يتم التحميل...

الموضوع: شمولية المدرسة الإسلامية، خصائص الحكومة الإسلامية

خطاب

الحاضرون: أهالي مدينة كنكاور

عدد الزوار: 91

التاريخ: 25 آذر 1358 هـ. ش/ 26 محرم 1400 هـ. ق‏
المكان: قم‏
الحاضرون: أهالي مدينة كنكاور

‏‏‏بسم الله الرحمن الرحيم

الإسلام، أكمل الاديان‏

ليحفظكم الله جميعاً إن شاء الله. ليوفقكم، أيتها الاخوات والاخوة، ليحفظكم الله في ظل الإسلام وفي ظل إمام العصر والزمان سلام الله عليه إن شاء الله ومن خلال الجهود والتضامن، وكما وصلنا إلى هذه المرحلة فسنتمكن إن شاء الله من نشر الإسلام وبسطه في كل مكان.

ونأسف على أنّ المدرسة الإسلامية لم تعرف حتى الآن حق المعرفة، ولم تدرك الا قليلًا. لم يسمحوا بأن تعرف الجماهير الإسلام كما هو، حتى ان الحكومة الإسلامية التي هي من الضروريات في الأحكام الإسلامية، لم يسمحوا أن تطرح كما هي بين الشعوب الإسلامية. كانوا يتوهمون بان الحكومة الإسلامية هي كالأنظمة التي تسود العالم حالياً، إنّ الإسلام هو كل شي‏ء، لأنه أمر الله تبارك وتعالى. ويشمل جميع ما يحتاج اليه الإنسان من جميع الجوانب. لا توجد في نظام عالمي مثل هذه المسائل المطروحة في الإسلام، فجميع الحكومات في العالم لا تهتم إلّا بالسلطة فقط، وأغلبها حكومات جائرة ان لم نقل كلها.
الحكومة في الإسلام هي طريق، لأن الغاية هي الإسلام، وهذه التعاليم المنبثقة من الإسلام، تشمل جوانب الحياة الطبيعية للإنسان، لكن هذه ليست الغاية، فهي تهتم برقيّ الإنسان المعنوي، وصولًا إلى تلك المرتبة التي يصبح فيها الإنسان الهياً، وتلك هي غاية الغايات.

التعاليم والأحكام الإسلامية جاءت لرقي الإنسان من العالم المادي إلى العالم الذي يتخطى الماديات. بُعث الأنبياء لمساعدة الناس على الخروج من هذه الظلمات التي تسود العالم وإنقاذهم وايصالهم إلى عالم النور. وجميع الأشياء هي وسيلة للوصول إلى عالم النور الذي لا يلقى أي اهتمام من الحكومة والانظمة العالمية. تُوجد مسألة طرحت في جميع مدارس الأنبياء ولكن تعاليم الانبياء لم تطبق حتى الآن، حتى في عهد الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم) لم تطبق إلّا القليل منها. تم تبليغها ولكنها لم تفصل كما يجب ان تفصل. وكذلك‏ على عهد أمير المؤمنين سلام الله عليه لم يتم الأمر كما أراد. وبعد ذلك تعبأ بها الحكومات الجائرة التي جاءت مثل خلفاء بني أمية وبني العباس، وبعدها أيضاً الحكومات التي تداولت بين المسلمين.

النظام الشاهنشاهي، أسوأ الحكومات‏

النظام الملكي الذي كان أسوأ الحكومات في العالم أو كان من أسوأها، ولا صلة له بالإسلام، ولم يكن يحمل في طياته اياً من الأحكام الإسلامية. لقد ادّعى أحياناً بأشياء فلاحظتم مثلًا ان محمد رضا كان يدعي بأنه يريد تطبيق العدالة الاجتماعية والعدالة الإسلامية، ولكنه لم يعرف العدالة الإسلامية قط، ولم يعرف شيئاً عن الإسلام.

ومن هذه الناحية يجب أن نقول بأن الإسلام كان غريباً، كما ان أي احد لا يعرف الغرباء فانهم لم يسمحوا للناس بفهم الإسلام. أساس الحكومة في الإسلام لم يطرح حتى الآن. كلما دار الحديث به، حتى بين المسلمين أنفسهم يقولون حسناً هذا شأن سياسي، ولا علاقة له بنا، والعلماء يجب ان يكونوا بمنأى عن السياسة، فهم أهل المساجد، وليس لهم إلّا أن يذهبوا اليها، لقد حبسوا الإسلام في المساجد فقط. هذا في الوقت الذي نرى الإسلام معنياً بالحياة الدنيوية والطبيعية أكثر من المساجد.

رسالة الأنبياء، إنقاذ البشر

خلال الأعوام الثلاثة عشر التي قضاها الرسول الأكرم في المدينة المنورة لم يخل عامٌ منها من الحرب، فجميعها كانت أعوام حروب ليست كالحروب التي تقوم بها الحكومات الحالية، بل كانت لإيصال الناس إلى السعادة. الأنبياء يرون الناس يغرقون في النار، ويشاهدون الظلمات التي تحيط بنا والأشياء التي تسوقنا نحو الويل، ونحو جهنم. إنّهم جاءوا لإنقاذنا. لتقديم الوعظ إلينا، لإنقاذنا بالقوة.
يُروى في مكان ما أنّ الرسول رأى عدّة من المسلمين أتوا بمجموعة من الأسرى، فقال: يجب علي أن أسوق هؤلاء إلى الجنة بالسلاسل والأغلال. الأنبياء جاءوا لهداية الناس، ولم يأتوا للهيمنة على العالم، ولا ليتمتعوا بالسلطة، أو ليصبحوا قوة تحكم. إنّهم يكرسون جميع قواهم لكي ينقذوا هذا الإنسان الذي يجب أن يصبح موجوداً إلهياً. لكي يكون موجوداً ملكوتياً، بعد أن أصبح الآن أدنى من الحيوان. إنهم جاءوا لتقديم هذه الخدمة. جاءوا لخدمة البشرية.

