الموضوع: ضرورة الدفاع عن البلد ازاء العدوان
خطاب
الحاضرون: علي أكبر ناطق نوري (وزير الداخلية) وجمع من أفراد اللجان المركزية للثورة الاسلامية
عدد الزوار: 40
التاريخ 21 فروردين 1362 هـ. ش/ 26 جمادى الثانية 1403 هـ. ق
المكان: طهران، جماران
الحاضرون: علي أكبر ناطق نوري (وزير الداخلية) وجمع من أفراد اللجان المركزية للثورة الاسلامية
بسم الله الرحمن الرحيم
تقدير جهود لجان الثورة الاسلامية
أتقدم بالشكر للأخوة الذين قدموا إلى هنا لنلتقي بهم عن قرب. ان جهودكم أيها الأخوة في اللجان الثورية منذ انطلاقة الثورة وحتى انتصارها تستحق الشكر. ولا يخفى ان كل ثورة تعقبها فوضى وانعدام للأمن. وقد استطعتم ولله الحمد المحافظة على أمن المدن وارساء الاستقرار فيها. ومنذ ذلك الوقت عملتم مع اخوتكم في الحرس الثوري والجيش، على خدمة الاسلام وبلدكم العزيز. ومثل هذه الخدمات مسجلة عند الله تبارك وتعالى. وآمل ان يتواصل هذا الأمر حتى النهاية وأن تسجل أسماؤكم عند الله تبارك وتعالى مع أسماء الذين عملوا على تحقيق النصر للمسلمين في صدر الاسلام.
الدفاع عن الاسلام والبلد الإسلامي بالدخول في الأراضي العراقية
كما هو واضح ومعلوم لكم جميعاً أننا اليوم في حالة دفاع رغم كل ما يردده الاعلام الأجنبي المعادي لنا. وان بعض أراضينا لازالت تحت تصرف العدو، وان مدننا الحدودية تتعرض كل يوم للقصف بالقذائف والصواريخ. ومن الواجب علينا جميعاً الدفاع عن بلدنا. ويتمثل الدفاع في اجبار العدو على التقهقر إلى الحد الذي لا يتمكن من قصف مدننا بصواريخه. ومن هنا فإن النفوذ في الأراضي العراقية وليس الهجوم على العراق، يعتبر دفاعاً عن الاسلام والبلد الاسلامي. ومثل هذا شبيه بمن يقف خارج منزلك ويواصل رميه بالحجارة ويلحق أضراراً بالأنفس والأموال. فإذا ما دخلت منزله للدفاع عن نفسك فإن هذا لا يعني مهاجمته. إننا لا نفكر بالهجوم على أحد مطلقاً.
إننا نحاول الدفاع ضد معتد غاشم لا يعرف الله. فعندما يعجز عن احتلال بلدنا وممارسة عدوانه داخل أراضينا، يلجأ إلى اطلاق قذائفه وصواريخه على مدننا وقتل أعزتنا .. إننا في حالة دفاع، غير أن الاعلام الأجنبي المعادي يحاول التركيز على دخول قواتنا الأراضي العراقية. فمنذ بداية الحرب وحتى الآن كان الصداميون يحتلون أراضينا غير ان هذا الاعلام لم ينطق بكلمة واحدة وكان ذلك أمراً طبيعياً بالنسبة لهم. فلم تعترض المنظمات الدولية ولا وسائل الاعلام. ولكن عندما نريد ان ندافع عن أنفسنا ومنع صدام من الحاق الضرر بنا، فهل يعني هذا اننا نهاجم العراق؟ طبعاً ان مثل هذا الأمر ليس بغريب على الذين يعادون الاسلام. وعليه، ولأننا نحرص على صيانة سلامة مواطنينا ومدننا، فإن الواجب يحتم علينا الدفاع جميعاً كل بالنحو الذي يقدر عليه.
الحفاظ على البلد في ظل وحدة القوات المسلحة
ان اللجان الثورية تمارس دورها ولله الحمد في الداخل وفي جبهات القتال وعلى الحدود. وهكذا الحرس الثوري والجيش، وكل هذا لأن القوات المسلحة تشكل كياناً واحداً، فليس لدينا جيش معزول عن الحرس، كما ان الحرس غير معزول عن اللجان الثورية، واللجان غير معزولة عن قوات التعبئة، وهؤلاء جميعاً غير معزولين عن العشائر. فكلنا اخوة بروح واحدة وأجساد مختلفة. اخوة بأسماء متعددة، كيانات ذات أسماء مختلفة: التعبئة، الحرس، الجيش، اللجان الثورية إلى غير ذلك. غير ان روحهم واحدة وتجمعهم وحدة الايمان والعقيدة، وقد أضحى ذلك سبباً في أن يتمكنوا من هزيمة القوى الكبرى ويصمدوا في مقابل كل القوى في العالم. وطالما تمت المحافظة على روح الأخوّة هذه، وتم التنسيق بين عمل كل كيان من هذه الكيانات، ستمضي الثورة في مسيرتها قُدماً. وآمل أن يتم الحفاظ إن شاء الله على روح الوحدة والروح الانسانية في المجتمع، وأن يصان البلد من الدسائس والمؤامرات التي تدبر ضده.
