الموضوع: إثارة امريكا للحرب النفسية- دعايات الأجهزة الصهيونية
مقابلة
أجرى المقابلة: مراسل صحيفة لوموند الفرنسية
عدد الزوار: 118
التاريخ 9 آذر 1358 هـ. ش/ 10 محرم 1400 هـ. ق
المكان: قم
أجرى المقابلة: مراسل صحيفة لوموند الفرنسية
بسم الله الرحمن الرحيم
سؤال: إنكم في الواقع- قد أزعجتم امريكا كثيراً، أو جعلتموها تجثو بين أيديكم، يعني انكم قد أهنتموها أخلاقياً. فإلى أين تريدون أن تصلوا باكبر واكثر من هذه الإهانات؟ وإلى أين تريدون أن توسعوها؟ فهل تنوون الدخول في حرب مع امريكا؟
الإمام الخميني: يجب علينا أن نعزل الشعب الامريكي عن الحكومة الامريكية، فإننا لا نقف أبداً بوجه الشعب الامريكي. فالسيد كارتر هو الذي يثير هذا الازعاج بحرب الأعصاب ولا يستبعد أن ينتهي ذلك بالتدخل العسكري. وإننا لم نهن ولم نحقر الشعب الامريكي قط. إنّ السيد كارتر هو الذي احتفظ بعدونا 1 وعدو الشعب الذي نهبنا ونهب شعبنا، وأثار الضوضاء على خلاف الواقع، وشباننا احتفظوا بالجواسيس لكي يثبتوا حقيقة أمرهم.
سؤال: إنّ الرأي العام الامريكي قد تلقى ضربة، ويقال: إنه لم يبق لكارتر غير انتخاب الحرب. وقد تحدث عن قصف مدينة قم، واحتجاز الإمام كرهينة، فما هو رأي سماحتكم؟
الإمام الخميني: فيما يخص القول بأنّ الرأي الامريكي قد تلقى ضربة أقول: إنّ هذا غلط، ولا حقيقة له. لأنّ الرأي العام الامريكي لم يطلع على حقيقة الأمور، فالحكومة الامريكية تحول دون وصول الأخبار الصحيحة إلى الرأي العام، لكنّ هذه الحوادث وصلت إلى فئة معينة ويحتمل أن يكونوا من انصار كارتر، أو من هم من أتباعه منزعجين من ذلك. أمّا الشعب الامريكي، فليس كذلك، وإننا سمعنا هذا الكلام كثيراً.
ولقد كان الملك السابق إذا أراد أن يقوم بعمل يرفضه الشعب يقول: إنّ جميع أبناء الشعب موافقون على هذا العمل، وكذلك الأمر بالنسبة لكارتر الآن. فالسيد كارتر يطرد- الآن- من قبل شعبه، وعليه أن يبحث عن عمل آخر غير رئاسة الجمهورية، لأنّ الدلائل تؤكد أنه لا يستطيع أن يبقى في منصب الرئاسة. فالإنسان الذي يتصف بضعف الأعصاب، فيثير الضوضاء لأجل أمر جزئي، غير مؤهل لكي يصبح رئيساً للولايات المتحدة، وحاكماً على الشعب الامريكي.
سؤال: إن رؤساء الدول المجتمعين في تونس لم يتخذوا موقفاً لمصلحة إيران- أعني الدول العربية- فكيف تستطيعون أن تعتمدوا على تضامن العرب معكم؟
الإمام الخميني: إننا نأمل أن تتضامن معنا الحكومات العربية، كما تضامنت شعوبها معنا. ولو اطلعت الحكومات العربية على حقيقة الوضع السابق، وعلى مطالبنا الحالية لتعاضدت معنا مبتعدة عن الاختلاف، لأننا نطالب بالتحرر من القيود التي كنا مكبّلين بها الى الآن، إننا نريد الاستقلال ونرفض أن تذهب ثروات الدول الإسلامية الى جيوب الأجانب. فهذه المطالب لا تدعو إلى الاختلاف، نعم يمكن أن يرتكب بعض رؤساء الدول الإسلامية بعض الاخطاء بسبب الدعايات المغرضة. لكنني أرجو أن يعودوا إلى الصواب، وتتحد جميع الدول الإسلامية، وتبتعد عن الدول العظمى التي تريد نهب ثرواتها.
سؤال: إنكم أيدتم موقف الطلبة الإيرانيين 2، فهل الاحتفاظ بالرهائن أمر يتفق مع الأحكام الإسلامية حتى في حالة الحرب؟
الإمام الخميني: يبدو أنّ الذي قلته لكم لم يصلكم على حقيقته بل وصلكم مشتبهاً فيه. ولعل وسائل الإعلام الصهيونية قد وقعت في الاشتباه نفسه، فالذي قلته هو أننا لا نستطيع أن نسيطر على الشعب الذي تلقى ضربات عديدة من امريكا التي احتفظت بالملك طيلة هذه المدة، وتريد قصف وطننا، فلا نستطيع أن نسيطر على شباننا، فإن شعبنا قد عانى من القوى العظمى، ولاسيما امريكا خمسين عاماً.وإذا أرادت امريكا الآن أن تأتي بقواتها العسكرية أو تقصف مكاناً ما، فقبل أن تنوي هذه النية، وقبل أن تبادر إلى خطوة معينة ربّما يسارع شبابنا إلى ذلك المكان ويمسكوا بزمام المبادرة. هذا الذي قلته أنا. لا أننا سنكون البادئين بفعل شيء، وهم الأن يعيشون بمنتهى الراحة والدعة، ودعاية السيد كارتر خلاف ذلك، ولكن هذا هو الواقع. لقد بعثتُ وحققتُ في الأمر. لم يمس الرهائن أي مكروه.
