الموضوع: ضرورة يقظة المسلمين في مواجهة المستكبرين
حديث
الحاضرون: محمد مهدي شمس الدين (نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى في لبنان) والكادر المركزي لحركة أمل، الجناح العسكري لحركة المحرومين في لبنان
عدد الزوار: 101
التاريخ: 30 ارديبهشت 1359 هـ. ش/ 5 رجب 1400 هـ. ق
المكان: طهران، جماران
الحاضرون: محمد مهدي شمس الدين (نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى في لبنان) والكادر المركزي لحركة أمل، الجناح العسكري لحركة المحرومين في لبنان
بسم الله الرحمن الرحيم
صحوة المسلمين في مواجهة المستكبرين
منذ سنوات طويلة وأنا أتحدث دائماً في خطاباتي وكتاباتي عن إسرائيل وجرائمها، وأحذر المسلمين من وجود هذه الغدة السرطانية المزروعة في بقعة من البلدان الإسلامية، وانها لن تكتفي بالقدس وما حولها، بل تحاول السير قدماً وهي تتبع سياسة أمريكا. وأطماع أمريكا لا تقتصر على مكان واحد، وهذا حال القوى العظمى التي تريد أن تهيمن على جميع البلدان لو استطاعت. إننا نعتبر لبنان جزءاً من إيران، لأننا وأياهم غير منفصلين أساساً، نحن هم، وهم نحن. السيد الصدر 1 رجل استطيع القول أنني ربّيته. وهو بمنزلة أحد أبنائي الأعزاء، وأتمنى أن يعود إلى موطنه بسلام إن شاء الله، ومن المؤسف جداً أننا لا نراه بيننا.
ينبغي أساساً أن يستيقظ المسلمون. ليس هذا يوم يعيش فيه كل واحد من المسلمين لوحده في جانب، وتكون لكل مجموعة منهم حياتهم الخاصة في كل بلد، هذا غير ممكن في مثل هذا الزمن حيث تُبنى سياسات القوى العظمى على اساس ابتلاع كل الأرجاء. على المسلمين؛ أي الشعوب، أن تتيقظ. أما الحكومات فأنا يائس من اغلبها، لكن الشعوب يجب أن تصحو وتكون كلها تحت لواء الإسلام وتنضوي تحت راية القرآن. وعدد المسلمين قرابة مليار نسمة والحمد لله، وكل بلدانهم غنية وثرية وشخصياتهم كفوءة، لكن الذين يريدون السيطرة على هذه البلدان، جعلوا من خلال الدعايات السيئة التي أطلقوها طيلة مائة عام تقريباً، ونفوذهم في الجامعات والأماكن التي تعد مراكز تربية أبناء المسلمين، جعلوا المسلمين يشعرون بالاحباط، أي أنهم اضاعوا انفسهم. على المسلمين أن يجدوا ليستعيدوا مجدهم.
الهيمنة الثقافية للأجانب أكبر معضلات المسلمين
الجانب المهم في هيمنة الغرب والشرق على البلدان الإسلامية، هو هيمنتهم الثقافية. كان أبناؤنا ينشأون على نمط من التربية تجعلهم يميلون الى الغرب أو الشرق حينما يتخرجون من الجامعات. هؤلاء الشباب الذين تلاحظون أنهم ينشطون الآن في بلدان شتى، إما لصالح الصين أو للسوفييت أو لأمريكا، وينشطون الآن في إيران خاصة، هؤلاء معظمهم تخرجوا من هذه الجامعات، أي أنهم تخرجوا وهم يحملون نمطاً من التربية التي توحي لهم أنكم لستم بشيء! عملاؤهم، سواء الذين كانوا كتّاباً متغربين، أو المشتغلين بالتربية في مدارسنا، كانوا كلهم متفقين على أننا لا نستطيع فعل شيء! وعلينا أن نتبع الغرب، أو نتبع الشرق. الطامة الكبرى بالنسبة الى المسلمين هي هذه الثقافة التي شاعت بين المسلمين، وتجر شبابنا إما إلى هذا الجانب أو ذاك. الانحياز في إيران لأمريكا غالباً ما يأتي تحت يافطة تقول أنهم شيوعيون! لأن بعض هؤلاء الذين يعتبرون أنفسهم شيوعيين أو يخالون أنهم كذلك، كانوا في الحقيقة يخدمون في بلاط الشاه!