وقد استطعنا الصمود في الدفاع عن بلدنا وعن الاسلام العزيز، والتصدي لكل هجوم استهدفنا سواء من قبل قوة عظمى أو قوة صغرى، لا فرق بالنسبة لنا. فالواجب يحتم علينا الدفاع عن نواميس الاسلام وعن أعراضنا، وعن بلدنا الاسلامي، وطالما كنا في حالة دفاع فإننا سنتصدى لأية قوة تحاول التعرض لنا. وآمل أن تتم المحافظة على هذه القوة وأن تواصلوا تقدمكم بها. وطالما كانت جبهات القتال بحاجة إلى مساعدتكم فمن الواجب على الجميع التوجه إلى جبهات القتال. وبطبيعة الحال فلأن اللجان الثورية تمارس نشاطها في الداخل فهي في حالة دفاع أيضاً. إذ ان الدفاع في الداخل مهم أيضاً. وهكذا الأمر بالنسبة لأولئك المتواجدين في كردستان، وفي الجبهات الغربية والجنوبية، فهؤلاء جميعاً هم موضع احترام وتقدير جميع ابناء الشعب. ولأننا شعب واحد وأمة واحدة، فإني أدعو لكم جميعاً، جميع الذين لا يتوانون عن الدفاع عن هذا البلد والتضحية من أجل هذا الشعب ومن اجل الاسلام. وان الشعب شاكر وممتن لكم جميعاً.
معاداة الشعب الإيراني في مختلف المجالات
وكما ترون فان شبابنا الأعزاء في كافة أنحاء البلاد يواجهون مختلف أنواع العدوان سواء العسكري والاعلامي والدعائي. انظروا إلى موضوع النفط الذي تسرب في الخليج وأوجد مشاكل لأخوتنا الخليجيين، فإنكم تجدون كل الاعلام الأجنبي يشن هجومه ضدنا. كأنه يريد أن يقول لماذا تملكون النفط حتى يقوم صدام بضرب البواخر الذي تنقله ويتسرب إلى مياه الخليج. إذن فأنتم المقصرون لأنكم تملكون النفط. أنتم المقصرون لأن أبناء شعبكم يقيمون في خوزستان. فصدام ليس مقصراً عندما يقوم بضرب هؤلاء الأبرياء وتدمير بيوتهم على رؤوسهم. هذا هو حال الاعلام الأجنبي. فلم يجرؤ أن يقول كلمة لصدام لماذا فعلت ذلك ولماذا ضربت بواخر النفط فجعلت النفط يتسرب إلى المياه ويلوثها. إن أياً من هؤلاء الإخوة العرب في الدول الخليجية سواء في الكويت وقطر ودبي والبحرين أو غيرها، لم يقل لصدام لماذا فعلت ذلك. هذه الحكومات التي تعاني من شحة في المياه لم تعترض على صدام لتلويثه مياه الخليج وإنما يقولون ان النفط الايراني تسرب إلى هذه المنطقة.
النفط الايراني سال من تلقاء نفسه ووصل إلى هناك!! هذا هو حال العالم الذي يبعث على الأسف. وليس هناك من يعترض على هذا الوضع، وعلى هذه الروحية التي وجدت طريقها إلى الناس. وهذا هو حال الذين يتحكمون بوسائل الاعلام وبالسلطة. فما الذي يجب أن نفعله؟ وكيف ينبغي لنا أن نتصرف؟ ترتكب كل هذه الجرائم بحقنا ولم يعترض أحد. وما ذنبنا إلّا لأننا نطالب بسيادة الاسلام. حتى في هذه الجريمة التي ارتكبت بحق العرب حيث تم تلويث المياه التي هم بأمس الحاجة إليها. صحيح أننا خسرنا النفط، ولكن ما الذي فعلته هؤلاء النساء والأطفال العرب؟ ما ذنب هؤلاء النساء والأطفال الخليجيين حتى تلوث المياه التي يستخدمونها لحياتهم اليومية؟ ورغم هذا فإنهم لا يعترضون على ذلك. فمثل هذا هو وضع عجيب أخذ يسود العالم. ونأمل أن يصلح الله تعالى هذا الوضع وهؤلاء الأفراد وهذه الروحية التي باتت تسيطر على بني البشر.