البحث الرئيس يدور حول الإنسان، وبناء الإنسان هو محور قضيتهم. وسائر النظم لا تهتم بهذا الجانب أبداً، ولا تعرف ما هي القضية، إنّهم لا يفهمون هذا الجانب. إنّهم يحاولون‏ تقوية الجنبة الحيوانية في الإنسان، ويعززون الجنبة الوحشية فيه، ويعمقون نزعة الإبادة والقتل. إن الأنبياء يحاولون إنقاذ الناس من هذه الظلمات والابتلاءات، من هذا الظلم والجور.

مكافحة الظلم وبسط العدالة

جهودهم تصبّ في هذا المجال، جهود جميع الناس يجب أن تصب في عدم الرضوخ للظلم، لأنّ الظلم حرام والرضوخ له حرام أيضاً. حرام أن تُظلم أو أن ترضخ للظلم. يجب على الإنسان أن يبذل ما بوسعه لكي لا يرضخ للظلم. في حالة ما قد يكون الظلم، فماذا يفعل؟ يجب عليه عدم الرضوخ له، وبذل الجهود لإزالته. وفي الأحكام الإسلامية أنّه إنْ نزل أحد إلى الشارع وهاجم أحداً ما يجب ردعه، وان ادى إلى قتله. وإن هاجمكم أحد يريد أخذ مالكم، فاردعوه، وإن أدّى إلى قتله. يجب التصدي للظلم. وعلى الإنسان لمن لا يرضخ حتى من يظلمه. إن وجدت الحكومة الإسلامية فإنها تعني اجتثاث جذور الظلم. تعني انّ حاكمها لا يستطيع أن يظلم. رئيس حكومتها أيضاً لا يمكنه أن يظلم. فواجبه الأول أنّ لا يظلم. وثانياً إن شاء فلن يسمحوا له. الحكومات الإسلامية هي حكومات العدالة. جاءت لبسط العدالة. الحكومات لم توجد كي تتفاخر على الناس. الحكومات يجب أن تكون خادمة للناس. إن خالفت جانب الخدمة فانّها تعمل خلافاً للموازين الإسلامية. الحكومات التي كانت في صدر الإسلام لم تكن لأجل أن يفخر أحد ما على الناس. ولم تكن لأجل أن يستعرض أحد ما عضلاته. إنها كانت لخدمة الناس والحروب التي كانت تخوضها أيضاً كانت خدمة للناس، وجميع خطواتها كانت تصب في جانب إنقاذ الناس.

الطمأنينة القلبية في الحكومة الإسلامية

إن استطعنا بالتكاتف فيما بيننا إنجاح هذه النهضة إنجاحاً يُترجم تطلعات الجمهورية الإسلامية، والعمل وفقاً للأحكام الإسلامية، فإن جميع الشرائح ستنعم بالرفاهية، والطمأنينة والسكينة القلبية. إحدى أعظم نِعم الله سبحانه وتعالى هو أن يتحلى قلب الإنسان بالسكينة. وهذه السكينة القلبية لا تتحقق في ظل سلطة الأجانب والأسوأ من ذلك الرضوخ لحكم السلطات الجائرة. لا يعرف أنه إن ذهب إلى السوق الآن هل ستأتي المنظمات الأمنية (الاستخبارات)، وتتذرع بذريعة، أو أن ذلك الشرطي هل سيتذرع بذريعة، وهل سيزج في السجن أو لا. الإسلام لا يطرح مثل هذه القضايا أبداً. في الإسلام يجب أن يخاف كل امرئ من نفسه، ولا يجب أن يهاب الحكومة، لأن الحكومة هي حكومة عادلة. إن قام بعمل‏ ما يجب أن يحاكم على ذلك، أو قام بظلم ما، فإن الحكومة العادلة يجب أن تتصدى لهذا الظلم. والحاكم الإسلامي لا يخطو خطوة في مجال الظلم والاعتداء على الآخرين.

هذه أحكام الإسلام. الشرطي الإسلامي لا يعتدي على أحد، الجيش الإسلامي يجب ان لا يعتدي على أحد. يجب على الجميع أنّ يكونوا في خدمة الشعوب.

ادعوا أن تكف أيدي هؤلاء الذين يحاولون الإضرار بهذه الجمهورية الإسلامية، أو الاضرار بهذه النهضة. وان شاء الله ستطوون جميعكم سبيل السعادة والسلامة والعافية، لكي تتحقق تباعاً تلك المرحلة الأخرى. وليطمئن جميع الناس أنّ الإسلام هو لمصلحة الجميع إنْ شاء الله.


* صحيفة الإمام، ج11، ص:222,219

2011-05-21