يتم التحميل...

الموضوع: مسؤولية العلماء في الصراع بين الإسلام والكفر

خطاب

الحاضرون: علماء ارومية

عدد الزوار: 75

التاريخ 10 دي 1358 هـ. ش/ 11 صفر 1400 هـ. ق‏
المكان: قم‏
الحاضرون: علماء ارومية

‏‏‏بسم الله الرحمن الرحيم

مخاطر الهزيمة والإساءة إلى المعتقد

التاريخ الإسلامي بين أيدينا، ففي إحدى حروب النبي- صلّى الله عليه وآله وسلم - لم يحالفه النصر. وحين كان في مكة كان منزوياً دون أن يستطيع عمل شي‏ء ما. وربّما كان محبوساً في الغار. أجل كان محبوساً في الغار، وفي المدينة برغم تمكّنه من تحقيق الإسلام أخفق في بعض الحروب.

الإمام علي- سلام الله عليه- كذلك أخفق في حرب معاوية. أي: هُزم من جيشه، هُزِم من عدّة جهلة متظاهرين بالقدسية.

سيّد الشهداء كذلك هُزم وقُتل، لكن النصر النهائي كان من نصيبهم. لم تُهزم معتقداتهم بموتهم، بل دحروا أعداءهم للوراء. هُزموا معاوية وجهاز معاوية الذي أراد تحويل الإسلام إلى إمبراطورية استعادة لزمان الجاهلية، والوضع الجاهلي. لقد دُفن يزيد وأتباعه إلى الأبد، ولحقتهم لعنات البشر إلى الأبد، ولحقتهم اللعنة الإلهية، وبقي (الأئمة) في القلوب، ونحن إذا هُزمنا هكذا فخر لنا. ولا ضير إذا هُزمنا كما هُزم مجاهدو الصدر الأول للإسلام. فنهضتنا تسير قدماً ويبقى شرف الإسلام محفوظاً وإلى الأبد يبقى محفوظاً.

أمّا إذا تبجحنا بأنها ثورة إسلامية وجمهورية إسلامية، ونهزم في هذه الجمهورية الإسلامية، أي: مُعتقدنا يُهزم، فيقال استُبدلت حكومة طاغوتية بأخرى طاغوتية (فهذا هو مكمن الخطر)فإن أعداءنا لا يقتصر نقدُهم- مثلًا- على أنّ اللجنة الثورية المعيّنة قد خالفت القانون، أو المحكمة الفلانية قد خالفت، هم يأخذون على الملالي بهذا، بل يقولون: إن رجال الدين هكذا، فهم يختلفون مع الإسلام. يتهمون الإسلام بأنه مخالف للقانون، فيعتبرون الإسلام كالحكومات الباقية.

ذنب لا يغتفر وعار أبدي‏

ليست القضية أن أهُزم أنا، أو تُهزم أنت، فيقولون: هُزم زيدٌ، عبيد. ولا هي أن خالفت انا القانون، فيقولون: فلان ارتكب أمراً مخالفاً. ليس الأمر هكذا.

فهم يسحبون الأمر من المرء إلى انتمائه ومن انتمائه إلى الهدف. هم عدوّ محض للإسلام ولذا لا تكف أقلامهم عن النيل منه. ويحاولون أن يُنخرونا من الداخل، ويهدموا كياننا من الداخل ولا يضّرنا لو وجّهت لنا الضربة ومعتقداتنا محفوظة، وإنما هم يستهدفون معتقداتنا.

إنها مسؤولية ثقلية وخطيرة، فاذا ارتكب احدنا خطأ- لا سمح الله- في مجال ما، كما لو ارتكب إمام جماعة عملًا ما لغرض شخصي أو ارتكب فرد في اللجان الثورية عمداً عملًا يضع به الحجّة بيد أعدائنا ليوجهوا اقلامهم إلى ما هو أساسي لنا، وهو إسلامنا، فقد ارتكبنا ذنباً لا يغفر.

الذنب الذي يُغفره الله هو أن يضرّ الإنسان بنفسه، فربّما يتلوث فرد أو تتلوث مجموعة برجس الذنوب، اما أن يُعمد إلى المساس بالإسلام، والتلاعب بأساسياته، فهذا ما لا يُغفر لنا، وهو عار علينا وعلى علماء الدين، ولا يمكن جبر كسر مثل هذا.