انهزامية دول المنطقة أمام القوى الكبرى
مما يؤسف له ان هذه الروح الانهزامية باتت تسيطر على حكومات الدول الخليجية وغير الخليجية في تعاملها مع القوى الكبرى. ان هؤلاء يتصورون بأن صدام سيتركهم وشأنهم إذا ما طالتهم يده. ان الروحية التي يتصف بها صدام هي من النوع الذي لا يمكن ردعه عنها. فلو كان بالامكان الوقوف بوجهه لما وصلت الحال لما هي عليه الآن. ورغم كل ذلك فما زالت هذه الحكومات تساعده، متصورة بأنها إذا ما واجهت مشكلة فإن أميركا ستأتي وتحول دون أن يلحق بها أذىً. ان اميركا تريدكم من أجل النفط. أميركا تريدكم لتكونوا أسواقاً لمنتجاتها، تأخذ نفطكم وتأتي بمنتجاتها لتبيعها بأثمان باهظة. لا تعني أميركا الحالة التي أنتم فيها وجوع شعوبكم وعطشها، فلا شأن لها بذلك. فكل ما تفكر فيه هو الاستفادة منكم. حتى هذه الاستفادة لم تكن استفادة انسان من آخر، ولا استفادة انسان من عبد، وإنما أدنى من مستوى استفادتها من الحيوانات.
التصدي لتدخل القوى الكبرى في شؤون البلاد
فما لم تجتمعوا وتضعوا يداً بيد، وما لم تصونوا الأخوّة الاسلامية، فلن تتمكنوا من الصمود بوجه القوى الكبرى. انهم ينهبون ثرواتكم ويذلون شعوبكم ويذيقونها الفقر والحرمان، وأنتم جالسون تنتظرون أن تعمل أميركا شيئاً لكم. وقد رأيتم كيف إننا لم نجلس ننتظر حتى تفعل أميركا لنا شيئاً، وإنما بقينا ننتظر حتى إذا ما حاولت أميركا أن تقوم بشيطنة ما نتصدى لها. إننا ننتظر حتى إذا ما حاول الاتحاد السوفيتي أن يفعل شيئاً تصدينا له .. إننا ندافع عن أنفسنا. إننا لا نتوقع أن تقوم أميركا بعمل من أجلنا. (نحن ندوس أميركا بأقدامنا) في هذه الأمور ولا نسمح لها بالتدخل في شؤوننا. مثلما لا نسمح للآخرين بذلك. وإذا ما فكر أحدهم بالاعتداء علينا فسوف نقتل مظلييهم وهم في الجو ونقضي عليهم قبل أن يصلوا إلى الأرض. وهل يجرؤ هؤلاء على الهجوم علينا؟ إنهم ليسوا مجانين حتى يقرروا الهجوم علينا. ولكنهم يحاولون الوقيعة بيننا كي يتسنى لهم تدميرنا.
بث الاختلاف بيننا هو مؤامرة العدو للقضاء علينا
لقد قلت هذا الكلام كراراً وسأبقى أعيده وأكرره طالما بقيت على قيد الحياة. إنكم طالما كنتم متحدين متآزين ومتكاتفين، طالما كان أفراد القوات المسلحة وقوى الأمن الداخلي واللجان الثورية والحرس، يعرفون قدر بعضهم البعض ويكمل بعضهم البعض، فسوف لن تتمكن أية قوة في العالم من التغلب عليكم. إن كل هذه القوى الكبرى تسعى للحصول على مصالح لها وهي غير مستعدة لأن تخسر شيئاً، فإذا تم السماح لها بتحقيق مصالحها فهذا جيد، وإلّا فسوف يلجؤون إلى أساليبهم المعهودة. انظروا إلى افغانستان، فقد أدركوا جيداً بأن أضراراً كبيرة لحقت بهم. ومنذ اليوم الأول قلت لسفيرهم عندما جاء للقائي وقال: ان الحكومة الأفغانية هي التي طلبت منا أن نتدخل. فقلت له: لا تفعلوا ذلك لأنكم ستتضررون. وقد أدركوا الآن ذلك. فكما تعلمون ليس بوسعهم أن يحققوا شيئاً من الهجوم على بلدنا، ولهذا يلجؤون إلى بث الفرقة والاختلاف بينكم من خلال تحريك بعض الجماعات لإثارة الفوضى؛ فواحدة تعترض على شحة بعض السلع، وأخرى تطالب بالسماح لها بممارسة اباحيتها متصورين ان بتحريكاتهم هذه بوسعهم أن يثيروا الفوضى ويحققوا شيئاً.
