الموضوع: خيانة أمريكا وجرائمها وظلامة الشعب الإيراني أهداف الثورة الإسلامية
مقابلة
أجرى المقابلة: مراسل ياباني
عدد الزوار: 116
التاريخ 5 آذر 1358 هـ.. ش/ 8 محرم 1400 هـ.. ق
المكان: قم
أجرى المقابلة: مراسل ياباني
المراسل الياباني: إنني أشكركم باسم الشعب الياباني على السماح لي بلقائكم. وقد أجريت معكم لقاء قصيراً السنة الماضية في نوفل لوشاتو، وهذه السنة نريد ان نعكس الحقائق في ايران بشكل أعمق للشعب الياباني الذي لا يمتلك معرفة تامة باوضاع إيران.
والآن أبدأ بسؤالي الأول
السؤال: أنتم في نضالكم الذي بدأتموه ضد أمريكا هل تعتبرون اليابان من جملة الدول التي شاركت في العدوان على إيران أو تبرئونها من ذلك؟
الجواب: بسم الله الرّحمن الرّحيم. أولًا: يجب أن أقول كلمة حول ادعاء المراسل إنّ اليابانيين ليسوا مطّلعين على أوضاع وطننا، يجب أن أقول: لماذا ويجب أن يكون اليابانيون غير مطلعين؟ ولماذا لم تطلع الصحف اليابانية ومؤسسات إعلامها على أمر مهم وقع في الدنيا وهو الثورة الاسلامية، وهذا الظلم الذي وقع علينا على مدى خمسين عاماً وهذا التعدي الذي جنته أمريكا علينا؟ يجب أن احتمل أنّ يد أمريكا هي التي تحول دون وصول قضايانا إلى العالم.
وما يؤسف عليه أنّ اعترافكم بأنّ الشعب الياباني غير مطلع على قضايانا يدفعنا إلى احتمال أنّ جهوداً كانت تبذل في اليابان للحيلولة دون وصول حقيقة ما حدث هنا إلى الشعب الياباني أو أن تعكسها.
وأما ما يرتبط بالسؤال الذي طرحته عن الشعوب، فإنه لا خلاف بين شعبنا وبقية الشعوب حتى الشعب الأمريكي، ولم يصلنا منهم ظلم، يكون سبباً للخلاف معهم، فالمسائل ترتبط بالحكومات. إننا الآن ننتظر لنرى، ماذا ستفعل الدول الأوروبية، والدول الآسيوية واليابان فيما يخص قضيتنا وظلامتنا وهذه التعديات التي تمارسها أمريكا علينا ومخالفة كارتر للقوانين الدولية، وإيواءه لذلك المجرم 1 وإثارته الضجيج والتهديد المقاطعة الاقتصادية والتدخل العسكري لا لشيء، إلا لأننا نطالب باستعادة ذلك المجرم. فنحن الآن ننتظر لنرى كيف تتصرف الدول الأوروبية والآسيوية واليابان وهل ستقف مع المظلوم أم مع الظالم؟
إننا أعلنا شكوانا للعالم، لكننا نأسف أن نراهم يحولون دون وصول الشكوى إلى الشعوب، فجميع الدول الآن تخضع لامتحان صعب، وهو الموقف الذي ستتخذه هذه الدول كاليابان وغيرها من قضيتنا التي هي مواجهة شعب مظلوم غلبه السلب والنهب خمسين عاماً من قبل دولة ظالمة نهبت هذا الشعب؟ وهنا يختلف تعاملنا مع الحكومات، فنفصل في التعامل بين الدول التي تؤيد الظالم والدول التي تؤيد المظلوم. وإذا انحازت اليابان إلى ذلك الجانب، لا نوافقها ولا نتفق معها لأننا في جانب المظلومين، وإذا وقفت إلى جانب المظلومين وساعدتهم لا نخالفها كما لم نكن مخالفين لشعبها.
