يتم التحميل...

الموضوع: خيانات السلالة البهلوية، قطع سلاسل التبعية، السعي للوصول إلى الاكتفاء الذاتي‏

خطاب

الحاضرون: مثقفو ومعلمو مدينة محلّات‏

عدد الزوار: 48

التاريخ 3 دي 1358 هـ. ش/ 4 صفر 1400 هـ. ق‏
المكان: قم‏
الحاضرون: مثقفو ومعلمو مدينة محلّات‏

‏‏‏بسم الله الرحمن الرحيم

دور الفرد في المجتمع‏

محلّات منطقة كنت أذهب إليها في بعض فصول الصيف. في الصيف كنت هناك. وفي الوقت الذي حللتّ فيها شعرت بأن أهاليها يختلفون عن أهالي كثير من المناطق. كان اهتمامهم بالدين أكثر من عدة مناطق أخرى. بل أكثر من كلّها والذي أدركته هو أنها كانت بفضل علمائها تتسّم بهذه الميزة. العلماء الذين كانوا في محلّات علماء يتمتعون بفضائل أخلاقية، ويقومون بواجباتهم الدينية، ويوصلون التكاليف الدينية بصورة جيدة. والناس أيضاً بطبعهم صالحون، وأنا ما يقارب ثلاثين عاماً أو حوالي هذه المدة لم أذهب إلى هناك. ولا أعرف إن كانت على تلك الحال، وأنا آمل أن تكون مثلما كانت. إذا تحوّل الإنسان إلى إنسان يتربّى بتربية الأنبياء، فإنّ المجتمع أيضاً يرتقي تبعاً لذلك. قد يؤدّي فرد واحد إلى فساد مجتمع وفي بعض الأحيان قد يؤدي فرد إلى إصلاح مجتمع. هذا الفرد قد يكون من مسؤولي السلطة ولذلك يوليه الناس اهتمامهم، وقد يكون من ذوي العلم وهو يسترعي انتباه الناس أيضاً.

شريحة الأقوياء نادراً ما ترى بين ظهرانيها مثل هؤلاء الأشخاص. لا أتذكر الآن، لكنه يحصل قليلًا في شريحة العلمائية. وإن كان عالم الدين، في مكان ما ملتزماً، فإنّه يصفّي ذلك المكان،، وان كان في كل بلاد عدة علماء دين مثلما يجب أن يكونوا، ومثلما يريد الإسلام، فإن الناس ومن باب التبعية سيصلحون وبإصلاح الناس يستقيم المجتمع أيضاً.

