الموضوع: تحاشي الخلافات وخلق الاضطرابات- اقبال الشعب على الدستور
خطاب
المخاطب: نواب مجلس الخبراء
عدد الزوار: 117
التاريخ 15 آذر 1358 هـ. ش/ 16 محرم 1400 هـ. ق
المكان: قم
المخاطب: نواب مجلس الخبراء
بسم الله الرحمن الرحيم
الإقبال العام على الدستور
إنني أتقدم بالشكر للسادة الحضور على جهودكم خلال هذه المدة للدستور ولمجلس الخبراء. وأتمنى أن تكون خدماتكم للإسلام في عين أصحاب الإسلام، وأن تكونوا موفقين بعد الآن ايضاً في تقديم الخدمة كلّنا معاً للإسلام.
إن هذا الدستور الذي أعد بإشراف العلماء وخبراء الإسلام أدى إلى قلق بعض الناس، وأنا لست قلقاً اطلاقاً. الدستور صحيح. وإذا تصورت أطراف أنّ ما تريده غير موجود في الدستور فهذا خطأ. ويجب أن يعلموا أن الإسلام للجميع، وأن دستور الإسلام سيعالج كل الامراض إن شاء الله. ونحن نأمل إنه إذا افترضنا وجود نقيصة ما أن تزال لاحقاً في مجلس الشورى. اني ادعو الطوائف الى عدم القلق، وليلتفت الجميع إلى أن (المشكلات يجب أن تعالج) خطوة خطوة. لقد واجهنا من بداية هذه النهضة وحتى اليوم معارضة بعض الفئات، والآن بعدما يئسوا من هذه الناحية ايضاً، ظنوا أن الدستور لن ينال اهتمام الجماهير، وكانوا قد فرحوا جداً لأن الناس لم تقبل اقبالًا كبيراً على المجالس المحلية، وكانت امنيتهم أن لا يقبل الناس على الدستور ايضاً، لكنهم لاحظوا أن الإقبال على هذا الدستور كان افضل من أصل الجمهورية الإسلامية. وأنا طبعاً لا أدري حقاً ما هي النسبة. ولكن قيل لنا: إنّها حتى الآن أعلى من تلك. والآن يئست بعض الطوائف، لأنها رأت أن هذه الخطوة أيضاً قد نفذت، فماذا سيفعلون بعدها؟ راحوا الآن يتظاهرون بأنا لا نريد هذا الدستور، وبفظاظة.
الشراذم والعناصر المعارضة للدستور
في وقت ما كان لهم رأيهم، وكانوا يقولون إن هنالك إشكالًا في الموضع الفلاني من الدستور تعالوا وارفعوا مثلًا هذا الإشكال. وجنحوا إلى العنف تارة، وراحت مجموعة من المغرضين التابعين للنظام البهلوي المشؤوم ولامريكا، تلعب بأفكار و عقول الجماهير. وتأثرت بهم مجموعة من السذج، وتصوروا أن لهم رؤية صائبة. والحال أنّ المسألة ليست كذلك، فليس لهؤلاء رأي صائب. فهم منذ البداية الى الآن حينما عارضوا خطوة خطوة، وقد اتخذت هذه الخطوة الآن ايضاً، وشاهدوا كل الشعب تقريباً يؤيد هذا الدستور، يريدون الآن أن يحققوا مراميهم بالفظاظة، أي: أنهم يتوهمون أن من الممكن مقابل شعب استأصل ويستأصل كل هذه الجذور الفاسدة، أن تعمد مجموعة إلى الفظاظة والتجبر وتقول إننا لا نريد هذا. كيف يمكن لعدة أشخاص أن يقولوا في وجه الشعب: لا نريد؟ ليست الإرادة بأيديكم حتى تريدوا أو لا تريدوا، لا تريدوا أو تريدوا. لقد تمت المصادقة على هذا الدستور، وصوّت الشعب لصالحه. صوتوا له كلهم تقريباً، وما عاد التخبط صحيحاً.
