الموضوع: مصير العالم الإسلامي مرتبط بالثورة الإيرانية
خطاب
الحاضرون: ضبّاط القوى الثلاث للجيش الباكستاني
عدد الزوار: 138
التاريخ: 1 آذر 1358 هـ. ش/ 2 محرم 1400 هـ. ق
المكان: قم
المناسبة: العودة من الحج
الحاضرون: ضبّاط القوى الثلاث للجيش الباكستاني
بسم الله الرحمن الرحيم
الشيطان الاكبر في مواجهة الشعوب الإسلامية
نعم السعادة تلك التي نلتموها بتشرفكم بالحضور في مركز الوحي مكة المكرمة ومركز الرسالة المدينة المنورة.
أرجو الله- تعالى- أن يتقبّل منكم أيها الأخوة هذه الزيارة بقبول حسن 1.
إننا إخوة لجميع الشعوب الإسلامية، ونشاركهم أتراحهم وافراحهم ونرجو من الشعوب الإسلامية ان تشاركنا اتراحنا وأفراحنا، فشعبنا اليوم يكافح القوة الشيطانية الكبيرة التي حكمت الشعوب الإسلامية وشعوب الشرق ثلاثة قرون حكماً جائراً.
كما كافح خمسين عاماً حكومة رضا خان وولده محمد رضا، اللذين ظلما هذا الشعب وخانا بأمر أولئك حتى بلغ ذلك ذروته أخيراً، ولا شك في أنّ هذه الجرائم انما ارتكبت بدعم من الدول العظمى وأمريكا خاصة. حتى نفدَ صبر شعبنا، ولم يعد يتحمل فنهض متكلًا على الله الكريم والإسلام موحداً كلمته، فاستطاع أن يحطم النظام الملكي المتهالك الذي لم يكن قانونياً. وأقامت الجمهورية الإسلامية هنا. وإننا في هذا الوقت الذي ما زلنا مشغولين فيه بالبناء وإعمار التخريب الذي خلفته سلطة الأجانب وحثالاتهم طوال حكومتهم لهذا الوطن ونحن اليوم في مواجهة مع الادارة الامريكية. ونأمل أن تنهض الشعوب الإسلامية التي تعاني الاستعمار كما نهض شعبنا الذي كان يعانيه أيضاً، وإنه لمن دواعي السرور والفرح، أن نسمع بنهضة باكستان، وكنت الآن أطالع العناوين البارزة لإحدى الجرائد، فرأيت عنواناً مضمونه: ثورة باكستان على أمريكا، ويبدو أنّ الجريدة تعطّلت أنّ الدراسة عطلت في جميع الجامعات ثلاثة أيام. وهذه بشارة لشعبنا المظلوم بأنه ليس وحيداً في ميدان النضال.
عجز الدول العظمى أمام اتحاد المسلمين
على المسلمين أن يكونوا يداً واحدة (هم يدّ واحدة على من سواهم) فعليهم أن يجتمعوا ويكونوا يداً واحدة، وأن لا يتفرقوا ولا تفصل الحدود بين تواصل قلوبهم فالحدود عازلة. لكن القلوب مؤتلفة متواصلة إنّ المسلمين يمتلكون قوة عظيمة وثروات كثيرة، وإذا اجتمعوا واتحدوا مع بقاء حدود دولهم على ما هي عليه لا يحتاجون إلى دولة أجنبية، بل إنّ بقية الدول تكون بحاجة إليهم.
لكن الذي يؤسف عليه هو أنّ الدول العظمى بثت طوال التاريخ الدعايات المغرضة لإخافة شعبنا وشعبكم منهم، وللاعتقاد بأنه لا يمكن إلحاق الضرر بهم، وأنه إذا أراد شعب أن يتنفس نسيم الحرية، سيقطعون نفسه إلى الأبد، لكننا أثبتنا في إيران أنّ جميع ذلك دعايات لا أساس لها من الصحة وأنّ الدول العظمى عاجزة عن العبث بمقدرات البلاد إذا كان الشعب متحداً. ونحن متكلون على الله- تعالى- وعلى الإسلام، وسندنا هو الله والإسلام، ونأمل أن تلتحق بنا جميع الشعوب الإسلامية.