أسلوب رضا خان في الوصول إلى السلطة

انتم رأيتم خلال الاعوام الخمسين الماضية، طبعاً أكثركم لا يذكر، حقبة رضا خان لكنني أتذكرها. أي أنّني أتذكر الحقبة التي سبقت انقلاب رضا خان. رضا خان ومن منطلق الواجب المحول إليه دخل إلى السلطة من باب التقدس. التقدس بالمستوى الذي يجب‏ أن يكون عليه العسكري. كان يقيم مجالس العزاء في المحرم، وكان له مجلس عزاء في مكان ما. وهو أيضاً كان يحضر، ويتولى مسؤولية تسيير المواكب العسكرية، وأنا رأيت ذلك بنفسي. كان يسيّر مواكب عزاء مختلفة. وفي ذلك الوقت كان معروفاً عند البعض انّه كان يحضر في الحسينيات والتكايا المقامة في طهران في شهر المحرم. البعض كان يقول إنّه يذهب سيراً على الاقدام لجميع التكايا في ليالي المحرم. يذهب إلى التكايا تدريجياً ليثبت أركان قدرته. جاء بسلاح الدين حتى أستقرت أسس سلطته. وعندما توطدت بدأ بمهمته. وأهم ما كان يجب أن يقوم به هو تدمير علماء الدين. بدأوا بتوجيه الضربات إلى علماء الدين، وكرسوا إعلامهم لهذا الأمر، جن- دوا الأجهزة ضدهم، إلى درجة ان شريحة العوام انقلبت عليهم، وصدّت عنهم. فالسوّاق إما كانوا لا يقلّون علماء الدين، أو ان اقلّوهم أهانوهم. أنا كنت راكباً في سيارة، وكان فيها شيخ أيضاً، فنفد البنزين من السيارة في وسط الطريق، فقال السائق: إن هذا الأمر بسبب الشيخ، لأن هذا الشيخ كان موجوداً توقّفت السيارة. البنزين نفد، فكان يضع التقصير على عاتق الشيخ! قال أحد أصدقائنا: كنت في أراك، وأردت المجي‏ء إلى قم، فذهبت، قال لي السائق: تعاهدنا على ان لا نقل فئتين هما المومسات والمعممين! بدأوا بممارسة الضغوط من جميع الجهات، منعوهم صعود المنابر، وفي الحقيقة أزالوا جميع المجالس. بدأوا بتجنيدهم، بدأوا بنزع عمّائمهم، إلى درجة أننا كنّا نذهب لما نريد قبل طلوع الشمس في كلّ وقت تخلو فيه الشوارع. الأصدقاء وعدّة افراد كانوا يأتون واحداً واحداً. وكنا هنالك لا نستطيع الخروج لأنّهم كانوا يتعرضون لنا. كان لي درس في يوم من الأيام، فجاء أحدهم مع جماعة، قلت: أين اصدقاؤك؟ قال: انهم يذهبون إلى البساتين قبل شروق الشمس، لأن العملاء كانوا يأتون إلى المدارس ويفتشون عن المعمّمين ويعتقلونهم. لماذا كانت هذه الأعمال؟ لانّهم كانوا يعرفون مدى تأثير هذه الشريحة. وان كانوا يقولون حسب توهماتهم بأن هذه الشريحة هي تمثل الإسلام والناس يهتمون بأمرهم. إن امتلك هؤلاء قوة، فإنّهم لا يسمحون بحدوث هذه الأمور، الأعمال التي كانوا يريدونها، لا يسمح علماء الدين بحدوثها، ولذلك كانوا يمارسون الضغوط عليهم.

مخططات لإفساد جيل الشباب‏

كانوا يقومون بعمل آخر، الأعمال كانت كثيرة، أي المخططات كانت كثيرة، وهو فتح الأبواب للشباب لإفسادهم. في جميع المدن خاصة طهران التي كانت تحت الانظار من كل جانب تلك الأمكنة التي إذا ذهب إليها الشاب فسد، أبوابها مفتوحة لهم. الإعلام أيضاً كان يُمطرهم من كل جانب. دور السينما كانت كما كنتم تسمعون. محلّات وأماكن الفساد كما كان ينقل عنها. حتى إن مراكز بيع الكحول كانت اكثر من‏ المكتبات. كانت اكثر من محلات بيع الكتب. كانوا يقولون: بين طهران وشميرانات افتتحوا الكثير من مراكز الفساد والفحشاء. الشبّان كان من المؤمّل أن يقوموا بأعمال، وكن- ا نعقد عليهم الأمل بأن يقدموا خدمات إلى بلادهم، كانوا يحاولون جرّهم إلى مراكز الفساد لأن باستطاعتهم تقديم خدمات للبلاد ولكي يجعلوا من الشباب اناساً لا أباليين. حتى وصل الدور إلى هذا الأخير (محمد رضا بهلوي) وكان هذا يسعى أكثر من أبيه. كانت مخططات هذا اكثر. أقصد المخططات التي قدّموها له. الهيروئين بهذه الكثرة، حتى ابتلي شعبنا به وهو مستمر حتى الآن. إنّ توسُّع رقعة هذا الأمر على هذا المستوى لم يكن وليد الصدفة. كان هذا مشروعاً ومخططاً. لأن الشاب الذي يصبح مدمناً على الهيروئين (المخدرات) يفقد كل شي‏ء، فهو قوة فعالة، وعندما تبتلى هذه القوة الفعالة بالهيروئين، تبتلى بالادمان على المشروبات الكحولية، يتعود الذهاب للسينما.، للسينما الكذائية، يتعود الذهاب لمراكز الفساد التي أوجدوها كي لا يستفيق الجيل الصاعد الذي يشكل أمل مستقبل البلاد، لكي يسلبوه جميع ما يملكه، فإن هذا الشخص سيصبح لا أبالياً، المدمن هو كذلك. مدمن الترياق هو كذلك، مدمن كحولات، هو كذلك، الذي يتعود ارتياد مراكز الفحشاء هو كذلك، فإن فعلوا به أي شي‏ء وقاموا بأي أمر لا يستطيع القيام وعمل أي شي‏ء. انهم كانوا يريدون أن يكون بلدنا كذلك، وينوون تدمير شبابنا، ليصبح لا أبالياً، وينهبوا كل ما هو هنا، ولا ينتبه هؤلاء الشباب إلى ذلك. في كل مكان قاموا بمؤامرة مختلفة، لكي لا يسمحوا بأن يتيقظ هذا البلد.