سؤال: منذ وصولنا إلى إيران وجدنا الشعب الإيراني لطيفاً مع اليابانيين، ويعاملهم بالمحبة وأردنا ان نعلم هل تعدون اليابان من المعسكر الغربي أو تعزلونه عن الغرب؟
الجواب لقد أجبت عن ذلك الآن، وقلت: إنه لا خلاف لنا مع الشعب الياباني، كما لا خلاف لنا مع الشعب الأمريكي، لكن السيد كارتر يُمَوّه الحقائق، ويشيع في أمريكا أنّ الشعب الإيراني على خلاف مع الشعب الأمريكي، وأننا نعاديه. وهذه إحدى الجنايات التي تحدث في التاريخ لذلك نرفع أصواتنا بأننا نخالف السيد كارتر إذ آوى مجرمنا ودافع عنه، وهو الآن يروّج أننا على خلاف مع الشعب الأمريكي وييحرض الشعب الأمريكي ويغيظه ضدنا ليخاصمنا. لكن الحقيقة ليست كذلك. وإننا الآن نرفع أصواتنا بأننا نخالف كارتر ونخاصمه لأنه أخذ مجرمنا وآواه وأحدث ضجيحاً علينا في العالم وأظهر الأمور على خلاف حقيقتها، وأنه متأثر بالقوى الشيطانية الصهيونية. إننا نرفع أصواتنا بأننا لا نخاصم الشعوب أبداً، بأي شكل من الأشكال. بل نقف إلى جانب المظلومين والشعوب من جملة المظلومين ونخاصم الظالمين سواء أكانوا ظالمين لدولهم أو لشعوبهم أو للشعوب المستضعفة.
سؤال: هل المذهب الشيعي عقيدياً وسياسياً حقيقة فكرية تنطبق مع واقع الشعب الإيراني؟ وعلى أي شيء تقوم؟
الجواب: المذهب الشيعي ملازم للإسلام طوال التاريخ، فهما توأمان، إمام الشيعة هو أول من أسلم وكان مع الإسلام في مسيرته، فصار المذهب الشيعي بعد ذلك مذهباً سياسياً واجتماعياً، ولقد ناضل الظلم في جميع العصور، وخاصم الحكومات الجائرة في الإسلام كالأمويين والعباسيين وغيرها من الحكومات الظالمة، وكانت خصومة اتباع هذا المذهب لهؤلاء الحكام على أساس الظلم الذي كانوا يمارسونه سواء في إغتصابهم الحكم او في معاملتهم الجائرة للشعب، ولقد أدى علماء الشيعة وكبارهم دوراً أساسياً طوال التاريخ في مخاصمة أولئك الحكام، لذلك كانت مشكلاتهم وابتلاءاتهم التي سببها الأمويون والعباسيون ومن جاء بعدهم أكثر وأشد. ويمكن القول: إنّ سجون الحكام الظالمين لم تخل يوماً واحداً طوال حكمهم من عظماء الشيعة وعلمائهم الذين منهم من قضى حياته في المنفى. ويختصّ المذهب الشيعي بأنه المذهب الوحيد الذي يتدخل في جميع أمور والبلاد لاصلاحها، وأنه المذهب الإسلامي الصحيح الذي يريد أن تكون جميع أمور البلاد الإسلامية وفقا لما يريد الإسلام، كما يريد أن يقضي على سيطرة الظلمة على الدول الإسلامية والمستضعفين. إنّ مذهب الشيعة يقف دائماً إلى جانب المستضعفين والمظلومين ويخاصم الظلمة والمستكبرين، هذه هي أفعال الشيعة التي تنطبق مع عقائدهم التي استلهموها من عظمائهم، وسيبقون سائرين على هذا الصراط المستقيم ما دام الإسلام موجوداً.