مصير العالم الإسلامي
إنّ هذا النزاع القائم الآن بين الكفر والإسلام لا ينحصر بيننا وبين أمريكا فقط بل إنه صراع الإسلام والكفر فإذا- لا سمح الله- تغلّب هؤلاء على نهضتنا (ولن يستطيعوا ذلك) فإنهم سيتغلبون على الإسلام والمسلمين.
فيجب على المسلمين جميعاً أن يعلموا أنه ليست مقدراتنا وحدها هي التي تُعرّض للعدوان، بل إنّ جميع مقدرات الإسلام والمسلمين عرضة للخطر، وعلى جميع المسلمين أن يشاركوا في هذا الأمر الذي هو المحافظة على مقدراتهم، لأنه إذا- لا سمح الله- أضعفت هذه النهضة أو قضي عليها، فإن جميع الشرق ولا سيما المسلمين سيساقون إلى الهاوية والهلاك.
إنني أطلب من جميع الشعوب الإسلامية، وجميع الجيوش الإسلامية وجميع القوى العسكرية الإسلامية ومن جميع رؤساء الدول الإسلامية، اطلب من جميع هؤلاء أن يكونوا معنا ويصاحبونا في نهضتنا هذه. علماً بأنّ هذا الصراع القائم إنما هو صراع جميع الكفر وجميع الإسلام. لا أنه صراع أمريكا وإيران، فعلى المسلمين أن ينهضوا لينتصروا في هذا الصراع. وسوف ينتصرون حتماً وأنّ يخافوا من هذه الطبول الجوفاء التي تروّج بالدعاية أن أمريكا قوة عظمى وقوة شيطانية تستطيع في يوم واحد أن تخرّب كل شيء. فهذه الدعايات كاذبة، ولا تستطيع أمريكا أن تفعل ذلك.
دعوة الأمة الإسلامية للنهوض
إنّ أمريكا لا تستطيع أن تتكبر على المسلمين المتحدين، والعالم الآن تتجه أنظاره إلى صراعنا مع أمريكا، لترى ماذا ستكون النتيجة؟ علماً بأن السود الأمريكيين الذين ظلمتهم أمريكا يقفون إلى جانبنا، ولعلهم سينهضون للمطالبة بحقوقهم، فيجب على المسلمين في هذا الموقع الحساس الذي نقف فيه نحن بوجه أمريكا ودسائسها الشيطانية في المقدمة، أن يقفوا إلى جانبنا ويكونوا معنا ولا يجعلوا فرقاً بيننا وبينهم وأن يعتقدوا أن لافرق بين إيران والباكستان والعراق وأندونيسيا، وجميع الدول الإسلامية وأن ينهضوا ويتظاهروا جميعاً للاحتجاج على هذا الظلم الذي يلحقه هذا الشخص كارتر بشعبنا. إنّ هذا المجرم محمد رضا احرق طوال خمسين عاماً منازل الشعب، وسجن رجاله وأمر مراراً بقتل الناس، ارتكب مجازر كثيرة. فصبغ الشوارع بدماء شبّاننا، ونهب ثرواتنا وأخذها. والأمريكيون أخذوا وآووا مجرماً مثل هذا مخالفين لجميع القوانين الدولية التي تقضي بجلب المجرم إلى المكان الذي أجرم فيه ومحاكمته لكنهم أخذوه وآووه محتجين بحجة واهية. والآن وحينما نطالب بإعادته ينبرون لإخافتنا من أساطيلهم التي جاءت واقتربت من مياه الخليج، ويرهبوننا بطائراتهم. ومن أيّ شيء نخاف نحن؟ هل نخاف من طائراتهم؟ أم من اساطيلهم؟
إنذار لأمريكا
إننا ناسٌ نرى الشهادة في هذا الطريق سعادة. وشعبنا يطلب مني ان أدعوا لهم الله- تعالى- ليرزقهم الشهادة. فمن أيّ شيء يخوّفون شعباً هو يطلب الشهادة؟ فهل يخوفونه من الموت وهو يعتقد أنّ الشهادة شرف له؟
إنهم إنما يخوّفوننا من الموت، لأنهم هم يخافون منه، ولأنهم لا يعتقدون بما وراء الطبيعة. أما الذي يعتقد بالله- تعالى- وبيوم القيامة، فلا يخاف من شيء أبداً. إنّ أمريكا مخطئة وإنّ كارتر مخطئ حينما ظن أنه يستطيع ذلك.
