الموضوع: التحوّل الروحي والباطني لفئات الشعب في الثورة الإسلامية
خطاب
الحاضرون: منتسبو جهاد البناء في تبريز
عدد الزوار: 75
التاريخ 12 دي 1358 هـ. ش/ 13 صفر 1400 هـ. ق
المكان: قم
الحاضرون: منتسبو جهاد البناء في تبريز
بسم الله الرحمن الرحيم
أهمية التحوّل الباطني للشعب الإيراني
إن التحول الذي طرأ على شبابنا، وأبناء شعبنا الملتزمين أهمّ من التحوّل الذي حصل في البلاد، فالتحوّل الذي حصل في البلاد هو تحطيم الحاجز الشيطانيّ من قبل الشباب، وجميع الفئات، نساءً ورجالًا كباراً وصغاراً، حطّمتم الحاجز وأخرجتم الشياطين من حريم الإسلام، وهذا التحوّل وإن استُبدل النظام الطاغوتي بنظام إسلامي بجهود الجميع لا يرقى إلى الشيء الأهمّ، وهو الذي ركّز عليه الأجانب ويركّزون، وهو التحوّل في الإنسان، فقد أنفقوا وقتاً طويلًا في السعي المرير الذي اشتدّ في السنوات الأخيرة إلى تحويل الإنسان من طبعه وفطرته الإسلامية إلى حال آخر، وأرادوا منع طاقات البلاد، بل طاقات الشرق من التطور، بطرق مختلفة. في كل مكان باسلوب خاص وخطط خاصة عملوا لتفتيت قوى الشباب واستبدال قوتهم بضعف وفتور ولا أبالية. كرّسوا مراكز الفحشاء، وبلّغوا لها في الصحف والمجلّات، والراديو والتلفزيون، كل هذا لم يكن بلا تخطيط، لقد كانت مؤامرة بحسب الظاهر لجر الشباب إلى هذه المراكز، وسلبهم قواهم الفاعلة. تعلمون أن حالة الزهو التي في الشباب تجعلهم عرضة للوقوع في فخ مراكز الفساد. والتجربة اثبتت أن الذين اعتادوا هذه المراكز لا يمكنهم الرجوع عنها لذهاب قوتهم المؤثرة فيهم. والذين أدمنوا الهيروئين والترياق والمواد المخدرة والمشروبات الكحولية فانها تسلبهم قدراتهم.
عجز الشباب المبتلين بالفساد
إذا نظرتم إلى جهاد البناء الذي تشاركون فيه أنتم أيها الشباب، ترون مدمن الهيروئين لا يمكنه إنجاز عمل ما، فالذين يعملون هم غير المبتلين بالإدمان. فالذين أدمنوا الهيروئين يتصوّرون أنهم يقضون وقتاً باللهو والحقيقة هي انهم يفسدون الشباب بهذا الوباء.
والمدمنون لا ينخرطون في سلك جهاد البناء. والذين يعملون في هذا الجهاد من جميع الفئات، الاطباء، والمهندسين، والطلبة والكسبة، جميع الاقسام، العمال، الجميع شاركوا، وهؤلاء غير أولئك المدمنين. بالطبع في هذه النهضة أمر مهمّ كسبه الإسلام، وهو أن عدداً من الشباب قد هجر تلك المراكز وانضمّ إلى المجاهدين. بالأمس كانت هذه الطرق مركزاً لأمور معيّنة، واليوم لا وجود لها. والسبب هو أن النهضة إسلامية ولله، والله- تبارك وتعالى- تدخل في جميع المراحل، وفي مراحلها الأولية، فهزيمة اعدائكم كانت بتأييد الله. فكيف انتصرنا لولاه- سبحانه- ونحن لم نكن نملك سلاحاً ولم نعرف استعمال السلاح، وإذا كانت لدينا بندقية لا نعرف استعمالها، فلم نتلق علوماً عسكرية؟ والذين كانت لديهم معرفة كافية كانوا في بادئ الأمر مع الأعداء، وشعبنا كان لا علم له بالسلاح وبلا أسلحة، لكنه دخل المعركة بقوة الإيمان واستطاع أن ينتصر في الوهلة الأولى. وهذا لم يكن إلا بتأييد الله - تبارك وتعالى - وقوة الإسلام.