سؤال: المراسل يقول: إني قرأت كتابكم الذي نشر في فرنسا بعنوان: (الحكومة الإسلامية) التي هي ولاية الفقيه أنّ الإسلام يجب أن يكون دين العفو والسماحة هذا في الوقت الذي تشير فيه الإحصائيات التي اجريت لمعرفة الرأي العام الفرنسي إلى أنّ 79% من الشعب الفرنسي يعتقدون أنّ نضالكم ضد الشاه إنما كان لإرضاء رغباتكم الشخصية، وحُبّ الانتقام عندكم. فما هو نظركم في ذلك؟
الجواب: هذه أيضاً من المشاكل التي أوجدتها لنا الدول العظمى، فهذه الدول بذلت جهدها للحيلولة دون اطلاع الشعوب على حقيقة أمرنا، لأنهم لو اطّلعوا على الحقيقة لكان رأيهم يخالف رأي حكوماتهم. لا شك أنّ منطق الشعوب يختلف عن منطق الحكومات. لكنّ الحكام إذا شوَّهُوا الحقائق وعرضوها على الشعب مقلوبة، فإنه ستنحرف آراؤه، وقولك: إنّ الإسلام دين العفو والسماحة في حين ان الإحصائية تشير إلى نقيض ذلك، هو دليل على أنهم بدلوا الحقائق إذ بدّلوا العفو بحب الانتقام، ومعلوم ان السيد كارتر هو الذي يقوم بمثل هذه الأعمال، ويشيعيها بين ابناء الشعب، وسبب ذلك أنّ الشعوب تجهل حقائق أمورنا. لكن هذه الشعوب إذا علمت حقيقة أمرنا والمنطق الذي نواجهه من أمريكا وأننا قضينا خمسين عاماً نعاني الظلم، ستغير رأيها، لأن تاريخ إيران وتاريخ العالم شهدا أنّ ثرواتنا عرِّضت للسلب والنهب منذ زمن رضا خان الذي جاء به الإنجليز إلى زمن ولده محمد رضا الذي دعمه الأمريكيون، فكان ينفذ أوامرهم. إننا شعب مظلوم، لأنّ ثرواتنا التي كان يجب أن تُنفق في مجال تحسين معيشة الفقراء والمساكين وسكان الأكواخ قد نهبت، وقدّمت لسكان القصور وحكام الدول العظمى.
إنّ شعبنا يجلس على كنز من النفط، لكنه يعاني من الجوع، لأنّ أمريكا وحلفاءها كانوا يسرقون كنوزنا خمسين عاماً، ويقدّمونها لسكان القصور وأصحاب القدرة من الأجانب وغيرهم. ولا يعطون الشعب شيئاً عوضاً عنها.
والشيء الوحيد الذي نطالب به هو إعادة ذلك الجاني الذي آوته أمريكا ودافعت عنه وأحدثت لأجله هذا الضجيج في العالم، فإنّ شعبنا يقول: إن هذا الجاني وأباه، نهبا ثرواتنا، وقتلا شبّاننا، وأمرا مراراً بقتل الناس وإبادتهم إبادة شاملة، فعمّرا القبور بالقتلى وخرّبا البيوت بإخلائها من سكانها، فحكومة هذين الجانيين اللذين جاءت بهما الدول الكبرى- قد أدت إلى تخريب البلاد.