ان هؤلاء الذين يعترضون على الغلاء وشحة بعض السلع، يجب أن يعلموا بأن ما هو موجود في الدول الأخرى من أزمات أكثر بكثير مما هو في ايران. ففي ايران لا توجد مجاعة، بل كل شيء متوافر ولكن بأسعار مرتفعة إلى حد ما. وستتم معالجة الغلاء أيضاً. فهل نخاطر باسلامنا وأرواحنا ونواميسنا لأن أسعار اللحم مرتفعة أو الفاكهة شحيحة .. ان كل ما يفكرون به هو إثارة أبناء الشعب ضد بعضهم البعض وتصديع الوحدة لا سمح الله بين الحرس والجيش وغيرهما. ففي اليوم الذي تزول فيه هذه الوحدة، سيكون موتنا جميعاً وتصادر نواميسنا وكافة جهود الأنبياء عليهم السلام سواء في بلدنا أو البلدان الأخرى.
ظلم الشعوب عن طريق ضرب الاسلام
فكما تعلمون- ويجب أن تعلموا- فإن ثمة أشخاصاً ممن يصطلح عليهم بالمثقفين، جالسون جانباً ويكيلون الشتائم، أشخاص جالسون خارج البلاد ولا يهمهم ما يجري داخل البلد وإنما يعترضون فقط. ولكن يجب أن يعلم الجميع بأن الاسلام إذا ما تعثر في هذا البلد فستواجه الشعوب الاضطهاد إلى آخر عمرها .. لقد انتفض الاسلام اليوم في هذا البلد وارتفعت رايته، وإني آمل أن تعم مظاهره في كل مكان وأن يتخلص المستضعفون من الظلم الذي يتعرضون له .. يجب أن يعلم اولئك الذين لا يكفون عن الثرثرة من أجل هذا البلد على حسب زعمهم متصورين ان قلوبهم تتحرق من أجل الاسلام؛ بأن الاسلام في إيران إذا ما تعرض لصفعة فإن هذه الصفعات ستستمر إلى الآخر، وحينها يجب أن نجلس ونتحسر ونعود ثانية إلى الوضع الذي كنا فيه حيث يتمكن مجرد شرطي من القتل والاهانة والاساءة دون أن يجرؤ أحد على الاعتراض. فلا شك انكم تتذكرون عهد رضا شاه وأوائل عهد محمد رضا (بهلوي).
وطبعاً لم يتمكن في الفترة الأخيرة من تنفيذ كل ما كان يريد. لذا لابدّ لكم من توحيد صفوفكم وتعزيز تضامنكم وانسجامكم.
ويعلم الله ان الجميع يعاني. فهذا وزير الداخلية الجالس هنا لديه من المعاناة ما يكفي. وكذلك رئيس الجمهورية ومجلس الشورى والحكومة والشرطة والقوات المسلحة والجميع يبذلون كل ما في وسعهم من أجل هذا البلد. يجب الكف عن الاعتراض والعمل على صيانة مكاسب الثورة من أجل الله ومن أجل نواميسكم ومن أجل بلدكم. فإذا كنتم حريصين على بلدكم، فيجب أن تشمروا عن سواعد الجد وتتظافر الجهود من أجل إعادة اعمار هذا البلد. فهل تريدون القضاء على هذا البلد من خلال الدعاية والاعلام؟ وهل عقد الأحلاف والمعاهدات مع صدام سيصون البلد؟ وهل تحريض الدول الأخرى ضد البلد سيحفظه؟ كونوا آدميين قليلًا والتفتوا إلى هذه القضايا.
وعلى أية حال آمل أن يدرك الجميع أهمية توحيد الصفوف والتآزر والتكاتف، وتحرصوا عليه، لاسيما أنتم الشباب شباب بلدنا العزيز. وسيحفظكم الله تعالى ولن يستطيع أحد أن يلحق الضرر بكم.
حفظكم الله تعالى جميعاً بمشيئته، ووفقكم وسدد خطاكم .. واصلوا نهجكم وتقدموا بكل قوة كي تنشروا الاسلام إلى المناطق الأخرى إن شاء الله. حفظكم الله ووفقكم جميعاً.
والسلام عليكم ورحمة الله.
*صحيفة الإمام، ج17، ص: 325
2011-06-12