مسؤوليات المسلمين في نشر الثقافة الإسلامية الثرة
في كل الأحوال، واجبنا نحن المسلمين جميعاً وواجب علماء الإسلام وواجب الكتّاب والخطباء من المسلمين، هو أن يوعّوا البلدان الإسلامية الى مالدينا من ثقافة، إذ أننا لدينا ثقافة غنية. ثقافتنا كانت بالشكل الذي صدرت إلى الخارج وأخذوها هم عنا. الكتب التي دونت في إيران وفي البلدان الإسلامية أخذوها هم وانتفعوا منها. ثقافة هذا الشرق، أي الشرق الأوسط الذي نحن فيه، كانت ثقافة المسلمين ولا تزال أثرى الثقافات، وللأسف فإن المسلمين لم يستطيعوا الانتفاع منها. قضية أبي عبيدة التي قيل إن سيفه كان يعدل كذا، قال أحدهم إن ابا عبيدة 2 نفسه يجب أن يستخدم هذا السيف، وإلا فإن السيف لوحده لا يستطيع فعل شيء، الاشخاص هم الذين يجب أن يستخدموا هذا السيف.
الإسلام جاء للمسلمين بكل شيء، كل شيء يوجد في القرآن، لكننا لم نستخدمه للأسف واتخذه المسلمون مهجوراً. أي أنهم لم ينتفعوا منه بالنحو المناسب. ينبغي توعية الناس وتوجيههم نحو الإسلام... من الأطفال الصغار حتى الشيوخ الراقدين في المستشفيات، هتفوا بصوت واحد للإسلام. كانت هذه معجزة وقعت في إيران. وهذا هو الذي نصرهم على مثل هذه القوى، ولم يكن هذا (الانتصار) ليخطر على بال أحد في العالم. الإيراني الذي كان يفتقر
لكل شيء، وللأسلحة الحديثة، وحتى لو كانت لديه لكان استعمالها صعباً عليه، استطاع نسف وطرد هذه القوة التي وقفت كل القوى خلفها! والحال أن كافة القوى الكبرى، بل وكافة حكومات المسلمين تقريباً ساندتها ودعمتها. حينما كنتُ في باريس، كانت تصلني دعوات من أمريكا في الغالب أن أترك هؤلاء يبقون في السلطة ولا أذهب الى ايران. وأخيراً حينما غادر ذلك الرجيل 3 وصار بختيار 4 - الذي ليس من المعلوم أن جرائمه أقل من جرائم الشاه - رئيساً للوزراء في إيران، كانت أمريكا توصي به كما يتوهم، كانوا يأتون أحياناً ويقابلونني بصفتهم تجاراً، وأحياناً يلتقون مع باقي السادة الذين كانوا هناك لينقلوا لي أن لا أذهب الآن إلى إيران، إنّ من المبكر أن أعود الآن إلى إيران! وقد أدركت منذ البداية حينما يقول عدونا لا تذهب، فلا بد أن في الذهاب صلاحا، ولهذا سعينا للمجيء وأعلنّا متى ما انفتح المطار سوف نعود، فاغلقوا المطار. قلنا في أي يوم يُفتح سوف نذهب الى الوطن، ولم يكن بمقدورهم أن يغلقوه إلى الأبد، في نفس اليوم الذي فُتح المطار عدنا، وتبيّن بعد ذلك أن هذا هو الصالح.