فنحن نقول: إننا شعب مظلوم ومحروم قد نهب وسلب منه كل شيء ونطالب بإعادة هذا المجرم لكي نستعيد المبالغ المالية الضخمة التي أودعها في المصارف الأجنبية، ولكي نكشف الجاني الأصلي الذي سلط علينا هذا المجرم وحرضه وأمره بالظلم والقتل، إذ قد قتل اناساً أبرياء كثيرين، لكننا مع كل ذلك لا نستطيع ان نجري بحقّه القصاص، فكيف يتهمنا البعض بأننا نحب الانتقام؟ فالإسلام يحكم على من قتل أحداً متعمداً بغير حق أنّ يقتل به، فكيف بهذا الجاني الذي قتل طوال حكمه مئة ألف نسمة، بل كيف نستطيع الانتقام ممن قتل هذا العدد الهائل من الناس الأبرياء؟
وهو الآن يعيش في ظل حماية أمريكا، ولا تصل إليه أيدينا، فكيف يظهر من يتهمنا بأننا نحب الانتقام، إننا نريد استعادة أموالنا منه ونطالب بإعادته لكي يظهر لمظلومي العالم من هو الظالم الحقيقي، ومن الذي أثار الاضطرابات في العالم؟ ومن الذي كان السبب لكل هذا الظلم وارتكاب الجرائم والجنايات في جميع الدول الإسلامية وفي الدول العميلة لأمريكا؟ ومن هم الحكام الذين مارسوا هذا الظلم وهذه الجرائم؟ ومن الذي حرّضهم على ذلك؟
فإذا كان منطق الدول هو أنهم يعتبرون ذلك انتقاماً، فإن هذا يدل على أنّ منطقهم يختلف عن منطق المظلومين، ولقد كان هذا الاختلاف منذ القديم ولا يزال كذلك، فمنطق الظالمين يختلف عن منطق المظلومين ومنعزل عنه. وإننا نتكلم بمنطق المظلومين لا بمنطق الظالمين. ولا شك أنّ للظالمين منافع في بلادنا كانوا يتمتعون بها، لكنهم الآن فقدوا عميلهم هنا وحرموا تلك المنافع، لذلك نراهم يشيعون مثل هذه المسائل الكاذبة ويعتبروننا ممن يحبون الانتقام، في حين أنّ الحق هو ان الإسلام كله عفو ورحمة، وأنه يعطي المظلوم الحق لأن ينتقم من الظالم، أو يعفو عنه، فالإسلام دين العفو والرحمة. لكنّ منطق السيد كارتر وأمثاله يختلف عن هذا المنطق الذي هو مطالبتنا بإعادة ذلك المجرم لكي نتعرّف على جذور الفساد وأصله، ونطلع العالم على ذلك بهدف اجتثاث جذور الفساد في جميع أرجاء العالم، ولكي نعرف المصارف الأجنبية التي أودعت أموال هذا الشعب المسكين الجائع، ويحاول السيد كارتر أن تحول دون استردادها. وهدفنا هو أن نطالب باستعادة هذه الأموال. لكن السيد كارتر يسمي ذلك انتقاماً، ومعلوم أنّ بقية الحكام تابعون له فهم أيضاً يسمون ذلك انتقاماً، لكنه في منطق المظلومين لا يسمى انتقاماً بل يسمى حقاً، لأنهم يطالبون بحقهم الضائع وأموالهم المنهوبة التي يجب ان تصرف لتحسين أوضاعهم الاقتصادية، ويرفضون تدخل كارتر للحيلولة دون ذلك.