الثورة العامّة والعناية الإلهية


شاء الله أن يساعد هذا البلد بيقظة شعبه. الله هو الذي أيقظ هذا الشعب. اهتمام الناس بتلك الأمور قلَّ شيئاً فشيئاً. أولئك الشباب الذين كانوا لا يولون هذه الأمور أهمية أنعم الله بعنايته، فبدأوا بالاهتمام بالأمر إلى درجة أن الشباب الذين كان يجب أن يهتموا مثلًا بشؤونهم ورغباتهم الشبابية دخلوا ساحة الثورة. نزلوا إلى الشارع، وقاموا بنشاطات واسعة، وقدّموا الخدمات للإسلام. وهذا النصر الذي كان من نصيبنا ونصيب الشعب إنّما حصلنا عليه بهذا التغيير الذي حدث للشعب بإرادة الله تبارك وتعالى التغيير الذي حدث لشعب كان لا يولي هذه القضايا أهمية، أولئك الذين كان لهم باع في الشؤون السياسية لا يهتمون بالدين، إلى جانب أنّ القضايا السياسية كانت تتم تسويتها وفق المصالح. فعندما كانت راية واشنطن خفاقة كانوا يتحدثون لصالح أمريكا، واليوم الذي كانت راية بريطانيا- على سبيل المثال- خفاقة كانوا يتحدّثون بمصالحها. وفي اليوم الذي تكون راية الإسلام خفاقة يتكلمون لمصلحة الإسلام. إنّ مثل هؤلاء ليس لديهم مبادئ. انّهم كذلك، ليس‏ لديهم مبادئ لكي يعملوا على أساسها. ومثل هذه الشريحة التي كان من الممكن أن تستفيق منها، كانت أوضاعهم كما ذكرنا. والشرائح الأخرى أيضاً كانت مشغولة كل بعملها. الكاسب كان مشغولًا بكسبه، الفلاح كان مشغولًا بالزراعة. إن نهبوا كل ما يملكون فانّهم يقولون ماذا باستطاعتنا أن نفعل لا يمكننا فعل شي‏ء. الغالبية أيضاً كانت لا تهتم بهذه الأمور.

لقد امتدّت يد الله إلى هذا الشعب، فنقلته من حالة الرخاء والتقاعس والجهالة وتسليحه بحالة من اليقظة والوعي ولا يمكن حدوث مثل هذا الأمر دون أن تكون القوة الإلهية هي الدافع لذلك. لو ذهبت لأي مكان، لرأيت أنهم يريدون مطلباً واحداً وهو الجمهورية الإسلامية، لا شرقية ولا غربية، جمهورية إسلامية، الحرية، الأستقلال، الجمهورية الإسلامية. إنّ هذه المسألة لم يستطع أحد أو عشرة أو المئات تحقيقها. كانت مسألة إلهية وتحققت. حتى اصبحت أصوات جميع شرائح الشعب صوتاً واحداً. وبذلك الصوت الواحد تقدموا للأمام. فما دمنا نحافظ على هذه الثورة، ونصونها فإننا منتصرون ونحن نأمل أن تتم المحافظة عليها.

