يتم التحميل...

الموضوع: معالجة المشكلات والحرمان- أهداف الأعداء وامريكا

خطاب

الحاضرون: منتسبو بلدية أهواز

عدد الزوار: 165

التاريخ: 17 آبان 1358 هـ. ش/ 17 ذي الحجة 1399 هـ. ق‏
المكان: قم‏
الحاضرون: منتسبو بلدية أهواز

‏‏‏بسم الله الرحمن الرحيم

هدية حضارة الملك العظيمة

أحد آثار هذه النهضة الإسلامية لقاء طبقات الشعب المختلفة لنا وعرضها مشكلاتها علينا، وعرضنا عليهم ما عندنا من أمور.

أنتم موظفو بلدية الأهواز، أشكركم على ما أوضحتموه من المشاق التي تحمّلتموها والخدمات التي قدّمتموها للناس. والله- تبارك وتعالى - يعطيكم الأجر والثواب إنه سميعٌ مجيب.

بلادكم اليوم بحاجة إلى الخدمة. وأنتم على علم بأنّ العهد البائد ترك لكم بلاداً مخروبة. وطهران العاصمة جنوبها ما ترون وأطرافها وسكان الأكواخ وأمثالهم فيها ترونهم أحياناً من التلفزيون وأنتم مطّلعون.
فسياسة العهد البائد أن يبقى هؤلاء الضعفاء والمستضعفون في كلّ مكان على ما هم عليه من التخلف، ويذهب حقهم مجاناً لفئة. والأهواز بهذه الموارد الإلهية، وخوزستان بهذه الثروة العظيمة أيجب أن تكون مدينتها هكذا وريفها أسوأ؟

قبل سنوات طويلة مررت من هناك بالقطار، ووقف قرب بعض القرى، فأخذ الأطفال والكبار يهجمون على المسافرين، وما يؤسف عليه أنهم كانوا في حالة يرثى لها. هذا في وقت توجد الثروة التي وهبها الله لهم تحت أرجلهم وهم محتاجون ذلك الاحتياج.

هل يجب بقاء البلاد التي تمتلك ثروات هائلة وذخائر أرضية لا تحصى خربة؟ هذه الحضارة الكبيرة التي أهداها إلينا الملك أعطت الغير كل ثرواتنا التي تكفي لأن يعيش بها اكثر من مئة وخمسين مليون إنسان عيشة مترفة، ونحن نيّف وثلاثون مليون نسمة أكثرهم سيّئو الحال لأن الثروات تحتكرها عصابة تنقلها إلى الخارج، فأعطوا الأجانب ثرواتنا مقابل ثمن بخس يأكلونه ولا يصرفونه على إعمار البلاد وإصلاح أمورها والآن‏ كما تلاحظون عدوكم الأول الذي نهب ثرواتنا وجمعها في المصارف آوته امريكا وهي الآن تدلّله.

مسؤولية الجميع إزاء أنفسهم والآخرين‏

هكذا كان الوضع، وأنتم والحمد لله أزلتم الموانع. وأولئك الذين كانوا لا يسمحون لنا أن نعمل قد أزيلوا. والأمر الآن بأيدينا، وعليكم أن تسعوا بجد إلى بناء وطن خرب. والمهم أن يرى كل فرد من أبناء الشعب نفسه مسؤولًا عن نفسه وعن أعمال الآخرين. أمّا مسؤوليته عن نفسه فهي أنه إذا كلف بإنجاز عمل فيجب عليه أن ينجزه على أحسن وجه فمثلًا: أنتم موظفو بلدية الأهواز إذا كلف أحدكم لا ينتظر أن ينجزه غيره. بل يجب عليه أن ينجزه جيّداً.

إذا رأى أحدكم أخاه أو صديقه لا ينجز عمله إنجازاً حسناً، فهو مسؤول عن ذلك أيضاً، إذ يجب عليه هدايته وإرشاده (كلكم راع) 1. على الجميع أن يأخذوا الأمر بجد، فكلكم مسؤول وكلنا مسؤولون، وعليكم أنتم أن تديروا هذه البلاد، يجب أن يديرها الشعب نفسه. وإنه لمن المؤسف (حقاً) أنّ جماعات مختلفة في عقائدها وأكثرهم من عملاء النظام السابق أو من عملاء الأجانب انتشروا بطرق مختلفة بين طبقات الناس المختلفة ينفثون سمومهم.