مواجهة الإسلام للكفر والمسؤولية الجسيمة للعلماء

إن الواجب الملقى على علماء الدين اليوم أثقل من أي يوم مضى منذ صدر الإسلام لليوم، إذ لم يواجه أهل العلم موقف مثل هذا. إنه كاليوم الذي مَرّ بالإمام علي- سلام الله عليه- في معركة الخندق التي قال فيها الرسول: برز الإسلام كلّه للكفر كلّه، هذا الموقف واجه الأمير، ومسؤولية هكذا ألقيت على الأمير، فلو برز الضعف عليه- بفرض المحال- لم يُغفر له إلى الأبد، لكنه ليس أهل ضعف، فقد اجتاز الامتحان. فضربة واحدة منه ذلك اليوم تعدل عبادة الثقلين. ونحن اليوم في مثل تلك الحال إذ ينازل الإسلام الكفر كلّه. لا أنا ولا أنت نقابل الكفر فكلانا غير مقصود، ولا الشعب الإيراني. وانّما الإسلام هو المقصود، فهو ينازل الكفر، وكلّنا مسؤولون، جميع الشعب مسؤول. والمسؤولية الكبرى بعهدة علماء الدين. لأنهم هم الخط الأول للحراسة. وهم مسؤولون أكثر من غيرهم. ربّما على سبيل المثال نعتبر الكسبة قاصرين، لكنّ أهل العلم يقل القصور بينهم ولذا تزداد مسؤوليتهم.

يجب أن تفكروا الآن بأداء المسؤولية التي بعهدتنا. لا أعني أنتم أيّها السادة من ارومية ولا آذربيجان ولا طهران ولا قم، بل اعني جميع علماء إيران، هذه المسؤولية بعهدة الجميع، جميع الشعب، وثقلها الأكبر على العلماء.

زلّة العلماء، خطر كبير يهدّد الإسلام‏

على العلماء أن يفكّروا، أن يحاسبوا أنفسهم. فأوّل منازل السير المحاسبة، فحين يختلي الإنسان، بينه وبين ربِّه عليه أن يحاسب نفسه على ما صنعه في هذا الطريق الذي سلكه اليوم.

حاسبوا أنفسكم، علينا أن نحاسب أنفسنا جميعاً، كل الشعب، جميع المسلمين وعلى رأسهم العلماء. فالمسؤولية التي بعهدتهم أكثر من مسؤولية الآخرين. فإذا لا سامح الله توجّه العلماء وجهة غير إلهية عاد ذلك على الإسلام نفسه. حاولوا أن تتصرّفوا تصرّفاً يجعلنا أهلًا لتحمل المسؤولية. أدعو الله أن يصوننا عن الزلل، اطلبوا لأنفسكم ولجميع الشعب، وعلى الشعب أن يدعو لنفسه، وأن يدعو للعلماء ألا يزلوا، فبزللهم يكون الإسلام في خطر. فالجميع مسؤول، والجميع مكّلف (كلكم راع وكلكم مسؤول) هذا يخصّ الجميع. ولكنه يخصّكم (رجال الدين) أكثر فعليكم أن تتحفظوا أكثر في أداء هذه المسؤولية الجسيمة وهي الإسلام، فاحتاطوا كلّ الاحتياط، واهتموا بالشعب اهتماماً يحملكم على تربيته وتزكيته، لينهض بمسؤوليته نهوضاً حسنا، فجميعنا مسؤول، نحن وهم، وكلّما ازدادت مساحة عملكم ازدادت مسؤوليتكم.

المسؤولية الثقيلة في المرحلة التاريخية الحسّاسة

أدعو الله أن نتمكّن وتتمكّنوا ويتمكّن الشعب من تحمل المسؤولية الكبيرة التي بعهدته، ليُحفظ ماء وجهنا عند الله. يجب أن يُحفظ ماء وجهنا بين الناس، فإن لم يتحقق هذا، فلا بدّ أن نحفظ ماء وجهنا عند الله. فنحن راحلون أيّها السادة! إنها قضية واضحة. جميعنا سيرحل. الجميع في رحيل، إننا جميعاً في حركة، أنا أقرب منكم للرحيل وأنتم، ولأنكم أقل عمراً، سترحلون بعدي وليس هذا يقيناً. فالموت لا يعرف فرقاً بين المسنّ والشاب، فلكلّ أجل معين، والجميع راحلون.

