الموضوع: خطورة زوال الطابع الإسلامي للثورة - ضرورة العمل بالقرارات والقوانين الشرعية
خطاب
الحاضرون: منتسبو وقادة حرس الثورة الإسلامية
عدد الزوار: 97
التاريخ 26 آذر 1358 هـ. ش/ 27 محرم 1400 هـ. ق
المكان: قم
الحاضرون: منتسبو وقادة حرس الثورة الإسلامية
بسم الله الرحمن الرحيم
خطر ابتلاء الاسلام
أنا قلق حقاً، إنني قلق على الإسلام. لقد أنقذنا الإسلام من قبضة محمد رضا، وأخشى أن يكون الإسلام قد وقع بين مخالبنا بحيث ننزل به كما أُنزِلَ به أو أسوأ. هذا قلق موجود وهو كبير. هنالك أشخاص جهلاء يتوهّمون أنهم يخدمون الإسلام، وهم يخدمونه لكنّهم يتصرّفون من عند أنفسِهم تصرفات تسيء إلى سمعة الإسلام، وتوجّه الضغوط إلينا من كل صوب. كتبوا لنا بالتفصيل من إصفهان. أمس كتب السيد الخادمي مرةً أخرى، وعبارته هي أنهم منهمكون في نهب الناس في إصفهان، وجاءوا من خرم آباد إلى هنا يُداهمون كلَّ من له شيء باسم أَنه رأسمالي وينهبونه، ولا معايير في القضية إطلاقاً. مثلما كانوا يعملون في النظام السابق بلا معايير إسلامية أو شرعية. الآن أيضاً يعملون بلا ميزان شرعي أو عقلي. وهذا ممَّا يبعث على شديدِ الأسف. الأسف من أن لا تكون هذه النهضةُ نهضةً إسلامية بسببنا، وتفقد اسلاميتها. قمنا بالثورة، ونفعل كل ما نريده، هذِه هي حجتهم. كل من تسأَلُه لماذا هذا الوضع؟ يقول لقد قمنا بثورة، قمنا بثورة. نسلب أموال الناس، نهجم على منازلهم. ويسلبون أموالهم إلى درجة أنهم يُقعدون العيال والأطفال على الأرض. وحجتهم أنهم قاموا بثورة. يحتجزون أراضِيَ الناس، ويمنعونهم من زرعها، أو يمنحونها لشخص آخر، وحجتهم أننا قمنا بثورة. يهجم أشخاص على بيوت الناس من دون أن يكون لديهم ترخيص شرعي أو قانوني، وحجّتهم أننا قمنا بثورة. معنى ذلك أن هذا ما يقوله الإسلام.
قمنا بثورة، أي أنّ لنا الآن جمهورية إسلامية، وطريقة الإسلام هي أن تنعدم كل الموازين والمعايير وتتهاوى كل الجدران.
الآفة الداخلية للثورة الإسلامية
يفعلون أفعال الشيوعيين باسم الإسلام، يفعلون أفعال الماركسية باسم الإسلام، يطلقون أقوالهم باسم الإسلام، وهذه النهضة تُنخر من الداخل. مثل بطيخة تسقيها من الخارج وترعاها، وحينما تريد قطفها تجدها فاسدة من الداخل. قدِّموا الخدمات ظاهرياً، وافعلوا كذا وكذا، لكنكم ستجدون فجأة أن نهضتكم منخورة من الداخل، فاسدة من الداخل. الذين راحوا يمارسون الدعاية باسم الإسلام، ويمارسون أعمالًا مفتعلة باسم الإسلام هم ديدان ستفسد باطن هذه النهضة. ولا أدري ما الذي ينبغي أن نفعله، فهذه الحالة بحاجة إلى سلطة مركزية وسلطة تنفيذية، حتى إذا شاغب هؤلاء النفر في مكان ما يقبضون عليهم ويحاكمونهم، ويعاقبونهم إذا استحقوا العقاب. أَمَّا هكذا بصورة منفلتة تنطلق فيها كل مجموعة وكل شخص في كل مكان يحمل بندقيته، ويفعل كل ما يشاء باسم اللجان وباسم الحرس وباسم (التعبئة). يهجم على بيت كل من له خصومة معه و (يفتش)، يهجم على كل من له معه غرض، و (ينهب) بيته. هذا خطر كبير يهّدد الإسلام في زماننا. وربّما كان خطره أعظم من الخطر الذي واجه الإسلام في النظام السابق. انهم عبثوا بكل الضوابط. لا يعلمون بأية ضابطة إسلامية، يقضون على الإسلام باسم الإسلام. ويفسدون قيم الإسلام باسمه.