فالعالم لا يسمح له بذلك. والشعب الأمريكي أيضاً لا يجيز له ذلك، فهل قتل شعبنا وإبادته كاملة هو عمل يسير حتى تستطيع أمريكا أن تقوم به؟ إنّه ليس عملًا هيناً يستطيع كارتر أن يقوم به.
ولو فرضنا أنه قرر القيام بذلك، لقضى عليه شعبنا بمخالبه وأنيابه. ولقد أعلن شبّاننا أنه إذا أرادت أمريكا في وقت ما أن تقوم بذلك، فإننا سنفجر السفارة بمن فيها. وإذا حصل ذلك من أمريكا فإننا لا نستطيع السيطرة على شبّاننا المتحمسين الذين ذاقوا مرارة الظلم، ولا نستطيع منعهم مما قرروا القيام به. فنحن لا نستطيع أن نمنع، وأن نقف بوجه الشعب الذي عانى الظلم خمسين عاماً. فإنه عانى ظلماً استمر أكثر من نيف وثلاثين سنة على يد إنسان واحد، أمر فيها مراراً بقتل الناس قتلًا عاماً عشوائياً، فقتل الإخوة، وقتل الآباء، وقتل النساء، وقتل الأزواج.
ولذلك لا نستطيع ان نسيطر على هذا الشعب، ونمنعه من الدفاع عن نفسه فإذا ارادت أمريكا ان تسول لها نفسها ارتكاب الخطأ، فإنّ شعبنا لا يجلس يراقب الأحداث وهو مكتوف الأيدي، فليأتِ المظليون الأمريكيون، وليجرّبوا وينظروا، هل يستطيعون ذلك؟ إننا سنبيدهم جميعاً، وسنقتل نحن أيضاً. لكن المهم أننا سنقضي عليهم جميعاً.
هزيمة إيران تعني هزيمة الشرق
أيها الإخوة بلّغوا سلامي لجيشكم وللسيد ضياء الحق 2. وقولوا لهم على لساني: إنّ إخوانكم الإيرانيين منشغلون في كفاح الكفر، فانهضوا، وليتحرك الجيش الباكستاني لمقابلة هذا الظلم الذي يمارس ضد إخوانهم الإيرانيين، فإنّ هذه النهضة التي قمنا بها على الكفر، تحافظ على مقدراتكم أيضاً. فلا يظنن شعب من الشعوب الإسلامية أنه إذا هزمت إيران، سيبقى سالماً من كيد الأعداء.
إنّ إيران إذا هزمت، فإنّ الشرق سيحكم عليه بالهزيمة كذلك، وسيحكم على المستضعفين بالإبادة. فيجب على الجميع أن يتحدوا وينهضوا جميعاً، ويقضوا على جرثومة الفساد، ويخرجوها من التاريخ. وإذا لم يستطيعوا ذلك فليخرجوهم من دولنا الإسلامية حتى لا يفكروا في العودة إليها أو إرسال مستشاريهم ومندوبيهم وسرّاقهم لينهبوا ثروات أوطاننا.
ايها الأخوة: أرجو من الله- تعالى- أن يسلمكم ويعزّكم ويعافيكم جميعاً. كما أرجو منه- تعالى- أن يعزّ الإسلام ويقوّي جيش المسلمين. اللهم احفظ رؤساء الدول الإسلامية، الذين يهتمون بالإسلام ويخدمون المسلمين.
* صحيفة الإمام، ج11، ص:93,82
1- قبل أن يبدأ الإمام الخميني بخطابه قرأ احد الباكستانيين دعاء، وحين انتهى منه أمّن الحاضرون.
2- محمد ضياء الحق رئيس جمهورية الباكستان.