يتم التحميل...

الموضوع: الغرب وتوقعاتهم غير المعقولة - وجوب مشاركة الجميع في استفتاء الدستور

خطاب

الحاضرون: أعضاء مجلس الخبراء

عدد الزوار: 128

التاريخ: 24 آبان 1358 هـ. ش/ 24 ذي الحجة 1399 هـ. ق‏
المكان: قم‏
المناسبة: انتهاء عمل المجلس‏
الحاضرون: أعضاء مجلس الخبراء

‏‏‏بسم الله الرحمن الرحيم

الدستور

ما أريد أن أقوله هو أنّ السادة الذين تجشّموا العناء هذه المدة وأنجزوا (بحمد الله) هذه الخدمة يدعون أينما ذهبوا، الناس في كل مكان ألّا يكونوا غير مبالين بمصيرهم.

مصيرنا هو الدستور، فإذا لم يبال الناس به، فمعنى ذلك أنهم لم يبالوا بالإسلام. وبمصيرهم وبوطنهم وهذا الأمر إضافة إلى أنه يبيّن في العالم صورة غير صحيحة يبيّن صورة قبيحة للإسلام وأوليائه. إنه واجب شرعي أن لا نقف غير مبالين بالأمور التي ترتبط بمصير شعبنا ومصير الإسلام، بل يجب أن نتابع الأمور بجميع ما نملك من قوّة، حتى تتم إن شاء الله على أحسن وجه، ويصوّت للدستور ونحن لا تهمنا الأكثرية إلا في حالة المشاركة، في الاستفتاء العام، إننا نريد هذه الأكثرية وإلا فمعلوم أنّها للإسلام، لأنّ أكثر الناس مسلمون.

لكن يحتمل أن يبثّ هؤلاء الذين يثيرون الضّجة على هذه المسائل، ولا يدعون هذه النهضة تؤتي أكلها ان يبثوا الدعايات المغرضة هنا وهناك. وإنه لمن المؤسف أن جماعة من رجالنا يتحدثون بالدستور دون معرفة بأمور البلاد الراهنة.

وهذا أمر غير صحيح، لأنّ هؤلاء السادة قد انتخبهم الشعب وعينهم في مناصبهم.

الغرب والمؤمنون به‏

لا يحق لنا أن نتدخل في شي‏ء قرره الشعب، ونحن نتبع الشعب في إرادته، وهؤلاء السادة عينهم الشعب، فكتبوا الدستور وصوّتوا له، وهم أصحاب خبرة في هذا المجال، فكتبوا الدستور وأتموه كما أراد الشعب. فإثارة الحديث بعد ذلك عن أنّ المادة الفلانية لا تتلاءم مع‏ إرادة الغرب. أمر غير صحيح، وإذا اردنا أن نعيد هؤلاء المعجبين بالغرب إلى الإسلام وأن نصلح أفكارهم فإنّ ذلك ربما لا يتحقق، إلا إذا توالت عليه ثمانية أجيال بعدنا.

أنا لا أدري ماذا رأى السادة من الغرب؟ الغرب هو هذا الذي تشاهدونه هكذا يرتكب الجنايات. ويؤوي ذلك الجاني المطلق «1» ويدعمه. ولا يصغي إلى ظُلامة شعب مظلوم، ويحول دون اجتماع مجلس الأمن وقد نهب كقطاع الطرق أموال إيران وجمّدها. هذا هو الغرب. وهذه المؤسسات الدولية التي أوجدوها لتأمين مصالحهم. فكل شي‏ء منفعته للغرب، ولا شي‏ء يبقى للمظلومين.
ولعلكم لا تجدون كل هذه المدة التي أسست فيها هذه المؤسسات العالمية لا تجدون مورداً واحداً اصطدمت فيه منافع أمريكا أو الدول العظمى الأخرى مع دولة ضعيفة محقة إلا وكان الحكم فيه لمصلحة الظالم. فلبنان ما زالت مبتلية بهذا السرطان. ولنا أن نسأل ونقول: ما هو العمل الإيجابي الذي فعلته هذه المؤسسات العالمية لمصلحة لبنان ولمصلحتنا طوال نيف وخمسين عاماً، ابتلينا فيها بهذه المسائل والمشكلات؟ إنّ هذه المؤسسات العالمية لا تبدأ عملها بنشاط إلا إذا اقتضى حفظ منافع الدول الكبرى. فهي تعمل لحفظ منافع أسيادها وتتعامل معنا بالحيلة والمكر. فلا يصح أن نعتمد أو نطمئن إلى مؤسسات هكذا، مثل مجلس الأمن ومنظمة الأمم المتحدة وغيرهما من المؤسسات التي تهزأ وتسخر بنا، ونحن ننخدع بأقاويلهم.