والإسلام يريد أن يعامل كل الناس في العالم معاملة حسنة، نعم، يتشدد الإسلام على المتآمرين ومن يريدون التصرف خلافاً لمصالح المسلمين ومصالح الإنسانية.
سؤال: ما هي تصوراتكم للأزمة الحالية في إيران؟
الإمام الخميني: الأزمة الحالية في إيران لا تخيفنا. أما بخصوص أن الحرب قد تنشب حيناً، فينقل عن الشيخ الرئيس ابن سينا أنه قال إني أخاف من البقرة، لأن لديها قرناً وليس لديها عقل. والقوى الكبرى اليوم لديها اسلحة، وليس لديها عقل مع الأسف. وقد أثبت السيد كارتر هذه المسألة. مع ذلك لن يسمحوا بأن يفعلوا مثل هذا. الشعوب والحكومات الكبرى لن تسمح بنشوب مثل هذه الحرب. فاندلاع هذه الحرب معناه الحرب العالمية الثالثة، والقوى الكبرى تخشى من هذه الحرب. إننا لا نخاف من هذه الأمور اطلاقاً، لأن وضعنا هو كما ترونه. ووضع شعبنا كما ترون.
نحن نؤمن أننا إذا غادرنا هذا العالم سنذهب إلى مكان أفضل، وإذا ذهب الإنسان من عالم سيء إلى مكان طيب، فما الذي يخيفه؟ نحن لا نخشى أي شيء. هم الذين يجب أن يخافوا، لأنهم يتوهمون أن لا عالم آخر، أو أنهم ظالمون ويخشون الانتقال إلى ذلك العالم.
إننا لا نخاف من الأزمة الاقتصادية ولا من الأمور الأخرى. وقد قررنا أن نزرع بأنفسنا ونحصد بأنفسنا ونأكل من ثمار ما نزرع ولا نفسح المجال لأحد ليأتي ويصادر مصالحنا. وإذن فلا أزمة تهددنا. أوروبا تخاف من هذه المسائل والأزمات. ومن حقها أن تخاف وأن تحول دون هذه المسائل. لتحول الحكومة الفرنسية وسائر الحكومات دون ذلك، وتعيد كارتر إلى صوابه حتى يسلّمنا مجرمنا وبذلك تُعالج كل المشكلات.
سؤال: ان علماء الدين الشيعة كانوا دائماً على رأس الكفاح والنضال، ولكن هل من الصواب لهم أن لا يستعينوا في الشؤون التقنية بغيرهم وسط عالم بكل هذه التعقيدات وهم غير قادرين على إدارة البلاد؟
الإمام الخميني: هذه واحدة أخرى من الدعايات السيئة التي تروج ضد العلماء، هل السيد كارتر وهو رئيس الجمهورية يقوم هو نفسه بكل الأعمال في امريكا؟ لا، بل يفرض على اناس أن ينفذوا الأعمال. وعلماء الدين لا يريدون أن يشغلوا المعامل بأنفسهم، أو يقودوا الطائرات، والذين يقولون أن على علماء الدين أن لا يتدخلوا، لا يفهمون، أو أنهم يفهمون، ويخادعون الناس. هذا خطأ. العلماء يشرفون على تنفيذ الأمور، وهي في يد الخبراء من غيرهم، وإنما يشرفون عليها حتى لا تضطرب، ولا يقع انقلاب مثلًا، ولا يظلم الناس. وما يريد العلماء إلا الحيلولة دون النهب والظلم والسرقة.
سؤال: سؤالي الأخير هو يبدو من الصعب على امريكا ان تعيد الشاه، وإذا لم يكن هذا هو الحل، فما هو الحل برأيكم؟
الإمام الخميني: نحن نسأل لماذا لا تستطيع فعل شيء يتطابق مع كل القوانين الدولية؟ في كل القوانين إذا ظلم أحد شعباً وسرق أمواله فهو مجرم، وتنبغي محاكمته في ذلك المكان.
إن السيد كارتر أخذته اللجاجة في هذا الأمر. ويبدو أنه إنسان لجوج، أو أنه لا يريد إدراك حقيقة المسائل. يحرق بلاده وبلدان الآخرين وبلدان العالم، لأنه لا يريد لأمرئ واحد كان
صديقه في السابق وملأ جيوبه أن يأتي إلى هنا، ويحاكم لئلا يُعلم أن جيوب السيد كارتر أيضاً قد امتلأت، فنتوجه اليه ونطالبه بحقوقنا. إنه ليس عاجزاً عن هذا، ولو أراد العمل وفق القواعد، لاستطاع، ولما صدّه أحد عن ذلك. بل إن كل بلاده سوف تشكر له، لأنه عالج المشكلة، وإذا لم يُعِد الشاه، فإننا سوف نبقى مصرين مهما حصل ومهما كان، ولا نخاف من شيء أبداً، حتى لو قال الشيخ الرئيس تلك الكلمة لا نخاف من هذه الأسلحة التي في يد إنسان بلا عقل. نحن لا نخاف لأننا لا نريد أن نقع في حب هذا العالم كثيراً، إذ ليس في هذا العالم شيء. لم يبق لشعبنا هنا سوى الجوع والخضوع للاضطهاد والتنكيل بأيدي القوى الكبرى حتى نخاف أو يخاف شعبنا. إننا مستعدون لهذا الأمر مهما بلغت التحديات امامنا ولاي مكان كان.
*صحيفة الإمام، ج11، ص: 142
1-محمد رضا بهلوي.
2-يعني: الطلبة المسلمون السائرون على خط الامام الذين احتلوا السفارة الامريكية( وكر التجسس).