إنقاذ سفينة الثورة، واجب عام‏

انتبهوا هذا اليوم هو ليس اليوم الذي يجب أن نهتم نحن وأنتم وشعبنا والجميع بشؤونهم وأمورهم الشخصية. فاليوم الذي يتعرض فيه الإسلام إلى مشكلة، اليوم الذي تصيب البلاد مشكلة، ان يكون في خطر قيام الفاسدين بانتشار الفساد وابتلاع البلاد، وتحويلها إلى شي‏ء آخر لكي نفقد كل ما نملك، مثل هذا اليوم ليس اليوم الذي يجب أن نقعد، ونقول بأن راتبي قليل، بيتي هو كذلك، انّ اليوم هو ليس مناسباً لذلك.
اليوم هو اليوم الذي يجب علينا فيه إنقاذ هذه السفينة التي تواجه امواجاً عاتية وخطيرة من جميع الجهات، يجب علينا أن لا نقعد الآن مثل السفينة نفسها. فلو واجهت الغرق وفيها عدد من الناس هل يجلس هؤلاء، ويقولون: كيف هو بيتنا؟ لا يقعد أحد منهم. الجميع يُهرعون لإنقاذ السفينة. وفي وقت ما تتعرض البلاد إلى مشكلة مثل المشكلة التي تواجهها بلادنا اليوم، فهي بإزاء قوة تهيمن وتسيطر على الإعلام العالمي. ومعها كل الدول إلا النادر منها. في مثل هذه الظروف يجب أن لا يفكّر شعبنا بانني اليوم اذهب إلى الدائرة ما هو منصبي فيها؟ كيف يجب أن تكون الثقافة، فمثل هذه الأمور يجب طرحها عندما تكون الأوضاع هادئة.

الخلافات الاستعمارية القومية - القبلية

اليوم هو اليوم الذي يجب ان نضع كل شي‏ء شخصي، كل شي‏ء خاص بدائرتنا جانباً، فنظرة واحدة، التفاتة واحدة، والإلتفاتة هي أن ندحر العدوّ ونجبره على الأنسحاب وأنتم أهل لذلك. إن شاء شعب أن يفعل شيئاً، فليس بالإمكان العمل خلافاً لذلك. إن الله معه، يد الله مع الجماعة، انّ المجموعة التي انتفضت في سبيل الله، وذلّلت الصعاب، وتقدمت بكلمة الله اكبر مثل هذه الجماعة لا يمكن فرض شي‏ء عليها.
سبب فرض بعض الأمور على الشعوب يعود إلى أن كل شخص كان منشغلًا بأعماله وأموره الخاصة. وهؤلاء أيضاً كانوا يبثّون الخلاف بينهم. ويشكلون أحزاباً مختلفة كل منها عدو للآخر. الخلاف كان يدب بين جميع شرائح المجتمع، فهذا تركي، وذاك كردي، وذلك سيستانيّ، وهؤلاء بلوش، وأولئك فرس، حتى في مدينة واحدة كانت هذه لمحلّة المحلة تلك لا تتذكرون أنتم ذلك. المنطقة الفلانية لها خلاف مع المنطقة الفلانية وإن جاء أحد من تلك المنطقة إلى هنا. فإنه يتعرض إلى الضرب ويعود. مثل هذه الأمور كان مخططاً لها، لكي لا يجتمع الشعب، لكي لا يسمحوا باجتماع وتوجّه مجموعة إلى نقطة ما، فهم يعلمون أنّه إذا حصل الوعي، وقويت الفِطنة، فإنّ الاختلافات الممكنة النشوء لا تنشأ. يحصل عندما تنشأ الخلافات بين الجميع.