ابذلوا سعيكم كي يعاملكم ملك الموت حين يأتيكم برحمة. ليأخذكم أخذاً حسناً. اسعوا لئلا يُغلق باب الرحمة بوجهكم ويُفتح باب الغضب. أدعو الله أن لا يحدث ذلك. احذروا في هذا الوقت الحسّاس من كل خطوة تخطونها، فوقتنا حسّاس للجميع وللعلماء ولجميع المفكّرين ولكل الشعب، احذروا الفرقة والتكّتل، ألا يعمل كلٌ لنفسه، فالله موجود، لا تغفلوا عنه، فهو حاضر، والجميع تحت مراقبته (والله من ورائهم محيط) 1.

انه يعلم حتى خطرات قلبكم، يحيط بها، وهو في هذه اللحظات يراقب نظراتكم. وما يجري على ألسنتكم. فاحذروه والدنيا زائلة، وحسابكم لدى من يراقب كل شي‏ء فيكم. والأمر ليس معصية متعلقة بمرتكبها، فيسترها الله عليه، وإنّما هو حاضرُ هذا الدّين ومستقبله، وخطورة الأمر في أن الزمان ليس زمان الطاغوت، ففي زمان الطاغوت إذا أخطأ امرؤ، شيخ أو غيره، كانوا يقولون: إنه طاغوتي، أو كانوا يقولون- في آخر الأمر- إنه من اعضاء السافاك. ولم يصل الأمر إلى أن يقولوا: أهذا ما كان يدعو إليه علماء الدين ويحرّضون الناس عليه؟ لقد تبيّن كذب ما يقولونه.

العالمُ بين الماضي والحاضر

لقد كان علماء الدين في ذلك العهد مظلومين، وصورة المظلوم محبوبة في النظام السابق كلّما كانت ظلامتك كبيرة كنت أكثر محبّة لدى الناس. أمّا اليوم، فصورتك ليست صورة المظلوم لتكون محبوباً، الصورة اليوم هي أنّكم كالحكام الذين سبقوكم توّاً، وتركوا السلطة بأيديكم. يرونكم كالسابقين، حتى الذين ليس لهم ارتباط بالعمل الذي أعمله أنا أو تعملونه أنتم يعرّضون للسهام التي توجّه إلينا. فنحن نتحمّل مسؤولية الإسلام ومسؤولية المسلمين ومسؤولية علماء الدين وكل شي‏ء. كلّنا مسؤول، وكلّ من كانت علاقاته أوسع كانت مسؤوليته أكبر. حاولوا أن تظهروا صورة حسنة للإسلام الذي تمثلونه الآن إلى الأجيال القادمة، ولا تقدّموا له صورة مشوّهة. فالإسلام ناصع، وإنّما نحن نكدره.

خطر تشويه السمعة بالنسبة للإسلام‏

إذا أخفقت نهضتنا اليوم- لا سمح الله- أخفقنا أبداً. كنا في زمن ما نقول: إن وجود الطاغوت يمنعنا، وإذا شاء الله، وقامت الحكومة الإسلامية، ستتحسن الأوضاع إن شاء الله، كان هذا كلامنا. ما أراده الشعب حصل، وهو الإسلام، وإذا فقدناه- لا سمح الله- بانحرافنا وانحراف الأطياف المختلفة والأحزاب، خسرنا أعظم الخسران. وإذا غلبنا حزب أو جماعة- لا سمح الله- وجعلونا نتنازع، كان الخسران كبيراً أيضاً، لأن هذا النزاع يشوه صورة الإسلام في نظر العالم، وسيُقال عنا: هؤلاء أصحاب دنيا. فالاقلام بأيديهم وجميع الأشياء ووسائل الإعلام لديهم، ونحن شعب ضعيف، ولا نملك غير سلاح الإيمان. والإعلام كلّه بأيديهم. ونحن لا نملك وسيلة إعلامية. فالحذر من أن نكون طعمة لإعلامهم، ويعلنوا لكل العالم أن الإسلام هو هذا الذي في إيران.

لاحظوا الناس في كل مكان يقولون عن الدول التي تدّعي بالإسلام: إنّها تمثّل الإسلام، وهذا أمر واقعي. ونحن الذين ندّعي وجميعنا يدّعي - وادّعاؤنا صحيح - أن الإسلام ليس هذا الذي تمثّله تلك الدول، الإسلام هو الإسلام الذي حكومته حكومة خاصة، ونظامه نظام يختلف عن أنظمة العالم، ففيه عدل وإنصاف، لأنّه حكومة الله، ونحن الذين نقول هذا الكلام - وكلامنا صحيح- إذا اختلفت أعمالنا عن أقوالنا (سيصيب الإسلام الضرر). أليس هذا نفاقاً؟ في صدر الإسلام كانت مجموعة من المنافقين كلامهم يخالف عملهم ينسبون أنفسهم للإسلام، وهم ليسوا بمسلمين.