من دسائس الأجانب إنكار خدمات الثورة

أحد الادعات التي يرددها هؤلاء العملاء كثيراً (أنّه لم يُفكِّر بالناس أصلًا، ولم تقدّم لهم خدمة ما)، هذا في الوقت الذي قدّمت فيه خدمات كثيرة للشعب، لكنها لم تنشر في وسائل الإعلام والدعاية. وهذا أحد الأخطاء التي ارتكبتموها إلى الآن. مع أنكم عملتم كثيراً لكن أولئك يبثون الدعايات بأنكم لم تعملوا شيئاً. إنهم يعتمدون على الدعايات كثيراً، ولقد كان أساس عمل العهد البائد الدعايات دون إنجاز عمل إيجابي مفيد. لكنكم في كل مرةٍ كنتم تسمعون من الراديو ترديد العبارة التالية: ( الحضارة الكبيرة، الحضارة العظيمة). أما الآن فالمسؤولون يقدّمون خدمات واعمالًا كثيرة. حسناً أنتم الآن تقولون: إننا قدمنا خدمات كثيرة لمدينتنا وبالأمس حضر هنا جماعة من الموظفين، تكلموا على خدماتهم التي قدّموها في مدن مختلفة من الوطن، ويأتي إلى هنا جماعات كثيرة تذكر كل منها ما قدموه لمدنهم من إنجازات.
ولقد انجزت خدمات وقدمت للشعب أعمال إعمارية كثيرة من قبل جهاد البناء، وبنيت الآن منازل كثيرة للمساكين، لكن هذه الإنجازات لم تنشرها وسائل الإعلام، في حين يجب أن يعلم الشعب أنّ أبناءه منهمكون في الإعمار وتقديم الخدمات، فأجهزة الدولة لم تعد كالسابق، إنها مشغولة بالخدمة، ولو أنّ هذه الخدمة ليست مرضياً عنها بكل معنى الكلمة، وإنّ تطهير الدوائر ضروري ومن دونه لا يمكن العمل، فالوزارات وجميع الدوائر وكل المرافق تحتاج للتطهير. فيجب تطهيرها ممن كانوا مخالفين للشعب والشعب نفسه عرفهم، وإذا أردتم أن يكون لكم وطنٌ مستقل وحر، فالتطهير ضروري، و هوما لم يتم على ما يجب، المفروض أن نبدأه الآن ولقد أكدت هذا الأمر كثيراً، لكن وسائل الإعلام لم تكن بالمستوى المطلوب لنشر ذلك والدعاية لمنجزات الثورة، واطلاع الشعب عليها.

وجوب التبليغ بالمنجزات‏

يجب أن تطلعوا الشعب على أعمالكم وتفهموه إيّاها، فأولئك مصرّون على بثّ اليأس من هذا النظام الجديد في نفوس الشعب وذلك بقولهم: [لم يحصل عمل قط، لم يكن قبل شي‏ء، ولا شي‏ء الآن‏]. يجب عليكم أن تعلنوا منجزاتكم بأنفسكم فإننا نرى المهندسين والأطباء والمتخصصين في جهاد البناء منهمكين في إنجاز أعمالهم وتقديم خدماتهم للناس. لكن لأنها لم تعرض عليهم بصورة صحيحة فإنّ الخونة والعملاء يكررون دائماً هذه العبارة:(لم نجد إنجازاً جديداً واحداً، هذا النظام لا يختلف عن النظام السابق‏) هذا في الوقت الذي لا شبه فيه بين الجمهورية الإسلامية والنظام البائد، ففي ذلك العهد لم يجرؤ أحد أن يقول شيئاً ولا أحد يستطيع الانتقاد، ولقد كانت كلمة تنتهي بإعدام صاحبها. وكذلك كان مصير من يكتب نصف سطر ينتقد فيه الدولة أن يفنى. والآن طريق النقد مفتوح، والجميع يأتون وينتقدون على الحكومة، ينتقدون جميع ما يرونه غير صحيح، ويقدمون إرشاداتهم.

