقوع في الفخ الذي ليس بوسع أحد أن ينقذه منه. وإني آمل أن تتواصل الألطاف الإلهية علينا، وأن نكون في خدمته تبارك وتعالى أكثر مما مضى، وأن نكون جميعاً يداً واحدة على من سوانا. وأن يمنّ الله تعالى عليكم بالسلامة وأن يخلّد ذكراكم، فأنتم أول الذين التحقوا بنا وبالاسلام. فأنتم السابقون السابقون والمقرّبون عند الله تعالى بمشيئته.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
*صحيفة الإمام، ج17، ص: 232
1- محمد، الآية 7:" إن تنصروا الله ينصركم ويثبّت أقدامكم".
2-محمد رضا بهلوي.