الإسلام أمانة بيد العلماء

نحن علماء الدين ندّعي بالإسلام، لكن قبل كل شي‏ء يجب أن نبذل من أنفسنا، ونحذر من الّادعاء بالحق بلا حجّة، ونسبة الباطل الآخرين. نحن الذين ندّعي بأننا نتولّى نشر الإسلام، ونريد تقويته نرغب في الإسلام وإقامة أحكامه، يجب أن ننشره. نحن الذين ندّعي هذه الدعوى العظيمة ونظهر بمظهر الملتزم بالإسلام المعتقد بجميع أصوله السائر بسيرة المتقي الصالح. إذا كنا خلاف ذلك - لا سمح الله - كنا منافقين، كما كان أبو سفيان منافقاً، نحن كذلك نُصبح منافقين. فقد كان ذاك يعلن الإيمان ولا يعتقده وأنتم أيضاً تتظاهرون بكمال الإيمان.

نقول نحن مسلمون، لكننا منافقون. هذا المسلم منافق في أمور أخرى. ليس كل هذا مهمّاً. المهم هو أن الإسلام الآن بيدنا، وهو أمانة الله التي يجب أن نوصلها للأجيال كما هي، وذلك بعرض الإسلام للعالم كما هو الإسلام من غير تحوير ولا تغيير يبدّل جوهره ولا فرق في هذا بين طالب علوم الدين والتلميذ الذي يدخل المدرسة تواً، بينكم أنتم العلماء في المساجد أو الآخرين. لا فرق بين هؤلاء. الفرق أنكم أيها السادة لعلوّ مقامكم مسؤوليتكم أكبر من مسؤولية طالب علم مثلي، مع أنّ الجميع مسؤولون. الفرق في زيادة المسؤولية وقلّتها، ويختلف تأثير الكلام بأختلاف النفوس، فلا تفعلوا شيئاً يعاتبنا الإسلام عليه، ويعاتبنا القرآن عليه، أيّها السادة كنتم تقولون نحن ننشر القرآن ونبيّن أحكامه، فلمَ تفعلون ما يُظهر الإسلام للناس بغير وجهه الحقيقي، وسبق لكم أن فعلتم هذا أيضاً.

الجميع معرّضون للنفاق‏

احذروا كثيراً. ففي المناصب خطر، وإن عمامة الرأس خطر. وإن اللحية خطر، فاحترزوا من هذه المخاطر، احفظوا أنفسكم. وهكذا الجميع لا فرق بين العباد، وليس الإسلام منحصراً بأهل العلم، وإنما هو للجميع. أمانة وضعها الله في أعناقنا جميعاً. فإذا كنت حارساً، مثلًا في موضع ما جعلوك حارساً للإسلام، لا حارساً للطاغوت، إنّك حارس‏ للإسلام. وإذا فعل حارس الإسلام شيئاً، يُقال: هؤلاء مثل السابقين، وبين الناس الضعيفي الإيمان من يقول: ليت تلك لم تحصل- أي: الثورة الإسلامية- لأننا نعاني مسؤولين أسوأ من السابقين، وإن لم يصدقوا في كلامهم، لكن هذا ما يُقال. والشياطين تشحن هؤلاء، فتحدث مثل هذه الأمور.

هذه ليست مسألة تخصني أو تخص فلانا، بل هي عامّة للشعب الذي أعطى الإسلام رأيه. أعطى الجمهورية الإسلامية رأيه. وفي الوقت الذي وافق هذا الشعب أن يكون نظامه نظاماً إسلامياً، يعمل الحارس ما يخالف الإسلام، ويعمل الكاسب ما يخالف الإسلام.

هذا النظام للجميع، فيجب أن ينضوي جميع الشعب تحت لوائه، وعمل الكاسب وسواه ما يخالف النظام الذي وضعه الإسلام يزعج الجميع.

تدّعون أنكم قبلتم الإسلام، وتقولون: حكومتنا حكومة إسلامية، تحوّلنا من الطاغوت إلى النور، إلى الله، خرجنا من حكومة الشيطان، ودخلنا حكومة الرحمن، فعليكم الاجتهاد في ترجمة ما تدّعون وما تقولون بمعاملة صالحة. وإذا أعاد المدّعون بأنّ الشعب انتخبهم ما كان يفعل زمن الطاغوت، فهم منافقون في ادّعائهم.