فكيف، والحالة هذه، يتشابه هذا العهد وذاك؟ كانوا يأخذون جميع أموالكم- هذا عمل امريكا- وينهبون نفطنا ويعطوننا مكانه الأسلحة التي لا نعرف كيفية استخدامها إلا بتعليمهم. لماذا كانوا يعطوننا هذه الأسلحة؟ يعطوها لكي يبنوا لهم قاعدة في أراضينا، فعوض نفطنا هو أن تكون لهم قواعد هنا، ولقد كانوا حاكمين علينا. وتحوّل وطننا إلى معسكر لأمريكا. وهذه المعسكرات الآن باقية- كما يقولون - في مناطق كثيرة لا يتصرّفون فيها، لكنها موجودة. ففي ذلك الوقت كان نفطنا يذهب إلى أمريكا مجّاناً بلا عوض. وإذا أرادوا ان يعوضونا يعطوننا أسلحة وأشياء تنفعهم هنا لا تنفعنا. هذه الأسلحة أتوا بها كان بها فائدة لهم، ولا فائدة لنا بها. والآن مع أننا لم نستكمل سلطتنا بعد، ولم تستقر حكومتنا، فإن النفط لم يذهب مجاناً لأية جهة ومكان، فهو مالك ولا يستطيعون أن ينهبوه، ويفرضوا علينا أخذ نفايات الحديد وبناء قواعد لهم عندنا.

فمع أخذ كل ذلك بنظر الاعتبار فكيف يقال: لا فرق بين هذا العهد والعهد السابق؟ فهذا فرق من الفروق الأساسية كالحرية والاستقلال والفرق الأساسي الآخر هو الإعمار، إذ لا يخفى أنّ وطناً واسعاً كإيران قد عمّه التخلف والخراب لا يمكن إعماره في شهر أو شهرين أو سنة أو سنتين كما لا يمكن تبديله بجنة الفردوس، لإنّ الإعمار يحتاج إلى جهود ومشقة. إنّ حكام العهد البائد قد سعوا في النيف والخمسين سنة الماضية إلى تحطيم هذه البلاد تحت شعار الاعمار والحضارة الكبرى. إنّ تعميرهم المزعوم هذا ما هو إلا تحطيم للبلاد استمر أكثر من خمسين سنة، فإنّ الإعمار لا يتم بسهولة.

إنّ هؤلاء البعيدين عن الثورة يستغلون مشاعر شبّاننا الطاهرة، ويقولون أينما حلّوا: (حسناً، لم نر إنجازاً بعد الثورة) في حين أنّ الإنجازات التي حصلت بعد الثورة كانت أشبه بالإعجاز، لأنها إنجازات تخطت الحسابات الماديّة، وهؤلاء يرون كل ذلك لكنهم لا يذكرون هذا مع أنهم إذا رأوا نقصاً هيّناً يضاعفونه مئات المرات وينشرونه.

هدف العدو من زرع اليأس في نفوس الشعب‏
وأنني لأعجب لهؤلاء البشر كيف يدّعون أنهم يخدمون الشعب وهم يعملون خلاف ذلك. إنهم يعرقلون الإعمار والتقدم، وينشرون اليأس في النفوس. إنهم لا يعلمون أنّ استحكام اليأس في النفوس يؤدي إلى الهزيمة، أو أنهم يدركون ذلك ويتعمدون، إنني اعتقد أنّ أكثر هؤلاء يعملون وفق خطة دقيقة مرسومة يتلقونها من الخارج.

ولقد احتل الآن شبابنا وكر الفساد واستناداً إلى ذلك فإنكم إحتفظتم بعدونا ودللتموه في الوقت الذي ما زال يغتصب خزائننا، فهو مدين لهذا الشعب، ويجب عليه أن يأتي إلى هنا ليؤدي ما عليه من الديون، نهب خزائن البلاد وملأ المصارف منها في الخارج، ارتكب جميع هذه الجنايات وسجن شبّاننا، وبأمر هذا الفاسد الخبيث (محمد رضا بهلوي) أريقت دماء شبّاننا في الشوارع. والآن أخذته أمريكا وهي تعامله بلطف عملًا منها [كما تزعم‏] بحب الإنسانية. هذه هي إنسانية رؤساء أمريكا، إنها تحسب مَن ا ستمر في تحطيم البلاد خمسين سنة أو نيفاً وثلاثين سنة، وقتل رجالها العظماء أو سجنهم أو ابعدهم تحسبه إنساناً. وإنسانيتهم هي أن يحموا هذا الجاني من الدرجة الأولى ويداووه ويلاطفوه وتحت هذا الشعار يريدون أن يأتمروا بهذا الشعب.