سؤال: سماحة الإمام، يرى المراقبون أنّ نظام الدولة بدأ بالانحطاط منذ انتصار الثورة الإسلامية. ما هو رأيكم في هذا الخصوص؟
الجواب: هذا هو منطق المعتدي وقطاع الطرق، ويجب علينا ان نقارن بين الثورة الإسلامكية وبقية الثورات التي حدثت في العالم لنرى هل ان نظم الأمور ونظام الدولة استتبّ بعد حدوث الثورة وانتصارها فوراً، أو انه لم يكن كذلك؟
إنّ طرق المواصلات لم تغلق عند قيام الثورة وانتصارها، بل كانت جميع الطرق مفتوحة لدول العالم. كما أنّ جميع الأحزاب والجمعيات (المنظمات) كانت تعمل بحرية تامة خمسة أشهر، وكان أبناء الشعب مشغولين بأمورهم الحياتية اليومية، وكان النظام يسود جميع جوانب الحياة، ولم تكن الفوضى بالشكل الذي كانت عليه في مثل ثورة الاتحاد السوفياتي في اكتوبر 1917 م، والثورة الفرنسية، إذ عمّت فيهما موجة من القتل والسلب والنهب. والآن نجد نظم الأمور سائداً. والشعب يتولى المحافظة على استتباب الأمن والنظام. وهذا هو الفرق بين الثورة الإسلامية وغيرها من الثورات، وذلك لأنّ الشعب الإيراني شعب مسلم لذلك نراه يبادر إلى العمل على استتباب الأمن دون تنسيق مسبق مع الدولة، ودون ارتباط بها في هذا المجال، وحينما قامت الثورة وإضطربت الأوضاع أسرع الشعب إلى السيطرة وإعادة النظام والأمن إلى ان استتب الأمن بشكل كامل. فشعبنا يقف إلى جانب حكومته لأنه هو الذي انتخبها وصوّت لإقامة الجمهورية الإسلامية تصويتاً ساحقاً قريباً من الإجماع، لذلك يجد نفسه ملزماً بالعمل وفقاً للقوانين الإسلامية التي منها حفظ الامن والنظام اللذين تكفل الشعب استتبابهما. أما قولهم: إن حكومتنا سائرة نحو التدهور فهو غير صحيح لأنها سائرة نحو التقدم والرقي. إنهم مخطئون. إننا شعب كان يرزح تحت نيران الدول الكبرى وقد تحررنا الآن من سلطتهم آخذين طريقنا نحو التقدم الذي فيه رقيّ الشعب. إنّ رقينا لا يتحقق بامتلاء بطوننا، بل يتحقق بإعلاء مذهبنا والسير به نحو التقدم.
وإننا بحمد لله نسعى إلى تحقيق ذلك، وسنحاول توسعة مدرستنا لتعم جميع الدول الإسلامية بل لتشمل جميع مستضعفي العالم فنحن نسير نحو الرقي ونريد هداية البشر إليه. فكيف يقال: إننا سائرون نحو التدهور؟ إنّ هؤلاء يظنون أنّ أساس الانحطاط والرقي هو امتلاء البطون، ولم ينتبه هؤلاء إلى أن الإنسان ليس حيواناً حتى يكون أساس رقيّه الشبع. إنّ من واجبات الإنسان الإهتمام بجميع الأمور الإنسانية، وبلادنا اليوم تعرض الأمور الإنسانية في ميدان العمل، وتتجه نحو الرقي لا نحو الانحطاط. إنّ هذه دعايات يبثها أمثال كارتر منطلقين من منطقهم الذي يعتبر الرقي هو أن نسلّم لهم جميع ثرواتنا النفطية، ثم نجلس نتفرّج عليهم كيف ينهبوننا. كما يعتبر منطقهم الانحطاط هو أن نمنع عنهم ثرواتنا ونضرب أفواههم بيد من حديد. فإذا كان هذا هو الانحطاط فنحن من السائرين نحو الانحطاط. لكنّ هذا ليس هو الانحطاط. إنما هو الرقيّ والإعتلاء وإننا سنواصل مسيرتنا نحو التقدم والرقيّ وسنقطع أيدي الظالمين عن بلادنا ولا نسمح لأحد أن يتدخل في أمور وطننا. وهذا هو الإعتلاء بعينه لا الانحطاط.