ضرورة التغيير الداخلي‏

يجب تغيير الأعمال. يجب إيجاد التغيير. يجب أن يتغير الشعب كله. لا أن نكتفي بأننا قمنا بثورة على الطاغوت. يجب أن تكون ثورة داخلية. يجب أن تتحوّل نفوسنا أيضاً. وإذا كانت نفوسنا إلى الآن تحت سيطرة الشيطان والطاغوت يجب أن نغيرها ونخرج من ربقة الشيطان إلى رحاب الرحمن.

أي أن نعمل على وفق القانون الإسلامي، فالربا مخالف للقانون الإسلامي. حرب مع الله كما جاء في القرآن الكريم (فأذنوا بحرب من الله) تعرضوا لحرب الله. هؤلاء يذهبون لحرب الله.

إذا بقي سوق المسلمين كما كان في زمن الطاغوت، فلا يمكن الادّعاء بأننا صوّتنا للحكومة الإسلامية. ما زلتم تحت سلطة الطاغوت، وهكذا جميع فئات الشعب.

الخلافات الداخلية أخطر من الهجوم العسكري الخارجي‏

هناك قضية تخص جميع الفئات، ونحن نخاطب أنفسنا أوّلًا، ثم الجميع. فالمسؤول الأول نحن ثم الآخرين جميعاً. فكّروا بمصلحة الإسلام، ولا تسمحوا أن توجه له ضربة من قبلنا نحن، توجه ضربة للإسلام. وإذا وجهت ضربة من قبل الأعداء لا أثر لهذه الضربة إذا اتحد الأصدقاء. اما إذا اختلفنا بيننا وتنازعنا فيما بيننا، وتصرف كلٌ منا بشكل يخرج من‏ النظم الإسلامية، يخرج من حكومة الإسلام. يخرج من طاعة الله، فسوف نتضرّر، ويمزقوننا من الداخل كي نُعرض للضرر. واليوم تظافرت جميع أفكار أولئك الذين نهبوا ممتلكات الشعب لهذا الغرض. لا تخافوا يوماً من التدخّل العسكري، لا تخافوا ابداً من تصريحاتهم بأنهم سيتدخلون عسكرياً. حتى حين يتدخلون عسكرياً ينفعنا تدخّلهم. وإذا قاطعونا اقتصادياً نزداد نشاطاً، ويكون التدخّل لمصلحتنا. لا تخافوا من المقاطعة الاقتصادية فإن الذي نخشاه هو العدوّ الذي تغلغل داخلنا، ويريد أن يفسدنا من الداخل، وهذا مبعث خوف أن نتنازع فألعنك- لا سمح الله- وأنت تلعنني، وفئات الشعب بصور شتّى، وأحزاب مختلفة، تجمّعات مختلفة (يواجهون بعضهم بعضاً)، يقولون: في غضون عدّة أشهر ظهرت مئتا جمعيّة مختلفة. إذا كانت هذه الجمعيات تتوجه وجهة واحدة، ويسير الكل لله، فلا بأس أن يسلك كلّ منها طريقاً، فهذا بقال وجهته لله، وذاك شيخ وجهته لله. وهذا شي‏ء حسن. أمّا الأحزاب التي ظهرت في ايران، والتجمّعات التي حصلت في هذه الأطراف، وكلّ يلعن صاحبه، فالجميع مختلفون فيما بينهم. أولئك يريدون هذا الشي‏ء أي كثرة الأحزاب المتعارضة، ليزيدوا الاختلافات الباعثة على التناحر والتدابر والمؤدّيين إلى هزيمة الجميع. هذا يجب أن يكون هكذا، وذلك يكون بالشكل الكذائي.

كل هذا مخطّط له، هذه الاحداث التي تتوالى علينا مخطط لها من قبل، وتنفذ على أيدينا لنختلف فيما بيننا، وهم يقطفون الثمار. أعاذنا الله هذه الاختلافات.

أيّدكم الله جميعاً ووفّقكم، وسلّمكم، وأشكر السادة الذين تلطّفوا وحضروا هذا البيت المتواضع.

* صحيفة الإمام، ج11، ص:395,389


1- سورة البروج، الآية 20.

2011-05-21