السفارة الأمريكية مركز التآمر والتجسس‏

الآن وقد ظهر وكر التجسس، يجب أن تنكشف أمور كثيرة لشعبنا. هناك أجهزة تجسسية كثيرة، ومع الأسف لم يستطع شبّاننا الأعزاء فتح الأبواب بشكل جيد إلّا بعد ساعات. لأنها كانت مغلقة إغلاقاً لا يمكن فتحه إلا بمعرفة رموزها. وكانت المخازن الكبيرة الموجودة تحت الأرض تحتوي على وثائق جاسوسية خطيرة، لجناياتهم وجنايات عملائهم الخونة. لكنهم قبل الاستيلاء على السفارة أتلفوا هذه الوثائق وحولوها إلى شي‏ء كالمسحوق، لكن المستندات التي تحتل الدرجة الثانية والثالثة من حيث الأهمية التي لم يسعفهم الوقت أن يبيدوها موجودة، ويحتاج حلّ رموزها وفهمها إلى خبراء متخصصين إنّ شبّاننا لا يستطيعون حل رموز جميع هذه الوثائق وفهمها، لكنهم يريدون أن يعرضوا ما استطاعوا حل رموزه منها فأكثرها يحتاج إلى خبراء متخصصين. وهناك صناديق كثيرة مغلقة برموز معينة لا يستطيع فتحها إلا الخبير المتخصص بمعرفة تلك الرموز. إنّ الأمريكيين قد أوجدوا في بلادنا مركزاً للائتمار والتجسس. وبينما لا يحق للسفارات أن يكون فيها عسكريون مسلحون، لأنّ الدولة هي التي تتكفل بحمايتها. كل في السفارة الأمريكية عسكريون مسلّحون وفيها أسلحة كثيرة. إنه لا يحق للسفارات أن تتجسس وتتآمر وهؤلاء كانوا يفعلون كل ذلك.

رفض المفاوضات مع أمريكا

وبعد ذلك تكرّم السيد كارتر بإرسال مبعوثين لمفاوضتنا.

فيم نفاوضكم؟ ومن يفاوضكم؟ من يجيب النساء اللاتي ثكلن بإبنائهن، والآباء الذين فقدوا شبّانهم، وأولئك الذين ظلمتهم أمريكا وألحقت الاضرار بهم طوال هذه المدة؟ بم نجيب هؤلاء؟ ما هو الجواب الإنساني المقنع الذي نجيب به الدول الكبيرة التي تحطّمت بأمر امريكا ومؤامراتها؟

ومع من نجلس للتفاوض؟ إني رفضت هذا الاقتراح، لأننا لا نمتلك مثل هذا الحق ولا يمتلكه الآخرون أيضاً ونحن إنما نمثل إرادة الشعب، ولسنا إلا خداماً للشعب، ويجب علينا أن نسير على الطريق الذي يسير عليه الشعب. ونحن نرفض هذه المفاوضات غير خائفين من كارتر وأمثال كارتر ومما يحوكونه من مؤامرات مضاعفة، ومن أيّ شي‏ء يخوّف الإنسان أو الوطن الذي ينهض لوجه الله، وشعاره (الله أكبر) هذا الوطن الذي خرج شبّانه بل أطفاله إلى ساحة المعركة وقابلوا الدبابات. ولقد حدثتني أحد الأصدقاء انه شاهد بعينه أنّ مراهقاً في العاشرة أو الثانية عشرة من عمره وهو يركب دراجة نارية هجم بسرعة على‏ دبابة فسحقته. إنّ الأمريكيين لا يستطيعون تخويف مثل هذا الشعب فهم عاجزون عن إلقاء الرعب في نفوس أبنائه.