مقارعة الظلم؛ واجب المسلمين
على المسلمين أن يجدوا أنفسهم، بمعنى أن يفهموا أن لهم ثقافتهم، ولهم بلدهم، ولهم شخصيتهم. لقد أقنعوا شبابنا أنه يجب تطبيق المذهب الفكري الفلاني مثلًا في إيران. فمذاهبكم ليست بشيء، هذه هي التعليمات التي بثتها القوى الكبرى في إيران. صنعوا لنا مثل هذه الثقافة حتى يذهلونا عن أنفسنا، ويسلبوا منا مالنا وكرامتنا. علينا العودة إلى أوضاع صدر الإسلام، على المسلمين العودة إلى الحالة التي غلبوا فيها بعدد قليل كل القوى. المسلمون رغم كل هذه الثروات التي يملكونها ورغم كل هذه الامكانات والعدد الكبير، ولكن، لأنهم قد قسّموهم مع الأسف بعد الحرب العالمية، حيث قسّموا الدولة العثمانية، واعطوا كل مكان لعميل من عملائهم، ظهرت الآن هذه المعضلات. على المسلمين أن يتحدوا ويواجهوا القوى الكبرى، ولن تستطيع أية قوة عظمى مجابهتهم. إننا الآن بعددنا القليل - نفوسنا 35 مليون نسمة والحال أن خصومنا عددهم مليار - نحن بعددنا القليل عزمنا على المواجهة ولا نتوقع النصر بالضرورة. إنما نركّز على أداء التكليف. تكليفنا أن نواجه الظلم. وفي باريس حينما كانوا يأتون، قال لي بعض (الناصحين) غير الواعين بحقيقة الأمور أن هذا مستحيل، ما عاد ممكناً، وعلينا أن نجد حلًا مثلًا ونقدم تنازلًا، كنتُ أقول لهم إننا نؤدي تكليفنا، ولا يهمنا النجاح أو عدم النجاح. نحن مكلفون من قبل الله تبارك وتعالى بمواجهة الظلم، مواجهة مفترسي البشر ومصاصي الدماء هؤلاء.
إننا نواجههم بما لنا من قوة. إذا انتصرنا فالحمد لله، وإن لم ننتصر فالحمد لله على عملنا بالتكليف. على المسلمين أن يعتبروا أنفسهم مكلفين. لا يتصوروا أنهم إن لم يحققوا النصر فهم قد هزموا. إذا حافظنا على معنوياتنا وتمسّكنا بالقرآن الكريم فسواءٌ أن ننال الشهادة وهي فوز عظيم، أو نحقق النصر إننا منتصرون في كل الأحوال والحمد لله، ولنا إحدى الحسنيين إن شاء الله.
هزيمة القوى العظمى وصحوة الشعوب
نحن نتمنى أن نصلي يوماً سوياً مع سماحتك ومع السيد موسى الصدر- سلمه الله تعالى- في القدس إن شاء الله. ونحن لسنا يائسين. على المسلمين أن يتقدموا الى الأمام باقتدار. إن القوى العظمى اليوم آيلة إلى الهزيمة تقريباً، فهي تسير نحو الهزيمة. ليس الأمر كما كان قبل عشرة أعوام. إن أمريكا اليوم تعاني من المسلمين السود، حتى اضطرت الى أن تعلن الاحكام العرفية في عدة مدن، في ثماني مدن. لقد ظهر هذا التحرك لدى البشر الذين لا يريدون الخنوع. هنالك الان حركة في العراق. وفي باكستان والهند وأماكن أخرى ظهرت حركة في كل مكان. على المسلمين أن يجدوا بعضهم، وأن يجدوا أنفسهم، لا يتصوروا أن القوى العظمى كذا وكذا. كلا، ليست الأمور هكذا. عليهم أن يجدوا أنفسهم وأن يتكاتفوا مع بعضهم ويتحدوا، كي يحققوا النصر إن شاء الله، وسينتصرون إن شاء الله. نتمنى أن تعم هذه الثورات والنهضات التي ظهرت بين المسلمين، وأن يكونوا مع بعضهم، وأن نتقدم بوحدة الكلمة والاتكال على الله تبارك وتعالى وهو مصدر كل الانتصارات. وأن تجتمع كل البلدان الإسلامية بوحدة الكلمة ويعيشوا تحت لواء الإسلام حياةً مرفهةً عزيزة إن شاء الله تعالى. حفظ الله لبنان العزيزة والمسلمين اللبنانيين إن شاء الله، ونصر المسلمين الذين يقاتلون من أجل الإسلام إن شاء الله تعالى.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
* صحيفة الإمام، ج12، ص:268,265
1- الامام موسى الصدر.
2- أحد قادة جيش المسلمين.
2- الشاه.
3- شابور بختيار، آخر رئيس وزراء في عهد الشاه.