توقع الغرب، الاستسلام غير المشروط

السادة الذين يصرون على كتابة دستور يستحسنه الغرب، لا يعلمون أنّ استحسان الغرب هو أن نسلّم لهم كلّ ما نملك بلا قيد ولا شرط، فإذا كان هؤلاء السادة يريدون ذلك، فهذا أمر لا يستحسنه شعبنا. وإذا كانوا يظنون وجود الخير عند الغرب فيجب أن يعلموا انه لا شي‏ء عند الغرب سوى ارتكاب الجنايات والخيانات ولا أقصد شعوب الغرب، إنما أقصد حكوماتهم. وعلى كل حال أرجو من هؤلاء السادة المثقفين أو الذين ينسبون أنفسهم إلى الثقافة أن لا يلعبوا إلى هذا الحد بمصير الشعب ومقدراته. فإنّ وطنكم الآن ممتحن بألف نوع من المصائب. وهو يواجه دولة عظمى هي أمريكا. وما يصح لكم الآن أن تنقسموا فرقاً، وكل فرقة لها رأي يخالف مسير الشعب، بل يجب على الجميع في هذا اليوم أن يجلسوا إلى مائدة واحدة للتفاهم والتعاضد لكي تتغلب البلاد على هذه المصائب والمشكلات. فإذا كان هؤلاء وطنيين فليفعلوا ذلك لأجل وطنهم. وإذا كانوا يحبون الإسلام فليفعلوا ذلك لأجل‏ حبهم للإسلام. وتبقى فرقة واحدة كلنا يعرف حقيقتها ولا يخلو زمان ومكان من وجود أمثالها.

أدعياء حماية حقوق الإنسان يواجهون الشعب الإيراني‏

وعلى كل حال فإن الشي‏ء الذي يجب علينا جميعاً إنجازه الآن هو المتابعة وحث جميع الطبقات فعلى جميع هؤلاء السادة من أية مدينة كانوا، وعلى جميع الخطباء والعلماء والمثقفين المعاصرين أن يحثوا الناس ويقنعوهم بأن لا يقفوا من الاستفتاء موقف اللامبالاة.

وأمّا المشكلات الأخرى الموجودة فلا يصح الخوف منها، فإننا قد ابتلينا بمثلها وبأكثر منها سابقاً. وقد وصل شعبنا إلى الهاوية مراراً ورجع سالماً. وأما في الوقت الحاضر، فإن شعبنا يحتل موقعاً لا تستطيع هذه المشكلات أن تهز كيانه. فليبثوا الدعايات على شعبنا بأعلى أصواتهم. وليحولوا دون عودة أموالنا إلينا. وليمنعوا مجلس الأمن من الإنعقاد. علماً بأنّ مجلس الأمن قد انعقد قبلًا لكنه لم يفعل شيئاً أما الآن فيجب على الدنيا أن تفهم حقيقة الأمور وأنا مبتلون بهؤلاء الذين يدعون أنهم يعملون لحماية حقوق الإنسان ورفع مشكلات الشعوب.

إنني أرجو أن نسير إلى الأمام باقتدار وقوة، متوكلين على الله- تبارك وتعالى- فهو المسيطر على جميع القدرات والقوى. وهو الذي اتكلنا عليه فأنجز جميع أعمالنا. ولقد رأينا موارد كثيرة نقدم عليها ولا نعلم ماذا ستكون نتائجها؟ لكننا وجدنا نتائجها إيجابية وصحيحة. وهذا ليس إلا أمراً إلهياً. فالله هو أنجز جميع ذلك.

وإني متأكد ومؤمن بإنّ الله - تبارك وتعالى - لا ينسى قوماً توجّهوا إليه، ونحن متوجهون إلى الله - تعالى - ونسأل الله - تبارك وتعالى - أن ينقذ هذا الوطن من هذه المفاسد. وأن يمنّ علينا وعلى حكومته الإسلامية بالاستقرار إن شاء الله.


* صحيفة الإمام، ج11، ص:55,48

2011-05-21