من يريدون تخويفه؟ إنني منذ الطفولة نشأت في الحرب، ولم أصرح بهذا الأمر لحد الآن، فقد جرت علينا غارات الزلَّقيين 2 والرجبعليين 3، وكانت لنا بنادق، وكنت آنذاك شاباً في بداية البلوغ، فكنت مع زملائي نحمل السلاح ونتفقد جيوب المقاومة وحصونها لدفع هجماتهم والحاق الهزيمة بهم. ممّ يخوّفنا هؤلاء؟ إنّ هذه التخويفات لا تهمنا في شي‏ء، نحن شيعة، أولئك الذين كانوا يفدون الإسلام حتى بأطفالهم، فماذا نخشى؟ نحن نهتم فقط بأقامة دولة إسلامية، ولا نعير غير الإسلام أهمية مطلقاً.

هذا شعب يهتف: الله أكبر، ويقول: إنه يريد جمهورية إسلامية.

نحن لا نهاب المؤامرات الأمريكية، ولا نخاف من تهديداتها إن هددّت، وشعبنا لا يهاب ذلك أيضاً، إنّ الذي يخاف من اتخذ الدنيا دار قراره، ولم يعتقد بالآخرة، فأولئك الذين لم يتخذوا الدنيا دار مقر بل دار ممر والآخرة دار مقر هم هذا الشعب الذي يستقبل الشهادة برحابة صدر، والشبّان الذين يزورونني يطلبون مني أن أدعو لهم بأنّ يرزقهم الله الشهادة، والأمهات يأتين وبعضهن لهنّ ولد واحد يطلبن مني أن أدعو أن يرزق الله ذلك الشاب الشهادة. هذا الشعب الذي أحدث الله- تعالى- فيه هذا التحوّل لا يخاف من شي‏ء فبمَ يخوفنا السيد كارتر؟ هل يخوّفوننا من جنودهم؟ أم من جيشهم؟ فليرسلوا من شاؤا، ويفعلوا ما شاؤوا. ثم لينظروا هل يستطيعون أن يخدعوا هذا الشعب اليقظ الواعي، أو لا؟

شرط مفاوضة أمريكا

من نلتقي؟ أيّ جمعية نفاوض؟ هل نفاوض أولئك الذين سمّوا أنفسهم محبّي الإنسانية في حين أنهم إذا ارادوا أن يختبروا دواءً، فإنهم يختبرونه على شعوب العالم الثالث، كما أنّ أطبّاءكم يختبرونه على الحيوانات من أمثال الأرانب والفئران.

هل نستطيع أن نجلس مع هؤلاء ونتحدّث معهم؟ هل يجوز لنا أن نتفاوض مع هؤلاء الذين يعتبروننا كالأرانب والفئران ويعاملوننا بأدنى مما تعامل به هذه الحيوانات، ويختبرون أدويتهم على شبّابنا؟.

بم نكلّم هؤلاء؟ هؤلاء الذين أنشأوا في بلادنا شبكات تجسسية، وحاكوا المؤامرات على هذا الشعب، وأثاروا الفتن في كردستان وغيرها. هل نجلس مع هؤلاء؟ وماذا نقول لهم؟ وماذا يريدون أن يقولوا لنا؟ نحن نقول لهم: سلموا لنا هذا الشخص الذي حكم هو وأبوه إيران نيفاً وخمسين عاماً ظلماً وبخلاف القوانين الإسلامية، وإرادة الشعب ونهبا ثرواتنا. نعم هذا مطلب حق. نقول لهم: سلّمونا هذا الجاني الذي قتل شبّاننا ووهب ثرواتنا للأجانب مجّاناً بلا مقابل وخان الوطن. ماذا تريدون أن تقولوا؟ هل تريدون أن تقولوا: دعوه يبقى هناك؟ أو تريدون أن تقولوا: سامحوه واعفوا عنه؟ ماذا تريدون أن تقولوا لنا؟ هل تريدون ان تسلموه لنا؟ حسناً، هذا أمر لا يحتاج إلى مفاوضات، سلمونا هذا الجاني. وكفوا عن التجسس. عندها تجلس دولتنا للتفاوض في إعادة العلاقات التي لا يعلم هل تكون صحيحة؟ نحن لا نعادي الشعوب، نحن لا نقطع علاقاتنا مع الشعوب، فقد جاء الإسلام لجميع الشعوب إذ قال: (يا أيّها الناس).

سياسة إيران الخارجية في علاقاتها مع الدول‏

الإسلام للجميع. الإسلام يعطف على الجميع، ويهتم بهم، ونحن نتبع الإسلام، فنحن نعطف على جميع البشر.