سؤال: سماحة الإمام، لقد وعدتم حينما كنتم في نوفل لوشاتو بالمحافظة على الحريات والعمل على تعميمها وشموليتها في الوقت الذي شاهدنا فيه خروج مظاهرات تعارض حرية المرأة، ووقوع الأقليات القومية كالأكراد تحت الضغوط، ومنع صدور الجرائد والوقوف بوجه الأحزاب السياسية. فهل يمكنكم توضيح أو رفع هذا التناقض الظاهري؟
الجواب: هذا يمتد ليتصل بجذور تلك الأمور التي أوجدها أمثال كارتر. لذلك يجب اولًا أن نعرف الجهة أو الإنسان الذي يسبب هذه التوترات والاضطرابات. من الذي أثار مسألة كردستان؟ ومن الذي سعى إلى حلها حلًا سلمياً وإنقاذ الإخوة الأكراد من الظلم الذي حلّ بهم؟ إننا نسعى إلى تحسين الأوضاع الحياتية لجميع طبقات الشعب لكي يعيشوا في رفاه. ولقد أمرنا الإسلام بأن لا يلحق الظلم بأحد من ابناء الشعب، وأن لا يصدر الظلم عن أحد، هذه حقيقة من الحقائق الإسلامية التي نحن بصدد العمل بها. ولقد كانت الحريات موجودة منذ بداية الثورة، فكان المجال مفتوحاً لجميع المنظمات والجمعيات، ولم يسع أحد منعها، لكنّ ما حصل هو أنّ هذه المنظمات والأحزاب حينما وجدت نفسها تتمتع بالحرية أساءت التصرف، فبدأت تتآمر إعلامياً ودعائياً، لكي ينحرف الشعب عن مسيرته، وهؤلاء مرتزقة الشاه السابق أو أمريكا وأمثالها الذين أرادوا القضاء على نهضتنا.
وإننا بعد خمسة أشهر وبعد أن اعطينا الجميع المهلة الكافية وجدنا المتآمرين وأصحاب أقلام الضلال والتآمر الذين كانوا يريدون إعادة سلطة الأجانب علينا، فقلنا: إن عملهم هذا مخالف للمصلحة للعامة ويجب أن يقدّموا للمحاكمة حتى يتضح دورهم في ذلك. ولقد اتضح بعد التحقيق أنّ اكثر هؤلاء هم من مرتزقة إسرائيل وكانوا ابواقاً لاسرائيل وامريكا لكن بصور أخرى مختلفة. ومعلوم أنّ من حق الشعب أن يقف بوجه أولئك الذين يريدون لشعبهم عدم الفلاح ويتآمرون عليه ويريدون إعادته إلى السابق.
أما في غير هذه الحالة فإنّ شعبنا يدعم الحرية ويؤيدها بجميع أشكالها، لكنه لا يؤيد التآمر ونشر الفساد. وهؤلاء النساء اللاتي تظاهرن هنّ من عميلات الشاه اللاتي دفع بهن الشاه إلى الشارع فجرّهن إلى الفساد تحت شعار (النساء المتحررات)، وهن يطالبن بحرية إرضاء شهواتهن مع الشبّان دون قيد، ويحتضنّ الفساد، ويفعلن ما ينافي العفة والشرف ولا شك انهن يعلمن أنّ الإسلام لا يوافق على الأفعال المنافية للعفة والتي تجر البلاد إلى الفساد والتخلف. هؤلاء هنّ اللاتي خرجن بالوضع الذي رآه الناس إلى الشوارع متظاهرات أما في غير ذلك فلا أحد يستطيع أن يقف بوجه الحرية أبداً، فالناس أحرار إلا إذا أرادوا الإفساد أو ارادوا تخلف الشعب وعرقلة مسيرته.
سؤال: موضوع السفارة الأمريكية أقلق دولًا كثيرة، لأنها تعتقد أنّ مسألة الرهان سابقة خطرة لإيران، فهل تعتقدون أنّ احتجاز خمسين رهينة يشكل ضغطاً يجبر أمريكا على تسليم الشاه إليكم؟
الجواب: يبدو أنّ نظركم إلى الدول هو نظر كارتر نفسه، فالدول الكبرى تظن أنّ الجهاز الحاكم إذا رفض شيئاً أو لم يرض عن أحد فإنّ ذلك يعين عدم رضاية البلاد كلها. هذا في الوقت الذ تشكل فيه جميع أجهزة الدول- إذا قيست بالشعوب- قطرة في بحر.