الاتحاد في سبيل الإسلام‏


شاء الله أن يتّحد شعبنا، ويصبح صوتاً واحداً برغم جميع الدسائس. والصوت لم يكن كما هو للعالم. فالأساس لم يكن يتمحور على أن لديّ مشكلات. إن هؤلاء الناس نزلوا إلى الشوارع وصعدوا السطوح كل مكان. والجميع يهتفون ذلك اليوم يريدون أن يذهب هذا الشخص، هذه السلالة، بل الملكية، ويأتي الإسلام. وباعتقادنا هذا سر انتصارنا. وبعد النصر، التفت الأعداء إلى هذه النقطة، وحاكوا عليها الدسائس. لأنهم علموا بأنّ الضربة جاءتهم من هنا. فقد نزلت بهم الضربة من جانب الإسلام، فقاموا بِحبك الدسائس عليه، واشتغلوا بالأباطيل مثل (الجمهورية الإسلامية لا لزوم لها، وحسبنا الجمهورية ولا داعي لكونها إسلامية)، وهكذا، ومازالت أصواتهم ترتفع بهذه الإيهامات. فعلى شعبنا الالتفات إلى أن الذي مكّنهم من التقدم إلى الأمام، وأجبر العدوّ على التقهقر وساعدهم على لمّ شتاتهم كان الأقبال على الله ووحدة الكلمة. ما دمتم مقبلين نحو الله ولا تفكرون بنوع الطنافس والوسائد وسعة البيت، فأنتم في عزّة وسداد، وإن تغيّر هذا الأمر فإن الخلافات ستبدأ. ومتى‏ بدأ الإنسان بالاهتمام بنوع العمل والوضع المعيشي، وأثره على التقرَّب إلى الله، فإنّ هذه الأمور ستؤدّي إلى نشوب الخلافات.

فاليوم ليس لهذه الشؤون اهمية، وإنّما هو للأخذ بالوئام، ونبذ الخلاف بيننا، والتمسّك بتلك الأمور والأشياء التي تساعد على اتّحادنا ولمّ شملنا، وتعود بالفائدة على مصالحنا.

بذل الجهود لقطع سلاسل التبعية

انتم تعرفون أنهم يهدّدونا حالياً بالحظر الاقتصادي، فيجب أن نُخطِّط لهذا الأمر، والعمل هو أن يقوم الفلاحون بفلاحتهم، ويشتغلوا بالزراعة. والذين يثيرون الفوضى ولا يسمحون أن تأخذ الأمور مجراها في القطاع الزراعي يجب أن يذهبوا، إذ يحولون دون قيام المزارعين بأعمالهم بأسماء وذرائع مختلفة. على الناس أن يقضوا على هؤلاء بأنفسهم مساعدةً لقوى الشرطة. يجب على الناس أن يقوموا بزراعتهم براحة البال، حت- ى اذا- لا سمح الله- وقفوا في وجوهنا، لا نحتاج إلى الخارج، لأنه لو احتجنا إلى الخارج لعادت الأمور كما كانت سابقاً، يقال: إن الجوع لا يعرف الإيمان، ولو فعل هؤلاء- لا سمح الله- أمراً ما استدعى حاجتنا لشراء الحنطة من الخارج، فإن هذه الحاجة ستكون أحد اسباب التبعية التي هي بالتالي ستؤدي إلى التبعية السياسية، وبعد ذلك التبعية الثقافية، ثم التبعية العسكرية. وسوف نفقد كل ما نملك. في مثل هذه الظروف لا يجب إثارة الخلافات. لا يجب أن يقول أحد: أنا من الحزب الفلاني، ويقول الآخر: أنا من الحزب الفلاني. لا يجب أن تنشأ مثل هذه الأحزاب. إن تم تشكيل مائتي حزب، ووجدت مثل هذه الجمعيات، يجب أن تجتمع جميعها لإنقاذ هذا البلد الذي يريدون أن يعيشوا فيه. وسبيل النجاة هو من الناحية الاقتصادية أن يقوم كل شخص، بعملٍ كان يؤديه على أفضل وجه، لكي تتحسن الجنبة الاقتصادية. يجب عليهم إعادة تأهيل المصانع، والشركات الخصوصية، الكبيرة والصغيرة. على العاملين في الشركات أن يعلموا أنّ هؤلاء الذين يأتون لإثارة الشغب في المصانع هم عقبة أمامهم في طريق التقدّم، ولا يريدون أن تتحسّن الأوضاع في هذا البلد. فقفوا في وجوههم (تصدّوا لهم). وعلى المزارعين أن يفعلوا هذا الفعل بمثير الشغب، وهذا واجب كلّ إنسان في كلّ موقع. ويجب أن يؤدي عمله جيداً.

الرسالة الجسيمة للمثقفين‏

الذين ينشطون في الحقل الثقافي يتحمّلون عب‏ء مسؤولية عظيمة وهي التربية، تربية الشباب، تربية الأطفال فلو تمّت تربية الأطفال بصورة صحيحة، وربّاهم المعلمون تربية واعيةً، لتمّ إنقاذ بلادنا في المستقبل. اننا نفتقر إلى أدمغة متفكّرة نزيهة، الأدمغة كثيرة، لكنها غير نزيهة، يجب أن نبذل قصارى جهدنا لكي نربّي هذه الأدمغة الصغيرة بصورة نزيهة، لكي تتمكنوا من الدفاع عن بلدكم في المستقبل.
فمستقبل بلادكم في يد هؤلاء الأطفال الذين يجب أن يتسلّموا الأمر بعدكم. فلو نال هؤلاء منذ الآن تربية صحيحة، فإنهم سيصونون البلاد فيما بعد.

يجب أن يكون اهتمامنا الأول والاخر الآن هو إقصاء العدوّ من الساحة. وبعد ذلك نبدأ ببناء كل شي‏ء من جديد، طبعاً لا أقول أن لا نفعل الآن، حالياً أيضاً يجب أن نقوم بالبناء، إنّنا الآن بحاجة للزراعة، تجب تمنية القطّاع الزراعي. يجب أن لا نجلس ونحن بحاجة إلى الذهاب لأعدائنا لسدّ احتياجاتنا، نمد أيدينا إلى الأعداء لكي نأخذ منهم شيئاً يساعدنا على الاستمرار في حياتنا.

الاكتفاء الذاتي, السبيل الوحيد للاستقلال والحرية

علينا أن نحقّق الاكتفاء الذاتي باستثمار الأراضي التي منّ الله بها علينا، لأن لدينا بلاداً كبيرة وواسعة. يقولون: إنّ مئة وخمسين مليون نسمة بإمكانهم العيش هنا لو تمّت إدارتها على أسس صحيحة، وبامكاننا تهيئة أفضل حياة لشعبنا، لكنّ الأعداء لا يريدون، ولا يسمحون به. فنهر كارون من هنا حتى مصبّه في شط العرب، كان ماؤه يذهب هدراً باستمرار. في وقت ما مررتُ من هناك، وشاهدت الصحراء والأراضي الخصبة غير مزروعة فلو استثمرت تلك المياه لهذه الأراضي وإعمارها، لكان بالامكان تأمين طعام مئة مليون نسمة منها، فكيف لو أريد استثمارها لخمسة وثلاثين مليون نسمة؟ يجب أن لا نطلب تأمين حاجتنا إلّا من الله. يجب ألّا نستعين بأعدائنا على قضاء حوائجنا، ولكي لا نحتاج إلى أعدائنا، لا بُدّ لنا من الجدّ والاجتهاد وتضافر الجهود لتستقيم الحياة لهذا الشعب الذي استفاق بحمد الله ليشدّ عزيمته، ويطرد هذه الشريحة الفاسدة التي تحول دون بلوغ مآربه السامية. لِيُولّوهم ظهروهم، ليمنّ الله على جميعكم بالسلامة إن شاء الله. والسيد (المقصود سيد طه هاشمي) الذي كن- ا سنوات عدّة معه، كنا في خدمته، والآن أيضاً فإن من المقرر أن يؤُمّ هو صلاة الجمعة في هذه المنطقة. ونأمل أن ينهل أهالي المنطقة منه، ويستفيدوا من خطبه، كما نأمل أن تكون خطبه مفيدة، ليحفظكم الله جميعاً إن شاء الله.


* صحيفة الإمام، ج11، ص:314

2011-05-21