إننا نصادق كل من يعاملنا معاملة إنسانية، ولا يفرّق بين بني آدم ولا يعاملنا بأدنى مما تعامل به الفئران التي تذهب ضحية التجارب والاختبارات. يجب عليهم أن يتعاملوا معنا كما يتعامل إنسان مع أخيه الإنسان إنّ هؤلاء الذين يتحدثون هنا وهناك لا يعلمون كيف ينظر إليهم الأمريكيون؟ وماذا يعتبرونهم؟.

إنهم لا يقيمون لنا وزناً، ولا يعتقدون لنا بشرف، وهذه السجون وهذه السياط خير شاهد على أنهم هدروا كرامتنا. إنهم يعتقدون أنكم والفئران في منزلة واحدة أو أقل قليلًا.

إنهم يدعون أنهم يحمون الحيوانات، لكنهم لا يحموننا نحن البشر، ولا يعاملوننا بمثل ما يعاملون به الحيوانات إنكم في نظرهم لا شرف لكم، وإننا في نظرهم لا كرامة لنا. فأية مباحثات يمكن أن تكون لنا مع هؤلاء؟ وكيف نجلس معهم؟ وماذا تقولون لهم؟ أولئك هم الذين ما زال وكر تجسسهم في إيران، وكما قيل لي: إنّ العقل لا يستطيع أن يدرك خططهم التآمرية الجهنمية، يجب أن يذهب الخبراء إلى ذلك الوكر ليعلموا ماذا هناك؟ ولا نعلم مدى ما يستطيعون فهمه، ولقد أخبرني أحد ممن حضر هناك أنهم عثروا على شي‏ء بحجم حبة العدس، وهو جهاز للالتقاط والإرسال. وبذلك كان هؤلاء على ارتباط بكل مكان.

ولعل هذه السفارة كانت مركز التجسس للشرق بأكمله، فقد بنوا لأنفسهم هنا مكاناً آمناً، وقدم السيّد محمد رضا بهلوي هذا المكان لهم ليفعلوا فيه ما يريدون. بلى كان هذا المكان مركزاً للتجسس العالمي والائتمار بجميع الشعوب، ولم يكن مختصاً بإيران كما يقولون. فيجب على الأمريكيين أن يعطلوا هذا المركز، ويسلمونا ذلك الخائن حتى يتهيأ لنا أن نجلس ونتحدث معهم بحديث.

ولقد كانوا في عهد محمد رضا وفي بدايات النهضة يتمنون التفاوض معنا، وفي مرة جاءوا إلينا للتفاوض فقلت لهم: إذا كان أسد الله علم موجوداً فنحن لا نتفاوض معكم. فيجب أولًا أن تنحوا هذا الشخص وبعد ذلك نبدأ المباحثات ونرى ماذا نقول؟. والآن ما دام هذا المركز التجسسي قائماً هنا، وما دام لم يسلّمونا ذلك الخائن الذي أخذوه عندهم، لينشئوا هناك مركزاً آخر للجاسوسية والائتمار، فما دام ذلك الخائن هناك وما دام المركز فعّالًا هنا لا مجال للتفاوض، فلا أنا مستعد له ولا غيري.

وحينما يتحقق هذان الشرطان فسنجلس ونرى ماذا يجب ان نقول؟ ونرى هل علاقتنا مع أمريكا هي علاقة المظلوم بالظالم، أو انها علاقة دكتاتور مستبد بمستضعف؟ لا.

ان كان الأمر كذلك فلا مفاوضات ولا علاقات، امّا إذا كانت العلاقات إنسانية متبادلة، فإننا نقيم العلاقات الإنسانية مع الجميع وعلاقاتنا مع جميع الشعوب حسنة.

حيل الأعداء ومكائدهم‏

إنّ هؤلاء يسعون بأي طريق كان إلى تشويه هذه النهضة، وطبقاً لما وصلني من أنباء أنّ هؤلاء الشبّان الذين احتلوا مراكز الفساد في السفارة الأمريكية هم شبّان طاهرون منزهون.