الجانب الغيبي في الثورة الايرانية
التحول الذي حصل الشعب من الخوف إلى الاقدام، ومن الضعف إلى القوة، كان تحوّلًا إلهياً، فليس باستطاعة البشر أن يصنع هذا التحول في شعب. لا يمكن ذلك. إذا أراد أحد أن ينسب الأمر لنفسه، فهو إما جاهل واما أناني. فالقوة كانت قوة الهية، إذ اندفع الجميع من الطفل إلى المسن، الجميع، النساء والرجال بقوة واحدة، وهجموا إلى الشوارع بيد عزلاء، وهزموا الأعداء برغم جميع إمكاناتهم، وكذلك هي المشيئة الالهية التي ألقت الرعب في قلوب الأعداء، فلم يتمكّنوا من استعمال الأسلحة التي بيدهم. فحين دخلتم الصراع تجلّت لكم المشيئة الإلهية بجعل الجنود يلتحقون بكم فوجاً فوجاً، وكان من المفترض أن يطيعوا القيادة لكنهم التحقوا بكم أنتم، وهذا تحوّل روحي لشعبنا، هذا التحوّل هو الأقوى الذي أدّى إلى النصر أي غلبة كل إنسان على هواه والخوف الذي عنده، فقد كنا نقول: أيمكن أن ننتصر على مثل هذه القوة؟ هذا ما كنا نستبعده في البدء، لكن الله اراد أن يحصل هذا التحول مرة واحدة وصممنا على القضاء على هذه الجرثومة الفاسدة. وثمة تحوّل آخر يأتي بالامل للإنسان، وهو الشعور بالتعاون عند الشعب، هي قوة غيبية، ملائكة الله، التي دفعتكم للقيام بهذه الأعمال. انتم وجميع شبابنا في البلد تبذلون الجهد، واحياناً يأتون من خارج البلاد أيضاً ويبذلون جهداً. إنها المشيئة الالهية التي تدفعهم لهذه الأعمال. انه لأمر مهم يحصل للشباب الشعور بالتعاون والشعور بالتكليف الالهي لاداء الأعمال. فالجميع يعمل بحب وعشق. كنت ارى في بعض الأحيان في التلفزيون النساء والرجال والشباب والأطفال يعملون في البراري بشوق. غير مبالين بالتعب والأذى لحبّهم العمل.
نفحة إلهية في القلوب
إن التحوّل الذي حصل إذ يهتف الشباب باننا مستعدون للشهادة، ويلبسون الأكفان هو أمر ليس من صنع البشر، إنّه لطف من الله، بالأمس أجريت صيغة العقد بين شاب وشابة، وحين ذهبت الشابة تركت لي قصاصة قرأتها وأنا أدعو للشباب بأمور معينة، فانتهيت إلى عبارة (انا عاشقة للشهادة). تصوروا شابة قد عقدت أمس تكتب أنا عاشقة للشهادة. ومثل هذه الأمور كثيرة، انه تحوّل إنساني أوجده الله فيكم، فاعرفوا ثمنه، فهو لطفٌ من الله أهدي لكم.
وهذا الشعور الذي عندكم، والرغبة في العمل، اذ تشعرون بحاجة البلد للعمل، فقد أوصلوه بالإعلام إلى هنا، وكل ما لدينا صرفوه على الإعلام، وبدّدوا كل ما نملك على الآخرين، وأضاعوا الطاقات الشابة، وأبادوا كل شيء إلا الإعلام. لقد بالغوا بمقولة إننا نريد الوصول إلى (الحضارة العظمى) ارادوا خداع بلدنا وشبابنا بعبارات من قبيل: سنصل إلى مستوى الدول المتطوّرة عن قريب، لقد تقدّمنا، سنصل، سنلتحق بعد عام باليابان، ولم يلتفتوا إلى ما سيؤول إليه مصيرهم. ولا ندري ما الذي أملوه علينا. أمور كانت بين هذا الشخص والأجانب، ربما لم يكشفوا عنها لأحد. العقود التي اجرتها الحكومة الفاسدة، سلبتنا كل شيء. جعلت إيران تابعة في كل شأن. من جهة يطبّلون باننا دولة كذائية، ومن جهة أخرى أفرغونا من كل شيء. وبإعلامهم أفرغوا الناس من الواقع الذي لا بد أن يعيشوه ويكونوه. وشاء الله أن ينقذ هذا البلد. ولو استمر الوضع سنوات أخرى لتعذّر إصلاح ما عملوه من خيانات وجنايات، كانت نفحة الهية. كانت هدية الهية لشعبنا إذ شاء ان يعيد الشعب من ذلك الوضع إلى الصحوة الحالية. لقد شاهدنا كيف استيقظ البلد فجأة، وصار الجمع الذي كان يخاف من شرطي لا يخاف من الدبابة، والذين كانوا يخافون من الهراوة صاروا لا يهابون الرشاشة. انها امور غيبية والهية. صلوا قلوبكم بمبدأ القوة، ولا تعتقدوا باننا على شيء، تخلصوا من التعلقات الدنيوية والحقوا أنفسكم بمبدأ القوة، صلوا قطراتكم بالبحر. نحن قطرات واقل من القطرة، لكن لو اتصلنا بالبحر لصدر عنّا الكثير من العمل. فالله مع الجماعة، وعلى جميع الإيرانيين أن يعملوا لينقذوا البلد. فانقذوا بلدكم.
آذربيجان معقل الأبطال
اسف على أن أرى في أجواء آذربيجان التي هي أجواء كانت مؤيدة للإسلام دوماً، ومؤيدة لاستقلال البلاد، بروز قوم ونشوء جذور فاسدة تسيء إلى سمعة آذربيجان. يجب أن تعيروا هذه الأمور أهمية، فقد كنتم مرفوعي الرأس في إيران والعالم، لأنكم كنتم تحبطون كلّ المؤامرات. في الحركة الدستورية كنتم الخط الأول، وفي ما بعدها كذلك كنتم في الخط الجهادي الأول. ولديكم الكثير من المجاهدين. عندكم الخياباني وستارخان وباقرخان وعلماء آخرون. كان المرحوم ميرزا صادق آغا والمرحوم انكجي من المجاهدين، كان هؤلاء في عصرنا، وهم من أهالي تبريز. ربما تتذكرون الكثير منهم، فهم من المعاصرين، اعتقلوهم وابعدوهم إلى القرى، فالمرحوم ميرزا صادق آغا بعد ان أبعد جاء إلى قم ولم يعد إلى تبريز فتوفي فيها وقبره هنا في قم. لقد كان لديكم رجال، رجال عظماء من جميع الفئات. لا تسمحوا (للاعداء) ان يلوثوا سمعتكم. يريدون ان يزيلوا السمة الالهية من جبين الآذريّين ويلصقوا شيئاً آخر محله.
واليوم يحاول المفسدون ان يطرحوا أمراً في كل مكان. ففي آذربيجان يعملون باسم الإسلام، وبحجة اننا مسلمون، وأننا هكذا، يهجمون على معابد المسلمين، ويضربونهم، هل هذه الأعمال قوائم الإسلام؟ الا تعني هذه الأعمال أن يعكسوا الوضع للخارج بأن الآذريّين هم مصدر هذه الأعمال. في الوقت الذي لا تُعلم حقيقة الأمر. انها مجموعة فاسدة خدعت مجموعة أخرى. مجموعة فاسدة خدعت عدة من شبابنا. حذروهم من هذه الخدع. اصنعوا هؤلاء الشباب للإسلام. احفظوا ماء وجه آذربيجان وسيحفظكم الله ان شاء الله وان جهاد البناء عندكم سيحفظ إيران ان شاء الله، ان تجعل إيران معتمدة على نفسها. لنخلص بلدنا، بعملنا واتعابنا، من مخالب الأجانب. أن ندير بلدنا بأنفسنا. يحفظكم الله جميعاً ويؤيدكم.
* صحيفة الإمام، ج11، ص:418,413