خطر العالم المتهتّك والجاهل المتنسّك
على الذين يؤمنون بالإسلام أن يغيثوه وعلى الذين يريدون له أن يحكم في هذا البلد أن يتداركوه. مجموعة من الشباب، غير مطّلعين على الأمور جهلاء متنسكون من الذين قال عنهم الرسول: قصم ظهري اثنان: عالِم متهتّك وجاهل متنسّك. الجاهل المتنسّك يقصم ظهر الرسول، الجاهل الذي لا يعرف قانون الإسلام، ويعمل كما يرى باسم الإسلام ظاّناً أنه يخدم الإسلام. هذا من الذين قال عنهم الرسول (قصم ظهري الرجلان: عالم متهتّك وجاهل متنسّك). فكّروا بحل أنتم أيها السادة الذين تتولّون قيادة الحرس مع السادة الذين هم على رأس المحاكم وعلى رأس اللجان فكّروا بحل للإسلام! إذا اردتم أن يكون الحال هكذا سرعان ما سيعرض الناس عن الإسلام وعن هذه النهضة وعن هذا الوضع.
الفوضى وانتهاك القانون باسم الإسلام
لماذا يجب أن يحدث هذا، لماذا يجب أن لا تكون هنالك ضوابط؟ للإسلام ضوابط. ليس الإسلام فوضى يفعل كل شخص فيها ما يحلو له. للإسلام قوانينه، التي يجب العمل على وفقها. وهؤلاء لا يعملون طبق هذه القوانين ولا طبق قوانين الحكومة، بل يعمل كل واحد ما يريد من دون أن يكترث لرؤسائه أو يحترمهم أو يحترم الإسلام، وعملهم دون ضوابط ومعايير يجعل الناس يقولون: يتضح أن القضية ليست قضية إسلام، وإنما قضية شيوعية، حتى إن أحد المراجع هنا قال لي: هل هنا شيوعية؟! هل ينبغي أن نكون هكذا؟ الحرس الذين يقولون: إننا نخدم الإسلام يجب أن يتأثّروا بالشيوعيين، ويفعلوا أفعالهم؟ هؤلاء لا يعلمون.
يريدون تحطيم الإسلام في إيران، ليعود الوضع هنا يوماً ما بانقلاب- لا سمح الله- إلى أسوأ ممّا كان في السابق. وهذا ما لا يعلمونه. لا يحبّون الإسلام حقاً، لا أستطيع القول: إن الحارس الذي يخدم ويخدم ليلًا ونهاراً لا يحب الإسلام. إنه يحبه، لكنّه غير ملتفت إلى ما يفعله. أو المحكمة التي تريد الخدمة تحبّ الإسلام، أو اللجنة التي تريد الخدمة تحبّ الإسلام، إِلّا أنّها لا تعرف الطريقَ جيّداً. لم تتضح الضوابطُ لديهم جيّداً. يتوهّم أن عليهِ العمل كيفما حلا له. بمجرَّدِ أن تحدث ثورة عليّ أن أنهض وأفعل كل ما يعجببني. حدثت ثورة. أي أن الوضع تغيّر من نظام ظالم إلى نظام العدالة.
ليس معنى نظام العدالة أن يعمل كل شخص ما يعجبه. لا بّد أن تكون في الإسلام قواعد. لا بد أن تسود قوانين الإسلام، لا أن يهجموا على الناس، ويطردوا النساء والأطفال من بيوتهم. مع أني قلت هذا ربّما عشر مرّات إِنَّه على افتراض أن هنالك شخصاً مجرماً يستحق القتل والمصادرة على كل أمواله، ولكن زوجته وأطفاله يجب أن لا يبقوا جياعاً. ينبغي أن يُبْقوا لهم ما تحتاج إليه الزوجة والأطفال، ويأخذوا الباقي. مع ذلك كتبوا لي كراراً يقولون: إن فلاناً أُخِذت أموالُه بلا مسوّغ. ولا أدري كيف يقع هذا؟ ولكن جاءوا وسلبوا السجّاد من تحت أقدامنا وأخرجونا من المنزل وفعلوا كذا، وبقينا هكذا، هل يقبل العقل هذا؟ هل يقبله الشرع؟ هل تقبل الإنسانية أن نُنْزِل بالناس مثل هذه المصائب؟
الشعور بالتعب بسبب الأصدقاء
ما الذي يجب أن نفعله يا سيدي؟ أجلسوا وارسموا حلّا. تعالوا واجتمعوا كلُّكم في طِهران، ليجلس قادة القوم، أنتم أيّها السادة على رأس الحرس مثلًا ومن هم على رأس اللجان وأولئك الذين هم مسؤولون عن أمور أخرى، اجلسوا وتشاوروا فيما بينكم، تحدّثوا، وضعوا ضوابط وانشروها. لتكن لكم سلطة تنفيذية. ذلك المقدار الذي يجب أن تبذلوه من الجهد من أجل سمعة الإسلام في كردستان ليس مهمّاً. ليس مهماً حتى لو أخذوا كردستان كلّها منّا. لكن المهمّ هو ألّا يأخذوا الإسلام من أيدِينا. نحن نريد الأسلام، وما الكرد خارج الإسلام ولا الترك خارج الإسلام، ولا هم يرغبون أبداً في أن يكونوا خارجَه. لكن المسألة هي ضرورة أن تسود قوانين الإسلام في كل مكان. إذا ذهب الإنسان لكل ناحية ووجد الناس يشتكون النساء والأطفال يأتون ويبكون ويتوسلون. وانا أكاد أتعب. علم الله أَنني في ذلك النظام السابق لم اكن أتعب قطّ من أي شيء. لا أتعب مهما مارسوا من الضغوط عليّ، والآن أكاد أتعب من نفسي. لماذا يجب أن تكون الحال هكذا. فكّروا بالحل. إذا تأخرتم عرّضتم الإسلام لخطر إهدارِ الكرامة. نحن كلّنا مسؤولون، وسأفعل كل ما أستطيعه، وعليكم أن تفعلوا كل ما تستطيعونه، وعلى كل واحد من السادة أن يفعل ذلك. ومجلس الثورة يجب أن يفعل كل ما يستطيعه. ليضربوا على رأس من يعمل خلاف المعايير الإسلامية، وليطردوه. كل من يدعو إلى الشيوعيةِ لخدمة الإسلام كما يتوهّم ليطردوه من ذلك المكان. لا معنى لأن نجلس ويفعل كل منّا ما يشاء، ويرتكب كل حماقة أراد، ونجلس نحن هكذا نتفرّج على الأمور.
ضرورة التطهير الإداري
لا أرغب في أن تكون هنالك شدّة عمل وضغوط وعراك وقال وقيل. أرغب في أن يتحقّق كل شيء بهدوء. هذا التطهير الذي يقولون إِنه يجري في الدوائر. التطهير هو أن يتمّ إخراجُ الذين ينشرون كلامهم المضادّ للإسلام والمضاد للموازين الإسلامية. هذا على كل حال واجب عليكم جميعاً أَيُّها السادة. لست أنا المسلم فقط، أنتم أيضاً مسلمون. إنه لواجب تُحاسبُون عليه غداً، يحاسبكم الله أنتم الذين تشرفون على عدد من الحرس. فمن يعمل بإشرافه وسيطرته عدد من الحرس مسؤول عن كلّ ما يعملون. هنالك حساب غداً يا سيدي، وليس الأمر سُدىً، بل هناك حساب غداً. إذا لم تخافوا من هذا فخافوا ما هناك. فليس أن لي أفعلَ كل ما يحلو لي، ويفعل السيّد ما يحلو له، وتفعل أنت ما يحلو لك، والحرس لا يبالون، أيّها الحرس كيف تبقون ساكتين؟ يا سادتي، ليس لكم هذا قوموا بالتطهير، اذهبوا الآن واجلسوا في طهران، واعقدوا اجتماعاً يضمّكم كلّكم أنتم ومجلس الثورة والآخرين ومن هم على رأس الأمور، ارسموا خطة، وضعوا ضوابط، واعملوا وفق هذه الضوابط. لا يمكن لاي احد ان يفعل ما يحوله دون ضوابط.
الاستمداد والاستغاثة من أجل الإسلام
طيّب ما الذي أفعله انا؟ جواب السيد الخادمي مثلًا يجب أن أبعث له جواباً. أُجيب بانهم على كل حال هجموا ونهبوا وينهبون. عبارته أنّهم في الضواحي والأطراف منهمكون في نهب الناس. حسناً، تارة يقول هذا رجلُ دين، ويقوله بعد ذلك آخرون، ويقولونه بعدها آخرون، على كل حال أغيثوا الإسلام ولا تدعوه ينهدم بأيدينا. وإذا حدث هذا يوماً على يد أعدائنا، فلسنا نحن المسؤولين. أمّا إذ أصبح بأيدينا وانهدم فنحن المسؤولون. مجلس الثورة وأنتم كلّكم مسؤولون بين يدي الله. لا يمكن ان نجلس هكذا نحن أيضاً ونتفرج على كل ما يحصل في كل مكان، يجب أن لا نجلس ونتفرج. يجب أن تجتمعوا وتتخذوا قراراً وتضعوا ضوابط تطبقونها أنتم المشرفين على الحرس. فإذا ارتكب أحد الحرس حماقة أخرجوه، وسلّموه للمحكمة، ولا تدعوا الفوضى تسود. الواحدة تصبح اثنتين، والاثنتان تصبحان عشراً، إلى أن تخرج الأمور من أيديكم. الله هو الذي يصلح الأمور إن شاء الله، وينقذنا من أنفسنا. اريده انقاذ نفسي من نفسي (استغاثة سعدي من نفسه)، وصراخنا نحن أيضاً من انفسنا.
* صحيفة الإمام، ج11، ص:258,254