إنني لا أعرفهم لكن العمل الذي قاموا به هو عمل إنساني خالص، والذين يعرفونهم يقولون: إنهم شبّان مسلمون طيبون. لكن هؤلاء المخربين الذين يدّعون أنهم وطنيون يريدون ان يأتمروا بهؤلاء الشبّان، ليشوّهوا سمعتهم بين الشعب، فهم يقولون: يجب على هؤلاء الشبان إن يظهروا لنا اليوم هذه المستندات التي ادّعوا الكشف عنها وإلا فما يكون حالهم؟ ايها المتكلمون بهذا الكلام: إنّ هذه هي مستندات أمريكا التي أحرزت قصب السبق في كيد الشعوب وتخصصت فيه، فهل يمكن الإتيان بهذه المستندات إلى هنا و اظهارها على رؤوس الأشهاد. إنّ الأمريكيين لم يكتبوا في هذه المستندات بشكل صريح أنّ الحزب الفلاني عميل لنا، وأنّ الجمعية الفلانية تتعامل معنا.

ليس الأمر كذلك بل إنهم يكتبون بالرموز المخصوصة، ولم يكتبوا في مكان واحد. إنهم بعد أربع أو خمس ساعات ابادوا جميع المستندات التي كانت في نظرهم مهمة، ولم‏ يستطيعوا الحصول عليها لضيق الوقت. أمّا القسم الآخر من المستندات فتركوها لعدم أهميتها ولضيق الوقت. والآن لدينا الوقت الكافي للكشف عما فيها، ومع ذلك فإنّ المفسدين بدأوا يلوّثون الأجواء بسمومهم، ليشوّهوا الوجه المشرق لهؤلاء الشبّان بين أبناء الشعب. فيجب على الشعب أن يكون واعياً، فلا يصغي إلى الادّعاءات الفارغة لهؤلاء، فهم عملاء أمريكا وكل من يريد أن يخلّ بهذا العمل ويخطّؤه، فهو يقصد تخليص وكر الجاسوسية هذا من أيدي هؤلاء الشبّان، ويشوّه سمعتهم بين الناس، وذلك لكي يستطيع أسياده أن يعيدوا الكرّة علينا. فيجب على الشعب أن يكون يقظاً، وينتبه إلى هذه المؤامرات التي تحاك من قبل الأمريكيين المرتبطين بهؤلاء الطالحين الذين يريدون أن يتهموا شبّاننا الطيبين، حتى يحصل الاخلاف والفرقة بين أبناء الشعب، ويحفظ عليهم هذا المكان الذي هم فيه، ولا يرجع ذلك الإنسان المجرم. إن هؤلاء الآن يهتمون بتحقق هذه الأمور، فعلى شعبنا أن يكون واعياً وأن يستمر في مسيرته على هذا الوعي بعيداً عن التوتر والاستفزاز وفي جو من الطمأنينة. وإذا جاءت جماعة وإدّعت أنّ سفارة الدولة الفلانية هي مثل السفارة الأمريكية، فلا تصغوا إلى كلامهم، كلّ يجب أن يعيش في مكانه باطمئنان. نحن الآن حصرنا اهتمامنا في هذه السفارة، وكذلك فعل الشعب الإيراني الذي يهتمّ كثيراً بإعادة هذا الخائن من أمريكا وجلبه إلى إيران. نعم إذا كان هذا الخائن قد ذهب إلى بلاد أخرى مثل بريطانيا، فإننا سنعامل الإنجليز بنفس معاملتنا لامريكا، وكذلك الأمر إذا كان قد ذهب إلى فرنسا. لكن أمريكا هي العدو الأكثر عداوة الذي تحملنا منه من الأضرار، ما لم نتحمله من غيره، فهو الذي يرتكب الجنايات بهذا الشكل الفظيع. وإن قلوبنا خالية من الخوف من أنّ أمريكا قد تقوم بعمل إجرامي آخر كالاغتيالات. لا يخاف من الاغتيال إلا ذلك الذي يظن أنّ الدنيا دار مقره، فيطمئن لها. أما الذي يرغب في أن يخرج من الدنيا، ويلتحق بالمجاهدين الشهداء فإنه لا يخاف من كل ذلك. إنّ اغتيالي ليس أمراً مهماً، وقد أبلغت قبل أمس الأول مراراً بأن مؤامرة لاغتيالي قد كشفت، فقلت: حسناً هذه ليست أول مؤامرة، فلا بأس، لأن شعبنا لم يعد بحاجة إلى مثلي.