زرع الخلافات من كبائر الذنوب
وأنا أقول اليوم لكل الشعب ولكل الطوائف ولكل المجاميع: أن خصمكم الحالي هو امريكا، وكذلك الدول الكبرى، وبلادكم تواجه اليوم مثل هذه القوى، وإذا كنتم ترضون الإسلام فعليكم، طبعاً أن ترضوا الدولة الإسلامية، والإسلام في خطر. وإذا كنتم وطنيين، فشعبكم في خطر، ووطنكم في خطر. أن تتظاهروا اليوم ويضرب هذا ذاك وذاك هذا وتقع مثل هذه الأمور، فهذا ما لا يرضاه العقل، إنه خلاف المعايير العقلية وخلاف الشرع بلا إشكال، وهو من الذنوب الكبيرة التي لا يُعلم أن أحداً إذا أضر اليوم بالإسلام فهل ستقبل منه توبة بعد ذلك أو لا. على الناس المتنورين الصالحين أن ينصحوا هولاء الاذناب الذين يريدون القيام بمثل هذه الأمور وإيجاد هذه المفاسد وخلق الاضطرابات، ويقولوا لهم: أنكم مسلمون على كل حال. لماذا يجب أن يعارض المسلم الإسلام؟ ألا تعلمون أنكم تعارضون الإسلام؟ ألا تعلمون أنكم الآن تعارضون بلاد الإسلام؟ ألا تعلمون أن الخلاف إذا وقع بيننا ستحصد نتائجه امريكا والدول الكبرى؟ ألا تفهمون هذا؟ أو إنكم تفهمون وتتعمدون؟ يجب أن تكون الموازين في يد الشعب الآن، كائناً من كان، فيعترضون على من يخلقون الاضطرابات اليوم ويزرعون الخلافات، ويعلموهم أن أعمالهم ليست صحيحة. ويوجدون بلبلة باسم فلان من السادة، ويوجدون اضطراباً باسم فلان من الناس. ليس هؤلاء مؤيدين من قبل السيد الفلاني والإنسان الفلاني، إنما هم أناس يريدون خلق القلاقل. وهي قلاقل تنتهي لمصلحة امريكا وضرر الإسلام. وهي بخلاف الشرع ومن الذنوب الكبيرة جداً، ليكفوا اليوم عن هذه الفتن.
نداء لكل الشعب
إنني أعلن أنه لو سبني أحد، ومزًق صورتي، لا يحق لأحد أن يعترض عليه. الاعتراض حرام على من يسبني أو يمزق صورتي أو يضربني مهما فعل. ليس من حق أحد ونحن مبتلون في هذا الوقت بهذه المصيبة الكبرى أن يجابهه فيجر الأمر إلى الاشتباك وتحدث اضطرابات. إننا نريد الهدوء اليوم. ينبغي أن لا تحدث قلاقل. يجب أن نمد سواعدنا بعضنا لبعض لكيلا تحدث اضطرابات. نمد كلنا سواعدنا وأيدينا بعضنا لبعض. حافظوا على هدوئكم، وليهتم الجميع برفع المشكلات التي تواجه شعبنا اليوم. إنني أقول هذا لكل الشعب، أقوله للكرد، أقوله للبلوش. أقوله للاتراك. أقوله للسيستانيين. أقوله للبلوشستانيين. أقوله للعرب، أقوله لكل الشعوب. إن الإسلام يقف اليوم بوجه الكفر. ليست المسألة هي إيران إنما المسألة هي الإسلام الذي يقف اليوم مقابل الكفر. وعلى الشعوب كافة أن توافقنا. وعلى الكل أن يدعوا خلافاتهم جانباً ويتفقوا معنا. لماذا يختلفون بينهم في أمور صغيرة؟
أيادي غامضة لبث التفرقة
لقد سمعت البارحة أن خلافاً وقع هنا. علم الله كم أنا آسف على سريان الوهم بين مجموعة من الجهلة، مجموعة من افراد غير مطلعين على حقائق الأمور وجذور القضايا، فيفعل أحد شيئاً فيضربه آخر في حين ترى فيه من يريدون خلق التوتر فيستغلون تلك الضربة لبلوغ ما يريدون. في الماضي أيضاً كان الأمر كذلك يقتل أحد رجال السافاك أحداً، فيظن الناس أن ذلك هو القاتل فيشتبكون فيما بينهم. ويحدث التوتر. وقد يكون هناك اليوم أحد تلك العناصر التي كانت في السابق تخلق الاضطرابات، يقتل أحداً أو يضربه، فيتسبب في اضطراب بلد بأكمله. هذه أعمال مخالفة للشرع، ومخالفة للإنسانية. مخالفة للوطنية. ليكفوا عن هذه الأعمال. لماذا يقدمون على هذه الأعمال؟ ما الذي حصل حتى تنازعتم الآن فيما بينكم؟ لماذا تشتبكون فيما بينكم؟
حفظكم الله جميعاً إن شاء الله وحفظ هذه البلاد من شرور الأعداء إن شاء الله، وأيقظنا من هذه الغفوة والغفلة.
* صحيفة الإمام، ج11، ص:155,153