إننا إذا أردنا ان نقوم بعمل فيجب أولًا أن نعرف ماهيته، وأنه إذا إنعكس للعالم بشكل صحيح فيجب أن نعرف مؤيديه ومخالفيه. وهل عدد المظلومين في العالم اكثر، أو عدد الظالمين؟ فحينما يطالعون أحوال الدول يجدون المظلومين أكثر بكثير، وعدد الظالمين قليل، لكنهم مجهزون بالأجهزة الشيطانية.
وكذلك كان الأمر طوال التاريخ إذ كان عدد المظلومين أكثر من عدد الظالمين.
فإذا كان مرادكم من الانزعاج انزعاج الظالمين، فإنّ هذا صحيح، لأنّ الظلمة لا يصاحبون إلا أمثالهم، فكل نظير يميل إلى نظيره، والطيور على أمثالها تقع. فالظلمة دائماً مع الظلمة، لكنهم يشكلون الأقلية، فإذا انعكست مطالبنا إلى العالم، فإنّ الذين يخالفوننا هم الظالمون الذين يشكلون الأقلية، وإنّ الذين يؤيدوننا هم المظلومون وهم الكثرة الكاثرة. أنت تقول: إنهم منزعجون، وإن الدول منزعجة، وقولك هذا تكرار لمنطق الدول الكبرى، وهو يدل على أنك متأثر بكلامها. لذلك نجدك تعتبر الدول مساوية لأولئك العدة القليلة من الأثرياء أصحاب العمارات الكبيرة، وسكان القصور، فهؤلاء في نظرك هم الشعب، والكثرة الكاثرة من سكان الأكواخ والمنازل القديمة ليسوا من أبناء الشعب، لانك لا تأخذهم بنظر الاعتبار.
فإذا كان مرادك هو هذا، فإننا نفصل بين الفريقين، ونقول: إنّ الذين انزعجوا من هذا العمل هم سكان القصور والمقتدرون والذين يمتلكون السلاح، والذين يؤيدون مطالبنا عندما تعلن لهم هم الشعوب التي تشبه البحر والسيل في كثرتها وتدفقها هؤلاء هم الذين يؤيدوننا، لأنّ مطالبنا هي نفسها مطالب المظلومين هذا إذا سمح الظلمة لأصواتنا ونداءاتنا ان تصل صحيحة إلى شعوب العالم. أما إذا أوصلوها مشوّهة معكوسة فإنّ الرأي الذي ستعطيه الشعوب إستناداً لهذا التزوير لا يُعّد مخالفة، نعم إنه مخالف لذلك العمل الذي نحن منه بريئون. إن جميع مطالبنا هي مطالب المظلومين من الظالمين وهي مطالب المنهوبين من الناهبين، ومطالب المقتولين من قتلتهم، هذه هي مطالبنا وهي محدودة في هذه الموارد. نحن نريد أن نملك زمام أمور بلادنا بأيدينا، ونحن مستقلون ومتحررون سياسياً وإعلامياً وصحفياً، إننا نطالب بأن تصرف ثرواتنا لأجل إعمار بلادنا وتحسين أوضاع فقرائنا، فيشبع الجائع، ويكتسي العريان ويحصل المشرّدون على منازل تأويهم. إنّ الظالمين يخالفون هذا المنطق ويؤيدون استعمال سفاراتهم وكراً للتجسس في البلاد التي هي فيه، فلقد اطلع شبّاننا عن كثب على الأعمال التجسسية التي كانت تقوم بها السفارة الأمريكية هنا. إنّ الظلمة يريدون نشر عمليات التجسس وإنشاء وكر تجسسي في كل وطن مظلوم. لكنّ منطق المظلومين يختلف عن هذا المنطق.