إن جميع أبناء الشعب قد وجدوا طريقهم الصحيح، وهم سائرون عليه، سواء أكنت موجوداً بينهم أم لم أكن وسواء أكنتم، أنتم بينهم أم لم تكونوا. إنهم سائرون على الطريق الصحيح. إنّ شعبنا قد تحول وتيقظ فلا خوف بعد ذلك من الدول الاستعمارية.

اولوية تقديم الخدمات للمستضعفين والمساكين‏

يجب علينا جميعاً ان نراقب بعيون مفتوحة وقلوب يقظة هذه المؤامرات، وأن نسعى إلى إحباطها فيجب علينا ان نبذل طاقات مضاعفة لتقديم الخدمات، أولًا: للمستضعفين‏ وسكان الأكواخ الذين نحن مدينون لهم بدفع عجلة هذه الثورة نحو التقدم والذين حرموا كلّ شي‏ء. وقد قلتم أنتم الآن: إنّ هؤلاء المستضعفين إذا أرادوا الحصول على الماء، وجب عليهم أن يجلبوا الماء من مسافات بعيدة بالأنابيب المطاطية وأنّ محلة عرفت باسم هذه الأنابيب، وهي محلة: (شيلنك آباد) لذلك يجب على الجميع أن يعملوا ويتعاونوا على بناء بيوت لهؤلاء المستضعفين. لماذا تقضي بعض الأسر الشتاء في المخيمات؟ نعم إنهم تحت الخيام لا يستطيعون التحصن من البرد. إنهم فاقدون لوسائل الحياة يجب على الأغنياء أن يسعفوهم إذ لا يجوز للأغنياء أن يجلس جانباً على أمل أنّ الدولة ستساعد هؤلاء المستضعفين والدولة يجب أن تساعد هؤلاء أيضاً. وعلى الجميع أن يقوموا بواجباتهم. لماذا تجلسون مكتوفي الأيدي حتى يبقى أبناء جنسكم وإخوانكم في الدين والوطن يعيشون في الأكواخ في وضع مأسوف عليه من المسكنة يجب عليكم ان تسعفوا هؤلاء. لا يجوز ان يبقى وضع المستضعفين على ما كان عليه في العهد البائد، لا يجوز ان يعيش قسم من الناس في القصور المؤثثة العالية منعّمين مرفّهين يضحكون ويمرحون ولا يهمهم من الأمر شي‏ء، ثم يستهزئون بالمستضعفين الكادحين، ويكتبون بأقلامهم ما تمليه عليهم الدول الاستعمارية ممّا يخالف مسيرة الشعب. إني احذُّرهم من هذه الأعمال. يجب علينا أن نتحد فالوطن وطنكم. والجميع أبناء هذا الوطن، وإذا كان كذلك، فلماذا هذا الاختلاف وكل يذهب إلى جهة مخالفة، أيها السادة لماذا ننقسم قسمين: قسم، يبث الدعايات لليساريين الأجانب وقسم ينشر الدعايات لليمينيين الأجانب، ألستم أنتم بشراً؟ إعملوا وانشروا الدعايات لأنفسكم، ولوطنكم، ولشعبكم، إعملوا لأجل هؤلاء المساكين.

إننا نكتفي منكم بأن لا تعرقلوا مسيرة الشعب. حسناً، اجلسوا في قصوركم المليئة بوسائل الرفاه والراحة والتهتك والخلاعة، فلماذا هذا الإخلال.

أسأل الله- تعالى- أن يقوّي عندنا النزعة الإنسانية، فلقد جاء القرآن الكريم لكي يصنع من الإنسان إنساناً مثالياً. أسأل الله- تعالى- أن يعرفنا القرآن الكريم وأن يوفقكم، وإني أشكركم على ما قدمتموه من خدمات، وأجركم على الله - تعالى - إنّ الله معكم. تكونون إن شاء الله تعالى موفقين مؤيدين.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته‏

* صحيفة الإمام، ج11، ص:22,13


1- بحار الأنوار ج 72 ص 38.
2- فئة من العصاة في أواخر العهد القاجاري.
3- رجب علي أحد اولئك العصاة في ذلك العهد ايضاً، وهو من جهارلنك بختياري، ويُغير هو وعدّة فرسان على أموال الناس الذين لا ملاذ لهم في منطقة كمره وبلوك بختياري.

2011-05-21