فمنطق المظلومين الذين يشكلون الاغلبية الغالبة لسكان العالم هو أن تتمتع كل دولة في العالم بالحرية والاستقلال التام، وتتصرف بثرواتها لتحسين أوضاعها هذا هو منطق المظلومين. أما منطق الظلمة، فهو أنه يجب نهب ثروات المظلومين، لأنهم ليسوا بشراً. إنّهم ينادون بحقوق الإنسان ويعنون بذلك حفظ حقوقهم، فحقوق الإنسان من وجهة نظرهم تعني أنه يحق لهم أن ينهبوا ثرواتنا النفطية دون تعويض إلا ما يخدم مصالحهم، وأن تبقى الشعوب قابعة تحت سلطتهم دون اعتراض. هذا هو منطق الظلمة الذين هم أقلية. لذلك وجب ان يكونوا قلقين مما حدث في إيران، لأننا أعلنا أنّ جميع الظلمة في حالة خطر، أنهم سيبادون وسيملك المظلومون زمام أمور أوطانهم، فإن الله تبارك وتعالى قد وعد بأنّ المستضعفين سيرثون الأرض، وأن المستكبرين سيهلكون 2. ونحن إنما نهضنا اعتماداً على ذلك. وسندعم جميع الشعوب المظلومة. ويجب على جميع الشعوب المظلومة أن تطرد الظالمين من صفحة الوجود والتاريخ. إنّ طبقة الظلمة هم الوحيدون الذين يخالفوننا وهم الأقلية التي لا يعبأ بها أحدٌ، وانّ طبقة المظلومين هم الذين يؤيدوننا، وإذا سمعوا باحتلالنا لوكر التجسس سيفرحون بذلك.
ولاحظوا الآن أنّ الحكّام إذا سمحوا لشعوبهم وهم لا يسمحون لهم فإننا سنجد شعوباً كثيرة من هذه الدول تعلن مساندتها لنا. فهم تظاهروا ضد أمريكا على الرغم من أنّ الظلمة قد منعوهم بواسطة الشرطة من ذلك. ولو رفع السيف عن رءوسهم لرأيت جميع الشعوب المظلومة التي هي الأكثرية القاطعة يؤيدوننا، ويدعموننا فيما نحن فيه ويطالبون باغلاق وكر التجسس هذا هو منطقهم، أما منطق الظالمين فهو ان هذا الوكر يجب ان يبقى، مفتوحاً يمارس اعماله التجسسية. والذي يجب على المظلومين أن يطالبوابحقوقهم حتى يحصلوا عليها، فالظالمون لا يعترفون ولا يقرون لهم بحق، وجميع هذه المنظمات التي أسسوها باسم حقوق الإنسان إنما غرضهم منها نهب حقوق الإنسان وما يملك من ثروات، فهذا مجلس الأمن الذي يذكرون اسمه بالتهويل والتعظيم أجاز كارتر البارحة أن يزاول أعماله في مجال واحد فقط هو موضوع الرهائن ونحوه، ولم يجز له أن يتدخل في مسألة جرائم الشاه ومحاكمته، كما لم يجز له التدخل في الذي نهبوه من بلادنا، والظلم الذي ألحقوه بنا، فكارتر قد رسم سلفاً المنهج الذي يجب أن يسير عليه مجلس الأمن الدولي، وذلك لأنّ كارتر يعلم أنّ تدخل مجلس الأمن تدخلًا سليماً في هذه الموارد التي منعه من التدخل فيها سوف يؤدي إلى تورطه، ويعود عليه بالضرر. إنه سيبتلى بالمصير الذي ابتلي به الشاه نفسه، لذلك عمل على استعباد العاملين في مجلس الأمن بحيث لا يتخلفون عن تنفيذ أوامره. لهذا نحن لا نفاوض مجلس الأمن في مسألة الرهائن، ولا نعترف بهذا المجلس ولن نعترف به ابداً. والسلام.
*صحيفة الإمام، ج11، ص: 110
1-يعني: محمدرضا بهلوي الذي أوته أمريكا.
2-يشيرالى الآية الخامسة من سورة القصص، وهي قوله تعالى:( نريد أن نمن على الذين إستضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين).